الخبر:
في طريق عودتها من سوريا اتجهت حاملة الطائرات الروسية (أدميرال كوزنيتسوف) إلى السواحل الليبية فاعتلاها اللواء المنشق خليفة حفتر عميل أمريكا العريق منذ السبعينات، وقام بجولةٍ سريعةٍ على متنها، وأجرى من إحدى قُمراتها اتصالاً حياً عبر منظومة الفيديو مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ناقشا فيه قضايا عاجلة تتصل بالحرب ضد (جماعات الإرهاب الدولي في الشرق الأوسط) وذلك وفقاً لما أوردته البي بي سي البريطانية، وكان حفتر سبق وأنْ التقى بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في موسكو في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وطلب منه آنذاك دعم روسيا له في حربه ضد خصومه داخل ليبيا.
التعليق:
ليس خليفة حفتر وحده من عملاء أمريكا الذي أغرى روسيا بالتدخل العسكري في ليبيا، فبشار الأسد طاغية سوريا الذي ورث العمالة الأمريكية عن أبيه المقبور حافظ الأسد، ومعه النظام الإيراني الذي تأسّس على أيدي هويزر القائد العسكري الأمريكي للمنطقة الوسطى عام 1979، والذي كان هو من مهّد للخميني الطريق لاستلام الحكم في إيران بعد طرد الشاه العميل الإنجليزي منها، هؤلاء العملاء هم أول من استدعوا روسيا إلى سوريا بمباركةٍ وتوجيه وإسناد من أمريكا، ثم تبعهم الحوثيون الذين طلبوا من روسيا القدوم إلى اليمن والانخراط في الصراعات الطائفية فيه، ولحقهم بعد ذلك بعض حكام العراق الذين عرضوا على روسيا الخوض في المستنقع العراقي، وأخيراً دخل أردوغان على الخط بقوة، وقدّم لروسيا إغراءات كبيرة للاستمرار في تدخلها في سوريا، بل وفي الدخول مع تركيا في تحالف استراتيجيي عميق لرسم معالم الحل السياسي في سوريا بشكلٍ مشترك، وبما يجعل من الدور الروسي يبدو وكأنّه البديل عن الدور الأمريكي، لإقناع روسيا بالتحمس لاستكمال العمل الذي عهدت أمريكا به إليها في سوريا، وإكماله حتى النهاية، وعدم التراجع عنه.
يبدو أنّ أمريكا أصبحت تميل إلى استخدام ورقة التدخل العسكري الروسي في القضايا الساخنة في مناطق النزاع المختلفة لخدمة الأجندة الأمريكية، والتي تتمثّل في تقوية عملائها، وحمايتهم من السقوط، وكذلك في قمع الثورات الشعبية ضد الطغاة الذين تدعمهم، إضافة إلى تقويض النفوذ البريطاني والفرنسي في البلدان التي فيها نفوذ أوروبي إلى جانب النفوذ الأمريكي كليبيا و اليمن، وقد تحدّث المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة فرانسوا فيون عن انكماش النفوذ الفرنسي والأوروبي في الشرق الأوسط مُلقياً باللائمة على تعاظم الوجود الروسي والأمريكي والتركي والإيراني في المنطقة.
فاستخدام أمريكا لروسيا في إبعاد النفوذ الأوروبي من المنطقة بات واضحاً، واستخدامها لها ضد ثورات الشعوب العربية بات أشد وضوحاً، ونجاح التجربة الروسية في سوريا أصبح يُغري أمريكا لاستخدام روسيا في منطقة الشرق الأقصى لاحتواء الخطر الصيني المتعاظم.
وهكذا نجد أنّ عملاء أمريكا في المنطقة ينشطون في إغراء روسيا، وفي دفعها للدخول بقوة إلى حلبات الصراع في المنطقة، بدعم أمريكي واضح، لاستخدامها ضد تطلعات أبناء الأمّة في التحرّر من نير الاستعمار، ومن أجل مساعدة أمريكا في محاولة إحكام قبضتها على هذه المنطقة التي تموج بطوفان الإسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق