السلطة الفلسطينية تتعاون مع الاحتلال في كبح
جماح الإنتفاضة الفلسطينية
الخبر:
جاء في تقرير قدّمه جهاز الإستخبارات
العسكرية في دولة يهود أنّ :"رئيس السلطة الفلسطينية لا يُحرّض
الفلسطينيين على الانتفاضة، بل إنّه أصدر أوامره للأجهزة الأمنية بردع المتظاهرين،
وإنّ أجهزته قد شنّت بالفعل حملات لردع العمليات ضد إسرائيل، وإنّ السلطة هي الجسم
الوحيد المانع لإندلاع إنتفاضة ثالثة"، وكان محمود عباس قد شدّد منذ
بداية اندلاع المواجهات على أنّه ضد التصعيد العسكري والأمني، ورفض رفضاً قاطعاً
إيقاف التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية لدولة يهود بالرغم من رفض الفلسطينيين
المطلق لها على كل المستويات.
التعليق:
إنّ إصرار محمود عباس على استمرارالتعاون والتنسيق
الأمني مع دولة يهود ضد من يُفترض أنّهم من أبناء شعبه، وهو ما يعني عملياً
استمرار ملاحقة واعتقال وتسليم الفلسطينيين لليهود، وإنّ تمسّكه بسلوك طريق
المفاوضات العقيمة المتعثرة بسبب تعنت الكيان اليهودي ورفضه تقديم أي تنازلات
للفلسطينيين، وتعلّقه بالمنظمات الدولية عقيمة المفعول، وتعويله على أمريكا وأعداء
الأمّة في تحقيق أهدافه، وإعترافه من قبل بحق دولة يهود بالوجود على معظم أرض
فلسطين، وتنازله رسمياً في إتفاق أوسلو عن 82 % من أرض فلسطين (التاريخية)، وعدم
اتخاذه لأي إجراء عملي ضد الاستيطان وضد ابتلاع اليهود للأراضي الفلسطينية بشتّى
الأساليب، ومساندته لدولة يهود وللدولة المصرية التابعة لأمريكا في فرض حصا ر خانق
على قطاع غزة وإغراق حدوده مع مصر بالمياه، وتحويل سلطته إلى مجرد متعهد أمني
للجيش اليهودي، وإنّ مسؤوليته عن إيصال نسبة الفساد في القضايا المالية والاقتصادية
إلى مستوى غير مسبوق تجاوز الـ 30 % داخل مؤسسات السلطة حسب تقارير منظمات
الشفافية الدولية، وأخيراً إنّ تشبثه بالسلطة بالرغم من انتهاء فترة رئاسته
القانونية، وتحويلها إلى ما يُشبه الإقطاعية التي تخص جماعته وعائلته وبطانته، كل
ذلك ومثله كثير، يستوجب من الفلسطينيين لا سيما في هذه الظروف الحالكة التي يمرّون
بها، أن يُعيدوا النظر في التعامل ليس مع الإحتلال فقط، وإنّما مع السلطة
الفلسطينية نفسها باعتبارها أصبحت مصدر خطر محدق بالفلسطينيين من جميع النواحي السياسية
والاقتصادية والأمنية، بل أضحت لا تزيد عن كونها أداة من أدوات الاحتلال، ومطية من
مطاياه، ونبل في كنانته.
فوقوف السلطة عاجزة أو متآمرة مع الاحتلال
في ممارساته الإجرامية اليومية ضد الناس العزل، خاصة إقتحامات المستوطنين المتكرّرة للمسجد الأقصى،
ومحاولتهم تقسيمه والسيطرة عليه، بالإضافة إلى تعديات دولة يهودعلى أهل فلسطين التي لا تنتهي، وكسرها لكل الخطوط الحمراء التي
لا تمس الفلسطينيين وحسب، بل وتمس العالم الاسلامي برمته.
فبعد
كل هذا الذي يجري ضد المقدسات الاسلامية وضد كرامة أهل فلسطين من قبل دولة
الاحتلال، يكبُر على أي فلسطيني أو مسلم أن يجد أنّ السلطة الفلسطينية مشاركة لدولة
يهود في كل هذه الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها دولة يهود ضد أهل فلسطين، وضد
مقدساتهم الاسلامية.
وإنّه بسبب هذه الممارسات الوحشية ضد أهل
فلسطين والتي من أفظعها ارتكاب جرائم القتل بالشبهة وبدم بارد، والقمع الشديد، والتنكيل
الفظيع، والاعتداءات المتكررة على الأنفس والأعراض والأموال، إلى جانب استباحة
حرمة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كل ذلك أدّى إلى إنفجار الغضب
الفلسطيني في وجه الاحتلال، فاندلعت المواجهات واشتعلت الانتفاضة، وتوسعت لتشمل كل
مكان من فلسطين، لا فرق بين المحتل منها عام 1967 أو المحتل منها عام 1948.
وبدلاً
من أن تقوم السلطة بحماية الفلسطينيين ودعم صمودهم راحت تتآمرعليهم وتحملهم على
الرضوخ والاستسلام، وبينما سُفكت دماءُ أهل فلسطين، وقدّموا التضحيات الغالية
بعطاء لا حدود له، لم يجدوا من يدعمهم لا من السلطة ولا طبعاً من الدول العربية
المتواطئة مع كيان يهود والسلطة التابعة له. فمحمود عباس راح يتصرف بكل برود وعدم
مبالاة، وكأنّ شيئاً لم يحصل، فيرسل برقيةً إلى الرئيس التشادي إدريس ديبي يُعزيه
فيها بضحايا تفجيرات مدينة باجاسولا، ويؤكد له وقوف السلطة الفلسطينية إلى جانبه،
ويؤكد له في برقيته بأنّ هذه الأعمال التي ارتكبها الارهابيون في تشاد - على حد
قوله - هي أعمال بشعة تتنافى مع كل القيم والأعراف الانسانية والأديان السماوية!!،
وكأنّ المجازر التي تُرتكب في فلسطين تتماشى مع القيم الانسانية! أو أنّها تتناول
إرهابيين خارجين عن القانون.
فيا لها من مفارقة غريبة، ويا ليته عزّى
الفلسطينيين بما عزّى به التشاديين!.
وبسبب هذا الموقف السلبي التآمري الذي
التزمته السلطة إزاء المنتفضين، تمكنتت دولة يهود من الاستفراد بالفلسطينيين،
وتطاول زعيمها نتنياهو على الأمّة الاسلامية بالسماح للمستوطنين بتدنيس المسجد الأقصى
يومياً، فعل ذلك وهو يعلم أنّه لا يوجد حالياً في العالم العربي والاسلامي من
يردعه، وذلك بسبب غرق هذا العالم بمشاكله وحروبه ونزاعاته، وبسبب تغييب القضية
الفلسطينية عن قائمة أولويات جميع الدول والتجمعات الإقليمية والدولية.
لكن هذا
الحال لن يدوم ولن يستمر، وما هذا المخاض العنيف الذي تشهده المنطقة سوى المقدمة
الطبيعية لولادة المارد الإسلامي القادم الذي سيزيل كيان يهود من الوجود، ويزيل
معه توابعه ومتعلقاته وأذنابه، وسينسي هؤلاء المتعجرفين الذين يتحكمون في حياة
الفلسطينيين، وفي مقدرات الشعوب المغلوب على أمرها، والذين يظنون أنفسهم أنّهم
قادة العالم، والذين تفرعنوا على المستضعفين، سينسيهم جميعاً وساوس الشيطان،
وسيبصرهم بحجمهم الطبيعي، بوصفهم مجرد أقزام صغيرة لا تساوي شيئاَ في مقاييس
الزعامة الحقيقية.
هناك تعليق واحد:
جيد
إرسال تعليق