حزب النهضة
التونسي يجدف عكس التيار
يتبجح قادة حزب
النهضة بأنهم بتنازلاتهم التي قدّموها في تونس لصالح الأحزاب العلمانية قد أنقذوا
عملية (التحول الديمقراطي) وأنهم –كما قال زعيمهم راشد الغنوشي- قد جعلوا: "المستقبل
في تونس اليوم للحرية وللإسلام والوحدة الوطنية ورفض العنف والإقصاء".
فالغنوشي لا يريد
تحكيم شرع الله ولا إقامة دولة إسلامية، فهو يعتبر أن الشريعة الإسلامية غير صالحة
للتطبيق في تونس، والذي يصلح في نظره للتطبيق فقط هو النظام الديمقراطي الذي يجعل
من الحرية معياراً للتقدم والاستقرار والازدهار على حد زعمه.
وهذا يعني أن حكم
الشرع الذي يقيد الحريات بات في نظره نظاماً غير صالح للتطبيق، وأن الحرية هي التي
يجب على المسلمين تبنيها بدلاً من الشريعة، وإذا كان معلمه القرضاوي قد قدم الحرية
على الشريعة فالغنوشي قد تفوق على أستاذه، ولم يؤخر الشريعة عن الحرية فحسب، وإنما
أسقط الشريعة نهائياً من حساباته.
إن هذا الحزب الذي
يقوده الغنوشي والذي يُسمى بحزب النهضة هو في الحقيقة أكثر حزب يسير بالأمة نحو
الانحطاط والفوضى، وزعماؤه هؤلاء من أكثر الزعامات المنافقة للغرب وللاستعمار،
ونحن لا ننسى زيارة الجبالي لمجلس العموم البريطاني للاستجواب، ولا ننسى قبول
الغنوشي لكل شيء آت من الحقبة الاستعمارية حتى ولو كان كفراً وفجوراً وذلاً
وهواناً.
ففي الوقت الذي يشتعل
فيه العالم الإسلامي بالفكر الإسلامي المأخوذ من الكتاب والسنة، وفي الوقت الذي
تتدفق فيه موجات الإسلام السياسي والثوري في سائر بقاع البلاد الاسلامية، لدرجة أن
فكرة الخلافة الإسلامية والحكم بما أنزل الله وتحكيم الشريعة أصبحت مطالباً لعموم
الحركات والتنظيمات الإسلامية، ولعموم المسلمين، في هذا الوقت بالذات نجد أن
الغنوشي وحزبه يجدفون بعكس التيار الإسلامي، بل وينغمسون في ظلمات الفكر الغربي
الرأسمالي والديمقراطي الذي لم يجلب السعادة حتى للمجتمعات الغربية التي احتضنته.
لقد أصبح الغنوشي
وحزبه عقبة جديدة تضاف إلى جانب عقبات قديمة تقف أمام العمل الإسلامي السياسي،
وأصبح حزب النهضة حزباً علمانياً بامتياز، وإن كان زعماؤه ما زالوا يتشدقون
بعبارات جوفاء عن الإسلام لا تعني شيئاً.
وبسبب طرح الغنوشي
لبرنامج عمل سياسي علماني ديمقراطي، اختار الناخبون في تونس حزب نداء تونس،
وفضّلوه على حزب النهضة وذلك من باب اختيار النسخة الأصلية للعلمانية بدلاً من
النسخة التقليد، وكأنّ لسان حالهم يقول: فما دام الجميع علمانيون فلنختر أصحاب
الفكرة الأصلية.
على أن انتخابات تونس
لا تُعبِّر عن رغبة الشعب التونسي، فأكثر من نصف السكان قاطعوا الانتخابات، وأمّا النصف
الثاني فاضطروا أن ينتخبوا من الموجودين بحسب ما اعتبروه الأفضل من ناحية الصفات
الشخصية، وليس من ناحية القناعة العقائدية، وانقياداً لتأثير السلطة والمال والجاه
وعناصر الدولة البورقيبية العميقة، وليس اقياداً للبرامج او المبادئ.
فأهل تونس مسلمون ولو
أتيح لهم تحكيم الشريعة وتطبيق الإسلام لما ترددوا في التمسك به بكل جوارحهم.
لكن المؤامرة الغربية
الكبرى ضد الثورة التونسية والتي اشترك فيها حزب النهضة لم تُبْقِ لهم أي خيار سوى
المشاركة بالانتخابات بوصفها لعبة سياسية مفروضة على تونس لا مفر من الخوض فيها.
وأمّا الذين صفَّقوا
لها كمحطة الجزيرة ومن الإعلاميين كوائل قنديل رئيس تحرير العربي الجديد الذي وصف
الانتخابات بنضوج التجربة التونسية والذي زعم "أن التونسيون هم أول شعب
عربي يلتحق بالعصر" بعد هذه الانتخابات، فإن هؤلاء غير متبنين أصلاً
للمشروع الإسلامي، وهم وإن كرهوا الحكام المستبدين لكنهم يظلون دعاة للديمقراطية
والتعددية.
ونحن نقول لهؤلاء:
لا تفرحوا كثيراً فإن شيئاً لن يتغير في حياة أهل تونس، ولن تنهض تونس
بالديمقراطية وانتخاباتها، والسنوات القليلة القادمة ستثبت للجميع بأن هذه التجربة
الديمقراطية التونسية ما هي سوى ألهية لتضليل الناس وإبعادهم عن الخيار الإسلامي
المتمثل بالدولة الإسلامية والحكم الإسلامي، كما ونبشركم بأن الثورة الثانية في
تونس قادمة لا محالة، وأنها لن تكون إلا إسلامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق