الخميس، 12 يناير 2023

اللقاء الثلاثي في موسكو يطيل في عمر نظام طاغية الشام

اللقاء الثلاثي في موسكو يُطيل في عمر نظام طاغية الشام
 
في الثامن والعشرين من ديسمبر – كانون ثاني 2023 اجتمع في موسكو وزراء دفاع روسيا سيرغي شويغو وتركيا خلوصي أكار والنظام السوري علي محمود عباس، ومعهم رؤساء أجهزة استخباراتهم، وبحثوا جميعاً في مسألة واحدة حصراً هي المسألة السورية، وركّزوا فيها على نقطتين تحديداً هما مُكافحة المُنظمات الإرهابية وإعادة اللاجئين، واتفقوا على أنّ المُباحثات كانت ايجابية وبنّاءة، وأكّدوا على ضرورة استمرار الاجتماعات في المُستقبل بزعم استقرار المنطقة، وعيّنوا الاجتماع القادم في موسكو بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو وبين وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد.
وبعد هذا اللقاء الثلاثي قال الرئيس التركي أردوغان بأنّه لم يستبعد لقاء بشار الاسد لكنّ الأخير يفضّل الاجتماع بالرئيس التركي بعد اجراء الانتخابات التركية المُقرّرإجراؤها في شهر يونيو – حزيران القادم.
وأوضح وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو موقف تركيا من النظام السوري بقوله إنّه يحترم وحدة وسيادة الأراضي السورية، وأنّ بلاده عازمةً على نقل السيطرة في مناطق تواجدها حالياً إلى النظام السوري حالما يتحقّق الاستقرار، والتقى أوغلو بعد اللقاء الثلاثي برئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة المُعارض سالم المُسلط وقادة آخرين، وأكّد على دعم  تركيا للمُعارضة بموجب القرار الأممي 2254 والذي ينص على وقف إطلاق النار ومُراجعة الدستور وتنظيم الانتخابات بإشراف الأمم المتحدة.
ولكنّ الذي يُطبق من هذا القرار الدولي فقط هو بند وقف إطلاق النار.
 وبينما يتم التغاطي عن إجراء الانتخابات ومُراجعة الدستور، تقوم تركيا بمنع الفصائل بكل صرامة من القيام بإطلاق النار على قوات الطاغية بشار بحجة التقيّد بالقرار، بينما قوات روسيا والنظام لا يتورعون عن قتل السوريين اللاجئين في المناطق المُحرّرة ولا أحد يُحاسبهم على جرائمهم.
إنّ هذا التقارب وبخطىً حثيثة بين تركيا ونظام المُجرم بشار برعاية المُحتل الروسي يأتي في ظل تهالك الدولة السورية، وافتقادها لقواها العسكرية والسياسية، وعدم قدرتها على توفير أبسط المُتطلبات المعيشية لرعاياها.
كما يأتي هذا التوافق أيضاً في ظل غرق روسيا في المُستنقع الأوكراني، وعدم قدرتها على تقديم ما يحتاج إليه نظام بشارمن احتياجات لبقائه على قيد الحياة، فالفرصة باتت سانحة ومُهيّئة لتوجيه ضربة ولو بسيطة تؤدي إلى إسقاط نظام الطاغية بشارمن دون أية خسائر.
ولكن وبدلاً من انْ تنتهز تركيا هذه الفرصة التاريخية الثمينة للإجهاز على ذلك النظام الآيل إلى السقوط والقضاء عليه، تقوم تركيا بمدّه بإكسير الحياة الضروري اللازم لإحيائه وإنعاشه وإطالة عمره.
فالأهداف السياسية لدى السياسيين الأتراك باتت مقلوبة لا منطق فيها خاصة فيما يتعلق يجوارها الحيوي، فلا يوجد أي معنى سياسي لقيام تركيا بدعم النظام السوري في هذه الأثناء بالذات، لذلك فليس من الحصافة ولا الحكمة أنْ تقوم تركيا بإحياء نظام يعيش في حالةٍ سريرية ويوشك أنْ يلفظ آخر أنفاسه.
فمن مصلحة تركيا لو كانت تملك قرارها بيدها أنْ تستغل فترة ضعف نظام بشار، وضعف داعميه، خاصة الداعم الروسي المُنشغل بحربه في أوكرانيا، والداعم الإيراني المُنشغل في حربه الأهلية، فمن مصلحة تركيا في هذا التوقيت بالذات أن تقوم بإسقاط النظام السوري الهش بالضربة القاضية الخاطفة، فلا تُعطي المجال لاحدٍ غيرها بملأ الفراغ، فتحفظ ما تُسميه بأمنها القومي بقيامها بذلك.
أمّا وقد فعلت تركيا عكس ما يجب القيام به فدعمت النظام بدلاُ من إسقاطه، فهذا يدل على أنّها مأمورة، وأنّ قادتها لا يملكون الخروج من فلك تبعية دولتهم لغيرها في السياسة الخارجية.
 والمُدقّق في سبب قيام تركيا بهذا التقارب مع نظام طاغية الشام في هذا الوقت بالذات لا يجد فيه سوى الولاء والخنوع لأمريكا التي وظفت كل القوى التابعة لها، والمُتعاونة معها لحماية نظام بشّار من السقوط، وذلك ابتداءً باستخدام ايران وميليشياتها، ومروراً باستخدام الاردن وقطر والسعودية في توجيه الفصائل للانسحاب وترك الساحة لبشار وزمرته، وانتهاءً باستخدام روسيا وما تملك من قوة عسكرية كبيرة لدعم نظام بشار وحمايته من السقوط، ثمّ اخيراً باستخدام تركيا للتطبيع مع هذا النظام المُتهالك ومنحه الفرصة الذهبية للنجاة من السقوط.
فتفسير هذا التقارب التركي الغريب مع النظام الفاشل في دمشق لا يمكن أن يخرج عن كونه امتثالاً للرغبة الأمريكية في إبقاء نظام الأسد، وفي إطالة عمره خوفاً من حدوث تخلخل رهيب يجتاح المنطقة حال سقوطه.

ليست هناك تعليقات: