لماذا دائما يخسر الإسلاميون في الانتخابات البرلمانية كما خسروا مؤخرا في اندونيسيا وباكستان
*الخبر:*
أعلن يوم الأربعاء 2024/02/14 عن فوز وزير الدفاع الإندونيسي برابوو سوبيانتو في الانتخابات الرئاسية في إندونيسيا من الجولة الأولى، وحصل على ما بين 57 و59% من الأصوات، فيما لم تصدر بعد نتائج الانتخابات التشريعية.
وفي الباكستان أظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت الأسبوع الماضي فوز المستقلين المحسوبين على رئيس الوزراء السابق عمران خان بـ101 مقعداً من أصل 264 من مقاعد البرلمان، وجاء في المركز الثاني حزب الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف رئيس الوزراء السابق الذي حصد 75 مقعدا، وحل حزب الشعب في المرتبة الثالثة بفوزه بـ54 مقعدا، وحصلت الحركة القومية المتحدة على 17 مقعدا، بينما فازت بقية القوى السياسية الأخرى بـ17 مقعدا.
واتفق حزب (الرابطة - جناح نواز) وحزب (الشعب - بوتو) على تشكيل حكومة ائتلافية بينهما، والتقى رئيسا الحزبين شهباز شريف وبيلاوال بوتو ومعهما الرئيس السابق آصف علي زرداري للتباحث في كيفية تقاسم السلطة وإقصاء المستقلين.
أمّا الأحزاب الإسلامية في الباكستان فقد خسرت الانتخابات، وقد أعلن أمير الجماعة الإسلامية الشيخ سراج الحق استقالته من منصبه كأمير للجماعة بعد فشل جماعته في الحصول على أية مقاعد في الانتخابات البرلمانية.
*التعليق:*
إنّ إجراء انتخابات ديمقراطية تعددية في أكبر بلدين مسلمين وهما إندونيسيا وعدد سكانها 246 مليون نسمة، وباكستان وعدد سكانها 240 مليون نسمة، يُعتبر الضمانة الوحيدة في إبعاد التيارات الإسلامية المُشاركة في الانتخابات عن الحكم، فالأحزاب الإسلامية في إندونيسيا عادةً ما تتوزع أصواتها في تكتلات حزبية عدة تُهيمن عليها الأحزاب القومية التابعة للدولة التي تحكمها أجهزة الجيش والأمن من خلف ستار، وإنّ معظم الأحزاب الإسلامية المُشاركة في الانتخابات لهي أقرب إلى أنْ تكون جمعيات خيرية فضلاً عن كونها أحزاباً سياسية، فهي أصلاً مُنبثقة من الجمعية المحمدية ومن جمعية نهضة العلماء، وهما أكبر الجمعيات الإسلامية الخيرية في إندونيسيا.
ومن هذه الأحزاب حزب العدالة والرفاه وحزب نهضة الوطن اللذان يمثلان قطاعات كبيرة من تيار جمعية نهضة العلماء، وهذه الأحزاب مُتحالفة مع الحزب القومي الديمقراطي، وأمّا تحالف تقدم إندونيسيا وفيه حزب الأمانة الوطني فهو مرتبط تاريخيا بالجمعية المحمدية.
وبناء عليه فإنّ التكتلات الحزبية الإندونيسية جميعها يتداخل فيها التيار القومي مع التيار العلماني ومع التيار اليساري، وكلها تحمل صبغة دينية إسلامية.
فالمفهوم السياسي الحقيقي لهذه الأحزاب المنبثق عن الفكري المبدئي غائب عن هذه التكتلات تماماً، وما يجمع بينها هو المصالح المشتركة فقط، وهي أصلاً تصف نفسها بالأحزاب البراغماتية وليس الأيديولوجية.
ويُهيمن الجيش على الأحزاب من خلال هيمنته على مؤسّسات الحكم والدولة مُنذ أيام سوهارتو، بدليل أنّ الفائز الحالي هو وزير الدفاع، ويتم ترتيب حيثيات الانتخابات وإجرائها وفقاً لاعتبارات القوة العسكرية وسيطرة نفوذ العسكر في الدولة، وما الأحزاب إلا مجرد أدوات في لعبة الجنرالات.
وأمّا في باكستان فلا يختلف المشهد كثيرا عما هو في إندونيسيا، فالجيش دائماً ما يتدخل في الانتخابات إمّا مُباشرة فيقوم بانقلابات مكشوفة، أو بشكلٍ غير مُباشر كما أسقط رئيس الوزراء السابق عمران خان وزجّ به في السجن لمُخالفته بعض الأوامر الأمريكية.
وأمّا الأحزاب الإسلامية في باكستان فبلغت من الضعف بمكان بحيث فقد أهم حزب فيها وهو حزب الجماعة الإسلامية الذي أسّسه المفكر الكبير أبو الأعلى المودودي جميع مقاعده، وسبب ضعفه الرئيسي هو تنازله عن أفكار التغيير الجذري التي كان يطرحها مؤسّسه، ثمّ قبول الجماعة الإسلامية بلعبة التحالفات مع الأحزاب العلمانية والمتعاونة مع الجيش، وهو ما أدّى إلى فقدان الجمهور ثقته بها.
فالانتخابات على الطريقة الديمقراطية عادةً ما تؤدي إلى حرق جماهيرية الأحزاب الإسلامية، وإسقاطها في فخ التحالفات المقيتة التي ترفضها القاعدة الشعبية الإسلامية، وذلك كما حصل في تونس مع حزب النهضة، وما قدّمه من تنازلات أفقدته إسلاميته، فسقط من عيون ناخبيه أولاً، ثمّ سقط من الحكم ثانياً.
إنّ النظام الديمقراطي التعددي لا يمكن أن يوصل الإسلاميين إلى السلطة، لأنّه مُصمّم خصيصاً لغيرهم، وإقحامهم فيه، أو اقتحامهم له، هو مصيدة خبيثة فيها هلاكهم السياسي.
هناك تعليق واحد:
السلام عليكم أستاذ، اسمي أمير حمزة من باكستان. أود أن أسأل، كما تعلمون، فقد تم الاستيلاء على باكستان من قبل النخب العسكرية والرأسمالية، وهذه النخب تتأكد من أن الأجندة الغربية تُفرض دائمًا على المواطنين الباكستانيين. واليوم يضطر الباكستانيون إلى الاعتراف بحل الدولتين اللعين لفلسطين، ولا يستطيع الباكستانيون حتى أن يذكروا المقاومة المسلحة الفلسطينية علناً. فماذا يمكن للمسلمين الباكستانيين أن يفعلوا في مثل هذا الوضع؟
إرسال تعليق