محمود عباس متمسّك بالقرارات الدولية بالرغم من إدراكه لعقمها
الخبر:
أكّد رئيس سلطة رام الله محمود عباس على تمسكه بقرارات الشرعية الدولية، ورفض مقترحات إدارة ترامب التي وصفها بـ "صفقة العصر" التي تجاوزت كل الشرعيات الدولية، ورفض فكرة السلام الاقتصادي، وقال بأنّه "لا سلام اقتصادي مُنفصل عن المسار السياسي، فالأجدر أن يتحقّق السلام على أساس قرارات الشرعية"، وأضاف بأنّه وردّاً على قرارات الإدارة الأمريكية الأخيرة ضد الفلسطينيين فإنّ "القيادة الفلسطينية قامت باتخاذ قرار بإرسال وفود لكل عواصم العالم لشرح الموقف الفلسطيني، وخطورة الإجراءات (الإسرائيلية)، والقرارات الأمريكية على مُجمل العملية السياسية"، وتابع: "كل ما نريده هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية وصولاً لإقامة دولتنا الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
التعليق:
إنّ محمود عباس الذي يُشدّد على أهمية القرارات الدولية، ويتمسّك بها إلى درجة التقديس، هو نفسه يُقِرُّ بأنّ "هناك 725 قراراً في الجمعية العامة للأمم المُتحدة، و86 قراراً في مجلس الأمن الدولي تتعلّق بالقضية الفلسطينية لم يُنفّذ أي قرار منها لأنّها تدعو لإنهاء الاحتلال، ... ووقوف الولايات المتحدة الأمريكية بشكلِ صارخ إلى جانب (إسرائيل)، ورفضها تنفيذ قرارات الشرعية الدولية".
فما دام محمود عباس وزمرته يُدركون تماماً عقم تلك القرارات الدولية، ويُشاهدون دوماً وقوف أمريكا ضد تنفيذها، ويُتابعون مُنذ زمن إبطال الإدارات الأمريكية المُتعاقبة لعشرات القرارات الصادرة عن المؤسّسات الدولية، فلماذا إذاً ما زالوا يتمسكون بها؟ ولماذا يُراهنون عليها بعد كل ما عانوه منها؟ ولماذا أضاعوا أكثر من عشرين عاماً في مُفاوضات عبثية تستند إليها برعاية أمريكا التي يعلمون علم اليقين أنُها هي التي تقف وراء تعطيل تنفيذها؟
فأي مهزلة هذه التي يقومون بها؟ وأي كذبة هذه التي يُخادعون بها شعبهم؟
ثمّ إنّهم بعد كل هذا الخداع والغش واللف والدوران السياسي يعودون إلى اللعبة السقيمة نفسها، فيُرسلون الوفود إلى عواصم العالم ليشرحوا لهم موقفهم المُخزي من قضية ليسوا هم أصلاً على مستواها، فيتحوّلون إلى مُهرجين سياسيين، ويظهرون كمسخرة أمام العالم، يُمارسون عبثهم السياسي باستمرار وكأنّ العالم يجهل حقيقتهم التي فضحتها ألاعيبهم التي تُظهر دوماً أنّهم مُستسلمون لعدوهم، يعترفون به، ويُدافعون عن أمنه، ويُنسّقون أمنياً معه ضد شعبهم.
إنّ قيادةً تنازلت عن ثلاثة أرباع فلسطين ليهود مجاناً لا يجب أنْ تتوقع أنْ يمنحها عدوّها السابق دولة على الربع الباقي من فلسطين، فالذي هان عليه التنازل حتى عن شبرِ واحدِ من أرضه، فضلاً عن مُعظمها، يهون على عدوّه أنْ لا يمنحه أي شيء، لأنّ الذي ضيّع حقوق شعبه لا يستحق أخذ أي حق من غريمه.
فالذي يخون أمّته، يُفرّط في وطنه وشرفه، ويحتقره عدوّه، ولا يستحق دولة ولا حكماً ولا سلطانا، وطريق التحرير لم يكن في يومِ من الأيام يأتي من خلال الالتزام بالقرارات الدولية التي لا يحترمها ويخضع لها إلا الضعفاء، والجبناء، والعملاء، وليس طريقها المفاوضات العبثية الصبيانية، بل طريق التحرير الحقيقي لا يكون إلا بالقتال واللقاء في ساحات الوغى، والجهاد في سبيل الله، ولا يوجد طريق غيره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق