الأربعاء، 24 يونيو 2015

قلق تركيا من تمدد الأكراد على حدودها مع سورية



قلق تركيا من تمدد الأكراد على حدودها مع سوريا





إنّ توسع رقعة الأرض التي بات الأكراد يسيطرون عليها شمالي سوريا والمحاذية للحدود التركية لا شك أنّها باتت تُقلق الدولة التركية بشكل حقيقي، فقد عبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قلقه البالغ تجاه هذا التوسع، واتهم الغرب باستبدال جماعات إرهابية بمثيلاتها شمال سوريا، مشيراً إلى القوات الكردية التي تتبع حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره تركيا الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني المتصدر قائمة الإرهاب لديها.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية التركية، تانجو بيلكيج، رفض بلاده المطلق لأي كيانٍ كردي في شمال سوريا. وقال إن أنقرة :" تراقب التطورات هناك عن كثب، ولن تتردد في اتخاذ أي موقف عملي لحماية أمنها ومصالحها في المنطقة"، وأكّد أنها:" لن تقبل إقامة منطقة حكم ذاتي كردية شمال سوريا".
فالمكاسب العسكرية التي حقّقها الأكراد في شمال سوريا والتي لاقت ارتياحاً واسعاً لدى أمريكا والغرب بشكل عام، قد أثارت مخاوف الأتراك بشكل لافت انعكس في كل وسائل الاعلام التركية، فلامست تلك المكاسب الكردية على الأرض ردة فعل تركية غاضبة، وعبّرت عن توتر شديد كان بمثابة دق لناقوس الخطر بالنسبة لمستقبل تركيا نفسها.
 فبعد استعادة الأكراد لكوباني (عين العرب) في كانون الثاني/ يناير الماضي، ألحق مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الغارات الجوية للتحالف الدولي هزيمة نكراء بمقاتلي تنظيم الدولة وذلك بعد طردهم من مدينة تل أبيض الاستراتيجية التي كانوا يحتلونها منذ عام تقريبا، وهو ما يُمثل انتصاراً كبيراً بالنسبة للأكراد، لأنّ المناطق الكردية المتباعدة والمنفصلة قد أصبح فيها قابلية لربطها معاً بعد سقوط تل أبيض، فأصبحت مناطق الحسكة والقامشلي في الشمال الشرقي لسوريا متواصلة لأول مرة  مع عين العرب في الشمال الأوسط لسوريا .
وقد وصف الخبير العسكري جاهد أرمغان التطورات الأخيرة في شمال سوريا بأنها :" نذر لبدء الأكراد بشكل فعلي بإقامة دولة كردستان الكبرى".
كما اتهم نائب رئيس الوزراء بولند ارينتش الأكراد بإطلاق حملة تطهير إثني ضد الأقليات الأخرى في تل أبيض، وغالبيتهم من العرب والتركمان، وبالسعي إلى إقامة منطقة للحكم الذاتي تمتد من العراق حتى كوباني في محافظة حلب السورية.

وقد ردت وحدات حماية الشعب الكردية على تلك الاتهامات التركية ووصفتها بأنها تشهير، وأكدت في بيان لها نفت فيه المزاعم التركية بالقول "نكرر بوضوح أن وحدات حماية الشعب تدافع عن وحدة أراضي سوريا وليس تفككها".
لكن هذا النفي الكردي لم يُبدد مخاوف الأتراك من تكرار سيناريو إقامة منطقة حكم ذاتي كردي على غرار منطقة كردستان العراق، وهو ما قد يُشجع الأكراد في كل من سوريا والعراق في المستقبل على دمج مناطقهم في كيان واحد مستغلين حالة الضعف الشديد التي يمر بها البلدان، وهو ما يُشكّل خطراً مؤكداً على أكراد تركيا الذين يُشكلون خمس السكان في تركيا نفسها.
فسقوط مدينة تل أبيض بيد الأكراد وبدعم جوي من قوات التحالف بقيادة الأمريكيين، ودحر قوات تنظيم الدولة الاسلامية بهذه السهولة خاصة بعد رفض أمريكا لمقترح تركيا بإقامة منطقة عازلة في الشريط الحدودي المحاذي لتركيا، كل ذلك يعني أنّ أمريكا أصبحت تُدير ظهرها لتركيا والتي تُعتبر من ناحية دولية من أهم حلفائها في المنطقة، بينما تقوم بدعم الأكراد الانفصاليين.
إنّ تحقيق هذه الانجازات الكردية ما كان ليحصل لولا الدعم الأمريكي الحقيقي للأكراد، وما يثير العجب في الموضوع هو هزيمة تنظيم الدولة - الذي لا يُجيد الا القتال - أمام وحدات حماية الشعب الكردية التي لا يملك مقاتلوها أية قوة عقائدية ذات بال، والتي تضم الكثير من النساء في صفوفها، بينما في المقابل يكتسح التنظيم مدن كبرى كالرمادي وينتزعها من الجيش العراقي الذي لا يُقارن من حيث قوته مع قوة وحدات حماية الشعب الكردية.

لعل ما يُزيل العجب من هذه المفارقة معرفة أنّ أمريكا غير جادة في دعم الجيش العراقي، بينما تضع كل ثقلها في دعم الأكراد، وهدفها بات واضحاً ألا وهو تمزيق العراق وسوريا إلى كيانات طائفية وعرقية، وهو الأمر الذي يزعج تركيا حقيقة، فهي وان كانت تدور في فلك أمريكا، إلا أنها لا يمكن أن تُوافق على مثل هذه المشاريع كونها تُهدد وجودها.