السبت، 16 أبريل 2022

الغزو الروسي لاوكرانيا وموقف أمريكا منه

الغزو الروسي لأوكرانيا وموقف أمريكا 


ترى القيادة الروسية أنّ الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا هو ضرورة جيوسياسية مُلحّة لم تستطع روسيا تحقيقها بالوسائل السلمية والدبلوماسية، لذلك اضطرت إلى اللجوء للخيار العسكري لتأمين احتياجاتها الأمنية التي تعرضّت للتخلخل من جهة أوكرانيا.

ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع في أوكرانيا بأنّه بات يُشكّل تهديداً وجودياً على روسيا نفسها، وأنّه لا بُدّ من اتخاذ إجراء الحياة أو الموت للحفاظ على مصالح روسيا الحيوية في المنطقة، ووصفت وسائل الإعلام الروسية حكام أوكرانيا الحاليين بأنهم من الموالين لأمريكا والغرب، وبأنهم نازيون جدد يسعون لامتلاك الأسلحة النووية، ويُريدون نشر الصواريخ الأمريكية الباليستية في أوكرانيا، وتهديد الأراضي الروسية والمدن الروسية ومنها موسكو، واعتبر بوتين أن روسيا إن لم تَغزُ أوكرانيا الآن فإنها ستُدَمّر في المستقبل، وأنّ عبث أوكرانيا بأمن روسيا هو خط أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه.

إنّ أوكرانيا في الواقع هي لصيقة بروسيا جغرافياً وديموغرافياً، وهي حاجز فاصل بين روسيا والدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو، وإنّ سقوط أوكرانيا بيد الحلف معناه سقوط آخر خط دفاع روسي ضد أمريكا والغرب، فأوكرانيا تختلف عن غيرها من الجمهوريات السوفيتية السابقة كجورجيا وأوزبيكستان مثلا، لأنّ الأخيرتين لا تقعان على خطوط التماس مع الغرب، فلا خطورة من قِبَلهما على روسيا كما هو الحال بالنسبة لأوكرانيا، لذلك اتخذت روسيا إجراءً حاسماً ورادعاً مع أوكرانيا مُختلفاً تماماً عمّا فعلته في مناطق أخرى، ولم تأبه روسيا للعقوبات الغربية، لأنّها تعتبر أنّ خسارتها لأوكرانيا أكبر بكثير من خسائرها نتيجة العقوبات.

أمّا أمريكا فتُدرك أهمية أوكرانيا بالنسبة لروسيا، لذلك فهي تضغط على روسيا من خلال استخدام هذه الورقة الأوكرانية، وهي تحاول أخذها منها من خلال حكامها الموالين لها، ولا مانع لدى أمريكا لو تقاسمتها مع روسيا، فتأخذ روسيا المقاطعات الشرقية من أوكرانيا وتأخذ أمريكا الباقي.

أمّا الكلام عن أنّ روسيا تُريد تغيير موازين القوى العالمية وفرض نظام دولي جديد لصالحها، وإزاحة أمريكا عن زعامة العالم، وأنّ غزوها لأوكرانيا سيتسبّب باندلاع حرب عالمية ثالثة، وأنّ الصين ستدخل الحرب لاحتلال تايوان مستغلة الأزمة الأوكرانية، فكل ذلك تخمينات وأخاليط سياسية لا قيمة لها، ولا أساس لها من الصحة، فروسيا تُدرك حجمها وقوتها، ولا تُطالب بأكثر من تأمين مصالحها الحيوية في الدول الملاصقة لها، وهي تعلم أنّ أمريكا تغض الطرف عن غزوها لأوكرانيا، وما تقوله وسائل الإعلام الروسية والعربية المؤيدة لروسيا والتي تُضخّم من قوة روسيا فهو لا يزيد عن كونه تهويلاً إعلامياً وجعجعة كلامية.

وبالرغم من دخول القوات الروسية بزخم كبير للأراضي الأوكرانية لكنّها حتى الآن لم تحقّق نتائج تُذكر على الأرض، بل ومُنيت بخسائر فادحة، وأمّا ما تُشيعه وسائل الإعلام من كلام عن استسلام أوكرانيا وهزيمتها، ومنح أمريكا وبريطانيا حق اللجوء السياسي للرئيس الأوكراني فهذا يدخل ضمن باب خداع روسيا لتشجيعها في الدخول أكثر في المستنقع الأوكراني.

وأمّا العقوبات المالية والاقتصادية ضد روسيا فهي عقوبات خفيفة أو مُتوسّطة يمكن تحمّلها، وأمّا العقوبات الثقيلة التي تقصم الظهر فامتنعت أمريكا عن إيقاعها ضد روسيا، لأنّها لا تُريد إيذاءها كثيراً، لأنّ لأمريكا مصلحة في إبقاء روسيا لاعبا دوليا مُهمّا تستخدمها ضد أوروبا والصين، وتستخدمها في الشرق الأوسط وأفريقيا ضد خصومها من الأوروبيين والصينيين، فالعقوبات القاسية جدا مثل عقوبة طرد روسيا من نظام سويفت المالي العالمي فلا توقعها عليها، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس 24/02/2022: "إن حظر روسيا من نظام سويفت ليس مطروحاً على الطاولة في الوقت الحالي وإنه يفضل عقوبات أخرى".

والذي يدعو لإيقاعها هي بريطانيا وليس أمريكا، فبريطانيا هي التي تدعو لوقف عمل نظام سويفت في روسيا، وتؤيدها فقط دول البلطيق الثلاث؛ إستونيا وليتوانيا ولاتفيا، أمّا ألمانيا فتعارض بشدة حظر روسيا من النظام، بينما تقول فرنسا وهولندا إن خيار حظر روسيا من سويفت سيتم اللجوء إليه فقط في حالة الضرورة القصوى.

ومعلوم أنّ نظام سويفت هو شريان مالي عالمي يسمح بانتقال سلس وسريع للمال عبر الحدود وهو جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، ويربط هذا النظام 11 ألف بنك ومؤسسة في أكثر من 200 دولة، ويرسل أكثر من 40 مليون رسالة يومية، ويتم عبره تداول تريليونات الدولارات بين الشركات والحكومات، ويساعد هذا النظام في جعل التجارة الدولية الآمنة ممكنة وسلسة لأعضائها.

وسيؤدي حظر روسيا من التعامل عبر نظام سويفت لو حصل إلى التأثير على شبكة البنوك الروسية وقدرة روسيا على الوصول للمال، وستفقد الشركات الروسية في حال حظرها إمكانية الدخول إلى المعاملات السلسة واللحظية التي يوفرها نظام سويفت، وستتأثر المدفوعات الخاصة بمنتجات روسيا المهمة في قطاع الطاقة والزراعة سلبيا بدرجة كبيرة للغاية، وهو ما من شأنه أنْ يضر أيضاً بالشركات الأوروبية التي تزود روسيا بالسلع وتشتري منها، ولا سيما الشركات الألمانية، فروسيا تُعتبر المزوّد الرئيسي للنفط والغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي، ولن يكون العثور على إمدادات بديلة أمراً سهلاً.

إنّ نوعية العقوبات التي تفرضها أمريكا على روسيا لا ترهقها، وتهدف أمريكا إلى جعل روسيا تغرق في أوحال أوكرانيا لكي تبقى محتاجة لها على الدوام، ولكي تستخدمها في إبقاء أوروبا جزءا من المظلة الأمنية الأمريكية.

أمّا ما هو المتوقع من هذه الحرب فإنّه تقسيم أوكرانيا لمنطقتين مُتعاديتين إحداهما في الشرق موالية لروسيا والثانية في الغرب موالية لأمريكا، ويكرّس هذا العداء الذي ينشب بين الطرفين نار الحقد والحسد والبغضاء بينهما أمدا بعيدا.

 احمد الخطواني

سرطان التطبيع نتاج طبيعي لاتفاقيات السلام الخيانية

جريدة الراية: سرطان التطبيع نتاج طبيعي
لاتفاقيات السلام الخيانية
 
 
يجري التطبيع في هذه الأيام بين الدول العربية وكيان يهود بخطوات سريعة وقفزات واسعة بلغت من الخيانة والوقاحة ما لم يكن يخطر على بال أي حاكم خائن من قبل، فهذا محمد بن سلمان يقول لوكالة الأنباء السعودية الرسمية: "إننا لا ننظر إلى (إسرائيل) كعدو، بل ننظر إليها كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها"، وهذا وزير خارجيته يقول: "إنّ اندماج (إسرائيل) في المنطقة سيكون مفيداً"، وأمّا وزير خارجية البحرين عبد الله بن خليفة فقد بلغت به السفاهة أن يقول: "الموساد موجود في البحرين وحاضر في المنطقة لتوفير مزيد من الأمن والاستقرار والحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء"، ويقول الرئيس السوداني بإسفاف يصل حد التندر بأنّ: "العلاقات الأمنية مع كيان يهود قد ساهمت في كشف مجموعات إرهابية"، وأمّا تركيا التي نددت في البداية باتفاقيات التطبيع بين الدول العربية وكيان يهود فإنّها اليوم عادت وطبعت علاقاتها مع المطبعين ومع كيان يهود فزار رئيسها أردوغان الإمارات (أمّ المُطبّعين) لقاء دفع الإمارات لتركيا عشرة مليارات دولار، وقال بعد عودته بأنّ "المحادثات كانت مثمرة للغاية بين تركيا والإمارات، وأنها فتحت آفاقا جديدة وبزخمٍ قوي، وأننا مُصممون على مواصلة الجهود من أجل مصالحنا المشتركة"، فكلام الليل عند أردوغان يمسحه النهار.
وقامت الحكومة التركية بتحضيرات محمومة لاستقبال رئيس كيان يهود إسحاق هيرتسوغ، الذي زار تركيا مطلع هذا الشهر آذار/مارس ومن هذه التحضيرات:
1- إرسال إبراهيم كالين كبير مستشاري أردوغان وسادات أونال مساعد وزير الخارجية التركي لمدة يومين لكيان يهود تمهيداً للزيارة.
2- ضبط خلية إيرانية في تركيا كانت تستهدف مصالح وشخصيات لكيان يهود ومن بينها اغتيال رجل أعمال رداً على اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زاده.
3- تعاون الموساد مع السلطات التركية في إحباط 12 مخططا لشن هجمات ضد مصالح كيان يهود في تركيا.
4- تعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية بين الدولتين.
5- بلغت تركيا قادة حركة حماس بطرد عناصر الجناح المسلح للحركة من أراضيها بعد طلب قدمه لها كيان يهود.
6- أعلنت تركيا بأنها لن تقدم أية مساعدات عسكرية لحماس.
7 - أرسلت تركيا وفداً دبلوماسياً إلى الأراضي الفلسطينية مهمته بحث إمكانية إعادة بناء جسور الثقة بين محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية ونفتالي بينت رئيس حكومة كيان يهود.
وبعد كل هذه الخطوات التركية التطبيعية المفضوحة يطلع علينا مولود جاويش أوغلو وزير خارجيتها زاعماً بأنّ: "تطبيع العلاقات التركية مع (إسرائيل) لن تكون على حساب الفلسطينيين، وأنّه قد يساهم في تعزيز دور تركيا في التوصل لحل الدولتين"!
والحقيقة أنّ هذا التقارب بين الدولتين سببه إدارة بايدن التي أسقطت اتفاقية الطاقة والغاز بين كيان يهود واليونان وقبرص المعروفة باسم (إيست ميد) والتي تمّ توقيعها أيام ترامب لمصالح شخصية، وألغاها بايدن بجرة قلم ووصفها بأنّها غير ذات جدوى.
وهدف أمريكا من إسقاط تلك الاتفاقية إدخال تركيا في نظرتها المستقبلية البديلة عنها، لذلك نجد أنّ كل هذه الأعمال التطبيعية بين الدولتين الهدف منها تعزيز العلاقات بينهما من أجل التوصل إلى اتفاقيات غاز جديدة لشرق المتوسط تكون تركيا مُشاركة فيها.
فهذا التطبيع السرطاني مع كيان يهود الذي تقوم به تركيا والدول الخليجية والمغرب والسودان في الواقع لا يزيد الأمة الإسلامية إلا ضعفاً، بل هو يُمزّق شملها، ويقتطع من أراضيها، ويقوي شوكة دولة يهود فيها، ويجعلها - وهي الجسم الغريب المنبوذ في المنطقة - جزءاً طبيعياً مقبولاً وقوياً بين ظهرانيها، بالإضافة إلى كونه يُضاعف المصالح الأمريكية والأوروبية في بلاد المسلمين، ويزيد من نفوذ الكفار بكل أشكاله الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية فيها.
وما كان هذا التطبيع السرطاني ليحدث لولا إبرام اتفاقيات (السلام الخيانية) التي جعلت الدول الموقعة عليها تعترف بكيان يهود، وبحقه بالوجود في فلسطين قلب المنطقة العربية والإسلامية.
فالاعتراف بكيان يهود والصلح معه هو أصل الداء وأس البلاء، ولولاه لما وجد التطبيع ولا المطبعون، فالتطبيع كحالة هو بالفعل نتاج طبيعي لتلك الاتفاقيات الخيانية.
وعلى الشعوب رفض اتفاقيات الصلح مع كيان يهود وليس فقط رفض التطبيع معه، لأنّ اتفاقيات الصلح هي الأصل الفاسد الذي انبنت عليه أعمال التطبيع السرطانية، وإذا أردنا استئصال تلك الأعمال فعلينا أن نستأصل أصلها أولاً.
ومن هنا كان لا فرق في النظر بين من طبّع وبين من اعترف فكلاهما خيانة، فالعرب في مؤتمر الخرطوم الذي انعقد عام 1967 سايروا شعوبهم نفاقاً وكذباً، ورفعوا الشعارات الثلاثة بوصفها ثوابت سياسية حقيقية في التعامل مع المغتصب، وهي اللاءات الثلاث المشهورة: لا للصلح لا للاعتراف لا للمفاوضات، ثمّ بعد امتصاص غضب الشعوب إثر هزيمة 1967 انقلبوا على هذه الثوابت، وتفاوضوا مع قادة دولة يهود، ووقعوا معها اتفاقيات صلح واعتراف خيانية أنتجت فيما بعد ما نراه من علاقات التطبيع المقيت.
لذلك فعلى الواعين سياسياً أن يُبينوا للناس أنّ جريمة التطبيع ما هي إلا نتاج طبيعي لاتفاقيات الصلح الخيانية، فلا يقبل من أحد رفضه للتطبيع وقبوله بالاعتراف بحجة أنّه قرار دولي، ولا يُقبل تبرير أي مُسوّغ لقبول الاعتراف بحجة رفض التطبيع، فلا فصل بين الاعتراف والتطبيع فكلاهما جريمة، فالرفض يكون للأصل والفرع وليس للفرع دون الأصل.

محمد بن زايد يقود المنطقة نحو الهاوية

احمد الخطواني

محمد بن زايد يقود المنطقة نحو الهاوية
تسود منطقة الشرق الأوسط في هذه الأيام حالة غير طبيعية من الاستقطاب السياسي الحاد، تتقاطع فيها السياسات المتناقضة، وتتقارب فيها ما يسمّونها بتيارات اليسار واليمين، بحيث لم يعد المتابع المتخصص يستطيع تمييزها عن بعضها بعضا، فتظهر الصورة السياسية العامة للمنطقة بسبب ذلك التداخل والتشابك فيها الكثير من الضبابية والتشويش، وينتج عنها تحالفات سياسية غير منسجمة مع نفسها لا يجمعها أي رابط، ولا تضبطها أية قاعدة من قواعد الربط السياسية المعروفة سوى جعل زمام القيادة لشخص رويبضة يتحكم بالآخرين خدمة لمصالح الدول الاستعمارية.
والذي يقف خلف كل هذه التناقضات السياسية والمخرجات السياسية المشوهة والمشبوهة شخص واحد حاقد ومخبول، ألا وهو الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد ربيب بريطانيا وعميلها المخلص.
ينطلق محمد بن زايد هذا في نشاطه السياسي الهدّام من ثلاثة مرتكزات وهي:
1- كراهيته للإسلام، فلا يدع عدواً للمسلمين إلا ويتحالف معه، فهو حبيب الهندوس والبوذيين واليهود والصليبيين، وهو بيدق بيد الكفار، ومعول هدم يستخدمونه في تأسيس ما يُسمّى بالديانة الإبراهيمية الجامعة للأديان بهدف هدم الإسلام من خلالها.
2- كراهيته (للديمقراطية) والانتخابات، فلا يدع ديكتاتوراً في الشرق ولا في الغرب إلا ويدعمه بالمال والإعلام، من مثل سيسي مصر وخليفة حفتر في ليبيا وغيرهما، وهو يعادي الديمقراطية ليس لأنّها نظام كفر، بل لأنّه يخشى السقوط بسببها، وما يترتب عليها من تداول للسلطة.
3- ولاؤه لبريطانيا واسترضاؤه لأمريكا، فهو يسير وفقاً لمخططات أسياده البريطانيين وتعزيز نفوذهم في المنطقة، والتشويش على السياسات الأمريكية بقدر الإمكان، مع استمراره في محاولات استرضاء الإدارات الأمريكية المتعاقبة وذلك بدفع الأثمان الثقيلة لأمريكا لضمان سكوتها عنه.
ولنأخذ حدثين سياسيين وقعا في أسبوع واحد كان محمد بن زايد عرّابهما وهما:
1- زيارة طاغية سوريا بشار الأسد للإمارات في 08/03/2022م واستقبال ابن زايد له استقبالاً مهيباً، أعيد بها تأهيله عربياً بعد أن طرد من الجامعة العربية بسبب جرائمه في سوريا وقتله وتشريده للملايين في العقد الأخير، فلم يجرؤ أي حاكم عربي على القيام بمثل هذه الخطوة الوقحة من دون إجماع عربي.
وغني عن القول إنّ بشار محسوب ظاهرياً على روسيا ومدعوم من إيران، وتؤيده تيارات اليسار لظنها أنّه معادٍ لأمريكا مع أنّه عميل أمريكي عريق، وجنّدت أمريكا إيران وجلبت روسيا لحمايته من السقوط، وتعمل على إفشال الثورة من أجله.
2- عقد قمّة ثلاثية جمعت محمد بن زايد مع كل من رئيس حكومة كيان يهود نفتالي بينيت والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شرم الشيخ في 21/03/2022م.
فابن زايد يتآمر ضد إيران مع كيان يهود في الوقت الذي يستقبل فيه حليف إيران بشار، فقد علم أنّ كيان يهود مستاء جداً من قرب توقيع أمريكا اتفاقاً نووياً مع إيران ورفع العقوبات عنها، ومنح أمريكا إيران صلاحيات واسعة في المنطقة، فدعا إلى قمة شرم الشيخ لدعم كيان يهود ضد إيران، وجرّ معه السيسي الأبله في المؤتمر، وبعث إلى ابن سلمان رسالة مفادها أنّه لا بد للسعودية من التطبيع الفوري مع كيان يهود لأنّ الوقت لا يحتمل الانتظار، وأنّه لا بد من الوقوف ضد إيران وقفة جدية.
فهو يُشكّل مع كيان يهود نواة تشويش للسياسات الأمريكية، ويسعى لعزل إيران، وتأجيل توقيع الاتفاق النووي مستغلاً تورط روسيا في حرب أوكرانيا، والعقوبات المفروضة عليها، ومحاولا استمالة ابن سلمان لتكتله.
وبريطانيا هي التي تدفع ابن زايد للقيام بهذه المناورات السياسية، ومنها التأثير على محمد بن سلمان للابتعاد عن أمريكا التي تتصرف ببرود معه، خاصة وأنّ إدارة بايدن لا تتعامل رسمياً مع ابن سلمان بسبب حادثة خاشقجي، بينما يأتي رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون ويكسر الحظر الأمريكي المفروض على ابن سلمان فيزور السعودية، ويجتمع به علناً، بحجة البحث في توفير كميات نفط إضافية لتعويض النقص الناجم عن الإمدادات الروسية للنفط.
فالدعم البريطاني لتحركات ابن زايد واضحة من خلال تزامن زيارة جونسون للسعودية، ودفع ابن سلمان للابتعاد عن أمريكا، والتنسيق مع ابن زايد لتشكيل ثنائي سياسي فاعل بدعم من كيان يهود.
ولإضعاف الموقف الإيراني يصطف ابن زايد مع بشار ليضعف جبهة إيران سوريا الأمريكية، ويشوش على سياسات أمريكا في توقيت حساس تنشغل فيه أمريكا بقضايا أهم كالمسألة الأوكرانية وتحييد الصين.
وهكذا يبدو ابن زايد وكأنّه زعيم لا غنى عنه في المنطقة، ويؤثّر فيها تأثيراً بالغاً، فيشتري أردوغان بعشرة مليارات دولار، ويشتري السيسي بالمال وبعقد المؤتمر في شرم الشيخ المصرية، ويبعد بشار الأسد عن إيران بالقدر الذي يمكنه من إقامة تكتل مع كيان يهود ضد إيران للتشغيب على الخطط الأمريكية، وبذلك يخلط الأوراق السياسية من خلال قيامه بعملية تجميع المصالح المتباينة للتشويش على السياسات الأمريكية ولو قليلاً، والأهم من ذلك كله فرض نفسه كقائد لا غنى عنه في إدارة دفة السياسات الشرق أوسطية، فتضطر أمريكا للتعامل معه وعدم تجاهله.
لقد وصلنا إلى عهد من الانحطاط السياسي يكون فيه أمثال محمد بن زايد وتميم بن حمد آل ثاني وأضرابهما من الذين لا يحكمون سوى إمارات صغيرة لا يزيد تعداد سكانها عن عدد سكان حي شبرة في القاهرة، فيكونون فيه من أهم قادة الشرق الأوسط، فيصولون ويجولون ويتآمرون، بينما حكام الدول العربية الكبيرة كمصر والسودان والعراق والجزائر والمغرب الذين يحكمون عشرات الملايين من البشر باتوا لا وزن لهم ولا نكاد نسمع لهم همساً!

أمريكا وبريطانيا تجهزان لحرب طويلة في أوكرانيا

أمريكا وبريطانيا تُجهّزان لحرب طويلة في أوكرانيا
 
 
 
الخبر:
 
أعلنت الحكومة البريطانية أنّ رئيس وزرائها بوريس جونسون بحث مع الرئيس الأمريكي جو بايدن الحاجة لتسريع المساعدات العسكرية والاقتصادية إلى أوكرانيا.
 
واستضافت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أكبر ثماني شركات دفاعية رائدة في الولايات المتحدة لبحث تلبية احتياجات أوكرانيا من الأسلحة والذخيرة على المدى القصير والطويل، وسترعى نائبة وزير الدفاع كاثلين هيكس الاجتماع مع مُمثلي عمالقة شركات الأسلحة مثل رايثيون ولوكهيد مارتن وبوينغ وونورثروب غرومان، وسيتباحث المُتفاوضون في تلبية تلك الاحتياجات، وتنسيق العمل مع الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح والذخيرة من مخزوناتها الخاصة.
 
التعليق:
 
إنّ هذه المُباحثات والاجتماعات المُنسقة تكشف حقيقة نوايا أمريكا وبريطانيا في إطالة زمن الحرب في أوكرانيا، وما فشل المُفاوضات بين روسيا وأوكرانيا على وقف الحرب إلا بسبب رغبة الأمريكان والإنجليز في إطالة أمد الحرب لأطول مدة زمنية يتم فيها استنزاف روسيا وإضعافها، وإشغالها في أوكرانيا وفي جوارها، من أجل إبعادها عن القضايا الدولية، وتخفيض مكانتها كدولة كبرى رئيسية في العالم، والتفرغ للصين لاحتوائها.
 
كما تهدف هذه الحرب إلى إضعاف الاتحاد الأوروبي وبالذات فرنسا وألمانيا وجعل أوروبا مربوطة بشكل دائم ووثيق بأمريكا عسكرياً وسياسياً.
 
ولعلّ تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي تحدّث فيها عن تراجع القيادة الأوكرانية عن توافقات إسطنبول لتدل على استمرار الحرب.
 
وإنّ قيام رئيس وزراء بريطانيا بزيارة للعاصمة الأوكرانية كييف، وعرضه على الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أسلحة جديدة ومنها صواريخ مُضادة للسفن تصب في الهدف نفسه.
 
والأمر ليس غريباً على أمريكا وبريطانيا توجيه دفة الحرب في أوكرانيا لخدمة مصالحهما، فهما مُتخصّصتان في إشعال فتيل الحروب، وفي الزجّ بالشعوب في أتونها لتحقيق أهداف سياسية عديدة ومنها استمرار تحكمهما في الموقف الدولي وإيجاد أسواق جديدة لمبيعات السلاح.

الأحد، 13 فبراير 2022

علماء الحرفة وحمل الدعوة

جريدة الراية: علماء الحرفة وحمل الدعوة

 

 

يمتاز العلماء المُتخصّصون بأداء أدوار عظيمة في خدمة الأمّة، سواء أكان هؤلاء العلماء فقهاء أو مفسرين أو أهل حديث أو أهل لغة أو مؤرخين أو غير ذلك، فالله سبحانه قد ميّزهم بقوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ فيبيّنون أحكام الإسلام التي يحتاج إليها الناس، وينفون عنه تأويل المُبطلين، ويتصدّون للمستشرقين فيسردون حوادث التاريخ، ويُحلّلون وقائعه من منظار إسلامي صحيح.

 

والمقصود بالعلماء هنا هم علماء الحرفة المُختصون المؤهلون لا عُلماء السلاطين المأجورين، ولا علماء الأهواء المنحرفين.

 

وبالرغم من عظم دور العلماء وأهميته إلا أنّ دور حملة الدعوة أعظم وأهم، فحمل الدعوة واجب عيني دائم لا ينقطع، وهو يشمل جميع المكلفين سواء أكانوا علماء أم عامّة، قال تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ أي ولأنذر من بلغه، فالإنذار لكم أيّها الناس ولمن تقومون بتبليغه إيّاه، أي هو دعوة لهم أنْ يبلغوه عن الرسول ﷺ الذي قال: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ»، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ أي إلى الإسلام، وقوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ أي إلى دينه، فحمل الدعوة واجب يتعلق بالأفراد والجماعات والأحزاب والدولة التي تقوم بواجبها في حمل الدعوة عن طريق الجهاد لقوله عليه الصلاة والسلام: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، فحمل الدعوة عمل عظيم لا ينقطع، يغفل عنه كثيرون، وبه تحيا الأمّة بالإسلام، ومن خلاله تنهض.

 

والصحابة الذين حملوا الإسلام وطبّقوه لم يكونوا في جملتهم من العلماء، بل كان جلهم من حملة الدعوة، فالموضوع ليس متعلقاً بالعلماء المتخصصين أو ما يسمى بعلماء الحرفة، بل هو متعلق بحملة الدعوة، سواء أكانوا علماء أو غير ذلك، ونهضة الأمّة لا تتوقف على وجود العلماء أو العسكريين أو الإداريين، بل تتوقف على حملة الدعوة المُتكتلين الذين تحتضنهم الأمة.

 

فاستئناف الحياة الإسلامية والحكم بما أنزل الله والجهاد في سبيل الله أعمال تحتاج إلى حملة الدعوة قبل وأثناء وبعد الاحتياج إلى العلماء المُتخصّصين، أو المُقاتلين المُدرّبين، أو الإداريين من ذوي الكفايات العالية.

 

إنّ حملة الدعوة هم سياسيون جادون يتبعون قيادةً مخلصة واعية يعملون في الأمة ومعها، ويحملون همّها وحاضرها ومُستقبلها، ويعملون على رعاية كل شؤونها بمبدأ الإسلام العظيم بشموليته وربانيته، وبوصفه عقيدةً ونظام حياة، وفكرةً وطريقة، ولا يتمّ ذلك إلا بإقامة دولة الإسلام دولة الخلافة.

 

فالعبرة تكون بحمل دعوة الإسلام والتلبس بها سواء أكانوا من العلماء أم من غيرهم، أمّا العلماء فإن كانوا من حملة الدعوة فلا يُخشى عليهم من الانزلاق والزلل، فيستطيعون تمييز الأمور، والإصابة فيها، وأمّا إنْ لم يكونوا من حملة الدعوة، ولا مُتلبسين بها، فربما يكونون عرضة للزلل والوقوع بالأخطاء الفادحة، وإطلاق الأحكام المجانبة للصواب، ولنأخذ مثالاً واحداً يوضح هذه الفكرة ويتعلق بعالم تاريخ معاصر هو راغب السرجاني في تفسيره للواقعة التاريخية المتعلقة بالصدام السياسي والعسكري بين الدولة العثمانية والدولة المملوكية، وهزيمة الأخيرة وسقوطها، فيصف السرجاني الدولة العثمانية بأنها المعتدية، وأنّ حربها على المماليك كانت انحرافاً كبيراً، فيقول: كان على العثمانيين بقيادة السلطان سليم الأول في ذلك الوقت أنْ يختاروا واحداً من أربعة اختيارات، الأول: حسم مسألة الدولة الصفوية، والثاني: الاستعداد لمواجهة القوى الكبرى التي برزت في غرب أوروبا كإسبانيا والبرتغال والنمسا، والثالث: ردع فرسان القديس يوحنّا، والرابع: الاهتمام بالأوضاع الداخلية للدولة، ويُضيف: "كان من المُتوقّع لسليم الأول أنْ يختار واحداً من هذه الاختيارات أو بعضها، ولكنّه أعرض عنها كلها واختار دون مُبرّر عقلي أو شرعي أنْ يجتاح دولة المماليك المُسلمة ليضمّها إلى أملاكه. إنّ هذا انحرافٌ كبير وشنيع في فكر الدولة العثمانية... وتخبّطٌ في الرؤية، فهو يُريد زعامة ومكانة بالسيطرة على مكة والمدينة والقدس، ولو على أشلاء المسلمين من الطرفين".

إنّ عدم تلبس راغب السرجاني بحمل الدعوة، وعدم إدراكه لمفهوم وحدة الأمة حول قيادة واحدة وخليفة واحد، وتأثّره بمفهوم الدولة القومية جعله ينحاز في تفسيره للتاريخ بعيداً عن الصواب واتباعاً للهوى، والرد الصحيح على كلامه من مُنطلق الفكر الإسلامي الصحيح، ومن زاوية حمل الدعوة وإيصال الإسلام إلى الحكم، ووضعه موضع التطبيق والتنفيذ يُمكن بلورته في النقاط التالية:

 

1- إنّ ما قام به سليمان الأول من توحيد مصر وبلاد الشام والأناضول وتراقيا في دولةٍ واحدة هو عمل عظيم واختيار أهم من الاختيارات الأربعة التي ذكرها السرجاني، لأنّه أمر يتعلق بوجوب وحدة المسلمين في كيان واحد قوي وليس إبقاءهم في كيانات ضعيفة متفرقة.

 

2- إنّ تحوّل هذه البلاد الإسلامية الواسعة إلى دولة خلافة واحدة، ونقل الخليفة العباسي الشكلي من القاهرة إلى إسطنبول، ومبايعته لسليم الأول بوصفه خليفة المسلمين هو عمل شرعي عظيم، أعاد به عصر الخلافة الحقيقية الذي كان يحكم الخليفة فيه بنفسه بعد أنْ كان مُجرد ألعوبة بيد المماليك.

 

3- أمّا الاختيارات التي ذكرها السرجاني وقال بأنّ سليم الأول لم يخترها فهذا غير صحيح، لأنّه ثبت أنّ سليم الأول قد هزم الدولة الصفوية واحتل عاصمتها، وهذا ما لم تفعله دولة المماليك، وقد غزا المناطق الشرقية لأوروبا، ومهّد الطريق لابنه سليمان لغزو وسط أوروبا ومحاصرة فينّا عاصمة النمسا، وواجه هو وابنه من بعده الأساطيل الإسبانية والبرتغالية، وهذا أيضاً لم يفعله المماليك، وحارب القراصنة الصليبيين هو وابنه من بعده، ونظّفوا البحر المتوسط من سيطرتهم، ولا أدل على ذلك من غزوات برباروسا البحرية المشهورة للجزر والموانئ التابعة للدول الأوروبية، وهذا أيضاً لم يفعله المماليك، وأمّا الاختيار الرابع فإنّ سليم قد قام بضبط أعمال الدولة وإيجاد الاستقرار فيها بقدر الإمكان، ومهّد لابنه سليمان القانوني الذي قام بأعظم الإصلاحات في الدولة العثمانية، وسمّي بالقانوني لأنّه أكثر من سن القوانين الشرعية لإصلاح الدولة، وهذا ما لم يفعله المماليك.

 

فلماذا إذاً هذا التحامل غير اللائق على رجل عظيم كسليم الأول قام بأعمال عظيمة في توحيد المسلمين وحماية بيضتهم، ولماذا وصَفَ أعماله بالانحراف الشنيع والتخبط في الرؤية، وأنه يريد الزعامة والمكانة ولو على أشلاء المسلمين؟!

 

إنّ كلام السرجاني هذا واتهاماته الباطلة لسليم الأول بهذه الألفاظ لا يدل على موضوعية في تفسير التاريخ، بل يدل على تحامل وحقد بدوافع أشبه ما تكون بدوافع المستشرقين.

ما كان السرجاني وهو الباحث العميق المتخصص بالتاريخ أنْ يقع في مثل هذه الزلات الخطيرة لو كان حاملاً للدعوة، لأنّ حمل الدعوة يضبط علم العالم، ويحرسه من السقوط في مستنقع الأهواء.

الجمعة، 14 يناير 2022

سلطة عباس تُورّث منصب السفير الفلسطيني في طهران لابنته

خبر_وتعليق

 سلطة عباس تُورّث منصب السفير الفلسطيني في طهران لابنته

الخبر:

أفادت وكالة مهر الايرانية للأنباء أنّ السفير الفلسطيني في طهران صلاح الزواوي قد التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في ختام مُهمّته في الجمهورية الإسلامية الايرانية، وكان الزواوي قد تسلّم المنصب مُنذ العام 1980 أي مُنذ اثنتين وأربعين سنة، وأطلق عليه لقب (شيخ السفراء) بسبب وجوده الطويل في طهران بوصفه سفيراً، وكان قبل ذلك سفيراً لمنظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر والبرازيل وكينيا.

وعيّن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية ابنته سلام الزواوي خلفاً له لتولي منصب سفير فلسطين لدى طهران، وأدّت اليمين القانونية أمام عباس.

التعليق :

أثار تعيين سلام الزواوي لمنصب سفيرة فلسطين في طهران استهجاناً واسعاً في أوساط الفلسطينيين، خاصةً بعدما علموا أنّ والدها صلاح الزواوي قد مكث سفيراً في طهران لأكثر من أربعين عاماً، وتساءل الكثير من المُعلقين في تغريداتهم، وفي شبكات التواصل الأخرى عمّا إذا كانت المناصب في السلطة الفلسطينية يتمّ توريثها من الآباء للأبناء كما يتم توريث الأموال والعقارات؟! وأظهروا استياءً شديداً من احتكار توزيع المناصب الكبيرة على فئة مُتنفّذة من كبار المسؤولين في السلطة، وأبدوا تذمّراً من سرعة تعيين السفراء وعدم إشراك أبناء القاعدة الشعبية العريضة فيها.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي الفوائد التي جناها الشعب الفلسطيني من خدمة السفير الزواوي في طهران كسفير لمدة زادت عن أربعين عاماً؟ وهل هناك ضرورة لإنفاق ملايين الدولارات على سفراء كثر تُرسلهم السلطةالفلسطينية في أكثر من مائة وخمسين دولة غالبيتها لا وزن لها ولا تأثير؟!

أما كان الأجدر بالسلطة أنْ تقوم بتوفير هذه الأموال من أجل إنفاقها على حاجات الشعب الفلسطيني المنكوب في الشتات مُنذ سبعبن عاماً؟ أم أنّ المسألة تتعلق بالاستحواذ على مكاسب شخصية ومنافع شللية تحوزها القطط السمان في السلطة؟

ثمّ إنّ الجمود السياسي الطويل الذي يكتنف القضية الفلسطينية مُنذ زمن لا يُجدي معه أي عمل دبلوماسي تقوم به السلطة، أو وزارة الخارجية فيها، بما فيها جميع سفاراتها، فالسلطة الفلسطينية أصلاً لم تعد سلطة سياسية، لأنّها تحولت إلى مُجرد مليشيا أمنية تحرس أمن دولة يهود وتُلاحق المطلوبين الفلسطينيين للأجهزة الأمنية اليهودية، وبالتالي فلا داعي لوجود سفراء في عواصم العالم، كما لا حاجة لوجود أعمال دبلوماسية تصدر عنها.

على أنّ الفساد المالي والإداري المُتجذّر في السلطة قد تغوّل بشكلٍ كبير في الفترة الأخيرة لدرجة أنّه بات يلتهم الأموال والمنافع بطريقة شرهة، لا يُبقي معها لأهل فلسطين سوى الفتات والنزر اليسير من الدُريهمات.

إنّ هذه السلطة الخائنة لأمّتها، والعاجزة عن تقديم أي شيء لشعبها، لا يُتوقع منها أنْ تُنصف شعبها لأنّها مُجرد أداة رخيصة بيد الأعداء يتم توظيفها لخدمة أجندتهم، ولم يعد من عمل لها سوى التفريط بحقوق المسلمين والفلسطينيين التاريخية والحضارية والسياسية والمالية.

السبت، 1 يناير 2022

مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة تلويث للفكر الاسلامي

مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة  تلويثٌ للفكر الاسلامي

انعقد في العاصمة السعودية الرياض في الثامن من شهر كانون أول/ديسمبر الجاري مؤتمر فلسفي خبيث يُعتبر أول مؤتمر فلسفي من نوعه يقام في السعودية استمرّ لمدة ثلاثة أيام، وشارك فيه كبار الفلاسفة المُتزندقين، وقادة الفكر المُضلون، تجمّعوا من بلدان شتى، واستقبلتهم السعودية في الرياض، وقدِموا من مؤسّسات دولية وإقليمية وُصفت بأنّها (مرموقة)! وطرحوا في جلسات المؤتمر قضايا تشكيكية وإلحادية كثيرة تحت شعار (مُناقشة القضايا الفلسفية المُعاصرة).

ومن أبرز الشخصيات المُشاركة في المؤتمر من العرب عبد الله الهميلي عضو جمعية الفلسفة السعودية وعبد الله الغذامي وعبد الله المطيري وهبة الدغيدي وداليا تونسي المستشارة التربوية، ومن الأجانب الفيلسوفة الفرنسية المشهورة في فرنسا لوكا ماريا سكار أنتينو، والفيلسوف مفوتشيفاز أستاذ الفلسفة في جامعة بريتوريا بجنوب أفريقيا، والأمريكي نيكولاس دي وارنا الأستاذ المحاضر في جامعة بنسلفانيا، وأستاذ الفلسفة الأمريكي كريستوفر فيليبس، وأستاذ الفلسفة البلجيكي في جامعة بروكسل الحرة هيرنان غابرييل.

تحدث المُحاضرون من خلال أكثر من ثلاثين جلسة بمواضيع غالبيتها تُشكّك في العقيدة الإسلامية، وتجعل الفلسفة هي المقياس للأحكام بدلاً من الشريعة الإسلامية.

ولو تتبعنا عناوين الورشات وأوراق العمل التي قُدّمت في المؤتمر بشكل مجرد لوجدنا مدى حجم الخراب الفكري الذي تهدف إلى إحداثه، ومدى التلويث الفكري الذي تم ضخه فيها؛ فالورشة الأولى مثلاً جاءت بعنوان: "منح الفلسفة مساحة في مستقبلنا"، والورشة الثانية كانت بعنوان: "اللا متوقع وحدود العقل البشري"، وقدمت مؤسسة بصيرة ورش عمل خاصة بعنوان: "أفكار كبيرة ورشة فلسفية للناشئين"، وقُدّمت ورشة بعنوان: "لماذا وكيف نلهم الأطفال ليصبحوا فلاسفة؟"، وفي مجال التاريخ جاءت ورشة "ماض لا متوقع: إعادة التفكير في التاريخ"، وفيما سُمّي بمهرجان الأفكار تمّ طرح (مفهوم اللامُتوقع) شارك فيه هيرنان غابرييل بورقة عمل بعنوان: "اعتبارات تتعلق بالعلاقة بين اللامتوقع والخفي"، بينما قدم عبد الله الهميلي ورقة عمل عن "العلاقة بين اللامتوقع والتاريخ"، وتمّ في إحدى جلسات المؤتمر عرض "مفهوم الزمن في العلم والفلسفة والفكر الديني".

فـ(منح الفلسفة مساحة في مُستقبلنا) لا يُمكن أنْ يكون إلا على حساب الإسلام، لأن الفلسفة والإسلام لا يلتقيان، فالفلسفة أفكار كفر لا تقيم للدين أي وزن.

وأمّا عناوين سائر الورشات الأخرى فهي محاولات تشكيكية في قدرات العقل البشري الذي كرم الله سبحانه به الإنسان على سائر المخلوقات ضمن حدود الإسلام وضوابطه، وهذه الورشات هي أيضاً مُحاولات تشكيك في التاريخ الإسلامي نفسه، ومحاولات لحرف الأطفال عن نهج الإسلام القويم لجعلهم فلاسفة، أو لكي يتأثروا بالفلسفة بهدف إبعادهم عن فطرتهم، وتنحية الإسلام عن طفولتهم بطرح مثل هذه الأفكار الفلسفية السقيمة عليهم، وغرس أفكار الإلحاد في عقولهم منذ نعومة أظفارهم.

وأمّا مفهوم الزمن في العلم والفلسفة والفكر الديني ففيه تجديف واضح ضدّ الإسلام، فهو يقرن العلم بالفلسفة ويجعل الفكر الديني - والمقصود به هنا الإسلام - معزولاً عن العلم، بمعنى أنّ العلمَ مُصطفٌ إلى جانب الفلسفة، وأمّا الإسلام فمقرونٌ بالجهل.

وأمّا الكلام عن العلاقة بين اللامتوقع والخفي فهو طرح شيء من الهذيان الفكري لتشتيت أذهان شباب المسلمين، وإبعادهم عن الالتزام بطريقة التفكير الإسلامي الصحيحة.

إن مملكة آل سعود ومن خلال رعايتها لهذا المؤتمر تعلن الحرب على الإسلام صراحة، فتساعد على تمرير أفكار الإلحاد إلى الشباب في الحجاز تحت شعار الفلسفة، فهي لم تدّخر وسعاً في البحث عن أي وسيلة لمناصبة الإسلام العداء، فلم تترك باباً لمحاربته إلا وطرقَته، فبدأت بهيئة الترفيه التي حلت محل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم تدع منكراً إلا وأباحته، ولم تدع معروفاً إلا وطمسته، فأصبحت المدن السعودية مراكز ديسكو وقمار وفسق ومجون، وفي مجال مناهج التعليم ألغت السعودية كل شيء له علاقة بالجهاد والصراع مع الكفار، وذلك من خلال إجراء خمسة وخمسين تعديلاً على المناهج، فتحولت المناهج بعدها إلى مسخ تعليمية، وأما في السياسة الخارجية فقد وقفت السعودية إلى جانب الصين في قمعها للمسلمين الإيغور، بالإضافة إلى تبعيتها المطلقة لأمريكا.

وفي الوقت الذي تسجن فيه السلطات السعودية علماء المسلمين المخلصين، وتقمع الحركات الإسلامية حتى المسالمة منها، كحظر جماعة التبليغ والدعوة، في الوقت نفسه تسمح لسفلة الأقوام من كل كفار العالم بدخول الأراضي المقدسة، والقيام بفعاليات منكرة فيها، وكأنّ المسلمين هناك لم ينقصهم سوى هذه التلويثات المجتمعية والفكرية لتستقيم أحوالهم!

لن تتخلص بلاد نجد والحجاز من هذه الهجمات الفكرية التلويثية إلا بالتخلص من حكم آل سعود المسؤول عن تفشي كل هذه المنكرات، وإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على أنقاض عرشهم وعروش حكام المسلمين.

الثلاثاء، 14 ديسمبر 2021

خبر وتعليق

بسم الله الرحمن الرحيم
*#خبر_وتعليق: دلالة وصف #بوتين انهيار* *#الاتحاد_السوفييتي أنه بمثابة انهيار روسيا*
- كتبه: الأستاذ أحمد الخطواني
--------
https://chat.whatsapp.com/EtsVpqL3t7b7yAm8uJMUvC

*#الخبر:*

في مقابلة أجرتها معه القناة التلفزيونية روسيا 1 تطرق الرئيس الروسي بوتين إلى وضع #روسيا الداخلي في تسعينات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي واصفا إياه بأنه كان يشبه حربا أهلية، فقال: "كان الوضع صعبا جدا، وهو وصف كان يخص حالة الدولة بأسرها، وكل مكوناتها على حدة، و #الاقتصاد والأمن والقوات المسلحة.. ففي الواقع كانت البلاد في حالة حرب أهلية".

وأوضح بوتين بأنّ الدول الأوروبية في تلك الفترة كانت على قناعة تامة بحتمية تفكك الدولة الروسية على غرار تفكك الاتحاد السوفيتي، فقال: "إن 16 كيانا من كيانات البلاد أعلنت في تلك الفترة سيادتها، وكانت هي حقيقة لا يمكن تجاهلها"، وقال بأنّه رأى "خرائط مصمّمة في أوروبا ترسم روسيا مجزأة إلى دول مستقلة عدة"، واعتبر بوتين أنّ "انهيار الاتحاد السوفييتي هو بمثابة نهاية روسيا التاريخية".

 
*#التعليق:*

تأتي تصريحات بوتين هذه في ظل التوتر الشديد الذي تشهده أوكرانيا والذي يُلقي بظلاله على العلاقات بين الغرب وروسيا، حيث تصف أوكرانيا الحشود العسكرية الروسية على حدودها الشرقية بأنّها تمهيد لغزو روسي قريب لأراضيها، بينما تنفي روسيا هذه المزاعم وتقول بأنّ تلك الحشود هي مجرد رسائل للغرب للكف عن التدخل في أوكرانيا، ولمنع العمل على إدخالها في حلف الناتو، وضرورة حل هذه المشكلة مع #الغرب عبر المفاوضات، ومن خلال عقد القمم الدورية بين الزعماء، لا سيما بين الرئيسين الروسي والأمريكي.

وتنظر روسيا إلى #أوكرانيا نظرة خاصة، فهي تحتل مكانة خاصة في تاريخها، وتصفها بأنّها معقل تاريخي للشعب السلافي، وتُحذّر الغرب من محاولة قلبها ضد روسيا.

إنّ تصريحات بوتين الأخيرة تُظهر مدى تمسكه بوحدة روسيا، وتؤكد على عدم سماحه للغرب بالعبث بها كما حصل مع الاتحاد السوفييتي في حقبة التسعينات من القرن الماضي، كما تُظهر حرصه الشديد على إبقاء أوكرانيا أو أجزائها الشرقية على الأقل تحت النفوذ الروسي بشكلٍ دائم وذلك نظراً لأهميتها البالغة بالنسبة للدولة الروسية، فهي بمثابة الساحة الخارجية لها التي تُشكّل أهم امتداد تاريخي لها مُنذ قرون.

فبوتين من خلال هذه التصريحات يرى أنّ خسارة أوكرانيا قد تؤدي بالفعل إلى تفكك روسيا، لذلك فهو يُحارب الغرب بكل قوته للاحتفاظ بها، ولا يسمح بخسارتها كما خسرت روسيا من قبل دولاً كثيرة في شرق أوروبا كبلغاريا ورومانيا وهنغاريا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا ودول البلطيق، وذلك لأنّ أوكرانيا دولة مُختلفة عن سائر تلك الدول لأنّها في نظره تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من الحصن الروسي الداخلي.

لكنّ أمريكا تُصرّ على سلخ مُعظم أوكرانيا عن روسيا في النهاية، وتُلوّح بفرض المزيد من العقوبات عليها، وتستخدم المسألة الأوكرانية كورقة ضغط تُشغل روسيا بها، وتُبعدها عن الصين، وتُحاصرها في خاصرتها الرخوة لتبقيها في حالة دفاع لأطول مُدة ممكنة.

إنّ نقطة ضعف روسيا الرئيسية تكمن في أنّها تُحارب الغرب بسلاح الوطنية الروسية والقومية السلافية، فهي لا تملك فكراً أو مبداً واضحاً تُواجه به أمريكا والغرب، لذلك فمن الصعب أن يكون النصر حليفها طالما بقيت من دون مبدأ، وستضطر في المستقبل للدخول مع الغرب في حلول وسط حول أوكرانيا.

الخميس، 18 نوفمبر 2021

وثائق بانادورا وفساد الحكام

وثائق بانادورا وفساد الحكام

سبق ظهور هذه الوثائق التي أطلق عليها صندوق باندورا وثائق عديدة مُماثلة، كوثائق بنما والوثائق السويسرية ووثائق لوكسمبورغ، وجميعها تفضح الحكام الفاسدين، فهي تسريبات تكشف ما يُحاول الحكام إخفاءه من تعدٍ على الأموال العامة، ولصوصية، وغسيل أموال، وتهرب ضريبي، إلا أنّ وثائق باندورا تمتاز عن سواها من الوثائق الأخرى المشابهة بمصداقية أكبر، وبتحريات أوسع، وبأدلة أدق.
فقد شارك في إخراجها أكثر من 600 صحفي بحثوا في قرابة الاثني عشر مليون وثيقة من 14 شركة للخدمات المالية، سلّطوا الضوء فيها على أكثر من 29 ألف شركة "أوف شور" لشهور طويلة.
والأوف شور هي شركات وهمية تمنح درجة عالية من السرية للمالكين السريين الأجانب للعقارات والأصول التي يمتلكونها في أمريكا وبريطانيا ودول غربية أخرى، وتقوم الأوف شور بعملها هذا من خلال شبكات مُعقدة تعمل عبر الحدود لجعل الملكيات والأصول خفية عن أعين الشعوب صاحبة تلك الأموال.
والجهة التي قامت بهذا العمل الضخم هي جهة غير حكومية، وهي الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين في واشنطن بالتعاون مع البي بي سي وصحيفة الغارديان البريطانية، وكشفت التحقيقات التي قاموا بها عن هُوية مالكين سريين لـ1500 عقار في بريطانيا وأمريكا تمّ شراؤها بمليارات الدولارات، وتورّط فيها قائمة من كبار القادة والسياسيين الفاسدين منهم 35 رئيساً أو رئيس وزراء حاليين وسابقين، بالإضافة إلى 300 سياسي ووصولي آخر من دول عدة ومنهم:
1 – العائلة المالكة في قطر ونظيرتها في الإمارات.
2 – ملك الأردن عبد الله الثاني.
3 – رئيس وزراء لبنان الحالي نجيب ميقاتي وسلفه حسان دياب.
4 – رئيس وزراء التشيك.
5 – رئيس كينيا.
6 – رئيس الأكوادور.
7 – الرئيس الروسي.
ولو أخذنا ملك الأردن عبد الله الثاني مثالاً لهذه التحقيقات لأدركنا طبيعة سائر الفاسدين من السياسيين ومرتزقتهم، فالملك الأردني الذي تعيش دولته في أزمة اقتصادية خانقة، وفي وضع معيشي مُزرٍ للسكان، حيث الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وكل المشاكل الاقتصادية تتفشّى في كل جوانب المجتمع، ومع ذلك نجده يبذل قصارى جهده في تملك العقارات الفاخرة في بريطانيا وأمريكا على حساب شعبه المسحوق المطحون، وهو يُحاول من خلال شركات الأوف شور إخفاء امتلاكه للعقارات الكثيرة التي لا حاجة له فيها، في أمريكا وبريطانيا عن عيون شعبه.
فلقد ذكرت تحقيقات باندورا عن إنفاق الملك عبد الله الثاني 106 ملايين دولار في شراء 15 عقاراً في بريطانيا وفي ماليبو بكاليفورنيا وفي واشنطن بأمريكا، وهو يحاول منذ توليه السلطة بعد وفاة والده الملك حسين سنة 1999 إخفاء ملكيته لهذه العقارات التي كشفتها باندورا.
واعترف الملك وديوانه الملكي بنتائج هذه التحقيقات، ورد الديوان الملكي عليها بالقول إنّ عدم الإعلان عنها يأتي من باب الخصوصية وليس من باب السرية، وهو عذر أقبح من ذنب! فإنّ مجرد تعمّد الإخفاء يعني أنّ هناك جريمة تُرتكب وشيئا خاطئا يُدبّر.
وأمّا رد الملك فكان رداً غوغائياً حيث قال: "هناك حملة ضدّ الأردن وهي ليست الأولى من نوعها، وهناك من يُريد التخريب ويبني الشكوك" ثمّ عزف على لحن الإصلاح الاقتصادي والإداري الموهوم في الأردن ليصرف الرأي العام عن هذه الفضيحة.
لقد أثبتت هذه التحقيقات غير الحكومية أنّ هؤلاء الحكام المتورطين في اختلاس أموال شعوبهم وتسريبها إلى الخارج لشراء وتملك عقارات هم ليسوا مجرد عملاء ومأجورين للكافر المستعمر وحسب، بل هم أيضاً لصوص وفاسدون ومُفسدون.

هشاشة الانظمة العربية من علامات استحقاق سقوطها

هشاشة الانظمة العربية من علامات استحقاق سقوطها

كثيرة هي المؤشرات التي تصدر عن مؤسسات دولية متعددة تضع تصنيفات ومعايير سياسية وإنسانية واقتصادية لجميع مجتمعات ودول العالم، وتتعلق بمستويات معيشية مختلفة، وغالباً ما تكون لهذه المؤشرات دلالات مهمة وذات مغزى، وتعتبر مقاييس تصنف الدول ارتفاعاً وانخفاضاً بحسبها، فتُبيّن درجات الدول وفقاً لتلك المقاييس، ومن آخر هذه المؤشرات التي صدرت مؤشر الهشاشة، وهو مؤشر يتعلق بتماسك الدول أو تفككها، وقوتها أو ضعفها، واستقرارها أو عدم استقرارها.
وكعادة الدول العربية في مثل هذه المؤشرات فقد حققت مستويات عالية في الهشاشة والضعف والتردي، كما كانت تحقق من قبل مستويات عالية في عدم الشفافية والفساد، ولا يتأخر عنها إلا بعض الدول الأفريقية المتخلفة جداً.
ومن معاني الهشاشة التي تمتاز بها الدول وفقاً لهذا المؤشر: في السياسة وجود استقطابات شديدة يصاحبها احتجاجات وصراعات، وفي الاقتصاد وجود انهيارات اقتصادية وفقدان العملات لثباتها، وارتفاع الأسعار بشكلٍ جنوني، وانخفاض مستوى المعيشة، وزيادة الفقر وما شاكلها، وكذا في سائر مجالات الحياة الأخرى كانعدام تقديم الخدمات، وتردّي الأوضاع العامّة، وخلخلة العلاقات بين الطبقات المجتمعية وتنافرها.
ولا فرق بين الدول العربية من حيث ظهور علامات الهشاشة فيها، سواء تلك التي توصف بالدول الموالية للغرب المستعمر في العلن كالسعودية والإمارات والأردن، أو الدول التي تسمي نفسها ممانعة أو مقاومة كسوريا وتوالي الغرب في السر، فكلها في الهشاشة سواء، فمصر كسوريا، والسعودية كالعراق، والمغرب كالجزائر، فكلها سواء في تردي مستوياتها على كل الأصعدة.
ومن علامات الهشاشة الحديثة في هذه الدول زيارة وفد من كيان يهود للسودان واجتماعه بقائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان وبنائبه محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي وبرئيس الوزراء المخلوع عبد الله حمدوك، وقيام ذلك الوفد بمحاولة للإصلاح بين القادة السودانيين المتصارعين، وهكذا فلم يجد حكام السودان العملاء أفضل من كيان يهود للقيام بدور الوساطة بينهم!
ومن هذه العلامات وصف رئيس وزراء كيان يهود نفتالي بينيت الروس بأنّهم جيران كيانه المسخ في الشمال، وأنّه وجد لدى الرئيس الروسي بوتين آذاناً صاغية بشأن احتياجات كيانهم الأمنية، فهم يتحاورون وكأنّ النظام السوري غير موجود، وبدا كأنّ المنطقة فيها دولتان فقط هما روسيا وكيان يهود.
ومنها أيضاً قبول النظام السوري الخائن بمرور الغاز (المصري) المنهوب من السواحل الفلسطينية والذي تبيعه دولة يهود لمصر من خلال خط يمر عبر الأردن وسوريا ولبنان.
ومنها أيضاً تصريح خياني مشبوه لوزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان قال فيه لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن: "إنّ (إسرائيل) ساعدت على الاستقرار الإقليمي والسلام في المنطقة، ولكنّ الاستقرار الكامل يكون بقيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس"، فالسعودية وعبر هذا التصريح الغريب تقر بفضل دولة يهود في وجود الاستقرار الإقليمي في المنطقة حسب زعمها، لكنّه ليس هو الاستقرار العالمي الكامل.
ومن علامات الهشاشة أيضاً دفاع أربع عشرة دولةً عربيةً عن الانتهاكات الصينية الفظيعة ضد مسلمي الإيغور في تركستان الشرقية وهذه الدول هي: مصر والسعودية والعراق ولبنان وفلسطين والإمارات واليمن والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والصومال، ومن البلاد الإسلامية التي دافعت عن انتهاكات الصين ضد مسلمي الإيغور من غير الدول العربية إيران وباكستان وبنغلادش.
ففي الوقت الذي تقف فيه هذه الدول العربية إلى جانب الاعتداءات الصينية ضد المسلمين، تقف الدول الكبرى العدوة للإسلام إلى جانب الإيغور ضد الصين أو تدعي ذلك على الأقل كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وتقف معها معظم الدول الغربية، فيا لها من مفارقة مخزية!
إنّ هذا المستوى الهابط للدول العربية في كل مناحي الحياة يؤكد على عمق الشروخ في بنيانها، ويدل على مدى هشاشتها.
على أنّ هذه الهشاشة ليست فقط هي من استحقاقات تداعيها وسقوطها، بل هي أيضاً من مبشرات قرب زوالها واندثارها قريبا بإذن الله وقيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على أنقاضها.

منظمة الدول التركية تتخذ من القومية رابطة لشعوبها وتتجاهل الاسلام

منظمة الدول التركية تتخذ من القومية رابطة لشعوبها وتتجاهل الإسلام!

الخبر:

انعقدت القمة الثامنة لزعماء الدول الناطقة باللغة التركية في إسطنبول، وقال الرئيس التركي أردوغان أمام القمة: "القادة في القمة وافقوا على وثيقة (رؤية العالم التركي 2040) التي ترسم المنظور المستقبلي للمنظمة، وإنّ المنظمة بمسماها الجديد ستنمو وتتجذر وتتطور بشكل أسرع وأكثر ثباتا" وأعلن عن تحويل المجلس التركي وهو الاسم القديم للمنظمة الذي يضم الدول الناطقة بالتركية إلى منظمة الدول التركية، وقال بأنّ: "منطقة تركستان هي مهد الحضارة وستعود مجددا مركزاً لجذب وتنوير البشرية جمعاء".

جاء ذلك في مؤتمر صحفي بعد انتهاء أعمال القمة الثامنة للمجلس في ما يُسمّى بجزيرة الديمقراطية والحريات الواقعة قبالة إسطنبول في بحر مرمرة.

وكان المجلس التركي قد تأسّس في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2009، ويضم تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزيا وأوزبيكستان، وحضر القمة بالإضافة إلى رؤساء هذه الدول الخمس كل من رئيس دولة تركمانستان ورئيس وزراء دولة المجر بصفتهما عضوين مراقبين.

التعليق:

هذه هي القمة الثامنة التي تنعقد لدول ما يُسمّى بالمجلس التركي والذي تحول في هذه القمة إلى منظمة الدول التركية، ولم يطرأ فيها أي تقدم ملموس في العلاقات بين هذه الدول، ولم يُسجّل فيها سوى الكلمات الطنّانة التي تُمجّد الأتراك وتاريخهم، ولم يرد في البيان الختامي للقمة أي شيء ذي قيمة، بل كان مُجرد جمل وتراكيب إنشائية تتحدّث عن العلاقات والتعاون في شتى المجالات، وتُشبه ما يصدر من بيانات عن قمم الجامعة العربية ولكن باللغة التركية.

إنّ فساد هذه المنظمة آتٍ من جهات وأسباب عدة هي:

1- تأسيسها على رابطة القومية الجاهلية الفاسدة.

2- استبعادها تماماً للإسلام بوصفه رابطة وديناً ترتبط به شعوبها.

3- استبعادها تركستان الشرقية التي تخضع للاحتلال الصيني مع أنّ أهلها من الأتراك المسلمين.

4- عدم تطرقها للوحدة أو الاتحاد بين هذه الدول المنضوية فيها.

5- إقرارها للأوضاع السياسية لجمهوريات آسيا الوسطى الخمس والتي ترتبط فيها هذه الجمهوريات بروسيا ارتباطاً سياسياً مُحكماً أشبه ما يكون بالاستعمار والتبعية.

6- إدخالها دولة المجر عضواً مُراقباً في المُنظمة مع أنّ المجر ليست دولة تركية ولا مسلمة، بل إنّها تُعادي المسلمين وتضطهدهم، وقال رئيسها مرات عدة بأنّه لا يريد إدخال أي لاجئ مسلم إلى بلاده.

لهذه الأسباب جميعها فإنّ هذه المنظمة محكوم عليها بالفشل، ولن تكون أحسن حالاً من نظيرتها العربية.

 احمد الخطواني

خمس عشرة سنة مرت على بدء المصالحة الفلسطينية والنتيجة صفر

خمس عشرة سنة مرت على بدء المصالحة الفلسطينية والنتيجة صفر

بعد انتخابات عام 2006 في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967وفوز حركة حماس فيها، وسيطرتها على قطاع غزة بالقوة، وبعد انفصال السلطة في غزة عن السلطة في الضفة، بعد ذلك بعام بدأت مُحاولات المصالحة بين سلطة رام الله وسلطة غزة بوساطات عربية ودولية مُتعدّدة، واستمرت بين مدٍ وجزر حتى هذا العام الجاري 2021، ولكنّها لم تُسفر عن شيء، وكانت نتيجتها صفراً.
فَمِن اتفاق مكة إلى اتفاقات القاهرة الكثيرة بين الفصائل الفلسطينية، وحواراتها العقيمة، والتي استمرت طوال الخمس عشرة سنة الفائتة، فكل ما جرى في هذه الاتفاقات والحوارات التي استغرقت آلاف الساعات من العمل داخل القاعات المغلقة، وبُذلت فيها جهود مُضنية استنزفت الكثير من الوقت والجهد والمال، والنتيجة أنّ كل ذلك انتهى من دون طائل.
لقد ألغى رئيس السلطة محمود عباس - وبكل بساطة - كل تلك الجهود بجرة قلم، وأعاد مُفاوضات المصالحة الشاقة إلى المُربّع الأوّل، فاشترط وبشكلٍ تعسفي اعتراف حماس وبشكل صريح ومُسبقاً وبدون مُواربة بكيان يهود القائم على الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948، وألغى كل ما توصلت إليه الفصائل الفلسطينية من توافقات واتفاقات.
وظهر ذلك جليّاً عندما قام مُنيب المصري وهو الشخصية الفلسطينية النافذة قبل شهرين بمحاولة وساطة أخيرة، التقى فيها بقادة حركة حماس وهم: إسماعيل هنيّة وصالح العاروري وصلاح البردويل وحُسام بدران، ووصف لقاءه بهم بالإيجابي فقال: "إنّ حماس أكّدت على نيّتها إنهاء الانقسام وإتمام المُصالحة الوطنية، وإنّها وافقت على الاعتراف بقرارات الشرعية ضمن برنامج مُتكامل يستند لحوارات القاهرة، كما وافقت على التزام حكومة وحدة وطنية بقرارات الشرعية إذا كان ذلك استناداً لاتفاق مكة".
وأرسل المصري هذه الرسالة كوثيقة إلى محمود عباس فاستخف عباس بها، وبكل عنجهية واستكبار كتب رداً على ذيل الوثيقة: "الأخ مُنيب، المطلوب من حركة حماس حتى تكون شريكة أن تعترف بشكل رسمي وبتوقيع إسماعيل هنية بقرارات الشرعية الدولية، ومن دون ذلك فلا حوار معهم".
فهدَمَ عباس كل ما توافقت عليه الفصائل خلال تلك السنين الطويلة، ولم يُراعِ كل ما وقّعوه من وثائق وعرائض، وكل ما التزموا به من (ثوابت واستحقاقات) بحسب فهمهم، وألقى بها عرض الحائط، ولم يحسب حساباً لأي شيء، ولم يستجب لكل ما توصلت إليه تلك الفصائل من قرارات وتوافقات، ولم يأبه لأحد سوى للكفار من قادة أمريكا وكيان يهود.
لم يستجب عباس إلا لأمريكا التي لا تريد مُصالحة بين الفصائل إلا بعد اعترافها بكيان يهود، وكذلك استجاب لدولة يهود التي لها مُتطلبات أمنية لا يُلبيها لها إلا السلطة الفلسطينية من خلال استمرار التعاون والتنسيق الأمني معها.
وحيث إنّ أمريكا ما زالت تُعطّل المصالحة فلا يملك عباس إلا تعطيلها وفقاً للأوامر الأمريكية، وذلك لأنّه مُجرد عبد مأمور لأمريكا والكفار.
وبما أنّ أمريكا لا تُريد المصالحة في هذه الأوقات بشكلٍ خاص، فإنّ حكام مصر العملاء لأمريكا قاموا هم أيضاً بتعطيلها، فقاموا بالإعلان عن إرجاء المصالحة بين فتح وحماس إلى أجلٍ غير مُسمّى.
فحماس التي قدّمت تنازلات خطيرة في العام 2017 عندما غيّرت ميثاقها وقبلت بدولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، وهي التي غيّرت من وصفها الإسلامي إلى وصفها الوطني فعرّفت نفسها بأنّها حركة تحرّر وطني، فهذه التنازلات النوعية الكبيرة لم تكفِ أمريكا وكيان يهود، فتريدان منها تقديم المزيد، وهذه هي طبيعة الأعداء مع الذين يستجيبون لهم، فلا يكتفون إلاّ بجر الحركات المخلصة إلى مستنقعاتهم الآسنة وإغراقهم فيها.
إنّ على حركة حماس أنْ تُدرك جيداً أنّ سلطة عباس سلطة عميلة تُنفّذ حصراً أجندة أمريكا السياسية وأجندة كيان يهود الأمنية، وأنّها تقوم بوظيفتها تلك على أحسن وجه، وأنّها لا تملك الخروج عمّا رُسم لها قيد أنملة.
لذلك كان من الخير لحماس وللفصائل المخلصة وللأمة الإسلامية ولأهل فلسطين أن يبادروا إلى نبذ هذه السلطة الخائنة ومُقاطعتها، وعلى حماس أنْ تتخلّى نهائياً عن فكرة المصالحة مع سلطة هكذا شأنها، فلا خير في التصالح مع سلطة عميلة ذليلة تغدر بأهل فلسطين وتتواطأ مع كل أعداء الأمّة.