تتواتر الأنباء عن عودة العلاقات بين حركة حماس ونظام الطاغية بشار الأسد، ففي حزيران الماضي أكّد خليل الحيّة القيادي في حماس صحة الأنباء التي تتداولها وسائل الإعلام عن صدور قرار للحركة سعيها لاستعادة العلاقات مع النظام السوري، ونقلت هذا الخبر صحيفة الأخبار اللبنانية التي أجرت حواراً مع خليل الحيّة ورد فيه هذا التصريح.
وكانت العلاقات بين الطرفين قد قطعها النظام في العام 2012 إثر التزام حماس بما أسمته الحياد بين النظام والثورة، ونتيجة لذلك فقد تمّ التنكيل بأفراد الحركة، فقُتل بعضهم، واعتُقل آخرون، وطُرد جميع مسؤوليها من سوريا.
وكان رئيس حركة حماس إسماعيل هنية قد نفى في العام 2018 قطع العلاقات مع النظام السوري وقال: "إنّ الحركة لم تقطع علاقاتها مع دمشق، وإنّ ما جرى قد تجاوز الفتنة، وإنّ شعب سوريا وحكومتها وقفا دوماً إلى جانب الحق الفلسطيني".
والظاهر أنّه بعد ضغط إيراني شديد على حركة حماس، وبعد وساطة من حزب إيران اللبناني قرّرت الحركة استئناف علاقاتها مع هذا النظام الإجرامي، وتمّ اتخاذ قرار بالإجماع من طرف قيادة حماس بعودة العلاقات.
وأصبحت حماس بعد هذا القرار تُداهن نظام بشار كما تُداهن النظام الإيراني في كل مناسبة، فعلى سبيل المثال رحب عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق بتفاهمات إيران وروسيا وتركيا التي تمخّضت عن مؤتمر طهران ودعت إلى وحدة الأراضي السورية، وإدانة عدوان كيان يهود، مُعتبراً ذلك مكسباً لأمن واستقرار المنطقة، وبالتالي تعزيزاً لقضية فلسطين، ولحقوق الشعب الفلسطيني.
وقد انتقد حماس على قرارها هذا بإعادة العلاقات مع النظام السوري كثيرون، منهم الشيخ وجدي غنيم القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، والمجلس الإسلامي السوري الذي قال بأنّ قرار حماس هذا هو قرار خطير، وأنّ حماس بهذا القرار تكون قد فضّلت المصالح على المبادئ.
إنّ تبريرات أنصار حماس باتخاذها هذا القرار هي تبريرات متهافتة وغير مستساغة وغير مقبولة، فالقول بغياب البدائل وأنّه هو الذي دفع حماس لاتخاذ هذا القرار، أو القول بأنّ سبب اتخاذ قرارها هذا كونها لم يعد لديها منفذ للحفاظ على قوتها سوى التقارب مع نظام بشار... مثل هذه الأقوال لا تستند إلى أية حجّة أو دليل وذلك للأسباب التالية:
1- إنّ لجوء حماس إلى التحالف مع نظام يحارب الإسلام علانيةً، ويحارب حركة الإخوان المسلمين بشكل خاص يتناقض مع مرجعية حماس الإسلامية، وبالذات مع اعتبارها جزءاً من الإخوان المسلمين، فشيء غير منطقي ما تقوم به حماس من التحالف مع عدو استراتيجي للحركة وللأمّة.
2- إنّ نظام بشار هو نظام ضعيف وهش، وثبت بالتجربة المقطوع بها أنه نظام عاجز لا يستطيع الدفاع عن نفسه أمام الضربات التي يتلقاها ليل نهار من كيان يهود، فهو لن ينفعها ولن يساعدها إن تحالفت معه، ففاقد الشيء لا يعطيه، فكيف ستستفيد حماس من تحالفها مع هذا النظام العاجز؟! أما كان الأولى لها وللأمّة أنْ تعمل على إضعافه وإسقاطه، بدلاً من أنْ تعمل على تقويته وتلميعه؟!
3- كشفت الوثائق العديدة أنّ هذا النظام في زمن المقبور حافظ الأسد قد باع هضبة الجولان ليهود، وأعلن عن سقوطها في حرب عام 1967 قبل أنْ تسقط، فكيف تثق حماس بنظامٍ خائن فرّط في أرض المسلمين ليهود؟!
- إنّ هذا النظام في سنوات الثورة قد قتل وهجّر الملايين من شعبه، وتآمر مع المتآمرين على ثورتهم، ولم يتورّع عن تعذيب وقتل معارضيه، ليس من السوريين وحسب، بل وحتى من الفلسطينيين، فكيف لحركة فلسطينية ترضى بأنْ تتعاون مع هذا النظام القاتل اللئيم الذي ارتكب مجازر ضد أهلها وشعبها؟!
5- إنّ هذا النظام هو نظام عميل لأمريكا منذ العام 1971، فهو يقوم بتنفيذ الأجندة الأمريكية في المنطقة، وللحفاظ عليه وكّلت أمريكا روسيا بالدفاع عنه منذ العام 2015، وذلك بعد أن فشلت إيران في حمايته من الثورة قبل ذلك، فكيف تتعاون حماس مع نظام عميل لأمريكا؟!
إن الأصل في حركة حماس أن تبتعد عن هذا النظام الخائن المجرم القاتل لشعبه، وعليها أنْ تقف مع الثورة ضده، وأن تدرك أن تحالف النظام مع روسيا وتركيا ما هو إلا عبارة عن تحالف تآمري ضد الأمة وشعوبها، لا لشيء إلا لإحباط ثورتها، وإبقاء بشار المجرم في السلطة، ولا علاقة له بقضية فلسطين من قريب ولا من بعيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق