الخبر:
وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأربعاء 2019/12/11 على أمر تنفيذي وهو مرسوم رئاسي أعاد فيه تعريف اليهودية على أنّها: "قومية وديانة" وليست ديانة فقط، وقال خلال حفل أقيم في البيت الأبيض بمناسبة عيد الأنوار اليهودي: "هذه هي رسالتنا إلى الجامعات،إذا كنتم ترغبون في الاستفادة من المبالغ الضخمة التي تتلقونها كل عام من الحكومة الفدرالية، عليكم أن ترفضوا معاداة السامية"، وأوضّح أنّ "المرسوم ينطبق على المعاهد التي تتاجر بالكراهية المعادية للسامية"، وقال: "سأقف دائما مع صديقتنا وحليفتنا العزيزة دولة إسرائيل".
وسيكون لهذا المرسوم أثر قانوني محدود يتعلّق بابتزاز المؤسسات الأكاديمية التي تُناهض كيان يهود، إذ سيسمح المرسوم للحكومة الأمريكية بمنع حركة المقاطعة التي تنتشر في بعض الجامعات الامريكية ضد دولة يهود بسبب مُعاملتها العنصرية للفلسطينيين فيتم سحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها.
التعليق:
إنّ مثل هذه المراسيم التي يُصدرها الرئيس الأمريكي تهدف بالدرجة الأولى إلى كسب أصوات اليهود الأمريكيين في الانتخابات الأمريكية، وهي ليست تشريعات صادرة عن الكونغرس، فالجانب القانوني فيها محدود، ولا يُلزم القضاء بالالتزام بها كقوانين رسمية للدولة.
لكنّ أهم دلالة لها أنّ الرئيس الأمريكي أصبح هو الذي يُقرّر طبيعة العلاقة بين اليهود وديانتهم نيابةً عن اليهود أنفسهم، فهو يُتاجر علانيةً بالديانة اليهودية لتحقيق أهداف انتخابية، وهذه المُتاجرة باليهود واليهودية ليست بالأمر الجديد، فهي إرث استعماري قديم ورثته أمريكا عن بريطانيا في استخدام الورقة اليهودية سياسياً لتحقيق الأهداف السياسية الغربية بعيدة المدى، ومُحاربة المُسلمين باليهود، لإبقاء المسلمين في حالةٍ من التمزق والتراجع، والحيلولة دون نهضتهم ووحدتهم، ومنع إقامة خلافتهم، باستمرار إشغالهم بالصراع مع اليهود بدلاً من الصراع مع أمريكا والدول الاستعمارية الكبرى التي زرعت كيان يهود في فلسطين.
فالمرسوم الرئاسي الأمريكي الجديد باعتبار اليهودية قومية هو امتداد طبيعي لوعد بلفور، وفيه دلالة سياسية واضحة على استمرار تسخير اليهود واستخدامهم في تحقيق المصالح الأمريكية والغربية، واستمرار الزجّ بهم في أتون الصراع الكبير مع الأمّة الاسلامية، والتلاعب بمصيرهم، والمُقامرة بمُستقبلهم.
إنّ قيام دولة الاسلام في المُستقبل القريب هي مسألة وقت، وإنّ صحوة الأمة الإسلامية من كبوتها أمرٌ بات يُدركه أعداء الإسلام جيداً، ولم يعُد ينطلي على المُسلمين تكرار تعمية الحقائق، وتعمد قلب المفاهيم، فالإسلام حقيقةً هو خيار المسلمين الأوحد، وليس القوميات والوطنيات، وفكرة القومية اليهودية فكرة استعمارية قديمة هدفها حرف الصراع الإسلامي الاستعماري عن مساره، وتحويله عن جانبه المبدئي، واختزاله بالطابع القومي أو الوطني، أي أنّ هدفه الحقيقي هو إبعاد الإسلام عن ساحة الصراع، لإبقاء المسلمين في حالة ضعف، ولاستمرار تفوق أعدائهم عليهم.
لذلك كان لزاماً على اليهود أنْ يدركوا جيداً انّ تحويل اليهودية إلى قومية سيؤدي في المُستقبل إلى فنائهم وزوالهم خدمةً للغرب المُستعمر، وإنّ من مصلحتهم أنْ لا يُعرّفوا كقومية وإنّما يُعرّفوا كدين، وذلك كما كانوا مُنذ آلاف السنين، لأنّ النظر إليهم باعتبارهم قومية فيه مقتل مُحقّق لهم إن عاجلاً أو آجلاً، وإنّ المسلمين لن يغفروا لهم سيرهم وتواطؤهم مع الغرب الرأسمالي المُستعمر ضدهم، وعليهم أنْ يُدركوا أنّ الغرب قد استخدمهم شر استخدام، وما زال يستخدمهم، وأنّ المستقبل للإسلام، وسيهزم الجمع الرأسمالي الاستعماري قطعاً أمام المُسلمين، وسيُولون الدبر.
والمسلمون اليوم باتوا يدركون حقيقة أنّه بالإسلام فقط يُمكن أنْ تنهض الأمة، وأنّ به وحده يُمكن أنْ تستعيد هُويتها وعزتها وكرامتها وانتصارها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق