الخميس، 21 مايو 2015

مؤتمر كامب ديفيد الخليجي يُقِرُّ لأمريكا بالمسؤولية المطلقة عن أمن الخليج



مؤتمر كامب ديفيد الخليجي يُقِرُّ لأمريكا بالمسؤولية المطلقة عن أمن الخليج



إنّ أبرز ما تمخض عن مؤتمر كامب ديفيد الأمريكي الخليجي هو ضمان أمريكا لأمن الخليج، وتحمّلها مسؤولية الدفاع عن الدول الخليجية بكل الوسائل الممكنة ضد ما يُسمّى بالخطر الايراني التوسعي بالمنطقة، وهو ما اعتبره الإعلام الخليجي الرسمي بأنّه أكبر إنجاز تحقق في المؤتمر.
وعند التدقيق بهذا المآل الخطير الذي أفرزه المؤتمر نجد أّنّه لا يمنح أمريكا صفقات غير مسبوقة لبيع منظومات دفاعية متعددة، ولبيع مختلف أنواع السلاح التقليدي لدول الخليج بعشرات المليارات من الدولارات وحسب، بل ويُعطيها أيضاً الحق في تقرير كيفية الدفاع عن المنطقة بما تراه مناسباً، وهذا يعني أنّ دول الخليج قد ألغت سيادتها على بلدانها، وسلّمت رقابها لأمريكا بتسليمها للملف الأمني الحسّاس الذي يتعلّق بوجودها نفسه.
وإذا علمنا أنّ أكبر القواعد الأمريكية في العالم موجودة أصلاً في جميع الدول الخليجية، فإنّ إضافة تسلم أمريكا للملف الأمني لهذه الدول يعني أنّ المؤامرة الأمريكية قد اكتملت في الخليج، ويعني أنّ دوله أصبحت محميات أمريكية رسمياً.
إنّ هذه الدول الخليجية بعد هذا المؤتمر المشؤوم لم تعد تملك اتخاذ أي قرار أمني دون الرجوع إلى أمريكا، فهي قد رهنت إرادتها للإرادة الأمريكية، وتخلت عن سيادتها لمصالح أمريكا العليا، وأصبحت سياساتها الخارجية تتبع السياسة الخارجية الأمريكية في كل صغيرة وكبيرة، فلا تختلف عن السياسات الخارجية لأي دولة من الدول الصغيرة التابعة لأمريكا في العالم كالدومينكان وهاييتي، وتتفق سياساتها كثيراً مع سياسات دولة يهود، ولا تختلف معها إلا بما تختلف معها السياسات الأمريكية.
وتسلم أمريكا لملف الدفاع عن امن الخليج يعني ارتماء دول الخليج في أحضان أمريكا، وانسلاخها من قضايا الأمة الاسلامية، ووقوفها في صف أعدائها.
وأمّا الحجة التي تُروجها وسائل الاعلام السعودية والخليجية وهو تدعيه بالخطر الايراني فهذه الحجة ليست مبرراً لموالاة أمريكا وخيانة قضايا الأمة الاسلامية، فدول الخليج تستطيع معالجة ما تعتبره خطراً ايرانياً من دون اللجوء إلى أمريكا، علاوة على أنّ الخطر الأمريكي الصليبي اليهودي أكبر بكثير ممّا اعتبرته خطراً ايرانياً.
ثمّ إنّ الخضوع لأمريكا والدخول في مظلتها لا شك أنّه يتناقض مع أبسط المفاهيم الاسلامية التي تتبجح السعودية بأنّها تلتزم بها، فأدلة تحريم الاستعانة بالكفار وموالاتهم لا نظن أنّ شيوخ السعودية يجهلونها، فكيف يمكن قبول فكرة التعاون مع أمريكا مع وجود هذه النصوص؟!.
قال تعالى: " يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين"، وفي هذه الآية وفي أمثالها دلالة واضحة على تحريم موالاة غير المسلمين عند جمهرة المفسرين والعلماء ومنهم محمد بن عبد الوهاب الذي يعتمدون مذهبه في السعودية حيث يقول في تفسيره لهذه الآية في موضوع نواقض الاسلام:" الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى " ومن يتولهم منكم فانه منهم"، ويُعقب عبد العزيز بن باز بالقول:" الكفار الحربيون لا تجوز مساعدتهم بشيء، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقض الاسلام لقوله تعالى:" ومن يتولهم منكم فليس منهم".
ولا يشك عاقل في أنّ أمريكا دولة كافرة ومحاربة غزت بلاد المسلمين واحتلت جزءاً منها، وما زالت تقصف المسلمين في أفغانستان وباكستان والعراق وسورية والصومال واليمن، ومكّنت دولة يهود من الاستمرار في اغتصابها لفلسطين، وما زالت تدعمها في عدوانها الوحشي المتكرر على غزة وسائر مناطق فلسطين.
فأمريكا دولة عدوة للإسلام والمسلمين، وهي تستخف بالمعتقدات الاسلامية، وتمس بمقام الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، فسمحت بعرض رسومات كاريكاتورية للاستهزاء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في أكبر مهرجان يُقام في العالم عشية انعقاد مؤتمر كامب ديفيد للدول الخليجية، ولم ينبس الاعلام السعودي والخليجي ببنت شفة.
فلو كان حكام دول الخليج يملكون قسطاً من كرامة لقاطعوا المؤتمر - على الأقل - احتجاجاً على تلك العروض الكاريكاتيرية الحقيرة، لكنهم فقدوا كل حياء، وشجّعوا كل الأعداء بحضورهم ذلك المؤتمر - مع استمرار وجود هذه العروض - شجّعوهم على المضي قدُماً في الاستمرار بتقديم عروض الاساءة للرسول عليه الصلاة والسلام.
لو كانوا يملكون حظاً من شهامة لما فرّطوا في الدفاع عن قضايا الامة المصيرية كقضية فلسطين وكشمير وأركان في وبورما وتركستان الشرقية وأفريقيا الوسطى وغيرها من بلاد المسلمين المنكوبة.
لو كانوا يملكون ذرة من إخلاص لما وقفوا في سورية ضد مشروع الخلافة، ولما دعموا مشروع الدولة المدنية، ولما نسّقوا مع المخابرات الأمريكية في تجنيد المرتزقة.
إنّ حكام دول الخليج سودوا صحائف أعمالهم – سوّد الله وجوههم – بتمكين أمريكا – عدوة المسلمين الأولى - من أمن بلدانهم، ومنحها حق الدفاع عنهم، وتنصيبها وصيّةً عليهم، وتسليمها مفاتيح قوتهم، وتفريطهم بأمنهم ودفاعهم الذاتي عن بلدانهم.
لكنّ الأمّة الاسلامية والشعوب العربية في جزيرة العرب لن تقبل أبداً بهذه الخيانات الفظيعة التي ترتكبها تلك الأسر الحاكمة في دول الخليج، وسوف تتحرك قريباً ان شاء الله لتطيح بهذه الطغم العميلة، لتقيم على أنقاض حكمها دولة الاسلام التي تُزيل النفوذ الأمريكي برمته من جزيرة العرب، فلا يبقى لأمريكا فيها قواعد ولا شركات ولا عملاء، وتنطلق منها دعوة الاسلام من جديد لتعم الآفاق، وتُسقط الحدود، وتُزيل السدود، وتُرفع راية العقاب في كل مكان، ومن ثم تُسترد سيادة الأمة وعزتها وهيبتها وما ذلك على الله بعزيز.


ليست هناك تعليقات: