هذه مدونة سياسية خاصة غير متأثرة بأي وجهة نظر سياسية حكومية ولا محسوبة على أية جهة رسمية. والمواد السياسية المنشورة فيها متجددة متنوعة تتضمن عناوين إخبارية وتعليقات سياسية وأبحاث سياسية ومواد أخرى.أرحب بجميع المشاركات والتعقيبات والاستفسارات ذات الصلة.
الخميس، 31 ديسمبر 2015
السبت، 26 ديسمبر 2015
السبت، 19 ديسمبر 2015
الخميس، 17 ديسمبر 2015
بريطانيا وفرنسا تُحضّران لغزو ليبيا
(خبر وتعليق)
الخبر:
نقلت صحيفة التليجراف البريطانية عن مصادر في الحكومة
البريطانية:" إنّه وسط مخاوف من أن يستخدم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية
معقلاً جديداً على طول امتداد ساحل البحر المتوسط لاستهداف أوروبا فإنّ بريطانيا
قد تشن عملاً عسكرياً في ليبيا"، وقال توبياس الوود وزير شؤون الشرق
الأوسط في الخارجية البريطانية :"إنّه في المناطق التي أوجد فيها تنظيم
الدولة موطئ قدم على طول البحر الأبيض المتوسط نحن نعمل بشكل وثيق مع الشركاء
الدوليين لتحديد أماكن وجودها وكيفية التصدي لها"، وأفاد مصدر حكومي سُئل
عمّا إذا كانت ليبيا يُمكن أن تكون الهدف التالي للتدخل العسكري البريطاني فقال:"
الأمور تسير في هذا الاتجاه".
وأمّا فرنسا فقد أعلنت أنّها
قد أرسلت طائرات للتجسس فوق ليبيا لتقويم حجم التهديد الذي يُشكّله تنظيم الدولة
في ليبيا وذلك بحسب ما قال المسؤولون الفرنسيون، ودعا رئيس الوزراء الفرنسي مانويل
فالس إلى:" توسيع الجهود الدولية لسحق مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية
لتمتد إلى منطقة شمال إفريقيا".
التعليق:
تأتي هذه التصريحات والتحركات البريطانية والفرنسية بالتزامن مع
الأخبار التي تحدثت عن التوقيع على اتفاق صخيرات بين جماعة المؤتمرالوطني العام في
طرابلس وجماعة برلمان طبرق على نحوٍ مفاجئ، وذلك بعيد استقالة المبعوث الأممي
السابق التابع لأمريكا الذي كان يسعى - على ما يبدو - إلى توسيع شقة الخلاف بين
الجماعتين بدلاً من التقريب بينهما.
والظاهر أنّ أمريكا كانت تستخدم المبعوث السابق لضرب النفوذ الأوروبي
وتقوية عميلها حفتر، لكنّها وإن نجحت على المدى القريب فإنّها لم تنجح على المدى
الأبعد في تثبيت عميلها، واختراق صفوف جماعة عملاء الانجليز طويلاً، لذلك فها هم
عملائهم في طرابلس وطبرق يعودون للوقوف
جبهة واحدة أمام الأمريكان وعملائهم، وذلك بعد توقيع الاتفاق الذي ينص على إقامة
حكومة موحدة تجمع الطرفين، وبالتالي فلم يبق أمام أمريكا لتخريب التقارب بين
الفرقاء الليبيين التابعين للأوروبيين إلا استخدام ورقة تنظيم الدولة لمحاولة منع
سيطرة الأوروبيين على ليبيا، لذلك كان التفكير بمهاجمة التنظيم عسكرياً أمر ضروري
بالنسبة لبريطانيا وفرنسا لإعادة فرض الهيمنة الأوروبية الكاملة على ليبيا.
وهكذا
تبقى بلاد المسلمين مسرحاً للصراع العالمي بين القوى العظمى، ومكاناً للغزو
والاجتياح، ويبقى أبناء الشعوب الاسلامية ضحايا لهذا الصراع وذلك الغزو، وما كان
ذلك ليكون لولا حفنة من الحكام العملاء والخونة، عادوا شعوبهم، ووالوا أعداء
الأمة، وأسلموها للغزاة المستعمرين. الأربعاء، 16 ديسمبر 2015
خطورة عدم وجود مشروع تغيير حقيقي لدى الحركات والجماعات الاسلامية العاملة في الأمة
خطورة عدم وجود مشروع تغيير حقيقي لدى الحركات والجماعات الاسلامية العاملة في الأمّة
لقد أصاب الكثير من الحركات والجماعات الإسلامية العاملة في الأمّة ظاهرةٌ خطيرةٌ لافتة للنظر، وهي أنّها عندما تبدأ بالعمل الدعوي ترفع شعارات برّاقة عن التغيير والإصلاح والنهضة، ثمّ ما تلبث أن ينتهيَ بها المطاف لتصبح جزءاً من أجهزة الأنظمة الحاكمة التي قامت أصلا للعمل على تغييرها، ولتقع بعد ذلك في شباك وفخاخ الدول الغربية المستعمِرة التي تتحكم بتلك الأنظمة العميلة، فتستعملها هذه الدول المستعمِرة في النهاية كما تستعمل تلك الأنظمة التابعة لها لتركيز نفوذها في بلادنا، وتُصبح بذلك هذه التكتلات كالأنظمة تماماً، وتتحول من سلاح يخدم الأمّة إلى سلاح يطعنها من الخلف، وتصير أداة من أدواتها التي تتلاعب بها الدول المستعمرة كما تشاء، بعد أن كانت أمل الأمّة في النهوض والارتقاء. ومن المؤكد أنّ السبب الوحيد لهذه الانتكاسة الفظيعة المتكرّرة التي تُصيب تلك الجماعات والحركات الإسلامية، هو عدم امتلاكها لمشروع نهضوي حقيقي للتغيير يتعلق بالأمّة، وبمعنى آخر عدم تقديم الفكرة الإسلامية بوصفها أساسا للنهضة الصحيحة وعدم جعلها أساسا للمعالجات المتعلقة بالحكم والاقتصاد والقضاء والعقوبات والاجتماع والتعليم والسياسة الداخلية والخارجية للناس، وإنّ ما تملكه هذه المجموعات لا يزيد عن كونه شعارات وتعابير لفظية لا واقع لها. أمّا بالنسبة لصفة التدين التي تغلب على الأفراد فإنّها لا تمنح الحركات مشروعاً سياسياً تغييرياً يتعلق بالأمّة، فلا يكفي وجود الصبغة الإسلامية التي يصطبغ بها أفراد تلك الحركات والجماعات في عباداتهم وصفاتهم ومسلكياتهم التي قد يطغى عليها عنصر التدين الفردي، فهذه السمات الفردية لا تعني أنّ هذه التكتلات تحمل مشروعاً إسلامياً، لأنّ مسألة النهضة والتغيير لا تتعلق بالأفراد قطعاً، وإنّما تتعلق بالمجتمعات والكيانات، وما ينطبق على الفرد لا ينطبق على الجماعة، وما يصلح للفرد لا يصلح للجماعة، فللفرد مقومات وللجماعة مقومات، ومقومات الفرد لا تتطابق مع مكونات الجماعة، والتداخل بينهما يُربك العمل، ويُلبس المفاهيم ويُفسد النتائج. فبالإضافة إلى أنّ معظم هذه المجموعات لا يوجد لديها فكرة واضحة عن المبدأ، ولا طريقة محدّدة وثابتة للتطبيق والعمل، فهي أيضاً لا تُدرك حقيقة عمالة الأنظمة الحاكمة للدول الكبرى، وبالتالي لا يوجد عندها مانع من العمل معها، والدفاع عن مشروعيتها، وإخفاء عوراتها، وتدعيم أسس بنيانها، وإطالة عمرها. ومن الأمثلة الحديثة على سقوط مثل تلك الجماعات في شراك الدول الكبرى: قبول بعض الفصائل المسلحة في سوريا والتي ترفع بعض الشعارات الإسلامية للدعم العسكري والاقتصادي والمال السياسي من قبل تركيا وقطر والسعودية، أدّى إلى ارتماء هذه الفصائل في أحضان هذه الدول التابعة للغرب، وارتمائها بالتبع في أحضان الدول الكبرى، وخضوعها بالتالي للأجندة الدولية الكافرة في السير وفق مشاريع الكفر في السياسة والفكر. ومجرد حضور ممثلين عن تلك الفصائل في مؤتمر الرياض للفصائل المعارضة للنظام السوري يعني تخليها تماماً عن المشروع الإسلامي السياسي، لأنّ المؤتمر عُقد بإشارة من أمريكا، وتحت شعارات الدولة المدنية والديمقراطية والتعددية التي تفرضها الدول الغربية على المؤتمرين، وعلى كل من تقبله هذه الدول للدخول في أطرها السياسية، ولم يُذكر في المؤتمر حتى فكرة الهُوية الإسلامية لسوريا التي طالبت فيها بعض تلك الفصائل "الإسلامية". فكل هذه الحركات التي شاركت في المؤتمر أقرّت بقيادة الائتلاف الوطني التابع لأمريكا لها، وكالت الأماديح للدولة السعودية التابعة المموّلة للمؤتمرين، ورضيت بقرارات سياسية وفكرية لا صلة لها بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد. وهذه الحركات فوق كونها باعت نفسها للأنظمة العميلة بثمن بخس، فهي كذلك قد شقّت الصف الإسلامي للثورة في سوريا، وأضعفت من قوة الفصائل الثورية المقاتلة على الأرض، وسهّلت إدخال نفوذ الدول العميلة إلى داخل المجموعات الثورية، وشكّكت بالقوى المجاهدة المخلصة، وأفسدت الأجواء السياسية داخل المجاميع السياسية والثورية بشكل عام في عموم المناطق السورية المحرّرة. إنّ كل الحركات الإسلامية التي شاركت الأنظمة الحاكمة في جزء من كعكة السلطة لم تجنِ من مشاركتها إلا الخيبة والخسران المبين، فحركة مجتمع السلم التي شاركت في الحكومات الجزائرية المتعاقبة بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات، والانقلاب عليها أوائل تسعينات القرن الميلادي الماضي، فهذه الحركة ومشتقاتها قد منحت البراءة والشرعية للنظام الجزائري الحاكم المجرم الذي قام بذبح مئات الآلاف من أهل الجزائر في العشرية السوداء مقابل حقيبتين وزاريتين أو ثلاث حقائب! وحركة العدالة والتنمية في المغرب وبعد بلوغها السلطة قد أضفت القداسة على الملك محمد السادس، ومنحته الشرعية للاستمرار في عمالته وغيّه وفساده وإفساده مقابل رئاسة حكومات عميلة عاجزة مفلسة وهزيلة! وحركة النهضة في تونس والتي تقاسمت السلطة مع العلمانيين فيها، لم تُشارك في القضاء على الثورة التونسية وحسب، بل وساهمت أيضاً في إعادة حكم بقايا "البورقيبية" السياسية العلمانية الكافرة العميلة، والمعادية لكل ما هو إسلامي في تونس! والإخوان المسلمون في مصر وبعد أن تخلوا عن شعار الإسلام هو الحل، استُخدموا أولاً في إنهاء الثورة في مصر، ثمّ أعيد استخدامهم مرةً ثانية في تبييض صورة قادة الجيش المصري، وإعادتهم مرّة ثانية إلى السلطة كأباطرة وأشباه آلهة لحكم مصر بالحديد والنار! وأمّا حزب العدالة والتنمية في تركيا والذي رسمت له أمريكا صورة مشرقة عن الإسلام السياسي بوصفه النموذج المفضل لديها للحكم في البلاد الإسلامية، فقد أُوصل إلى الحكم ولكن بعد تخليه علانيةً عن الإسلام كمشروع حكم، وإعلانه بصراحة ووقاحة عن علمانيته وديمقراطيته، واعتداده بالحريات الرأسمالية التي توصل إلى مفاهيم الشذوذ البهيمية، وتحالفه سياسياً مع أمريكا، وتقاربه فكرياً مع الأوروبيين، وسعيه الدؤوب للاندماج في الاتحاد الأوروبي، واتكائه على الرأي العام الإسلامي العاطفي المستمد من الشعوب المسلمة التي تؤيد بمشاعرها الفطرية كل من تظهر عليه السمات الإسلامية ولو تضليلاً، لتمنحه دعاية وشعبية كبيرة يحتاج إليها في ترسيخ الفكر الديمقراطي الرأسمالي الكافر في قلب العالم الإسلامي! وهكذا نجد أنّ سبب فشل كل هذه الحركات والتنظيمات الإسلامية يرجع إلى سبب واحد ووحيد: ألا وهو غياب المشروع الإسلامي المبدئي للتغيير غياباً كاملاً من أجندتها، والاقتصار منه على المظاهر الفردية التي لا شأن لها بالنهضة ولا بالتغيير.
الأحد، 13 ديسمبر 2015
هل حان أوان تشكيل قوات برية للتدخل في سوريا؟
هل حان أوان تشكيل قوات برية للتدخل في سوريا؟
لقد دأب في الآونة الأخيرة الكثير من المسؤولين الدوليين - لا
سيما الأمريكيين منهم - على الحديث عن ضرورة إيجاد قوات برية لقتال تنظيم الدولة،
باعتبار أنّ الضربات الجوية التي تقوم بها
قوات_التحالف بقيادة أمريكية لا تكفي لهزيمة التنظيم، وقد تحدث وزير
الخارجية الأمريكي صراحة عن قوات سورية وعربية للاشتراك في محاربة التنظيم، وما قد
يُطرح في هذا الصدد من أسئلة هي: هل تُخطّط أمريكا لتشكيل قوات برّية من دول
عربية ومحلية وإقليمية للتدخل في سوريا بذريعة محاربة الإرهاب؟ وهل تُنسّق أمريكا ذلك مع
القوى العظمى الأخرى؟ وما هي الأهداف الحقيقية لهذا التدخل؟
لقد بدأت بالفعل بوادر القوات البرية بالتشكل في سوريا و العراق لقتال تنظيم الدولة الإسلامية، فقد دخل فوج تركي قوامه أكثر من مائة وثلاثين جندياً شمال الموصل في العراق، مصحوباً بثلاثين دبّابة، وعديد من العتاد العسكري.
وتشكّل خليط من القوات البرية من حزب_الاتحاد_الديمقراطي_الكردي ومن عشائر سنية تحت اسم قوات سوريا الديمقراطية في منطقة الحسكة شمال شرق سوريا، وذلك للتحضير للهجوم على مدينة الرقة عاصمة تنظيم الدولة في سوريا.
كما تمّ رفد تنظيم الجبهة الجنوبية (المحسوب على الجيش_الحر) بالمزيد من الرجال
و السلاح، وهذه الجبهة هي التي أعلن عنها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد_كاميرون بأنّها من أهم القوات البرية التي ستعتمد عليها القوات البريطانية الجوية في ضرب تنظيم الدولة، وهي الآن بصدد توسيع نفوذها في جنوب سوريا بدعمٍ من الأردن.
كما استدعت تركيا قوات سورية تركمانية، وقوات من أحرار_الشام، وقوات أخرى من المعارضة للتهيؤ لقتال تنظيم الدولة شمال مدينة حلب.
وما زالت أمريكا تُصرّ على ضرورة قيام المعارضة بمقاتلة تنظيم الدولة أولاً، وتُطالب بنوع من التعاون والهدن بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية.
وبدأت القوى الدولية الأخرى بتبني نفس الهدف، وكان آخر هذه القوى فرنسا التي طالب وزير خارجيتها بإقرار الرئيس بشار_الأسد في السلطة لما بعد الفترة الانتقالية، وإشراك قوات الأسد مع قوات المعارضة في قتال تنظيم الدولة.
إنّ هذه التحركات البرية المتسارعة تتزامن مع ازدحام الأجواء السورية بالطائرات الأمريكية والروسية والفرنسية والبريطانية، وفي ذلك نوع من السير في طريق بسط النفوذ لتلك الدول على المناطق السورية، بعد التخلص من وجود تنظيم الدولة.
فأمريكا هي التي جلبت دول العالم إلى سوريا - لا سيما الكبرى منها - لتبدأ من هناك إعادة رسم العلاقات_الدولية من جديد، وإعادة تشكيل موقف دولي جديد بقيادتها، لأنّها بحاجة إلى تلك الدول لكسر شوكة أهل الشام المطالبين بالمشروع الإسلامي وبدولة الخلافة_الإسلامية_على_منهاج_النبوة.
وقد اتفقت الدول الكبرى على تكليف الأردن بتصنيف التنظيمات الإرهابية ثمّ عرضها علىالأمم_المتحدة، وكُلّفت السعودية باستضافة تلك القوى، لتحضيرها، وترتيبها، ومن ثمّ للدخول في معركة شاملة مع تنظيم الدولة قبل الدخول في حرب مع النظام، وهذا ما أصرت عليه أمريكا منذ زمن بعيد.
ستخوض القوى_الكبرى منتصف هذا الشهر مفاوضات شاقة في أمريكا لاستكمالمؤتمر_جنيف3، وستتركّز تلك المفاوضات حول قوى المعارضة المؤهلة للاستخدام في محاربة تنظيم_الدولة، وستسعى القوى الكبرى والإقليمية المشارِكة في الاجتماع للعمل على دمج بعض الفصائل الإسلامية ضمن قائمة القوى المقبولة دولياً - لا سيما الجبهة الإسلامية وحركة أحرار الشام - ضمن القوات البرية التي ستُستخدم في محاربة تنظيم الدولة.
إنّ إشغال التنظيمات المسلحة في المعارضة السورية بقتال تنظيم الدولة هو هدف مهم لدى أمريكا تسعى لتحقيقه منذ زمن بعيد، وذلك للحفاظ على بشار الأسد في السلطة ريثما تجد البديل المناسب.
تتجه الاستراتيجية الأمريكية في سوريا باتجاه منح الأكراد السيطرة على المناطق الشمالية الشرقية، لذلك منعت أمريكا الأتراك من المس بهم، واستثمرت الأزمة الروسية التركية من أجل إبعاد تركيا عن تلك المناطق، وقام الطيران الأمريكي بدور فعّال في حمايتهم من تنظيم الدولة.
أمّا بالنسبة لمنطقة الساحل فهي في نظر أمريكا مضمونة للنصيريين، وتستخدم أمريكا الروس في تثبيتها لهم، ويُحاول الروس من جهتهم، ومعهم الإيرانيون، إضافة العاصمة دمشق و حمص وما بينهما وبين الساحل من أراضٍ لتكوين ما يُسمّى بسوريا المفيدة، لتكون كل هذه المناطق بيد النصيريين و الشيعة، لكن أمريكا لم تحسم ذلك بعد، فيما تترك المناطق الداخلية والجنوبية والشرقية من سوريا للسنّة، ثمّ تقوم بربط كل تلك المناطق بنظام كونفدرالي مرن تابع لأمريكا فيه قابلية للانقسام في أي وقت.
وهذه الخطط الأمريكية تحتاج لتنفيذها إلى قوات برية، كما تحتاج إلى وجود القوى الكبرى لمساندتها، ومساعدتها.
لكنّ الأمور في سوريا لا تسير وفق ما تشتهي أمريكا، فالحاضنة الشعبية الإسلامية في سوريا أقوى من أن تُمرّر أمريكا عليها المؤامرة، فلن تسمح لأمريكا ولا لشركائها الدوليين بتمزيق سوريا مذهبياً وقومياً، ولن تقبل بأقل من دولة إسلامية حقيقية تطرد أمريكا، ومن معها من الدول الكبرى المستعمرة والحاقدة، من بلاد_الشام طرداً كلياً.
لقد بدأت بالفعل بوادر القوات البرية بالتشكل في سوريا و العراق لقتال تنظيم الدولة الإسلامية، فقد دخل فوج تركي قوامه أكثر من مائة وثلاثين جندياً شمال الموصل في العراق، مصحوباً بثلاثين دبّابة، وعديد من العتاد العسكري.
وتشكّل خليط من القوات البرية من حزب_الاتحاد_الديمقراطي_الكردي ومن عشائر سنية تحت اسم قوات سوريا الديمقراطية في منطقة الحسكة شمال شرق سوريا، وذلك للتحضير للهجوم على مدينة الرقة عاصمة تنظيم الدولة في سوريا.
كما تمّ رفد تنظيم الجبهة الجنوبية (المحسوب على الجيش_الحر) بالمزيد من الرجال
و السلاح، وهذه الجبهة هي التي أعلن عنها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد_كاميرون بأنّها من أهم القوات البرية التي ستعتمد عليها القوات البريطانية الجوية في ضرب تنظيم الدولة، وهي الآن بصدد توسيع نفوذها في جنوب سوريا بدعمٍ من الأردن.
كما استدعت تركيا قوات سورية تركمانية، وقوات من أحرار_الشام، وقوات أخرى من المعارضة للتهيؤ لقتال تنظيم الدولة شمال مدينة حلب.
وما زالت أمريكا تُصرّ على ضرورة قيام المعارضة بمقاتلة تنظيم الدولة أولاً، وتُطالب بنوع من التعاون والهدن بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية.
وبدأت القوى الدولية الأخرى بتبني نفس الهدف، وكان آخر هذه القوى فرنسا التي طالب وزير خارجيتها بإقرار الرئيس بشار_الأسد في السلطة لما بعد الفترة الانتقالية، وإشراك قوات الأسد مع قوات المعارضة في قتال تنظيم الدولة.
إنّ هذه التحركات البرية المتسارعة تتزامن مع ازدحام الأجواء السورية بالطائرات الأمريكية والروسية والفرنسية والبريطانية، وفي ذلك نوع من السير في طريق بسط النفوذ لتلك الدول على المناطق السورية، بعد التخلص من وجود تنظيم الدولة.
فأمريكا هي التي جلبت دول العالم إلى سوريا - لا سيما الكبرى منها - لتبدأ من هناك إعادة رسم العلاقات_الدولية من جديد، وإعادة تشكيل موقف دولي جديد بقيادتها، لأنّها بحاجة إلى تلك الدول لكسر شوكة أهل الشام المطالبين بالمشروع الإسلامي وبدولة الخلافة_الإسلامية_على_منهاج_النبوة.
وقد اتفقت الدول الكبرى على تكليف الأردن بتصنيف التنظيمات الإرهابية ثمّ عرضها علىالأمم_المتحدة، وكُلّفت السعودية باستضافة تلك القوى، لتحضيرها، وترتيبها، ومن ثمّ للدخول في معركة شاملة مع تنظيم الدولة قبل الدخول في حرب مع النظام، وهذا ما أصرت عليه أمريكا منذ زمن بعيد.
ستخوض القوى_الكبرى منتصف هذا الشهر مفاوضات شاقة في أمريكا لاستكمالمؤتمر_جنيف3، وستتركّز تلك المفاوضات حول قوى المعارضة المؤهلة للاستخدام في محاربة تنظيم_الدولة، وستسعى القوى الكبرى والإقليمية المشارِكة في الاجتماع للعمل على دمج بعض الفصائل الإسلامية ضمن قائمة القوى المقبولة دولياً - لا سيما الجبهة الإسلامية وحركة أحرار الشام - ضمن القوات البرية التي ستُستخدم في محاربة تنظيم الدولة.
إنّ إشغال التنظيمات المسلحة في المعارضة السورية بقتال تنظيم الدولة هو هدف مهم لدى أمريكا تسعى لتحقيقه منذ زمن بعيد، وذلك للحفاظ على بشار الأسد في السلطة ريثما تجد البديل المناسب.
تتجه الاستراتيجية الأمريكية في سوريا باتجاه منح الأكراد السيطرة على المناطق الشمالية الشرقية، لذلك منعت أمريكا الأتراك من المس بهم، واستثمرت الأزمة الروسية التركية من أجل إبعاد تركيا عن تلك المناطق، وقام الطيران الأمريكي بدور فعّال في حمايتهم من تنظيم الدولة.
أمّا بالنسبة لمنطقة الساحل فهي في نظر أمريكا مضمونة للنصيريين، وتستخدم أمريكا الروس في تثبيتها لهم، ويُحاول الروس من جهتهم، ومعهم الإيرانيون، إضافة العاصمة دمشق و حمص وما بينهما وبين الساحل من أراضٍ لتكوين ما يُسمّى بسوريا المفيدة، لتكون كل هذه المناطق بيد النصيريين و الشيعة، لكن أمريكا لم تحسم ذلك بعد، فيما تترك المناطق الداخلية والجنوبية والشرقية من سوريا للسنّة، ثمّ تقوم بربط كل تلك المناطق بنظام كونفدرالي مرن تابع لأمريكا فيه قابلية للانقسام في أي وقت.
وهذه الخطط الأمريكية تحتاج لتنفيذها إلى قوات برية، كما تحتاج إلى وجود القوى الكبرى لمساندتها، ومساعدتها.
لكنّ الأمور في سوريا لا تسير وفق ما تشتهي أمريكا، فالحاضنة الشعبية الإسلامية في سوريا أقوى من أن تُمرّر أمريكا عليها المؤامرة، فلن تسمح لأمريكا ولا لشركائها الدوليين بتمزيق سوريا مذهبياً وقومياً، ولن تقبل بأقل من دولة إسلامية حقيقية تطرد أمريكا، ومن معها من الدول الكبرى المستعمرة والحاقدة، من بلاد_الشام طرداً كلياً.
الأربعاء، 9 ديسمبر 2015
السبت، 5 ديسمبر 2015
الخميس، 26 نوفمبر 2015
حقيقة الخلافات الروسية الإيرانية في الشأن السوري
حقيقة الخلافات الروسية الإيرانية في الشأن
السوري
من الطبيعي أن يكون لروسيا
موقف سياسي في سوريا مغاير للموقف الإيراني، فروسيا دولة عظمى وليست دولة إقليمية،
وهي بلا شك ما زالت دولة مستقلة، بل وتُحاول مزاحمة أمريكا على زعامتها للعالم،
ولا يُعقل أن يتطابق موقفها العالمي هذا مع الموقف الإيراني الإقليمي، وهي تعلم أن
اهتمامات إيران في التوسع يتعلّق بكونها دولة مذهبية قومية لا تتعدّى بلوغ الريادة
في الإقليم، ومنافسة تركيا والسعودية وكيان يهود على أحسن تقدير، كما وتعلم روسيا
أنّ إيران إمّا أن تكون دولة تابعة لأمريكا، وإمّا أنّها تدور في فلكها، وهي قد
واكبت تعاون إيران الفعلي مع أمريكا على مدى العقود الأخيرة في أفغانستان والعراق،
وتُلاحظ هذا التعاون حالياً في سوريا
واليمن والبحرين ولبنان وفلسطين، لذلك فهي تُدرك تمام الإدراك موقف أمريكا
المتواطئ مع إيران في الملف النووي، وتعي جيداً أنّ الشتائم التي يُوجّهها
السياسيون والإعلاميون الإيرانيون ضد أمريكا ما هي إلاّ سوى وسائط لتكريس الزعامة، وللإستهلاك الإعلامي المحلي،
بينما مواقف الدولة الإيرانية الحقيقية تتجلّى في خدمة الإستراتيجية الأمريكية في
الخليج خصوصاً، وفي منطقة الشرق أوسط بشكل
عام، وتعلم أنّه لولا مواقف أمريكا المتساهلة معها لما تمدّد النفوذ الإيراني،
ولما تمكّنت من التدخل في شؤون تلك البلدان.
ولو استعرضنا بالأدّلة حجم
الخلافات بين روسيا وإيران في سوريا لوجدناها في حالة اضطراد متسارع يومياً، ولم
يعُد بالإمكان التستر عليها.
ولنبدأ أولاً باستعراض
المواقف السياسية الإيرانية المخالفة للمواقف الروسية، فقد نقلت وكالة مهر
الإيرانية عن القائد العام للحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري في طهران قوله:"
إنّ جارتنا الشمالية (روسيا) التي جاءت
تُساعد في سوريا، وتُقدّم المساعدات بحثاً عن مصالحها، وغير سعيدة بالمقاومة
الإسلامية ( حزب الله والميليشيات المدعومة من إيران)، ولا تتطابق مع إيران بشأن
الرئيس السوري بشّار الأسد"، وكان مرشد الثورة الإيرانية خامنئي قد مهّد
لهذه التصريحات فقال:" لا يمكن لبلد واحد ( المقصود روسيا ) أن يفرض وحده
مستقبل سوريا".
فإيران تتبنّى نفس مواقف نظام
بشّار بخصوص بقاء الأسد بالسلطة، واعتبار المعارضة بجميع تنوّعاتها معارضة
إرهابية، وإنّ عليها التسليم ببقاء بشّار بالسلطة إن أرادت الدخول في أي حل سياسي،
وإنّ الحسم العسكري من قبل النظام والانتصار على المعارضة هو الخيار الوحيد لإيران
ولنظام الأسد، وشرح محمد جعفري موقف إيران من الأسد فقال:" إنّنا لا نرى
بديلاً للأسد ونعتبره خطاً أحمر ممنوع تجاوزه".
وكانت إيران قد اتفقت ضمناً
مع روسيا في بداية الحملة الجوية الروسية ضد سوريا على أن تُقدّم روسيا الدعم
الجوي لقوات الأسد، فيما تُقدّم إيران الدعم البري للقضاء على المعارضة، ولكنّ
حسابات الحقل تختلف عن حسابات البيدر.
أمّا المواقف الروسية
السياسية والعسكرية والاقتصادية والتي تتناقض مع المواقف الإيرانية بخصوص الشأن
السوري فيمكن سردها بالنقاط التالية:
1 – في إجابتها على سؤال حول
(هل إنقاذ الأسد مسألة مبدأ بالنسبة لروسيا ؟ ) قالت ماريّا زاخاروف المتحدثة باسم
الخارجية الروسية :" لا على الإطلاق لم نقل ذلك أبداً إنّ مصير الأسد
يُحدّده الشعب السوري"، فهدف روسيا إذاً ليس دعم الأسد، وإنّما إنقاذ
الدولة السورية، وهزيمة الجماعات الإرهابية، وفقاً للناطقين الروس، وقالت وكالة
الإعلام الروسية:" نحن لا نقول إنّ الأسد يجب أن يرحل أو يبقى".
2 – في محادثات فينّا قالت
روسيا إنّها تُريد أن تُشارك جماعات المعارضة في المناقشات التي ستجري في المستقبل
بشأن الأزمة السورية، ورحّبت بالتعاون مع الجيش السوري الحر، ووصفته بأنّه ليس
منظمة إرهابية، وقالت بأنّها منفتحة على على عقد لقاءات مع المعارضة، وتبادلت
بالفعل قائمة مع السعودية بها 38 إسماً، وقالت صحيفة كوميرسانت:" إنّ
القائمة ضمّت معظم الأعضاء السابقين والحاليين في الإئتلاف المعارض"،
وكشفت مصادر مقربة من موسكو بحسب الصحيفة إنّ من بين هذه الأسماء الرئيس السابق
للإئتلاف معاذ الخطيب، والرئيس الحالي له خالد خوجة، وممثلين من جماعات سياسية
ودينية وعرقية مختلفة بينها الأكراد، وكذلك مسؤولين من جماعة الإخوان المسلمين،
وحركة مسيحية مؤيّدة للديمقراطية".
3 – تجاهلت الرباعية الدولية
المؤلّفة من أمريكا وروسيا وتركيا والسعودية مواقف كلاً من النظامين الإيراني والسوري
التي ترفض فكرة المرحلة الانتقالية، واعتبرت أنّها ضرورية لأي حل سياسي، وذلك في
تناقض روسي واضح وصريح مع الموقف الإيراني الذي يرفض فكرة الحكومة الإنتقالية.
4 – قالت وزارة الخارجية
الروسية إنّ :"وزير الخارجية الروسي سيرجي لا فروف سيجتمع مع مبعوث الأمم
المتحدة لسوريا ستيفان دي مستورا في موسكو الأربعاء لبحث جهود بدء حوار بين دمشق
والمعارضة".
5– تناقلت الأنباء خبراً لم
نتأكّد من صحته بعد مُفاده أنّ رئيس
الأركان في النظام السوري قام بحل ميليشيات الدفاع الوطني التي ينضوي تحتها حزب
الله والحرس الثوري الإيراني فرع سوريا، لدمجها بالجيش، ولمحاولة تقليل نفوذ تلك
الميليشيات على النظام السوري، وذلك تحت ضغوط روسية.
6 - قامت الطائرات الروسية - ولأول مرّة - بقصف
بلدات سورية وقّع النظام السوري - بتأييد من إيران - مع المعارضة فيها على
اتفاقيات هدنة في أيلول ( سبتمبر ) الماضي في منطقة إدلب ( معرة مصرين ورام حمدان
)، وذلك بغية تخريب الهدن التي شاركت إيران في إبرامها مع النظام السوري.
7 – زوّدت روسيا النظام السوري
بمائة ألف طن من القمح، ممّا جعل سوريا تستغني عن القمح الإيراني المشروط، علماً
بأنّ القمح يُعتبر في زمن الحروب من أهم السلع الإستراتيجية اللازمة لصمود النظام.
هذه هي أهم نقاط الخلاف بين
روسيا والنظام الإيراني تجاه الموقف من سوريا، وهذه النقاط تؤكد على أنّ الخلاف
بين الدولتين حقيقي، ويتعمق يوماً بعد يوم.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بإلحاح
: ما هو الموقف الأمريكي من هذا الخلاف الذي يسير بوتيرة تصاعدية قد تُضيف تعقيدات
جديدة مأمام التدابير الأمريكية
في سوريا؟.
من الواضح أنّ هناك إشكالية
في الموقف الأمريكي من هذه التناقضات الواضحة بين موقفي روسيا والنظام الإيراني،
فأمريكا في البداية سمحت للإيرانيين بالدخول إلى سوريا لجعلها منطقة نفوذ إيرانية،
تّشبه إلى حدٍ بعيد تلزيم إيران بالعراق، وتصرّفت إيران بحسب هذا الوعد الأمريكي
باعتبارها صاحبة الحل والعقد في سوريا، وكانت تأمل إيران من مد نفوذها في سوريا
بشكل مريح في المنطقة العربية التي تشهد تراجعاً كبيراً، لذلك قدّمت إيران المال
والرجال والسلاح لدعم نظام الأسد، وللسيطرة على سوريا كما سيطرت على العراق من
قبل، غير أنّها لم تُفلح في إلحاق الهزيمة بالثورة السورية بعد أن مُنحت فرصة
كبيرة لتحقيق حُلُمها هذا، غير أنّها أخفقت في تحقيقه إخفاقاً كبيراً، لذلك اضطرت
أمريكا للإستعانة بروسيا واعدةً إيّاها بقواعد جديدة في منطقة الساحل إن هي تمكنت
من هزيمة الثورة، بيد أنّ روسيا هي الأخرى تسير في طريق الإخفاق، فصمدت الثورة
وصمد الثوار، واستطاعوا إحباط التدخل الجوي الروسي، فلم يُحقّق إختراقات كبيرة
لصالح النظام.
لذلك وجدت روسيا نفسها في
مأزق مع طول العملية العسكرية الجوية التي لم تُثمر حسماً واضحاً، وبدا وكأنّها
باتت متورطة في المستنقع السوري، لذلك نجدها اليوم تُكثّف ضرباتها الجوية من أجل
استخدامها كورقة رابحة في المفاوضات المقبلة حول مستقبل النظام السوري، وهي تُحاول
النأي عن إيران، والتقرب من أمريكا والغرب للعثور على حل يحفظ ماء وجه الروس.
على ضؤ تلك المتغيرات
الجيوسياسية نجد أنّ أمريكا تُحاول الإستفادة من زخم الضربات الجوية الروسية لإحداث
توازن قوى بين القوى المتقاتلة على الأرض، من أجل إرغامها على الجلوس إلى طاولة
المفاوضات، ومن ثم محاولة إرضاء كل الأطراف السورية المقبولة من وجهة نظر أمريكية،
لذلك نجد أنّ البحث بعد مؤتمرات فينا وجنيف قد ولج بالفعل في القضايا الصعبة، وأهمها: تحديد من هي
القوى المعارضة المقبولة؟ ومن هي القوى الإرهابية؟.
وهكذا استغلت أمريكا روسيا، كما سخّرت إيران من
قبل، من أجل الوصول إلى حل سياسي في سوريا تُمسك هي بكل خيوطه، فيما تدفع إلى
روسيا وإيران بعض الفتات.
الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015
الخميس، 19 نوفمبر 2015
سياسات تركيا في ظل حزب العدالة والتنمية
سياسيات تركيا في ظل حكم حزب العدالة والتنمية
منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا في العام 2002 وحتى هذا العام 2015 لم تُطبّق تركيا على مستوى الدولة أي حكم شرعي واحد، وحتى إنّها لم تتبنّ المرجعية الإسلامية - لا بالشكل ولا بالمضمون - لا في نظامها ولا في دستورها ولا في قوانينها، بل وأصرّت دائماً على أنّها دولة علمانية وطنية ديمقراطية، واستمرت في تمجيد هادم الخلافة مصطفى كمال في الإعلام، واعتبار كل ما قام به من هدم للإسلام، وإلغاء للشريعة، بمثابة أساسٍ متين للدولة في مرجعيتها ودستورها وقوانينها، فإرث المجرم مصطفى كمال المعادي للفكر الإسلامي والمحابي للفكر الرأسمالي، يُعتبر بالنسبة لحزب العدالة - كما بالنسبة لسائر الأحزاب التركية الأخرى التي تقلبت في الحكم - خطاً أحمر لا يُسمح بتجاوزه، ولا تغييره.
أمّا السماح ببروز بعض مظاهر التدين في تركيا في ظل حكم حزب العدالة والتنمية كبناء المساجد، وإنشاء دور تعليم القرآن، ولبس النساء للجلباب، وما شاكل ذلك، فلا علاقة له بتطبيق الدولة للإسلام، وإنّما له علاقة بتطبيق فكرة الحريات التي تسمح للأفراد بالقيام بمثل هذه النشاطات، تماماً كما تسمح لهم بالشذوذ والتعري ونشر الرذائل، فمفهوم حريات الاعتقاد والتعبير في النظام الرأسمالي يعني أنّ تلك الحريات هي ملك للجميع، ومتاحة للجميع، بغض النظر عن مللهم ومذاهبهم، سواء أكانوا مؤمنين أم ملحدين، متدينين أم غير متدينين، من دون أي فرق بينهم.
وأمّا منع #الأتراك من ممارسة شعائرهم التعبدية، ومنع النساء من لبس الحجاب في ظل الحكومات السابقة، فقد كان في الأصل مخالفاً لمفهوم الحريات الفردية في النظام الرأسمالي المطبّق، ومخالفاً للفكرة العلمانية التي في العادة لا تفرض أي قيود على أي نشاطات فردية سواء أكانت دينية أم إلحادية أم غير ذلك.
ولمّا جاءت حكومة العدالة والتنمية ساوت بين الجميع في الحريات، وأحسنت تطبيق مفهوم الحريات #الرأسمالية هذا، فظنّ المتدينون أنّها أصبحت تُطبّق الإسلام بشكل تدريجي، بينما هي في الواقع تُطبّق العلمانية الرأسمالية بحذافيرها.
ولمّا جاءت حكومة العدالة والتنمية ساوت بين الجميع في الحريات، وأحسنت تطبيق مفهوم الحريات #الرأسمالية هذا، فظنّ المتدينون أنّها أصبحت تُطبّق الإسلام بشكل تدريجي، بينما هي في الواقع تُطبّق العلمانية الرأسمالية بحذافيرها.
وهذا النموذج العلماني (الإسلامي!) الذي يُطبّق بأيدي مسلمين متدينين هو بالذات الذي رعته #أمريكا ودعمته، واعتبرته مثالاً جيداً للحكم ينبغي تعميمه في سائر بلاد المسلمين، لأنّه نموذج لا يُمكن أن يُفضي يوماً إلى تطبيق الشريعة الإسلامية.
وأمّا بالنسبة للرابطة التي تربط بين أفراد الشعب في تركيا وفقاً لرؤية حزب العدالة والتنمية فلا علاقة لها بالعقيدة الإسلامية، بل هي رابطة وطنية قومية من جنس الروابط العصبية الجاهلية، وتعتمد على العنصر التركي بوصفه المكوّن الرئيس الذي يجمع سائر مكونات الشعب الأخرى من حوله، وفي كلمة لرجب طيب أردوغان ألقاها في المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية يؤكد على أهمية هذه الرابطة فيقول: "في هذه الحركة، عرَق جبين توركوت أوزال، ومجهودات نجم الدين أربكان، إنها حركة تستمد تاريخها من ماض لم نقطع حبل التواصل معه، فيها روح عبد الحميد، وإيمان سلطان ألب أصلان، وأفق مصطفى كمال". وأضاف: "هذه الحركة تغذت من الينابيع العذبة التي تجري من أحمد يسوي إلى حاجي بكتاش، ومن نجيب فاضل إلى ناظم حكمت، ومن محمد عاكف إلى سيزاي كاراكوتش".
فهو قد ساوى في كلمته بين البر والفاجر، والمؤمن والملحد، والشيوعي والصوفي، والفيلسوف والشاعر وعارضة الأزياء، وكل ذلك كان على أساس رابطة الدم والعرق.
أمّا في السياسة الاقتصادية فلو سلّمنا جدلاً بأنّ تركيا قد تحسّن وضعها الاقتصادي في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، فزاد الدخل الإجمالي والفردي عدة أضعاف، وانتعشت الصناعة والتجارة والسياحة، وقلّت البطالة، وزادت الاستثمارات الخارجية في مشاريع كبيرة داخل تركيا، وتحسّن وضع تركيا في التصنيفات الدولية المختلفة، فإنّ هذا التحسّن على فرض حصوله، يعود لتطبيقهم النظام الرأسمالي وليس النظام الإسلامي، بمعنى أنّه يربط الدولة والمجتمع في تركيا برباط محكم بالنظام الربوي العالمي القاتل، وبالعولمة الرأسمالية الطاغية التي تجعل مقاليد النظام الاقتصادي التركي بأيدي الشركات الأجنبية الاستعمارية عابرة الحدود، وهي الشركات التي غالباً ما تُحرّكها أيادٍ أمريكية مشبوهة.
وبسبب وجود التداخل الطبيعي بين الاقتصاد والسياسة نجد أنّ سياسة الدولة التركية الخارجية تبقى رهينة تحت تأثير سيطرة رأس المال الأجنبي، وبالتالي فهي غير قادرة على الخروج عن ثوابت السياسة الغربية عموماً، والسياسة الأمريكية على وجه الخصوص، لذلك نجد الحكومة التركية مثلاً مستمرة في علاقتها المشبوهة مع دولة يهود بالرغم من قيام الأخيرة بقتل رعاياها الأتراك في حادثة أسطول الحرية، ونجدها مثلاً خذلت #ثورة #الشام بالرغم من إعلانها العاطفي المرة تلو المرة بأنّها مع الثورة، وبالرغم من تكرار حديثها دائماً عن ضرورة تنحي الأسد، بينما الدولة وجيشها لا يفعلان شيئاً لإسقاطه، فأصبح من المألوف بالنسبة للسياسيين الأتراك من حزب العدالة والتنمية أن نجد أقوالهم تُخالف أفعالهم، وأفعالهم لا تعكس أقوالهم.
أمّا في السياسة الاقتصادية فلو سلّمنا جدلاً بأنّ تركيا قد تحسّن وضعها الاقتصادي في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، فزاد الدخل الإجمالي والفردي عدة أضعاف، وانتعشت الصناعة والتجارة والسياحة، وقلّت البطالة، وزادت الاستثمارات الخارجية في مشاريع كبيرة داخل تركيا، وتحسّن وضع تركيا في التصنيفات الدولية المختلفة، فإنّ هذا التحسّن على فرض حصوله، يعود لتطبيقهم النظام الرأسمالي وليس النظام الإسلامي، بمعنى أنّه يربط الدولة والمجتمع في تركيا برباط محكم بالنظام الربوي العالمي القاتل، وبالعولمة الرأسمالية الطاغية التي تجعل مقاليد النظام الاقتصادي التركي بأيدي الشركات الأجنبية الاستعمارية عابرة الحدود، وهي الشركات التي غالباً ما تُحرّكها أيادٍ أمريكية مشبوهة.
وبسبب وجود التداخل الطبيعي بين الاقتصاد والسياسة نجد أنّ سياسة الدولة التركية الخارجية تبقى رهينة تحت تأثير سيطرة رأس المال الأجنبي، وبالتالي فهي غير قادرة على الخروج عن ثوابت السياسة الغربية عموماً، والسياسة الأمريكية على وجه الخصوص، لذلك نجد الحكومة التركية مثلاً مستمرة في علاقتها المشبوهة مع دولة يهود بالرغم من قيام الأخيرة بقتل رعاياها الأتراك في حادثة أسطول الحرية، ونجدها مثلاً خذلت #ثورة #الشام بالرغم من إعلانها العاطفي المرة تلو المرة بأنّها مع الثورة، وبالرغم من تكرار حديثها دائماً عن ضرورة تنحي الأسد، بينما الدولة وجيشها لا يفعلان شيئاً لإسقاطه، فأصبح من المألوف بالنسبة للسياسيين الأتراك من حزب العدالة والتنمية أن نجد أقوالهم تُخالف أفعالهم، وأفعالهم لا تعكس أقوالهم.
إن مجرد استمرار بقاء تركيا في ظل حكم هذا الحزب في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتهالكها على دخول منظومة الاتحاد الأوروبي، ليضعان ألف علامة استفهام على ادعاء بعض المدّعين بانتساب حزب العدالة والتنمية للإسلام.
فأي إسلام هذا الذي ينحاز للاتحاد الأوروبي النصراني ولحلف #الناتو الصليبي؟، وأي إسلام هذا الذي يفتح القواعد العسكرية التركية للجيش الأمريكي؟، وأي إسلام هذا الذي يجعل من الحريات الفردية عقيدة ومن العلمانية منهاج حياة؟.
فالإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، ولا يصح أن يُساوى بينه وبين الإلحاد، وأن يوضعا في سلة واحدة بحجة الحريات، وهو أكبر من أن يُختزل في أحكام الأسرة ولباس المرأة، وأسمى من أن يندرج في جزئيات رابطة من روابط العصبية الجاهلية كالرابطة الوطنية أو القومية، وموضوع الحكم ليس مسألة عاطفية فلا يتعلق بالأفراد أو الأشخاص، وإنّما يتعلق بالأفكار والعقائد والأحكام والمقاييس، ويشمل الأفراد والدولة والمجتمع والعلاقات.
الاثنين، 16 نوفمبر 2015
احمد طعمة نموذج مثالي للسياسيين المتخاذلين الموالين للغرب
احمد طعمة نموذج مثالي للسياسيين المتخاذلين الموالين للغرب
------
#الخبر:
تحدث #أحمد_طعمة رئيس وزراء ما يُسمى بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في #سورياعن تصوره لمستقبل سوريا وشكل الدولة فيها فقال: "إذا كان الحل في سوريا إسلامياً صرفاً بمعنى تطبيق الشريعة فبحار من الدماء سوف تستمر، ومن سابع المستحيلات أن يقبل المجتمع الدولي بأن تُقام في سوريا دولة تحكم بالشريعة"، وأشار إلى ضرورة مراعاة الموقف الدولي والإقليمي وتوازنات القوى والتوازنات الاقتصادية، ولفت النظر إلى وجود: "مشروع #النفط والغاز القادم من #الخليج إلى أوروبا مروراً بسوريا وتركيا"، وقال بأنّ مثل هذا المشروع: "له ثمن والروس لن يقبلوا بالتخلي عنه بهذه البساطة"، وزعم أنّ إمكانية الحل في سوريا واردة فقط إذا وجدت توافقات بين القوى العظمى.
#التعليق:
إنّ ما يعرضه أحمد طعمة من تصورات لهو مثال خائب للشخصية الانهزامية المتخاذلة التي لا تُراهن إلا على الكفار وكل أعداء الأمّة في البحث عن حلول انبطاحية لوأد الثورة في سوريا، فهو قد عوّل على المجتمع الدولي وجميع قواه الدولية في التوصل إلى أي حل تتوافق عليه تلك القوى، بينما لم يأت على ذكر أيٍ من قوى الأمة الذاتية، فلا قيمة عنده إلا للقوى الخارجية، أمّا قوى الثورة التي نُصّب طعمة وأمثاله ممثلين عنها فقد تجاهلها تماماً، وكأنّ تضحيات الملايين من أبناء سوريا، والأرواح التي أزهقت، والدماء التي سالت، والأشلاء التي تناثرت، والمباني التي دمّرت على رؤوس أصحابها، لم تؤثر في طعمة ولا قيمة لها عنده، فكل الذي يهمه هو توافق القوى الدولية على أي حل يجتمعون عليه.
أمّا #الحل الإسلامي وقيام دولة في سوريا تُطبق الشريعة فهو في نظره من سابع المستحيلات، ولن يقبل به المجتمع الدولي، وسيؤدي إلى بحار من الدماء بحسب زعمه!
فهو ينظر إلى الإسلام بمنظار أعدائه، فإذا هم رفضوا قيام دولة الشريعة - ورفضهم لها أمر طبيعي - فهو لا يرفضها مثلهم وحسب، وإنّما يُخوف المسلمين منها، ويُنفّرهم عنها، ويتوعدهم ببحار من الدماء إن هم أقاموها.
والأنكى من ذلك أنّه وهو يعادي فكرة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة، يُقدّم نفسه على أنّه ذو خلفية إسلامية، وكأنّه الناصح الأمين للأمّة، الذي يسهر على خدمة قضاياها!
وبدلاً من أن ينظر طعمة إلى سوريا بصفتها دولة مستقلة تتحكم بمقدراتها وموقعها، وتُسيطر على الجغرافيا السياسية لها، وتعمل على إيجاد التكامل مع عمقها العربي والإسلامي، نجده يتحدث عنها بوصفها منطقة ترانزيت لنقل النفط والغاز إلى أوروبا، ويتنافس الأمريكان والأوروبيون والروس على تنفيذ المشاريع على أراضيها من دون أن يكون لأهلها أية إرادة في ذلك، فالآخرون هم الأوصياء عليها، وعلى مشاريع الطاقة المارة فوق أراضيها ولا حول ولا قوة لأهلها بكل ذلك.
هذه هي التصورات المريضة لمن يُفترض أنّه يُمثل أهل سوريا، إنّها بمجملها مفاهيم انهزامية لشخصيات مضبوعة بالثقافة الغربية، ومثل هذه الشخصيات المعادية لثقافة الأمّة والموالية لثقافة أعدائها، هي التي يجد فيها المستعمر مآربه، ويسعى لتنصيبها كزعامات تُعاني من انفصام في الشخصية، تعمل على تدجين الأمة لترضى بما يرسمه لها عدوها، وفي الوقت نفسه تعمل على قيادة الأمّة بالنيابة عن قوى الاستعمار لتحقيق مصالحه والحفاظ على نفوذه.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)