مواقف حكام الخيانة والضرار من صفقة الخزي والعار
لم تختلف كثيراً المواقف الخيانية الحالية لحكام المسلمين اليوم عن مواقف أسلافهم في العقود السبعة الماضية إزاء المتغيرات السياسية التي تعلقت بالقضية الفلسطينية بشكل خاص.
فمنذ نشوء هذه القضية وحكام العمالة في البلاد الإسلامية ما انفكوا يسجلون مواقف خيانية متتالية حتى أوصلوا القضية إلى ما وصلت إليه من خطط التصفية والاختزال التي جعلت الأمة على أيدي هؤلاء الخونة في حالة من المذلة والهوان والغثائية.
فمنذ الخيانة الكبرى لشريف مكة حسين بن علي وإعلان ثورته ضد الدولة العثمانية وسيره مع المستعمر الإنجليزي ضد المسلمين، وصدور وعد بلفور بعيد ثورته مباشرة، وتمزيق جسم الأمة الواحد إلى كيانات كرتونية هزيلة تابعة للاستعمار، ومنذ قبول الملك عبد العزيز آل سعود بقيام كيان يهود على أرض فلسطين واعترافه ببيعها ليهود بقوله للسير بيرسي كوكس الإنجليزي: "أقر وأعترفألف مرة بأنه لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكيناليهود كما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتى تصيح الساعة"، منذ ذلك الوقت والحكام العربالعملاء يتوارثونالخيانة أشبه بالتوارث الجينيكما يتوارث أسيادهم العمل السياسي!
ونالت القضية الفلسطينية نصيب الأسد من المواقف الخيانية من أيام الحسين بن علي وأولاده الخونة فيصل وعبد الله، ومنذ زمن الملك عبد العزيز وأولاده الخونة، مرورا بعبد الناصر والسادات وحافظ الأسد وابنه بشار والحسن الثاني وحكام الخليج وزعماء منظمة التحرير وآخرهم محمود عباس الذي يزعم أنه يرفض صفقة القرن مع أنّ الكل يعلم أنه وقع قبل خمسة وعشرين عاما على وثيقة "أبو مازن بيلين" التي يعترف فيها بأبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية، وكذا سائر حكام المسلمين العرب منهم والعجم، إلى أيامنا هذه التي انتهت إليها قضية فلسطين بمبادرة ترامب المعروفة بصفقة القرن والتي هي ثمرة طبيعية لاتفاقيات خيانية سابقة كاتفاقية أوسلو ومشتقاتها.
ولا فرق اليوم بين الحكام المفضوحين كالملك سلمان وابنه والسيسي، وبين حكام محور الممانعة المزيف كحكام سوريا وإيران، أو الرئيس التونسي أو الرئيس التركي، فكلهم متورطون في الخيانة والتبعية لأمريكا والدول الكبرى الأخرى، وكلهم في التآمر سواء.
فهم حقيقة إما متواطئون بشكل مباشر كالسيسي وسلمان وابنه، وإما بشكل غير مباشر كحكام إيران وتركيا.
فأردوغان مثلا يتخذ من المزايدات الكلامية نهجا، فمثلا هو يقول: "إن صفقة القرن تدمر فلسطين بشكل تام وإن لم نتمكن من حماية خصوصية المسجد الأقصى فلن نتمكن غدا من منع تحول عيون الشر نحو الكعبة لذلك نعتبر القدس خطنا الأحمر".
فهذه التصريحات تَكرر مثلُها في السابق ولم يصاحبها أفعال فدل ذلك على أنها مزايدات يطلقها بهدف دغدغة مشاعر الرأي العام وتفريغ مخزون الحماسة عند الجماهير الملتهبة والمغتاظة من تصرفات أمريكا وكيان يهود.
أما الذين ينادون بالاحتكام لما يسمى بالشرعية الدولية فهم نوعان: إما كذابون كقادة السلطة الفلسطينية، وإما عاجزون كبقية الرؤساء العرب ومنهم الرئيس التونسي الجديد قيس سعيد الذي قال: "سنتوجه للشرعية الدولية"، وما يصدر من اجتماعات الزعماء العرب وقمم المؤتمرات العربية من بيانات لفظية لا مفعول لها ولا قيمة.
لقد أضاع هؤلاء الحكام قضية فلسطين كما أضاعوا غيرها من قضايا المسلمين، ولم يقدموا شيئا للأمة، وهم ما زالوا يجدّدون خياناتهم، ويتآمرون على الأمة مع أسيادهم الكفار ويزيفون الحقائق، ويبيعون الشعارات الكاذبة لشعوبهم، فيما هم مستمرون في التعامل العلني والسري مع أمريكا وكيان يهود من فوق الطاولة كأردوغان، أو من تحتها كحكام دول الخليج والمغرب.
فلو كان هؤلاء جادين في مواجهة كيان يهود لاتخذوا ضده إجراءات عملية ليس أقلها قطع العلاقات مع هذا الكيان مباشرة، ولأعلنوا حالة الحرب ضده لتحرير فلسطين.
فلماذا ما زالت تركيا تقيم علاقات طبيعية مع كيان يهود؟! ولماذا يتمسك هؤلاء بما يسمى بالشرعية الدولية التي اقتطعت ثمانين بالمائة من فلسطين ليهود، بينما قادة كيان يهود لا يلتزمون بهذه الشرعية ولا بقراراتها، ولا يعترفون بأي حق سيادي لأهل فلسطين على أرضهم؟!
إنّ هذا الخنوع والاستسلام من حكام العار هؤلاء ليهود والأمريكان والكفار عموماً لا يفسَّر إلا بكونهم عملاء تابعين للاستعمار، أجراء حقيقيين وليسوا حكاما أصحاب سيادة.
وإنّ مواقفهم هذه لتؤكد على عمالتهم وخيانتهم وتبعيتهم للكافر المستعمر، وإنّ واجب الأمة العمل بكل طاقاتها على خلعهم في أسرع وقت كونهم حكام ضرار يتوجب إزالتهم من باب وجوب إزالة الضرر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق