التقارب التركي الإيراني مؤامرة جديدة ضد ثورة الشام
الخبر:
في مؤتمر صحفي عُقد يوم الجمعة 2016/8/12 في العاصمة التركية أنقرة، بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الإيراني جواد ظريف تحدّث أوغلو فقال: "إنّ أمن واستقرار إيران من أمن واستقرار تركيا"، ووجه جاويش أوغلو، الشكر إلى إيران "حكومة وشعبا على وقوفها إلى جانب تركيا ضد محاولة الانقلاب الفاشلة، وقال جاويش أوغلو إنه ونظيره الإيراني: "لم يناما طوال الليلة التي شهدت محاولة الانقلاب"، وإن ظريف اتصل به في تلك الليلة "من 4 إلى 5 مرات ليطمئن على الأوضاع في تركيا، كما اتصل به للسبب ذاته عدة مرات في اليوم التالي لمحاولة الانقلاب. وأوضح جاويش أوغلو أنه أجرى مع ظريف تقييماً للقضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها التعاون في مجال الطاقة، والسياحة، كما شمل التقييم القضايا السياسية في المنطقة، وقال: "تشاطرنا مع الجانب الإيراني مرة أخرى أفكارنا حول سوريا". وسنعمل خلال المرحلة المقبلة على تقييم مثل هذه القضايا في إطار تعاون أوثق. وأضاف: "هناك قضايا نتفق فيها، من قبيل وحدة الأراضي السورية. فيما اختلفت وجهات نظرنا حول بعض القضايا الأخرى، دون أن نقطع قنوات الحوار وتبادل الأفكار، خاصة أننا أكّدنا منذ البداية على أهمية الدور البناء لإيران من أجل التوصل إلى حل دائم في سوريا". من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني ظريف: "لدينا أهداف مشتركة مع تركيا في المحاربة المشتركة للإرهاب والتطرف والتفرقة... ولدينا اختلاف في وجهات النظر في بعض القضايا، إلا أن لدينا وجهات نظر مشتركة بشأن وحدة التراب وضرورة التصدي لداعش وجبهة النصرة وسائر الإرهابيين"، وذلك وفقاً لما نقلته وكالة أنباء (إرنا) الإيرانية الرسمية. وأشاد ظريف الذي زار مقر البرلمان التركي والتقى أيضا الرئيس رجب طيب أردوغان، بمواجهة الأتراك لمحاولة الانقلاب العسكري، قائلا إن: "الشعب التركي صنع مفخرة لشعوب المنطقة بمقاومته أمام الانقلابيين".
التعليق:
لو عدنا قليلاً إلى الوراء وتذكّرنا تصريحات المسؤولين الأتراك المعادية لإيران والمساندة للثورة في سوريا، وتذكّرنا تصريحات تركية أخرى متودّدة للسعودية ومعرّضة بإيران، وقارنّاها بالتصريحات الحالية لأوغلو وظريف والتي تُظهر وكأنّ الدولتين دخلتا في عهدٍ جديد، وفي حلف جديد، لما صدّقنا أنّ هؤلاء السياسيين ممكن أنْ يُغيّروا مواقفهم بمثل هذه السرعة، وأنْ يُبدّلوا أقوالهم كما تُبدّل بعض الزواحف جلودها، فأردوغان الذي كان يُمثّل دور المناصر القوي لثورة الشام بدأ يتنصل من هذا الدور بشكلٍ تدريجي، وأصبح يُهرول إلى روسيا وإلى النظام الإيراني وهما ألدّ خصمين لثورة الشام متودّداً ومطبّعاً ومديراً ظهره للثوار، وكأنّه لا يعرفهم. لكنّ تصريحات أوغلو وظريف هذه التي أكّدت على عمق العلاقة بين النظامين الإقليميين ليست بمستبعدة على السياسيين الواعين لطبيعة الأنظمة العميلة، فهم يُدْركون أنّه عندما يُطلب من مثل هذه الأنظمة التابعة تغيير خطابها السياسي من النقيض إلى النقيض فإنّها تسمع وتُطيع امتثالاً لأولياء نعمتها، وانصياعاً لأوامر أسيادها. فالأمريكان وجدوا أنّ التقارب التركي الإيراني، ومن قبله التقارب التركي الروسي، أمر لا بُدّ منه من أجل مواجهة الثورة السورية التي يتعاظم أمرها، ويستفحل خطرها، وتستعصي على من يرومها، وأنّ إجهاضها والقضاء عليها يحتاج إلى تنسيق أكبر للمواقف التركية والإيرانية، ويتطلّب توحيد جهود الدولتين، وبشكلٍ علني، للعمل على تقويض الثورة بشكلٍ نهائي في سوريا. لكنّ انتصارات حلب الأخيرة قد أثبتت أنّ الثورة التي استطاعت أن تصمد أمام تآمر أمريكا المُتواصل، وقذائف روسيا المميتة، طوال السنوات السابقة، أقوى من أنْ تَطالها مؤامرة الأقزام عليها، وأنّها ستبقى الصخرة الكأداء التي ستتحطّم عليها كل تلك المؤامرات، فهذه ثورة مباركة لا يُمكن تصفيتها، وهي لن تنتهي ولن تتلاشى طالما أنّها تتحرّك بدوافع الإسلام، وحقيقٌ بمثلها أنْ يُثمر ينعها، وأنْ يتمخّض عنها في النهاية دولةٌ إسلامية حقيقية، تحطّ عن كاهل المسلمين ويلات عقودٍ مريرة وسنوات عجاف، ملأتها الهزائم والنكبات والكوارث، وتُعيد لخير أمّةٍ أخرجت للناس، السناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض، وما ذلك على الله بعزيز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق