الصراع الدولي ما زال يُشكل قواعد اللعبة السياسية في بلدان العالم الإسلامي
إن معظم قواعد اللعبة السياسية في بلدان العالم الإسلامي ما زالت- وبعد مضي أكثر من ستين عاما من جلاء الاستعمار بشقه العسكري- تتشكل من خلال الصراع الدولي على النفوذ والمنافع والثروات في البلدان العربية والإسلامية.
وحتى هذا الصراع الدولي بات يترك في بعض آثاره عودة للجانب العسكري الاستعماري كما هو الحال في أفغانستان والعراق والصومال ومناطق أخرى.
وباستثناء الجهاد الذي تقوم به حركة طالبان في أفغانستان وبعض الحركات الإسلامية الأخرى في مناطق محدودة في العالم الإسلامي فإن مجمل العلاقات السياسية في البلدان العربية والإسلامية ما زالت خاضعة للصراع بين الدول الكبرى.
ومن أمثلة هذا الصراع الدولي الذي يُشكل العلاقات السياسية الخارجية للبلدان العربية والإسلامية ما يجري في باكستان على سبيل المثال، فبريطانيا مثلاً لما رأت الأمريكان يهيمنون على مقدرات الباكستان من خلال سيطرتهم على الجيش وعلى الرئيس زرداري نفسه شرعوا بإعادة الصلاحيات لرئيس وزرائه جيلاني مبتدئين بأهم وأخطر صلاحية يمتلكها الرئيس ألا وهي التحكم بالزر النووي، وممهدين بذلك لعودة النظام النيابي ( البرلماني ) لتكون لهم الغلبة في باكستان، أو على الأقل ليكون لهم دور أكبر في مشاركة أمريكا في الكعكة الباكستانية.
وعندما ردت أمريكا على ذلك بطرح إستراتيجية جديدة تشتمل على ضمانات بزيادة الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية والاقتصادية لباكستان شريطة المزيد من تعاون باكستان معها في الحرب على طالبان، ردت بريطانيا من خلال جيلاني بأن سياسة أمريكا هذه ستنطوي على تداعيات سلبية في وضع إقليم بلوشستان الباكستاني، وأن هذه السياسة يجب ألا تخل بالتوازن الإقليمي في جنوب آسيا.
وربما هذا يفسر رسالة بعث بها الرئيس الأمريكي أوباما إلى زرداري قائلاً له إنه يتوقع أن يحشد المؤسسات السياسية والأمنية في حملة موحدة ضد من وصفهم بالمتطرفين، واستثنى من طلبه المؤسسة العسكرية لأنها مضمونه الولاء للأمريكان.
ويقاس على مثل هذا الصراع ما يجري في مناطق أخرى في العالم الإسلامي كالصراع في اليمن ومنطقة الخليج وشمال إفريقيا والسودان وغيرها من المناطق الكثيرة.
وهكذا نجد أن تشكيل معظم العلاقات السياسية في البلدان العربية والإسلامية تخضع للصراع بين الدول الكبرى وهذه الأمثلة هي مجرد عينه تؤكد على هذه الحقيقة .
إننا وللأسف الشديد ونحن نوضح هذه العلاقات القائمة على هذا الصراع الدولي نجد أن بلداناً كانت أقل شأناً من البلدان العربية والإسلامية في ارتباطها مع أمريكا والقوى الكبرى قد تحررت ولو جزئيا من هيمنة القوى الكبرى عليها، ومن هذه البلدان غالبية دول أمريكا اللاتينية التي باتت تساهم في تشكيل علاقاتها الدولية بنفسها بعيداً عن صراع القوى الكبرى الدائر عليها.
إن هذه الأنظمة الحاكمة في بلادنا قد توارثت العمالة والخضوع للأجنبي جيلاً بعد جيل وان اختيارها وارتضائها للتبعية مع القوى الكبرى مرده إلى حاجتها الماسة إلى سند يبقيها في سدة الحكم، وبما أنها قد فقدت السند الطبيعي الذي يعتمد على الأمة وشعوبها، لذلك كان اختيارها للسند المصطنع على عدو الأمة من قوى الكفر الكبرى أمراً طبيعياً بالنسبة لها.
ومن هنا كانت عملية إصلاح الأنظمة الحاكمة في بلادنا الاسلامية لا رجاء فيها، ولا أمل يرتجى منها، لأنها أنظمة صُنعت على عين بصيرة من قبل الدول الغربية، وعلاجها الوحيد هو الإطاحة بها والقضاء عليها قضاءً مبرماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق