الاثنين، 15 يوليو 2019

ثورة الجزائر والخيارات المُرّة



ثورة الجزائر والخيارات المُرّة






الخبر:

تحدّث رئيس أركان الجزائر الفريق أحمد قايد صالح - وهو الحاكم الفعلي للبلاد - عن تصوره للنظام السياسي المطلوب للجزائر ما بعد الثورة، وذلك رداً على الشعارات المردّدة في مُظاهرات كل يوم جمعة، والتي تُطالب باستبعاد حكم العسكر من مثل: "دولة مدنية ماشي عسكرية"، فقال إنّها: "أفكار مسمومة أملتها عليهم دوائر معادية للجزائر، ولمؤسساتها الدستورية، دوائر تكن حقداً دفينا للجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، ولقيادته الوطنية التي أثبتت بالقول والعمل أنها في خدمة الخط الوطني المبدئي للشعب الجزائري، وأنها ثابتة الوفاء على العهد الذي قطعته أمام الله والشعب والتاريخ".

وتوعّد من أسماهم بالعملاء قائلا: "إننا نحذرهم شديد التحذير، بأن الجزائر أغلى وأسمى من أن يتعرض لها ولشعبها، مثل هؤلاء العملاء الذين باعوا ضمائرهم وأصبحوا أدوات طيعة بل وخطيرة بين أيدي تلك الدوائر المعادية لوطننا".

التعليق:

ما زالت الطغمة العسكرية في الجزائر مُتمسّكة في السلطة، وما زالت تتمترس حول أحقيتها في تولي قيادة الدولة بحجج واهية، وما زالت مُتعطّشة للسلطة، وتعتبر الجيش جيشاً شعبياً وطنياً ثابتاً على العهد الذي قطعه أمام الله والشعب والتاريخ على حد قول قائد الجيش قايد صالح.

إنّ هذا ديدن كُلّ الطغاة الذين يعتقدون أنّ توليهم الحكم هو حق طبيعي لهم، وأنّ وصايتهم على الدولة هي مُكتسبٌ تاريخي، فلا يُفرّطون فيه مهما بلغت الثورة من عُنفوان.

فالمؤسسة العسكرية الحاكمة التي يُمثّلها قايد صالح تتسلّح بمشروع الدولة الوطنية التي يُشرف عليها الجيش، بينما في المُقابل ترى المُعارضة الرسمية أنّ المشروع الوطني يجب أنْ يكون دولةً مدنيةً لا وصاية للجيش عليها.

وهكذا يتنافس المشروعان: العسكري المدعوم من الجيش، والمدني المدعوم من المُعارضة الرسمية على حكم الدولة الجزائرية بعد بوتفليقة، ويزعم أصحاب كلا المشروعين بأنّهما يخدمان الوطن والدولة الوطنية.

والحقيقة أنّ كلا المشروعين فاشلان ومسمومان، وأنّهما كليهما مدعومان من الخارج، فحصر المشروعين بالحدود التي رسمها الكافر المُستعمر للجزائر يعني الحفاظ على الوضع السياسي الاستعماري القديم، ويعني أنّ الثورة قد دارت حول نفسها في حلقةٍ مُفرغة، ووقعت في الفخ الاستعماري نفسه الذي وقعت فيه الدولة تحت حكم العسكر، فمشروع الدولة المدنية هو صنو مشروع الدولة العسكرية، فهما وجهان لعملةٍ واحدة، فتمسك المعارضة بالدولة المدنية لا يختلف كثيراً عن تمسك المؤسّسة العسكرية بالدولة الوطنية، فالدولة المدنية والدولة الوطنية شيء واحد، ولا فرق بين أنْ يكون على رأسها مدني أو عسكري، فالأفكار واحدة وأمّا الاختلاف على الأشخاص فلا قيمة له، وكلاهما خياران مُرّان عقيمان فاسدان.

كان ينبغي أنْ تقدم الثورة خياراً ثالثاً ناجحاً غير المشروع الوطني وغير المشروع المدني ألا وهو المشروع الإسلامي، ولو سُمِح لهذا المشروع أنْ يُعرض لكانت الثورة قد انتصرت حقاً، وحقّقت أهدافها، أمّا استبعاد هذا المشروع الإسلامي من الطرفين فهو الذي جعل المعروض منهما مُتشابهاً، ولا جديد فيه، ولا يخدم إلا الكافر المستعمر.

فعلى الثُوار أنْ يُعيدوا حساباتهم، وأنْ يلتفوا حول مشروع الأمّة، وهو مشروع الإسلام العظيم، مشروع نظام الحكم الإسلامي المُتمثّل بدولة الخلافة الإسلامية، وعندها فقط يكون المشروع حقيقياُ، ويكون التغيير فاعلاً ومُنتجاً.



ليست هناك تعليقات: