الأحد، 13 يونيو 2021

انتخابات الجزائر هدفها إنهاء الحراك الجماهيري تماما

انتخابات الجزائر هدفها إنهاء الحراك الجماهيري تماماً
الخبر:
أجريت يوم السبت الموافق 12 حزيران/يونيو 2021 في الجزائر انتخابات برلمانية لاختيار نواب مجلس الشعب ترشح فيها 1483 قائمة منها 646 قائمة حزبية و837 قائمة للمستقلين، وقاطع الانتخابات أنصار الحراك الشعبي، وأحزاب التكتل الديمقراطي المعارض وأهمها حزب العمال وحزب التجمع الوطني من أجل الثقافة والديمقراطية وجبهة القوى الاشتراكية، بينما أيّدتها الأحزاب الموالية للحكومة والأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي وهي حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية وحركة البناء الوطني وحركة الإصلاح.
وأعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي أنّ نسبة المشاركة في هذه الانتخابات بلغت 30.2 بالمائة من الذين يحق لهم التصويت وعددهم 24 مليوناً.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأنّه سيحترم نتائج هذه الانتخابات في تشكيل الحكومة القادمة، واعتبر أنّ الجزائر تسير في الطريق الصحيح، وأنّ نسبة المشاركة غير مهمة، وأنّ التصويت بحد ذاته يمنح الشرعية الكافية لأخذ زمام السلطة.
التعليق:
تأتي هذه الانتخابات ضمن سلسلة من الإجراءات التي تقوم بها الحكومة لإحباط الحراك الجماهيري الذي انطلق في مطلع العام 2019 وأدّى إلى الإطاحة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وقد انتخب عبد المجيد تبون خلفاً لبوتفليقة في نهاية العام 2019 في سياق إجراء انتخابات رئاسية مسرحية رفضها الحراك آنذاك.
وفي مطلع هذا العام 2021 قام تبون بحل المجلس التشريعي السابق تمهيداً لإجراء هذه الانتخابات التشريعية الجديدة على أمل اكتساب شرعية دستورية كاملة لنظام الحكم الذي أعاد إنتاج نفسه من خلال هذه الانتخابات ولكن بوجوه جديدة.
إنّ كثرة القوائم المُشاركة في هذه الانتخابات سواء الحزبية أم غير الحزبية، وكثرة المُرشحين فيها والذين زاد تعدادهم عن الاثنين وعشرين ألفاً الغرض منه تشتيت الأصوات وتفتيت القوى السياسية الكبيرة، وإيهام الناس بأنّ غالبية ممثلي الشعب قد اشتركوا فيها، وبالتالي فهي تمنح الفائزين الثقة به، وتكون الانتخابات بذلك تعبيراً حقيقياً عن إرادة الشعب، ويعتبر النظام بهذه الانتخابات التشريعية البديلة أنّه قد أسدل الستار على إرادة التغيير الشعبية الجادّة التي انطلقت من خلال الحراك الذي أسقط بوتفليقة.
لقد استغرقت إجراءات احتواء الحراك والاحتيال عليه عامين من الألاعيب الدستورية والقانونية المسماة (إصلاحية)، وتمكّن النظام بذلك من الحفاظ على بقائه في الحكم مُستخدماً أحزاباً وقوى (إسلامية) مُتعطشة للسلطة تمنحه الشرعية.
وكان على رأس هذه الأحزاب حركة مجتمع السلم المُنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين التي أسّسها الراحل محفوظ نحناح والتي يقودها اليوم عبد الرزّاق مقري، وجبهة العدالة والتنمية التي يقودها عبد الله جاب الله، وحركات أخرى أقل أهمية تابعة مباشرة للنظام.
وهذه هي الحركات نفسها التي كانت قد أسندت نظام بوتفليقة من قبل، وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأنّه لا يُمانع من تسلم هذه الحركات رئاسة الحكومة إن هي فازت بالأغلبية، فإذا كان بوتفليقة يمنح هذه الحركات بعض الحقائب الوزارية في حكومته، فإنّ تبون أكثر كرماً معها فهو يريد أن يمنحها رئاسة الحكومة إن استلزم ذلك بهدف إنهاء الحراك الجماهيري.
إنّ هذه الحركات (الإسلامية) - وللأسف الشديد - لم تستوعب بعد أنّ الهدف من إشراكها في مثل هذه الحكومات هو إحباط الثورة ضد النظام، ومنع إسقاطه، والحيلولة دون تغيير الوضع السياسي في الجزائر تغييراً حقيقياً، فقبول هذه الحركات بأنْ تبقى أدوات رخيصة وصنائع يستخدمها النظام على مدى عشرات السنين لتجميل صورته القبيحة، لهو عار على هذه الحركات.
فمتى تُدرك هذه القيادات أنّها مُجرد ألعوبة لحكام عملاء يُحركهم الكافر المُستعمر؟!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد الخطواني

الأربعاء، 9 يونيو 2021

صمود غزة والاستثمار السياسي

صمود غزة ومخاطر الاستثمار السياسي 

إنّ صمود أهل غزة الباسل أمام العدوان الهمجي لدولة يهود لهو دليل واضح على قدرة المسلمين على خوض أعظم المُواجهات مع قوى الكفر والعُدوان في معارك أمتهم في المستقبل، لا سيما وأنّ هذا الصمود يتعلق بشريط ضيّقٍ من الأرض مُحاصر مُنذ سنوات من جيش دولة يهود المتخم بترسانة عسكرية متطورة، ومن نظام السيسي من جهة سيناء.

وهذا الصمود المتميز لغزة أفرز حقيقتين استراتيجيتين وهما:

1- هُزال وهشاشة كيان يهود، وإمكانية إلحاق الهزيمة المحققة المحدقة به.

2- حقيقة وجود قوة هائلة كامنة لدى المسلمين قادرة على التغلب على أعتى القوى بأقل الإمكانيات.

ونجاح القيادة العسكرية في قطاع غزة بالتصدي لجبروت وعجرفة القوة العسكرية لكيان يهود أوجب عليها القيام بأعمال سياسية مؤثّرة تتناسب مع حجم تلك الإنجازات المتحققة.

والاستثمار في الأعمال السياسية له شكلان:

1- استثمار في الدول والحكومات. 2- استثمار في الشعوب والتنظيمات.

وقد يصعب - إنْ لم يكن من المستحيل - الجمع بين ذينك الاستثمارين لوجود التناقض التام بينهما، ولتعذر الجمع بينهما بسبب وجود هُوة سحيقة تفصل بينهما.

فكل الدول والحكومات اليوم هي دول وحكومات معادية للإسلام وللشعوب الإسلامية، وجميع حكامها أجراء وعملاء وحلفاء للكافر المستعمر، ولا يوجد ميزة فضل لأحدهما على الآخر، فكلهم من الجنس نفسه ومن الطينة نفسها، ولا يُمكن الوثوق بأيٍ منهم.

فمصر ودول الخليج كتركيا وإيران وباكستان سواء بسواء في التآمر على قضايا المسلمين، ودول المُوالاة كدول الممانعة، ولا فرق بين قيادات هذه الدول في الخيانة والعمالة عن مثيلاتها بشيء سوى بالأسماء والشعارات.

ولذلك كان من أسوأ ما فعلته قيادة حماس لاستثمار استبسالها العسكري أنْ تكيل المدح لحكام دول ما يُسمّى بمحور الممانعة كإيران وسوريا التي ولغ جنودهما بدماء أهل سوريا، فذبحوا وعذّبوا الملايين، وهجّروا نصف أهل سوريا، ودمّروا البلاد على رؤوس أهلها.

وكان من أفدح الأخطاء التي وقعت فيها قيادة حماس الاستثمار السياسي الذي يتعلق بالتقرّب من السلطة الفلسطينية التي وقفت كتفاً إلى كتف بجانب الاحتلال في قمع المسيرات المؤيدة لغزة أثناء عدوان يهود عليها.

وقد كشف ناصر القدوة الذي فُصل من حركة فتح مؤخراً بأنّ وظيفة السلطة الفلسطينية لا تقتصر فقط على التنسيق الأمني مع كيان يهود، بل هي أكبر من التنسيق بكثير، فالكتائب الفلسطينية الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية تتلقى فعلياً تعليماتها مباشرة من جيش الاحتلال.

فالسلطة الفلسطينية من ناحيةٍ أمنية أصبحت تعني الاحتلال بكل معنى الكلمة، والتعامل معها يعني التعامل مع الاحتلال، لذلك كان واجباً على حماس أنْ تعمل على تقويض السلطة وإزالتها من الوجود لا التعامل معها، وإنّ خروج حماس من المعركة فائزة منحها فرصة ذهبية لإسقاط السلطة الفلسطينية التي هي الآن في أضعف حالاتها.

وأمّا تقرب حماس من المجتمع الدولي وأمريكا من خلال التصالح مع السلطة فهذا لن يُفيدها في شيء، بل هو مقتل لها، ربما يجرها إلى مستنقع المفاوضات مع كيان يهود في المستقبل، وتساؤل خالد مشعل: لماذا لا تتعامل أمريكا معنا كما تتعامل مع حركة طالبان؟ يُجاب عليه بأنّ أمريكا تعاملت مع طالبان من موقف الضعيف المضطر، وليس من موقف القوي المتغلب، فطالبان لم تعترف بسلطة الحكومة الأفغانية العميلة لأمريكا كما اعترفت حماس بسلطة محمود عباس، فلو أنّ حماس قاطعت السلطة الفلسطينية، ولم تعترف بها، وعملت على إلغاء وجودها، وإلغاء منظمة التحرير (التسليم والتفريط) الفلسطينية التي تنازلت عن ثمانين بالمائة من فلسطين ليهود من دون مُقابل، ولو أنّها تصدرت هي الموقف الفلسطيني، وأسّست كياناً سياسياً بديلاً عن كيان المنظمة، لو أنّها فعلت ذلك لاتصلت بها أمريكا واتصل بها المجتمع الدولي، ولكانت قد اضطرت أمريكا إلى مُفاوضتها وهي في موقف قوة كما فعلت مع حركة طالبان والتي كانت في موقف قوة.

ومع أنّ قبول حركة طالبان التفاوض مع أمريكا هو خطأ سياسي كبير، لكنّه لا يُقارن بخطأ حماس التي تصالحت مع سلطة عميلة، فأضعفها هذا التصالح وأهدر ما أنجزته من مكاسب.

وأمّا الخطأ الجسيم الثالث في الاستثمار السياسي لحركة حماس بعد جولة الحرب الأخيرة في قطاع غزة فيتمثّل في زيادة منسوب تعاونها مع نظام الطاغية السيسي الذي لا يؤمَن له جانب، والذي خبرته حماس بنفسها، كما خبرت غدره وجرائمه وخيانته، فقد باتت صور الطاغية السيسي للأسف تُرفع في شوارع غزة في هذه الأيام، وهو الذي ارتكب مذبحة رابعة بدمٍ بارد، وأطاح بحكم الإخوان في مصر، وما زال يجثم على صدور المصريين بكل جبروت وينكل بهم.

فهذه الأخطاء في الاستثمار السياسي سوف تُضعف حماس تدريجياً، وتُقوي حركة فتح والسلطة، وتجعل من السلطة العميلة في مستوى مُكافئ لحماس، مع أنّ الفرصة كانت مُواتية لحماس للتخلص منها نهائياً.

وبسبب هذه الأخطاء أيضاً تمّ تلميع الصورة القبيحة لبشار الأسد، وتمكين حكام إيران من زيادة نفوذهم وإجرامهم في بلاد الشام.

وبسبب هذه الأخطاء أخيراً فقد تمّ منح نظام السيسي غطاءً شرعياً لمد نفوذه في قطاع غزة، ولضخ إكسير الحياة في كيان دولته المتداعي.

إنّ الاستثمار السياسي الصحيح يجب أن ينحصر في الشعوب ولا يتعداها، وهو الاستثمار الوحيد الذي يبني القاعدة الشعبية الدائمة الحامية لمكتسبات الانتصار.

السبت، 15 مايو 2021

ايران تزايد على مصر والاردن وتفضحهما بسبب صمتها على جرائم دولة يهود في فلسطين


إيران تُزايد على مصر والأردن وتفضحهما بسبب صمتهما على جرائم دولة يهود في فلسطين

 


الخبر:


قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: "إنّ واجبنا الإسلامي والإنساني هو الدفاع عن كل المظلومين خاصة الشعب الفلسطيني، وإنّ إيران تنفرد بين الدول في دعم وحماية الشعب الفلسطيني"، وأضاف: "لماذا تصمت الدول المجاورة للكيان الصهيوني، لماذا تحجم دولة كبيرة كمصر من التفوه بأي كلمة، ولماذا يصمت الأردن، وكذلك باقي دول المنطقة، لماذا لا تعترض وتقف بوجه الجرائم الصهيونية؟".


التعليق:


يُزايد الرئيس الإيراني حسن روحاني على الدول العربية المُجاورة لفلسطين المُحتلة، ويفضحها بسبب صمتها على جرائم دولة يهود في فلسطين، ويخص بالذكر مصر والأردن، زاعماً أنّ إيران هي الوحيدة التي تُدافع عن الشعب الفلسطيني بينما يصمت الآخرون!


صحيح أنّ حكام مصر والأردن الذين ذكرهم روحاني مُتخاذلون، ومثلهم حكام سوريا ولبنان الذين تغاضى روحاني عن ذكرهم لأنّهم حلفاء لإيران، وصحيح أنّهم لا يفعلون شيئاً إزاء جرائم دولة يهود المُتواصلة في فلسطين، فهؤلاء جميعاً ليسوا مُتخاذلين وحسب، بل إنّهم مُتآمرون مع كيان يهود على تصفية القضية الفلسطينية، إلا أنّهم ليسوا هم المُتخاذلين الوحيدين، ولا هم المُتآمرين الوحيدين، بل إنّ جميع حكام الدول العربية والدول القائمة في البلاد الإسلامية يشتركون معهم في خذلان أهل فلسطين، وفي التآمر على القضية الفلسطينية بمن فيهم حكام إيران.


فإيران التي دفعت بمرتزقتها بعشرات الآلاف إلى سوريا لتقاتل دفاعاً عن الطاغية بشار الأسد قادرة بلا ريب على إرسال المُقاتلين والمُجاهدين إلى فلسطين، ولكنها لم تفعل، واكتفت بدعم شكلي لبعض المنظمات الفلسطينية لتحقيق بعض الأهداف المشبوهة.


وإيران التي تتفاخر بأن مُقاتليها ومليشياتها تحتل أربع عواصم عربية، أهل هذه العواصم يبغضونها، فلترسل إيران جيوشها إلى فلسطين، ولتدخل إلى بيت المقدس، فتُستقبل حينها من أهلها استقبال الفاتحين المُظفرين لا المُبغَضين.


فالقدس وفلسطين أرض إسلامية واجب تحريرها على كل بلد مسلم يمتلك القدرة على مواجهة كيان يهود، وليس واجب تحريرها يخص أهل فلسطين وحدهم، فإن كانت إيران صادقة في نصرة أهل فلسطين، وفي مُحاربة المُغتصبين لها، فلتتفضل هي ولتقم بنفسها بواجب التحرير، فلو فعلت ذلك - ولن تفعل - فإنّ المسلمين كلهم يقفون إلى جانبها.


لكنّ قادة إيران في الحقيقة لا يختلفون عن نظرائهم في مصر والأردن إلا في المُزايدة وفي إطلاق الشعارات الكاذبة، فلو كانت إيران جادة في قولها إنّها تنفرد في حماية ودعم الشعب الفلسطيني فلتوقف شلال الدم في غزة، ولتضرب دولة يهود بنفسها، فإنّها تستطيع إن هي أرادت أنْ تقصم ظهر كيان يهود في ضربةٍ واحدة، لكنّها لا تريد فعل ذلك، وتكتفي بالتصريحات، والمُزايدات، فهي أصلاً تتبع في سياساتها الأجندة الأمريكية.


فها هي دولة يهود تقصف أسبوعياً المليشيات الإيرانية في سوريا بينما إيران لا ترد وهو الأولى بالنسبة لها، فكيف سترد إذاً في فلسطين وهو خلاف الأولى؟!


والحقيقة أنّ صمت حكام مصر والأردن على جرائم كيان يهود لا يختلف كثيراً عن مُزايدة حكام أيران وضجيجهم الإعلامي على تلك الجرائم.

الأربعاء، 28 أبريل 2021

اسباب غياب الرد الايراني على اعتداءات كيان يهود المتكررة

أسباب غياب الرد الايراني على اعتداءات كيان يهود المتكررة

مُنذ ما يزيد على عشر سنوات ودولة يهود تُصعّد من اعتداءاتها ضد المصالح الإيرانية المختلفة وتتمادى في توسيع نوعية الأهداف المستهدفة عاماً بعد عام، فيما تكتفي إيران في ردّها على تلك الاعتداءات المتكرّرة بالتصريحات الكلامية الخالية من أي مفعول والمماثلة لتصريحات حكام سوريا التي تُردّد باستمرار الأسطوانة المشروخة التي تزعم بأنّها تحتفظ بحق الرد على العُدوان في المكان والزمان المناسبين.
لقد بدأ مُسلسل اعتداءات دولة يهود ضد إيران منذ العام 2010 حينما تمّ إدخال فيروس يُسمّى (ستوكسنت) على أنظمة الحواسيب الإيرانية المتعلقة ببرنامجها النووي، وأدى إلى إعطاب بعض أجهزة الطرد المركزية في المفاعلات النووية.
ثمّ شرعت دولة يهود بعد ذلك باستهداف علماء الذرة الإيرانيين فقتلت خمسة منهم، وكان آخرهم مُحسن فخري زاده، وهو أكبر خبير نووي إيراني يعمل في صفوف الحرس الثوري الإيراني، والذي اغتالته - وفقاً لتصريحات المسؤولين الإيرانيين - بطريقة مُركبة ومُعقدة ومُتطوّرة العام الماضي.
وتخلّل تلك الفترة سرقة مُخابرات كيان يهود لنصف طن من الوثائق والمستندات من داخل مُفاعل نطانز النووي، ثمّ قامت استخباراته خلال السنتين الماضيتين باستهداف 12 سفينة إيرانية تمّ إعطابها أو تخريبها.
وأخيراً تمّ استهداف أجهزة الطرد المركزية في منشآت المفاعل النووي في نطانز من خلال تخريب مصدر الطاقة الكهربائية الذي يُزوّد التيار الكهربائي للمفاعل بانفجار غامض تسبّب في تعطيل أجهزة الطرد المركزي في المنشأة النووية.
هذا بالإضافة إلى قيام طائرات كيان يهود بالاعتداء على المواقع العسكرية التابعة للمليشيات التابعة لإيران في سوريا بشكلٍ مُستمر شهرياً أو أسبوعياً.
وما يُحيّر المرء في غياب الرد الإيراني على كل هذه الاعتداءات المتكرّرة ما يتم من خلاله من تذرّع بحجج واهية لذلك الغياب، كالقول بأنّ إيران تحتفظ بحق الرد، أو القول بأنّها استفادت من عدوان كيان يهود المستمر عليها بأنّها سترفع نسبة تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%! أو القول بأنّ الرد الإيراني سيتأخر وفقا لخطط إيرانية مزعومة تتعلّق بنظرية الصبر الاستراتيجية، وما شاكل ذلك من تلك الحجج والذرائع الانهزامية الفارغة الواهية!!
وبينما تتبجّح إيران بقدراتها العسكرية القوية، وتتفاخر بأنّها احتلت أربع عواصم عربية، وتدعم مليشيات الحوثي في اليمن في استمرار قصفها للمطارات والمنشآت السعودية، وبينما تُشارك قواتها بشكل مباشر في ذبح وتهجير الشعب السوري من بلداته، وتستمر في دعم وإسناد الطاغية بشّار الأسد في قتل شعبه وتهجيره، وبينما تواصل دعم حزبها في لبنان وما قام به من مجازر في سوريا كتفاً إلى كتف مع قوات بشار ضد المستضعفين في سوريا، وما يقوم به هذا الحزب المشؤوم من تغوّل وإفساد جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان، فبينما تفعل إيران ذلك الإجرام كله ضد الشعوب المستضعفة في العراق وسوريا ولبنان واليمن بكل عنجهية واستكبار، تقف عاجزة وبشكل مخجل أمام غطرسة دولة يهود التي تستمر قواتها وأجهزة استخباراتها في ضرب المصالح الإيرانية بلا هوادة وفي كل مكان! ولا تكتفي بذلك وحسب بل إنّها تتوعد وتهدد بمنع عودة الاتفاق النووي الذي عقدته الدول الكبرى مع إيران والذي وُقّع في العام 2015.
إنّ الأسباب الحقيقية لعدم الرد الإيراني على اعتداءات يهود المتكرّرة يعود في الواقع إلى كون إيران دولة فاقدة لاتخاذ القرار المستقل، وتخشى إن هي قامت بالرد على تلك الاعتداءات أن تخسر مصالحها الضخمة التي اكتسبتها من سيرها في خدمة المخططات الأمريكية في المنطقة طوال الأربعين عاما الماضية، إذ إنّ أمريكا التي مكنتها من أخذ العراق كما قال سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الأسبق بأنّ: "أمريكا قدّمت العراق لإيران على طبقٍ من فضة"، وكما مكنتها من أخذ سوريا واليمن ولبنان، لا يُتصور أنْ تخالف أوامرها وتقوم بالرد على ضربات دولة يهود، فأمريكا تمنعها من ذلك، ولذلك فإيران لا تستطيع مخالفة السياسة الأمريكية، لأنها تخشى إن هي فعلت ذلك أنْ تفقد جميع نفوذها ومصالحها، أو ربما تفقد دولتها ووجودها.
فالأسباب الحقيقية لعدم رد إيران تكمن حقيقة في ارتهان قرارها السيادي لأمريكا التي لا تسمح لها بالرد على عدوان دولة يهود عليها، لذلك فهي تتحمّل كل تلك الإهانات الناتجة عن استمرار اعتداءات يهود عليها بسبب ارتباطها الوثيق بالتنسيق السياسي والعسكري المحكم مع أمريكا.
ولولا هذا التنسيق لما كان لإيران كل هذا النفوذ على هذه الدول العربية، ولولا هذا التنسيق أيضاً لما تمكنت أمريكا من احتلال أفغانستان والعراق.
إنّ ما تقوم به إيران من أعمال قذرة مبطنة في خدمة المصالح الأمريكية، وفي السكوت على عدوان كيان يهود المتكرر عليها، يكشف مدى الخيانة التي يرتكبها حكام إيران بحق الأمة، ويفضح حجم دورهم التآمري في المنطقة منذ أنْ جيء بالخميني حاكماً لإيران وذلك بفضل تحييد أمريكا للجيش الإيراني الذي مُنع من اعتقاله آنذاك، حيث لعب الجنرال الأمريكي هويزر قائد القوات الأمريكية في الشرق الأدنى في ذلك الوقت الدور الأكبر في منع الجيش الإيراني التابع للشاه من التصدي للخميني، وهو ما أدّى إلى نجاح ثورة الخميني في العام 1979 ووصوله إلى السلطة، وشهد وقتها على ذلك شاه إيران بقوله: "هكذا أخرجتني أمريكا من إيران وألقتني كالفأر الميت".

الأربعاء، 14 أبريل 2021

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يداهن الحكام في شهر الصيام

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يُداهن الحكام في شهر الصيام!

 

 

 

الخبر:

 

دعا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي الأمة الإسلامية حكومات وشعوباً وعلماء وإعلاميين ومفكرين وسياسيين وأحزاباً وجماعات إلى اعتبار اليوم الأول من شهر رمضان "يوم مصالحة شاملة بين جميع مكونات الأمة الإسلامية"، وناشد الحكومات "إطلاق سراح العلماء وإطلاق سراح معتقلي الرأي والفكر بمناسبة شهر رمضان"، وتأتي هذه الدعوة "احتراما لحرمة هذا الشهر، وللفريضة التي فرضها الله تعالى على الأمة من وجوب الصلح والإصلاح، والوحدة والتعاون والتكامل، ولدرء الفتنة والمنازعات والحروب التي مزقت أمتنا الاسلامية".

 

التعليق:

 

إنّ مثل هذه الدعوات التي يُطلقها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بين الفينة والأخرى لا تدل إلا على وهن الاتحاد وضعف علمائه، فهي دعوات ذليلة عقيمة تستجدي الحكام المستكبرين الأشقياء أن يعطفوا عليهم، ويُشفقوا على حالهم، وتدعوهم إلى التصالح معهم بحجة قدوم هذا الشهر الفضيل، بينما أولئك الحكام لا يسمعون لهم قولاً ولا يُلقون لهم بالاً.

 

إنّها دعوات مُداهنة صريحة فيها خضوع تام لحكام أنذال عملاء لا يُصغون لهم، ويحكمون الشعوب بغير ما أنزل الله، بل إنّ واقع هؤلاء الحكام أنّهم مُجرد أدوات مأجورين للكافر المُستعمر، ولا عمل لهم سوى سوْم الناس بأشد أنواع العذاب، فيقومون بقهرهم وإذلالهم وإفقارهم، وينشرون في الأرض الفساد، ويُهلكون الحرث والنسل.

 

فأي صلح وأي إصلاح يُرجى من المُفسدين في الأرض؟ وأي تعاون يُطلب من شرار الخلق الذين فرّقوا الأمّة وقطّعوا أوصالها؟ وأي درء للفتنة يُبتغى ممّن عملهم يختص بإشعال الفتن وتركيع الأمّة لأعدائها؟

 

لقد كان الأوْلى بعلماء الأمّة هؤلاء - وبدلاً من مُداهنة الحكام الفاسدين في هذا الشهر الفضيل - أنْ يعملوا لإعزاز هذا الدين العظيم، ويسيروا على نهج رسولهم الكريم ﷺ، فيحثوا الأمّة على الثورة على هؤلاء الحكام الظلمة، وعلى مُحاسبتهم على جرائمهم، وعلى مُحاكمتهم على خياناتهم، وعلى الإصرار على إزالة حكمهم، وعلى إقامة دولة الإسلام التي فيها عزهم وفخارهم - دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة - على أنقاض عروشهم المُهترئة، وفوق رُكام أنظمتهم البالية، لتشرق بها شمس الإسلام من جديد، وتُعيد للأمّة مجدها التليد.

 

الخميس، 8 أبريل 2021

سياسة تركيا الاقليمية تصب في خدمة المصالح الأمريكية

سياسة تركيا الإقليمية تصب في خدمة المصالح الأمريكية

إنّ المدقّق في السياسات التركية الخارجية وبالرغم من كونها تُحقّق مصالحها الإقليمية إلا أنّها في مُجملها تصب في خدمة المصالح الأمريكية، سيما فيما يتعلّق بالشؤون الاقتصادية والسياسية، فهي لا تخرج عن الدوران حول المحاور السياسية للخارجية الأمريكية.

فتُركيا مثلاً مدعوّة للمشاركة في خط (إيست ميد) لمد أنابيب نقل الغاز من شرق البحر المُتوسط إلى أوروبا بالتعاون مع كيان يهود ومصر واليونان وقبرص، فقد أعلن وزير الطاقة في كيان يهود يوفال شتاينتز عن استعداد حكومته للتعاون مع تركيا في مجال غاز شرق المتوسط لتكون تركيا "شريكاً إقليمياً" بدلاً من التصارع مع دول الإقليم.

وهذا المشروع هو في الأصل مشروع أمريكي لمد أطول وأعمق خط أنابيب بحري في المنطقة، تُشرف هي عليه، وتستثمر فيه كبريات الشركات الأمريكية، ويهدف إلى توفير 10% من حاجات دول الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي، وتهدف أمريكا منه إلى تخفيف تبعية أوروبا لروسيا في مجال الغاز، وضرب الخط الروسي الألماني المسمّى نورد ستريم 2، أو مُنافسته، والتقليل من أهميته.

وما كانت تركيا لتُدعى للمشاركة في هذا الخط لولا الضغط الأمريكي، لا سيما وأنّها في حالة خصومة مع اليونان وقبرص حول الجرف القاري في البحر المتوسط.

وكانت تركيا مُستبعدة أصلاً من المشاركة في هذا الخط الذي أعلن عنه كيان يهود واليونان وقبرص العام الماضي وهو ما أثار حفيظة تركيا، ويبدو أنّ أمريكا باتت تُدرك أنّ نجاح إنجاز هذا الخط مُرتبط بمشاركة تركيا فيه، فبدأت التمهيد لإشراكها أولاً من خلال دعوة كيان يهود لتركيا لتكون شريكا إقليمياً في هذا المشروع، وثانياً من خلال منح تركيا حصة في الجرف القاري للبحر المتوسط، وضرورة إعادة ترسيم الحدود البحرية من دون حرمان تركيا منها بذريعة حجبها من قبرص التي كانت قد مُنحت حصتها في الترسيم السابق بين اليونان وقبرص من جهة وبين مصر وكيان يهود من جهة ثانية، وهو ما لم توافق عليه تركيا ممّا دفعها إلى توقيع اتفاقية ترسيم حدود مع ليبيا من خلال حكومة فايز السراج، فأدخلت المنطقة بذلك في متاهة ترسيم الحدود، وحصلت توترات بين تركيا من جهة وبين قبرص اليونانية واليونان من جهة أخرى.

ويبدو أنّ أمريكا قد رأت أنّ استبعاد تركيا قد يؤدي إلى فشل مشروع إيست ميد فدعمت إشراك تركيا فيه، وضغطت على دول المنطقة لإعادة ترسيم الحدود البحرية بين تلك الدول ومنح تركيا حصتها من الجرف القاري والتي تتجاوز جزيرة قبرص.

وما يُشير إلى سير تركيا مُستقبلاً في هذا المشروع هو إقرار الحكومة الليبية الجديدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة لاتفاقيتي التعاون الأمني وترسيخ الحدود البحرية بين تركيا وليبيا اللتين وُقّعتا بين رئيس الحكومة الانتقالية السابق في طرابلس فايز السراج وبين حكومة أردوغان، ولم تعترض عليها مصر ولا أي دولة معنية بالصراع في ليبيا، وهو ما يدل على رغبة أمريكا في إشراك تركيا في مشروع إيست ميد بالرغم من اختلاف المصالح التركية اليونانية في تقاسم ثروة الغاز شرقي المتوسط.

وما يُدعّم هذا التوجه الأمريكي الجديد هو ما نُشاهده في ذلك التقارب المصري التركي الأخير الذي يُعتبر تغييراً جوهرياً في العلاقات بين الدولتين، حيث تنازلت تركيا عن دعم المعارضة المصرية، ومنعت النشاط السياسي للقنوات المصرية المعارضة للسيسي التي تبث من تركيا، مُقابل وقوف مصر إلى جانبها في مسألة إعادة تقاسم الجرف القاري لمصلحتها وتراجعها عن اتفاقها السابق مع اليونان وقبرص.

وأمّا السياسة التركية المتعلقة بالحالة الأفغانية فإنّها تنشط هذه الأيام في خدمة سياسة بايدن الجديدة تجاه أفغانستان، حيث تمّ الاتفاق على عقد مؤتمر تصالحي بين حكومة أشرف غاني الأفغانية وبين حركة طالبان في تركيا، وذلك بعد أن زار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قطر واجتمع بالمسؤولين فيها في التوقيت نفسه الذي كان فيه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يزور قطر، وفي التوقيت نفسه أيضاً التي كانت تستضيف فيه الدوحة زلماي خليل زادة المبعوث الأمريكي لأفغانستان، وديبورا لايونز مبعوثة الأمم المتحدة لأفغانستان.

وبالرغم من أنّ الرئيس الأمريكي بايدن يتخذ ظاهرياً موقفاً فاتراً من الرئيس التركي أردوغان بسبب انتقاده لملف الديمقراطية وحقوق الإنسان في تركيا، إلا أن ذلك لم يمنع من توثيق العلاقات بينهما، ومنها مثلاً إجراء تدريبات مشتركة بين قوات البلدين في البحر المتوسط، فلقد تمّ الاتفاق بينهما على إجراء تدريبات مشتركة شرقي المتوسط بهدف رفع مستوى التعاون العسكري، فقالت المصادر التركية إنّ الفرقاطة التركية TCG Gemlik ستشارك يوم الخميس إلى جانب حاملة الطائرات الأمريكية آيزنهاور بمصاحبة عدد من الطائرات.

فتركيا دولة مهمة لأمريكا في المنطقة، وهي عضو نشط في حلف الناتو، وأمريكا تستخدمها في سوريا وليبيا بمشاركة روسيا، ونجحت في المهام التي قامت بها في هذين البلدين، واستخدمت كذلك في أذربيجان، وربما تستخدم مع السعودية في اليمن، وهناك أخبار تتردّد عن تحسين العلاقات التركية مع السعودية، وتزويدها للسعودية بطائرات تركية الصنع من غير طيار لمساعدتها في تقوية دورها المتآكل في اليمن بسبب قوة الدور الإماراتي فيه.

الأربعاء، 31 مارس 2021

العشريات السوداء ... مذابح ومؤامرات

العشرات السوداء ... مذابح ومؤامرات

ظنّ الكثير من النّاس أنّ عشرية الجزائر السوداء في حقبة التسعينات من القرن الماضي، وما صاحبها من مذابح ومصالحات كاذبة سُمّيت بالمواءمات الوطنية بين الحكومة وشعبها لن تتكرّر في الدول العربية مرّة أخرى، وأنّ المائتي ألف قتيل من ضحاياها، والذين كانوا وصمة عار في جبين حكام الجزائر، ظنّوا أنّه من المستبعد حدوث مثلها مرّة أخرى في مُحاولات التغيير التي ظهرت في الثورات العربية والتي اندلعت منذ عشر سنين وما زالت ارتداداتها تطفو في وجدان الشعوب، وما فتئت تلوح لهم في فرص التغيير المستشرفة لديهم في الأفق القريب أو البعيد.
لكن الشعوب العربية قد صُدِمت من جديد بعشريات سوداء جديدة في سوريا وليبيا واليمن؛ ففي العشرية السورية على سبيل المثال تكررت المذابح والمجازر، وظهرت فيها شتى فنون التعذيب والقتل الذي طال الأبرياء من نساء ورجال وأطفال، فأودت بحياة أربعمائة ألف شخص على الأقل، وهو ضعف عدد قتلى مذابح العشرية الجزائرية، إضافةً إلى تهجير أحد عشر مليون لاجئ وهو نصف عدد سكان سوريا، ومن ثمّ تحويلهم إلى مُشردين ولاجئين ونازحين، تفرقوا على مائة وثلاثين دولة، ستة وستون بالمائة منهم من النساء والأطفال.
ثمّ بعد كل هذه المآسي والنكبات التي حلت بأهل سوريا نجد أنّ المجرم بشار الأسد ما زال مُتشبثاً في كرسي الحكم يجثم على آلام شعبه ويدوس على أحزانهم، بينما العالم بأسره يؤيده سراً أو علانية، بشكلٍ مُباشر أو غير مُباشر.
فروسيا وإيران وحزبها في لبنان، ومليشياتها من العراق وأفغانستان، كلهم يدعمونه مباشرة بالجنود والعتاد والمال، وكذلك جميع الدول العربية ومعهم الجامعة العربية تدعمه بشكلٍ مُباشر، ويمنحونه الغطاء للاستمرار في جرائمه، ويدعونه للعودة رسمياً إلى عضوية الجامعة العربية والتي كانت مُجمّدة شكلياً.
وأمّا أمريكا وأوروبا وتركيا والأمم المتحدة فيدعمونه بشكل غير مباشر، وهو أخطر من الدعم المباشر، لما فيه من خداع وتدليس بادعاء الحيادية في التعامل مع أطراف النزاع، فهم يزعمون المُطالبة بمعاقبته على جرائمه كلاماً بينما هم لا يفعلون أي شيء لإيقافه عن تلك الجرائم، وما يفضح مُراوغاتهم وأضاليلهم هو صدور بيان مشترك مؤخرا لاجتماع وزراء خارجية كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا يعيدون فيه مطالبتهم بالتمسك بالحل السلمي على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي صدر عام 2015 المبني على اتفاق جنيف عام 2012، ويدعمون جهود المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون الذي قال: "إنّ هناك فرصة نادرة في الأفق لإنهاء القتال الدائر هناك بعد مرور 10 سنوات على بدء النزاع السوري، وإذا ضُيّعت هذه الفرصة فإنّ القتال سيستمر لعقد آخر"، فهو يبشرنا بعشرية سوداء قادمة إذا لم يتم انتهاز هذه - الفرصة النادرة - التي لا تعني بحسب كلامه إلا استسلام الشعب السوري الكامل لبشار المجرم، ثم وضح بيدرسون تصوره للحل بأنه يعتمد مبدأ: "الخطوة خطوة لبناء الثقة والتوصل إلى حل تفاوضي"، وهذا يعني السير في التفاوض البطيء جداً بين المتفاوضين لإعادة الثقة بنظام بشار خطوة خطوة، وكررت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة الكلام نفسه تقريباً عندما قالت: "لقد حان الوقت لتحقيق الوحدة والتقدم بحل سياسي، ولا يمكن أن تكون الذكرى الحادية عشرة للأزمة كالذكرى العاشرة لها"، فهي تعتبر الثورة وما جرى فيها من مذابح وتهجير طال نصف الشعب السوري مجرد أزمة مرت عليها عشر سنوات، وتنتظر هذه الأزمة السنة القادمة أنْ يأتي حل لها يتوافق الأطراف عليه ضمن النظام المجرم القائم.
والخلاصة أن أمريكا وأوروبا ينظرون إلى ما جرى من منظار بقاء نظام الأسد، وأن على الذين خرجوا عليه أنْ يتصالحوا معه، ويعيدوا ثقتهم به بالسير في الحل معه خطوة خطوة، فنظام بشار هو نظام مهم جداً لأمريكا، وهي لا تسمح بهدمه لأنه نظام عميل ومخلص لها، فهو يحمي مصالحها، ومن أهم هذه المصالح قيام نظام بشار بالعمل لمنع قيام الخلافة في بلاد الشام والمنطقة، وقمع حركة التغيير الشعبية بقسوة في سوريا.
لقد استخدمت أمريكا في الحفاظ على نظام بشار وفي التعامل مع الثورة السورية وقمع الشعب السوري الأساليب نفسها التي استخدمتها في فلسطين تماماً، وذلك من حيث إصدار قرارات دولية عامة غير قابلة للتطبيق، ومُخدرة للشعوب.
 فقرار 2254 الخاص بسوريا يُماثل قرار 242 الخاص بفلسطين، واتفاق جنيف ومؤتمراته من 1 إلى 8 إلى جانب مؤتمرات سوتشي وأستانة ومُشتقاتها، تُشابه إلى حدٍ ما اتفاقات مدريد وواي ريفر وطابا وأخواتها، ومبدأ الخطوة خطوة وإعادة بناء الثقة تماثل تماماً مفاوضات السلطة الفلسطينية في العشرين سنة الماضية مع كيان يهود والتي لم تفضِ إلى شيء، وهكذا يتم تضييع قضايا الأمّة الرئيسية والتآمر على شعوبها بارتكاب المجازر الدامية واستصدار القرارات غير القابلة للتطبيق، والنتيجة أنه تم تثبيت الكيانات والأنظمة الحامية لمصالح أمريكا والغرب.
لذلك كانت النظرة الصحيحة تقضي بعدم تسليم قضايا الأمة لأعدائها، وعدم تمكين أمريكا والغرب من العبث في شؤون الأمّة، ثمّ تسليم زمام قياد الأمة لأبنائها المخلصين الذين يتخذون من الإسلام عقيدة ومنهجاً ونظام حياة، لإقامة دولة الإسلام في هذه البلاد التي ثارت من أجل التخلص من هؤلاء الحكام الطغاة، بتطبيق الحكم بما أنزل الله، وكنس النفوذ الأمريكي والغربي من البلاد الإسلامية، واستئصال الأورام السياسية السرطانية في جميع بلاد الشام.

الاثنين، 22 مارس 2021

خبر وتعليق

بسم الله الرحمن الرحيم
#خبر_وتعليق: ما وراء التقارب التركي المصري؟
كتبه: الأستاذ أحمد الخطواني
===============
(رابط المصدر والاستماع في التعليق الأول)
 

 

 
#الخبر:

 

قال الرئيس التركي إنّ: "تعاوننا الاقتصادي والدبلوماسي والاستخباراتي مع #مصر متواصل، ولا توجد أي مشكلة في هذا، وإنّ التعاون الاقتصادي مع مصر كان متواصلا خلال الفترة الماضية"، وقال وزير الخارجية التركي: "ستشهد الأيام المقبلة جولة مباحثات جديدة بين #تركيا ومصر على المستويين الاستخباراتي والدبلوماسي"، وأضاف: "إن الاتصالات بين بلاده ومصر بدأت دون أي شروط مسبقة من الجانبين"، وكانت وكالة الأناضول التركية قد نقلت عن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو قوله: "لدينا اتصالات مع مصر على المستوى الاستخباراتي، وعلى مستوى وزارة الخارجية، وبدأت الاتصالات على المستوى الدبلوماسي".

 

#التعليق:

 

إنّ هذه التصريحات تبيّن أنّ العلاقات بين الدولتين تشهد تحسّناً على المستويات الاقتصادية والاستخباراتية والدبلوماسية، وأنّ العلاقات الاقتصادية لم تنقطع أصلاً بين الدولتين.

 

إنّ هذا الكلام يدلّ على أنّ التصعيد بين الدولتين بعد انقلاب #السيسي كان مجرد تنفيس للمشاعر، وأنّ الظروف الآن قد تغيّرت وأصبح من الضروري الإعلان عنها.

 

وتزامنت هذه التصريحات مع مجموعة مُتغيّرات رُصدت في المنطقة وهي:

 

1- تغيّر الإدارة الأمريكية حيث إنّ أسلوب إدارة #بايدن في إدارة الأزمات يميل إلى الهدوء وعدم التصعيد كما كان الحال إبّان إدارة #ترامب.

 

2- توافق مصر وتركيا على رئيس #الحكومة الليبي المنتخب عبد الحميد دبيبة الذي صرّح بأنّه يؤيد اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وحكومة #السراج.

 

3- قبول مصر بإعادة رسم الحدود البحرية مع تركيا في البحر المتوسط وهو ما يُخالف موقفها السابق المنحاز لليونان والذي كان يحرمها من وجود امتداد بحري لها مع مصر و #ليبيا.

 

4- دعوة وزير الطاقة في كيان #يهود تركيا للدخول في شراكة استراتيجية مع كيانه في مشروع ميد إيست لأنابيب الغاز في أعماق البحر المتوسط، والذي تقوم الشركات الأمريكية بتنفيذ مُعظمه.

 

فهذه المُتغيّرات تدل على أنّ #أمريكا هي التي تقف وراء هذا التقارب التركي المصري، لأنّها تريد إنجاح مشروع ميد إيست لمنافسة إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، ومن ثمّ كسر احتكار روسيا في توريد الغاز إلى #أوروبا وذلك بجعل غاز شرق البحر المتوسط الذي تهيمن عليه دولة يهود وتتعاون معها مصر في تسييله ونقله لأوروبا هو المُنافس الحقيقي للغاز الروسي، وهو الأمر الذي لا يكتمل نجاحه بدون إشراك تركيا فيه.

الأربعاء، 20 يناير 2021

تمكين الاسلام في الارض لا يكون الا باقامة الخلافة

تمكين الاسلام في الارض لا يكون الا باقامة الخلافة

تمكين الإسلام في الأرض يعني إقامة أحكامه وتطبيق أنظمته واتباع شريعته ونشر رسالته في الآفاق، ولا يتأتى ذلك كله إلا من خلال الدولة والحكم والسلطان، والتمكين له جانبان: جانب يتعلق بالحكم والقضاء وهو الدولة، وجانب يتعلق بالمكان الذي تُطبّق فيه الأحكام، وهو الدار، والنصوص الشرعية تتضافر في بيان ذلك؛
قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾، وقال: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾، وقال: ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾، ففي هذه النصوص واضح أنّ التمكين مقترن مع الأرض اقتراناً كاملاً، فالعلاقة بين التمكين والأرض حتمية وعضوية، والاقتران بينهما دائم.
والتمكين في الأرض هو وعد من الله للمؤمنين، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، فالاستخلاف في الأرض هو تمكين للموعودين بإقامة الدين إذا أخذوا بالأسباب.
 ويُعرّف القرطبي التمكين في تفسيره بــ"أن يأمن المسلمون ويرثوا الأرض والديار والأموال ويبدل حالهم فيصبحوا قاهرين بعد أن كانوا مقهورين، وطالبين بعد أن كانوا مطلوبين، وأن يؤمنهم ويملكهم ويمكنهم في الأرض".
وأمّا ابن كثير فيُعرّف التمكين بــ"وعد من الله لرسوله بأنّه سيجعل أمّته خلفاء الأرض، أي أئمة الناس والولاة عليهم، وبهم تفلح البلاد وتخضع لهم العباد".
وأسباب التمكين هي شروطه، فلا يوجد التمكين بدون شروطه، والشروط هي مُرتكزات العمل، والمُرتكزات تؤخذ من طريقة الرسول ﷺ في إقامة الدولة، وهي ستة مُرتكزات؛ ثلاثة منها قبل قيام الدولة وثلاثة بعدها.
أمّا الثلاثة التي قبل الدولة فهي:
1- حمل الدعوة من خلال الكتلة (الحزب) كما فعل الرسول ﷺ في مكة المكرمة حيث كوّن كتلة من الصحابة حمل بهم ومعهم الدعوة.
2- التفاعل مع الناس فكرياً ومكافحة الحكام سياسياً، أي تحميل الناس الدعوة وصهرهم بأفكارها، وإيجاد الرأي العام عن الدعوة بينهم، كما فعل الرسول ﷺ في مكة والمدينة وجزيرة العرب حيث حمل مع صحابته الدعوة للناس وأحدث تفاعلاً فكرياً وعقائدياً معهم، وكافح سادتهم وأشرافهم سياسياً، وأوجد الرأي العام على الإسلام بينهم، ممّا أثّر فيهم، ومن ثمّ تمكّن من القيام بالعملية الصهرية في بعض تجمعاتهم، كما حصل مع مصعب بن عمير رضي الله عنه في المدينة.
3- الاتصال بأهل القوة والمنعة لدعوتهم للإسلام وطلب النصرة منهم من أجل حماية الدعوة وإقامة الدولة، كما فعل عليه الصلاة والسلام مع القبائل، وهو ما أثمر بعد عمل دؤوب وجهدٍ مُتواصل إلى أخذ البيعة من الأنصار والهجرة إلى المدينة وإقامة الدولة فيها.
هذه هي مُرتكزات العمل الثلاثة للتمكين في الأرض، وهي نفسها شروط الوصول إلى هدف التمكين هذا، وهي عينها الطريقة التي سار بها الرسول ﷺ لإقامة الدولة في المدينة وتحويلها إلى دار إسلام.
فإذا ما بلغت الكتلة هذا الهدف، ونجحت في إيصال الإسلام إلى الحكم، وأقيمت الدولة، فهناك ثلاثة مُرتكزات أخرى يتعيّن تحقيقها وهي:
1- تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية تطبيقاً فورياً وانقلابياً شاملاً من غير تدرج ولا تراخٍ، وهذا ما فعله الرسول ﷺ، وما فعله الصحابة من بعده.
2- حمل دعوة الإسلام إلى العالم عن طريق الدعوة والجهاد، وهذا ما تمّ بالفعل، ففتحت بلاد فارس والروم وما جاورها، وتحوّلت إلى دار إسلام في فترة قصيرة.
3- الاستمرار بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأدلة ذلك في الكتاب والسنة كثيرة كثرة تغني عن الطلب، منها قول الرسول ﷺ: «وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيْ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْراً، وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْراً، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ بِقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ».
وإذا اختل شرط من هذه الشروط تتداعى دولة الإسلام، وتتهيأ للسقوط، ثمّ تتلاشى من الوجود، وهو ما حصل مع الدولة العثمانية التي زالت واندثرت بعد فقدانها لهذه المُرتكزات.
هذا باختصار هو مفهوم التمكين المأخوذ من النصوص الشرعية، ومن سيرة المصطفى ﷺ، وهذه هي أدلته وشروطه ومُرتكزاته، وهو يدل بشكلٍ قاطع على أنّه لا تمكين من دون دولة، ولا دولة من دون فكرة وكتلة وتفاعل ونصرة، ولا استمرار لوجود الدولة من دون تطبيق كامل للإسلام وحمله للعالم بالدعوة والجهاد واستمرار بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والدولة الإسلامية هي الخلافة، فالرسول ﷺ وصفها بذلك عندما قال: «سَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ»، وأجمع الصحابة رضوان الله عليهم على تنصيب خليفة للمسلمين ومبايعته في زمن الإجماع، والخلافة لا توجد إلا بوجود دار الإسلام، لأنّ تطبيق الخلافة لأحكام الإسلام وأنظمته في أرضٍ مُعيّنة يُحيلها إلى دار إسلام.
ومن هنا كان التمكين مُفضياً لوجود الخلافة وإيجاد دار الإسلام، ولا يُمكن الفصل بينهما بحال، ولا معنى للعمل للإسلام من دون العمل لإقامة الخلافة، وكل حركة أو جماعة تدعو للإسلام ولا تتطرق لإقامة الخلافة أو إيجاد دار الإسلام فعملها ناقص وغير مُبرئ للذمة.
فمفهوم الدولة لدى المسلم اليوم ينبغي أن يكون واضحاً جليّاً لا لبس فيه، وحاجة المسلمين اليوم للخلافة كحاجتهم للماء والهواء، فهي فريضة شرعية وضرورة عقلية، والعمل التكتلي في الأمة هو نقطة البدء وجسر الانطلاق للوصول إلى غايتها.

الخميس، 7 يناير 2021

حصاد عشر سنوات للثورات العربية

 

حصاد عشر سنوات للثورات العربية
مع مرور عشر سنوات مُضنية على اندلاع الثورات العربية يجد المتابع الحريص لأحداثها نفسه وكأنّه مُلزماً على القيام بتقييم موضوعي للنتائج الضبابية لهذه الثورات، ولإمكانية الحصول على نتائج إيجابية مرجوة يمكن البناء عليها، وتطويرها بكافة السبل لإحداث التغيير المطلوب منها.
إنّه وإن كانت النتائج الظاهرية لتجربة العقد الأخير من هذه الثورات تبدو هزيلة بفعل الثورات المضادة، إلا أنّها قد زرعت بذرة العمل للتغيير الجاد، فالجماهير العربية وبفعل تلك الثورات لا شك أنّها اكتسبت خبرات جديدة، وأصبحت تنتظر الفرصة المواتية للانقضاض على الحكام، مُتجاوزة تلك الأخطاء القاتلة التي وقعت بها، وأهمها تغييب المشروع الإسلامي، والركون إلى بعض الأنظمة التي كان يُظنُّ بها خيراً.
ولو استعرضنا ما آلت إليه الأوضاع السياسية في الدول العربية التي نشبت فيها الثورات لوجدناها بلا شك مُخيّبة للآمال؛ ففي تونس مُبتدأ هذه الثورات ومُلهمتها، نجد أوضاعها السياسية قاتمة جداً، فهذا رئيسها قيس سعيّد يتعامل مع السياسة وكأنّها مُجرد أداء أكاديمي يفتقر إلى الإجراءات السياسية الفاعلة، فيُلقي الخطابات الجوفاء، ويُركّز على الجوانب البروتوكولية، ويتجنب الخوض في العمل السياسي الحقيقي، تاركاً للحكومات التونسية الفاشلة العاجزة ذلك العمل الخطير، ونتائج تلك الممارسات البهلوانية تنحصر في لعبة تغيير الحكومات التي لا تملك سلطة اتخاذ القرارات السياسية الجريئة، فتتحول أعمالها السياسية إلى ما يشبه الأعمال الإدارية التصريفية، فيما يُسمح للبرلمان التونسي بممارسة لعبة مملة تُظهر صراعاً للشعارات تنحصر في عموميات الميل نحو الدكتاتورية أو الديمقراطية، بينما يرزح الاقتصاد التونسي تحت وطأة الانكماش وانعدام الإنتاج مع بطالة تزيد عن 18%، فيما يستمر الرئيس بأداء الخطابات الكلامية بوصفه ظاهرة صوتية لا تعكس أي عمل سياسي حقيقي على الأرض، وأمّا إن قام بعمل محسوس فتجده يقوم بأسوأ الأعمال السياسية على الإطلاق، كزيارته لباريس في أسوأ توقيت، فيلتقط الصور مع زعيم حاقد على الإسلام ينفث سمومه جهاراً نهاراً ضد رسولنا الكريم ﷺ.
وفي اليمن تبدو الحرب فيها وكأنّها قدر لا نهاية له، والانقسامات بين الشمال والجنوب تُكرّس الانفصال الدائم، وأمّا الانقسامات بين الجنوبيين أنفسهم فهي شبه دائمة، تُغذيها دوائر الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، وتُنفذها السعودية والإمارات، وفيما يتوافق الساسة في الدولتين مؤخراً على تشكيل حكومة محاصصة للجنوب بلا فاعلية لها، تستمر المعاناة الحقيقية بين اليمنيين، ويغرق 80% من السكان في حالة من المجاعة والفقر المدقع وشظف العيش.
وفي سوريا يُكمل التدخل التركي أهدافه بإخلاء نقاطه العسكرية نقطة بعد نقطة وتسليمها لنظام بشار المجرم، ويستمر مع هذا الإخلاء النكث بالوعود التي كانت تُطلقها تركيا مثل شعار: يجب إرجاع الأسد إلى ما بعد مورك، وغيرها من الوعود الكاذبة، بينما تُمكّن روسيا من السيطرة على الشريط الساحلي، وتُمكّن أمريكا من السيطرة على نفط شرق سوريا، فيما تستمر نكبة السوريين وتشريدهم في المخيمات والأمصار، وإنهاكهم وتصفية ثورتهم، وتسليمها للفصائل المشبوهة.
وفي السودان الذي قام حكامه العملاء بالتطبيع مع كيان يهود مُقابل رفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية (للإرهاب)، يتم تمكين حكامه من العسكر مثل البرهان وحميدتي من السيطرة على القرار السياسي وحرمان المدنيين المنافسين من التفرد بأي قرار دون الرجوع إلى العسكر، وذلك من خلال تشكيل ما يُسمّى بمجلس شركاء الفترة الانتقالية، وذلك لإبعاد تأثير الحراك الجماهيري، ولتحجيم دور عملاء بريطانيا في الحكومة، ثمّ تلقي أمريكا لعملائها بالفتات مثل منح السودان منحة بقيمة 20 مليون دولار لشراء القمح، بينما تستمر الأوضاع الاقتصادية للسكان بالتدهور، مع بطالة تزيد عن 13%، فيما يستمر إقحام السودان بمشاكل سياسية جديدة مع إثيوبيا التي احتلت مليشياتها أراضي سودانية حدودية، والتي قد تُهيئ للدخول في حرب جديدة ربما تطول.
وفي ليبيا فإنّ الصراع المحتدم بين القوى الاستعمارية الأمريكية والأوروبية يكاد يُكرّس تقسيم النفوذ في ليبيا بشكلٍ دائم إلى شرق برقة وغرب طرابلس يُمثّله حفتر والسرّاج، فيما يُضاف فيه إلى اللاعبين الأصليين وهما أمريكا وأوروبا لاعبون جدد وبالذات روسيا وتركيا، فتزداد تعقيدات الصراع، وتوضع الخطوط الحمراء الفاصلة، بينما يستمر رجال السياسة والإعلام المحليون في النقاش بلا طائل حول مواضيع سقيمة تدور حول الانحياز للعسكر أو للديمقراطية، ويُستبعد الإسلام من الساحة بحجة أنّ الإسلام هو الحرية.
وأما مصر فيستمر السيسي فيها مدعوماً من المخابرات الأمريكية بتشديد قبضته على أهل مصر، وكتم أنفاسهم، والانحياز السافر لكل أعدائهم، وذلك بافتعال معارك وهمية مع الإسلاميين، وفي الوقت نفسه يقوم بالعمل على بناء دولة قوية في مصر للعسكر، يتوهم أنّها ستحصّنه من غضب الجماهير وثورتهم في قابل الأيام، ولكنّها بالتأكيد لن تكون سوى بيت واهن كبيت العنكبوت.
إنّ هذه النتائج السياسية للثورات العربية في هذه البلدان التي اندلعت فيها الثورات تبدو في ظاهرها وكأنّها أعادت الشعوب إلى المربع الأول، وأعادتها في عملية التغيير إلى ما دون الصفر، لكن هذه الدول ما زالت تتلمس الرماد الذي بدأت حرارته يُستشعر بها من تحت الأقدام، فعاصفة التغيير الجديدة قادمة لا محالة، وفشل الأنظمة الظاهر في مُعالجة أوضاع الناس السياسية ما هو إلا الوقود الجاهز لتفجير ثورات جديدة، والتي ستكون هذه المرة على أساس مبدأ الإسلام القويم، والمتمثل بمشروعه العظيم ألا وهو الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وعد ربنا سبحانه

الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

أسباب انخفاض سعر صرف الدولار


أسباب انخفاض سعر صرف الدولار


 هناك العديد من الأسباب المؤدية إلى التغير في أسعار صرف العملات صعوداً ونزولا، لا سيما في ظل نظام نقدي عالمي لا تعتمد العملات فيه على غطاء معدني من ذهب أو فضة، ويتلاعب فيه السياسيون والاقتصاديون بسعر العملات وفقاً للمصالح الاقتصادية والتجارية الخاصة لكل بلد.

وتختلف العملات الصعبة عن غيرها من العملات الأخرى بسبب ثقة العالم بها، إذ عادة ما يكون هامش التغير فيها أقل من سائر العملات، لذلك تحظى هذه العملات بثقة المدخرين بها بصورة تجعلها عملات مرغوبة وجاذبة، كونها تحافظ على ثبات قيمها بشكل أفضل من غيرها.

لكن ومع ذلك فإنّ هذه العملات الصعبة تتعرض بين الفينة والأخرى لحالات من التغيرات الحادة في أسعار صرفها خاصة عندما تمر البلاد بأزمات اقتصادية تؤدي إلى الركود الاقتصادي الذي يجتاح الكثير من الدول نتيجة لهزات اقتصادية أو بسبب انتشار الأمراض المعدية مثل فيروس كورونا.

وبالنسبة للدولار الأمريكي وبالرغم من أنّه عملة عالمية أولى إلا أنّه قد طرأ على سعر صرفه انخفاض حاد في الأشهر الأخيرة، أثار حالة من القلق الشديد لدى الكثير من المتعاملين به والمدخرين له، والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة في هذه المرحلة غالباً ما يتعلق بماهية أسباب ذلك الانخفاض؟

نستطيع حصر أهم أسباب انخفاض سعر صرف الدولار في هذه المرحلة بالأسباب الأربعة التالية:

1- ارتفاع نسبة التضخم لمستوى 2%:

قرر مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) في 27/8/2020 السماح بارتفاع نسبة التضخم لمستوى 2% مُعللاً ذلك بمواجهة الركود الناشئ عن كورونا لتمكين الاقتصاد من إيجاد فرص عمل للعاطلين بعد أنْ بلغت نسبة الانكماش 31.7 حسب إعلان وزارة التجارة الأمريكية.

وقال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياط: "إنّ سوق عمل قوية لا يُمكن الحفاظ عليها دون التسبّب في زيادة التضخم غير المرحب بها"، فهو يعترف صراحة بأنّ زيادة التضخم هو إجراء غير مرحب به، لأنّه من المعلوم أنّه يؤدي إلى خفض قيمة العملة وإضعاف القوة الشرائية لها، وبالتالي يُقلل من الدخل الحقيقي للعاملين.

فالتضخم من شأنه أنْ يُخفّض من صرف العملة، واقتصادات الدول القوية عادة لا تلجأ إلى التضخم بنسبة تزيد عن النصف بالمائة لمعالجة سوق العمل فيها، لكنّ أمريكا لجأت إليه بسبب ترهل اقتصادها خاصة في ظل هذا الركود الاقتصادي.

2– الإبقاء على النسبة الربوية على الدولار في نطاق الصفر:

قرّر مجلس الاحتياط الفيدرالي في 6/11/2020 إبقاء نسبة الربا على الدولار الأمريكي بما لا يزيد عن 0.25% أي في نطاق الصفر، وهذا يسهم في تخفيض قيمة الدولار، إذ يجعل المستثمرين لا يتمسكون بالدولار، ولا يودعونه في البنوك، وذلك لانعدام الأرباح من إيداعه بسبب عدم وجود نسبة ربا عالية تزيد من أرباحهم، أو تُشجعهم على الاحتفاظ بدولاراتهم في البنوك، مما يؤدي إلى قلة الطلب على الدولار وانخفاض سعره.

صحيح أنّ تخفيض نسبة الربا قد يُنعش الاقتصاد ويزيد في نموه، لكن ذلك عادة ما يكون على حساب العملة التي تخسر من قيمتها بسبب عدم وجود غطاء معدني لها.

3– فترة قرب انتهاء ولاية رئيس وانتظار قدوم رئيس جديد:

في مثل هذه الفترة حيث تنتهي فترة ولاية ترامب، وتُنتظر فترة رئاسية جديدة لجو بايدن عادة ما تتوقف العمليات الاقتصادية الكبرى التي تقوم بها الدول، فلا توجد صفقات كبيرة ولا مشاريع ضخمة، فأعمال التصدير الكبرى تكون في حالة انتظار وترقب، وهو ما يتسبّب بانخفاض الطلب على الدولار ممّا يُؤدي إلى انخفاض سعره.

4– ازدياد قوة العملة الأوروبية (اليورو):

إنّ تماسك الوحدة النقدية الأوروبية، وتوافق الدول الأوروبية السبع والعشرين المنضوية في منظومة اليورو، وإسنادها له بقوة، والتزام هذه الدول بتثبيت سعر صرفه، وقيامها بضخ المليارات منه في المشاريع الضخمة كمشروع الاتفاق الأخضر الذي رُصد له أكثر من تريليون يورو، للحفاظ على البيئة النظيفة الخالية من انبعاثات الكربون، والاستثمار الواسع في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتطوّرة، كل ذلك ساهم في تقوية مكانة اليورو بالنسبة للدولار وللعملات الصعبة الأخرى بوصفه عملة صعبة مدعومة من كتلة أوروبية كبيرة، وهو ما ساهم في انخفاض قيمة الدولار.

إنّ اليورو حالياً هو أقوى مُنافس للدولار، لانّ قوته شبه حقيقية، إذ تعتمد على قوة اقتصاد المجموعة الأوروبية التي وإنْ كانت لا تمتلك قوة سياسية تتناسب مع حجمها الضخم، لكنّها تمتلك سوقاً داخلياً كبيراً ومُوحداً يشمل خمسمائة مليون نسمة، وتنضوي بداخله دول غنية ومُتطوّرة كألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وغيرها، لذلك كانت عملة اليورو تؤثّر تأثيراً محسوساً في قوة الدولار أكثر من غيرها، لأنّها تعتمد على قوة دولها الاقتصادية ولا تعتمد على قوة الدولار، بينما هناك الكثير من عملات الدول الكبرى كالصين وروسيا فما زال اقتصادهما وتبادلاتهما التجارية يعتمدان على الدولار.

لذلك كله كان سعر صرف الدولار يتأثر إيجاباً وسلباً بتغير وثبات سعر صرف اليورو، بينما لا يتأثر صرف الدولار هذا بأي عملة أخرى غير اليورو من العملات الصعبة.

والخلاصة: إنّ الحل الوحيد لمنع انخفاض سعر العملات يكمن فقط في جعلها تمتلك قوة ذاتية من الذهب والفضة كما هو الحال في دولة الإسلام، أي جعلها مُغطاة بالكامل بالذهب والفضة، وبذلك فقط تكون العملة مُنفصلة تماماً عن الاقتصاد، وعن السياسة، ولا تتأثّر بهما بتاتاً، لأنّ قوتها ذاتية، وليست تابعة لقوة الدول أو ضعفها، ولا لتلاعب الخبراء ولا لأمزجة السياسيين.

النفاق والغباء السياسيان من مُستلزمات التبعية السياسية

 

 

النفاق والغباء السياسيان من مُستلزمات التبعية السياسية

 

التبعية السياسية لها سمات ومُقوّمات كما لها مُستلزمات ومُكمّلات، وتتركّز هذه العناصر في الطبقة الحاكمة وفي الوسط السياسي المُتحالف معها، وإذا كانت موالاة الأجنبي والعمالة للدول الكبرى وخيانة الشعوب وعشق السلطة من أبرز سمات ومُقوّمات التبعية السياسية، فإنّ النفاق السياسي والغباء السياسي من أبرز مُستلزماتها ومن أهم مُكمّلاتها.

ولو أخذنا أمثلة حيّة وحديثة على النفاق السياسي والغباء السياسي لوجدناها كثيرة وتُلاحظ بشكلٍ يومي، ولكنّنا في هذه المقالة الموجزة سنكتفي بتناول ثلاثة أمثلة منها تُجسّد هذا النفاق والغباء :

المثال الأول من المغرب ويتعلق بحزب العدالة والتنمية المُشارك في الحكم في المغرب والمحسوب على الإسلاميين، إذ عندما قامت الامارات والبحرين بإقامة العلاقات الدبلوماسية والتطبيع مع الكيان اليهودي قبل شهرين تقريباً انبرى رئيس وزراء المغرب سعد الدين العثماني وهو الذي يترأس حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الاسلامية، انبرى مُهاجماً التطبيع بشدة، وأعلن بكل تحدي النأي بحكومته عن سلوك طريق المُطبّعين ومهما كانت الظروف!.

 ولكن عندما قرّر الملك المغربي محمد السادس قبل أيام انخراط  مملكته في عملية التطبيع مع كيان يهود تغيّر موقف العثماني بشكلٍ مُفاجئ، وبدأ يبحث عن حجج وذرائع ليبرّر بها موقفه الخياني الجديد المُناقض لموقفه السابق، فجمع كبار أعضاء حزبه في ما يُسمّى بالأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وخرج على الناس ببيان مليء بالنفاق والغباء، وممّا جاء فيه باختصار:

1 – الاعتزاز والثقة بقيادة الملك المغربي المُتبصّرة والحكيمة وما أفرزته من تحولات استراتيجية عظيمة.

2 – تأييد البيان الرئاسي الأمريكي باعتبار الصحراء الغربية جزءاً من المملكة المغربية وما ينتج عنه من تقوية للموقف المغربي في الأوساط الدولية ومن إضعاف لخصوم المغرب.

3 – تأكيد تعبئة حزب العدالة للجماهير للوقوف وراء موقف الملك لترسيخ سيادة المغرب على الصحراء.

4 – التنويه بمواقف الملك الثابتة في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين بصفته رئيساً للجنة القدس وقيام الملك بالاتصال بمحمود عباس ودعمه.

5 – التذكير بمواقف حزب العدالة والتنمية الثابتة في دعم الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، والتمسك بالشرعية الدولية.

هذه هي أبرز النقاط الواردة في بيان الحزب وواضح فيها مدى النفاق الظاهر للملك، وظاهرٌ فيها حجم التملق السياسي لقراراته، كما وظهر فيها قدرة الحزب على التلون بمواقف تتوائم مع رغبات الملك المعروف بعلاقاته القديمة مع كيان يهود.

  وبرز نفاق الحزب أيضاً في مدحه للبيان الرئاسي الأمريكي الصادر عن الرئيس الأمريكي ترامب والذي يُعتبر من أشد الرؤساء عداوةً للاسلام والمسلمين، والايهام بأنّ البيان الرئاسي الأمريكي يصب في مصلحة الشعب.

لقد كان بيان حزب العدالة هذا أبعد ما يكون عن الثوابت الاسلامية، واختزل الاسلام في الشؤون المغربية  المحلية، ولم يرتكزعلى أية مرجعية اسلامية كما يزعم الحزب، فأضاف إلى نفاقه غباءً بلا حدود.

المثال الثاني من الامارات وبالذات من الفريق ضاحي خلفان الرئيس السابق لشرطة دبي، والذي لا يكف عن إطلاق التصريحات المُثيرة للاشمئزاز، والتي كان آخرها مُلفتا في نفاقه وغبائه، حيث دعا إلى ضم كيان يهود وايران الى الجامعة العربية، كما دعا العرب إلى التكفل بأمن دولة ( إسرائيل )، وزعم أنّ أمنها هو جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة.

 فهذه التصريحات هي نموذج آخر واضح لمزيج من مُستلزمات النفاق والغباء.

المثال الثالث من ايران وبالذات من رئيسها حسن روحاني الذي شنّ هجوماً لفظياً عنيفاً ضد الرئيس الأمريكي ترامب وهو الذي سيغادر منصبه في العشرين من شهر كانون ثاني ( يناير ) المُقبل، واصفاً إياه بالارهابي والمجرم والمارق فقال:" نحن سعداء جداً لرحيل ترامب المجرم الذي كان أكثر رجل ينتهك القانون، ولم يرحم ايران حتى في قضية شراء لقاح كورونا"، فيما أعرب عن أمله في إنصاف الرئيس المُنتخب جو بايدن لايران، والذي يأمل منه أن يُعيد أمريكا إلى تعهداتها السابقة فقال:" إنّ الصوت الذي منحه الشعب الأمريكي لبايدن هو صوت التمسك بالقانون والالتزام بالتعهدات وليس انتهاك القوانين"، وأضاف مُستميلاً إدارة بايدن القادمة بالقول:" إنّ إيران تُريد الأمن والسلام والاستقرار في كافة انحاء العالم".

فروحاني في هذه التصريحات يُنافق بايدن ويهاجم خصمه، ظناً منه أنّ السياسة الأمريكية قد تتأثر بتصريحاته الغبية، ولم يعلم انّ السياسات الأمريكية الخارجية هي سياسات دولة وليست سياسات أشخاص.

إنّنا كأمّة إسلامية نحتاج إلى دولة إسلامية مبدئية تتخذ قراراتها بناءً على مصالحها المُستمدة من أحكام دينها، ويمتاز ساسة هذه الدولة بالفراسة والوعي الثاقب، فيتتبعون الأحداث والأخبار في كل أنحاء المعمورة، وينظرون إلى العالم من زاويةٍ خاصة تعتمد على حمل رسالة الاسلام  إلى الناس كافة، ويُحللون ويُمحصون، ثمّ يتخذون القرارات بعد ربطها بملابساتها وظروفها ربطاً مُحكماً، لا يحسبون أي حساب للأعداء، ولا يخشون في الله لومة لائم، يُقارعون قوى الشر والكفر والعدوان بإمكانيات الدولة الاسلامية العالمية، فيثيرون الرعب في قلوب أعدائهم، ويحقّقون بالأعمال السياسية ما لن يتحقّق بالأعمال العسكرية، ولا همّ لهم سوى حماية الأمّة الاسلامية، ورفع مكانتها بما يتناسب مع كونها خير أمّةٍ أخرجت للناس، ويحملون الدعوة الاسلامية بوصف ذلك الحمل وظيفة الدولة الرئيسة، ولا يترددون في خوض غمار الحروب، واضعين نصب أعينهم شيئاً واحداً، ألا وهو رفعة  شأن الاسلام ونشره بين الأنام.