أهدف التقارب التركي السعودي
إنّ دخول تركيا بهذا الثقل إلى جانب السعودية في ما سُمّي بمجلس الشراكة أو التعاون الإستراتيجي يُعتبر تقاسماً جديداً لقيادة الاقليم، في ما يُشبه القيادة الثنائية للمنطقة في مواجهة إيران المدعومة من روسيا، فتركيا تحتاج إلى قوة السعودية المالية والنفطية لتعويضها من عقوبات روسيا لها بسبب إسقاط الطائرة الروسية، والسعودية تحتاج لتركيا لمساعدتها في مواجهة إيران، وكلتاهما تحتاجان إلى بعضهما البعض في توحيد فصائل المعارضة السورية لمحاربة نظام بشار الأسد المدعوم بالقوة الروسية الهائلة، لا سيما جيش الاسلام المدعوم من السعودية وحركة أحرار الشام المدعومة من تركيا.
ومن جهةٍ أخرى فتركيا تُعاني من الأكراد السوريين الذين لم يعودوا يخفوا مطالبهم بإقامة مناطق ذات حكم ذاتي على الحدود مع تركيا، خاصة وأنّ الأمريكان يدعمونهم سراً في مطالبهم الإنفصالية، وهو الأمر الذي يُقلق الأتراك، ويُثير مخاوفهم من تشجيع أكراد تركيا على المطالبة بالإنفصال ، لا سيما بعد أن طالب زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديمرطاش بالفعل بمنح أكراد تركيا حكماً ذاتياً، فتركيا تحتاج إلى وقوف السعودية معها في التصدي لهذه المطالب، وبالمقابل تحتاج السعودية إلى دعم تركيا لمواجهة الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.
إنّ تطابق المصالح في هذه الملفات بين تركيا والسعودية، إضافة إلى الإعتبار الطائفي - كما تراه أمريكا والغرب - كون البلدين يغلب على قاطنيهما المذاهب السنّية، جعل التحالف بينهما بمثابة قيادة سياسية للبلدان السنّية، أو ما يُسمّونه بالتحالف الإسلامي في مواجهة إيران التي تتزعم قيادة الطوائف الشيعية في العالم.
ولقد استفادت السعودية فوراً من هذا التحالف الاستراتيجي الجديد بينها وبين تركيا فقامت بإعدام الناشط الشيعي السعودي نمر النمر، مع أنّ الدولة السعودية كانت من قبل خائفة ومترددة قبل تشكيله من الإقدام على هذا مثل هذه الخطوة الجريئة.
والذي ساعد على إنشاء هذه القيادة الثنائية التركية السعودية للمنطقة العربية وتركيا هو غياب الدور المصري، وذلك بسبب تراجع أداء الدولة المصرية بعد الإنقلاب على كل المستويات، وهزال الاقتصاد المصري، وضعف قيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وانشغاله بتوافه الأمور السياسية، إضافة إلى فتورالعلاقات السعودية المصرية.
لذلك شرعت الدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة بتحرّكات نشطة، وبدأت تخوض غمار تنافس محتدم فيما بينها، ليكون لها النفوذ الأكبر في مناطق الصراع بما يدفع عنها الأذى، وبما يعود عليها بالمزيد من المنافع.
لذلك شرعت الدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة بتحرّكات نشطة، وبدأت تخوض غمار تنافس محتدم فيما بينها، ليكون لها النفوذ الأكبر في مناطق الصراع بما يدفع عنها الأذى، وبما يعود عليها بالمزيد من المنافع.
وتأتي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية في ظل تراجع الإهتمامات الأمريكية بالمنطقة، وترك الإدارة الأمريكية للكثير من أمورها بيد شركائها وأتباعها وعملائها، بينما تتفرّغ هي أكثر على صعيد الشؤون الخارجية إلى شرق آسيا الأكثر أهمية بالنسبة إليها، وتستمر في العمل على تحجيم الصين فيها، فيما تنكفئ على صعيدالشؤون الداخلية إلى أوضاعها المحلية ،خاصة ما يتعلّق بانتخاباتها العامة، والتي ستجري حسب ما هو مقرر في أواخر العام الجاري.
ومن هنا جاءت زيارة أردوغان إلى السعودية وهي الثالثة منذ تسلم الملك سلمان - ومجموعة السديريين الأكثر ولاءاً لأمريكا تاريخياً- دفة الحكم في الدولة، وكان القصد من الزيارة تعزيز التحالف بين تركيا والسعودية لمواجهة تحالف إيران مع روسيا، وتنسيق العمل المشترك في عدة ملفات أخرى، وعلى رأسها ملفات محاربة الاسلام السياسي تحت شعار محاربة الارهاب، ومعالجة الملفين السوري واليمني، ومقاومة الدورين الروسي والايراني المتعاظمين فيهما، بالإضافة إلى مناقشة الملفات الثنائية المشتركة بين البلدين مثل الطاقة والأمن والتجارة والاستثمار والاقتصاد والتعليم.
ولدى عودته من السعودية صرّح أردوغان في مؤتمر صحفي عقده في مطار اسطنبول بأنّ أهم خطوة تمّ اتخاذها في زيارته هي قرار إنشاء مجلس الشراكة الإستراتيجي بين البلدين، وكان أردوغان قد أعلن بوضوح أنّ تركيا تقف إلى جانب السعودية في اليمن، ويمكن التفكير بتقديم دعم لوجستي للسعودية باليمن اعتماداً على مجريات الوضع.
إنّ هذا التعاون الثنائي بين تركيا والسعودية يُعتبر الأقوى منذ بدء العلاقات بينهما في العام ١٩٢٩، وكان لحفاوة الاستقبال التي لقيها أردوغان في الرياض دليلاً - وفقاً لمنطق الأعراف الدبلوماسية - على قوة الشراكة الجديدة بين الدولتين، وعلى مدى متانة التعاون بينهما في أهم الملفات التي تمّ بحثها.
فأهم أهداف أردوغان من زيارته للسعودية إنشاء تحالف بين أكبر قوتين محسوبتين على السنة لمواجهة القوة الإيرانية المدعومة مباشرة من روسيا، وبالتنسيق مع أمريكا التي شهد وزير خارجيتها جون كيري بأنّ إيران قد طبٌقت أهم بند من بنود الإتفاقية النووية التي وقّعتها مع الدول الكبرى الست، وهو ما يعني رفع العقوبات عنها، ودمجها في المجتمع الدولي، والسكوت عن تدخلها وتمددها في مناطق النزاع في سوريا والبحرين واليمن وغيرها.
وهكذا تفتح أمريكا المجال واسعاً لصراع دائم في المنطقة، يستنزف مواردها وخيراتها وقواها، لتبقى هي من يُسيطر علي دولها بأبسط التكاليف وأقل الخسائر، بينما تكتوي الشعوب بنزاعات طويلة لا تنتهي، تأكل الأخضر واليابس، وتُشغل المنطقة بدوامة من الفوضى لا تُمكّنها من الاستقرار، وكل ذلك يجري بسبب حفنة من الحكام العملاء الذين يوالون أعداء الأمّة، ويبطشون بشعوبها، ويسلبونهم سلطانهم، ويذيقونهم مرارة الحكم بغير ما أنزل الله، ويسلبونهم كرامة العيش في ظل رفعة الإسلام.
هناك تعليقان (2):
http://saudiauto.com.sa
______________________
name الاسم
thank you
اخبار السيارات
_______________________
الايميل email بريد الكتروني
saudiauto7@gmail.com
________________________
التعليق comment
thank you
اخبار السيارات
جيد
إرسال تعليق