الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

تدخل روسيا السافر في سوريا لن يجلب لها أي فائدة من ناحية استراتيجية



تدخل روسيا السافر في سوريا لن يجلب لها أي فائدة من ناحية استراتيجية
خبر وتعليق



الخبر:

حطّت طائرتان روسيتان محمّلتان بمساعدات قيل بأنّها إنسانية في مطار باسل الأسد الدولي في مدينة اللاذقية السورية يوم السبت الموافق 12 أيلول (سبتمبر) 2015، وذلك وفقاً لوكالة أنباء (سانا) الرسمية، وسبق ذلك ورود تقارير تحدثت عن إرسال روسيا جنوداً وأسلحةً إلى سوريا، فقال مسئولون أمريكيون إن ثلاث طائرات عسكرية روسية على الأقل هبطت في سوريا في الأيام الأخيرة في المطار.

وجاء في أحدث التقارير لـ"رويترز" نقلاً عن مصادر غربية وروسية: "أن موسكو سترسل صواريخ متقدمة من طراز "إس.إيه-22" مضادة للطائرات إلى سوريا"، كما أشارت مصادر لبنانية لـ"رويترز" إلى أن جنودا روس بدأوا بالفعل بالمشاركة في عمليات قتالية لمساندة قوات الأسد، فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مؤتمر صحفي: "إن الجنود الروس موجودون في سوريا في الأساس للمساعدة في تشغيل هذه المعدات وتدريب الجنود السوريين على استخدامها".

ونقلت "رويترز" عن مصدر قريب من البحرية الروسية أنّ مجموعة من خمس سفن روسية مزودة بصواريخ موجهة أبحرت للقيام بمناورات في المياه السورية، وقال المصدر: "سيتدربون على صد هجوم من الجو والدفاع عن الساحل وهو ما يعني إطلاق نيران المدفعية وتجربة أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى"، وأضاف بأنه تم الاتفاق على هذه المناورات مع الحكومة السورية.

ومن جهة أخرى دعت روسيا الولايات المتحدة إلى استئناف التعاون العسكري المباشر بينهما في سوريا لمحاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة الإسلامية.

وقد تزامن مع هذا الدعم الروسي العلني لنظام بشار الأسد وجود تغيّر ملحوظ في نبرة بعض الدول الأوروبية في الأسبوع الأخير تجاه النظام، فقالت بريطانيا:

"إنها قد تقبل ببقاء الأسد في السلطة لفترة انتقالية إذا كان هذا سيساعد في حل الصراع"، وقالت فرنسا: "إنه يجب أن يترك الأسد الحكم في إحدى المراحل وليس حالاً"، وقالت النمسا: "إنه يجب أن يكون للأسد دور في محاربة (داعش)"، وقالت إسبانيا: "إن هناك حاجة للتفاوض مع الأسد لإنهاء الحرب".

التعليق:

لم يأت هذا الدعم الروسي النوعي لنظام بشّار الأسد بمعزل عمّا يدور من أحداث في المنطقة، فيبدو أنّ هناك مجموعة من التفاهمات الجديدة فرضها صمود الثوار في وجه كل المؤامرات التي حيكت ضدهم، وهذه التفاهمات تم التوافق عليها بين القوى العظمى في سوريا لا سيما بين أمريكا وروسيا، ولعل تغيّر المواقف الأوروبية التي كانت تُصرّ في السابق على ضرورة رحيل بشار الأسد قبل الحديث عن أي تسوية سياسية في سوريا، فأصبحت تقبل ببقائه إلى أجل محدود لهو دليل على وجود مثل هذه التفاهمات، فأوروبا أدركت أنّ اللعبة الأمريكية الروسية تقتضي استمرار بقاء شخص بشار الأسد على رأس النظام في سوريا، لذلك كان هذا التغير المفاجئ في مواقفها ضرورياً ليتماهى مع المواقف الروسية الأمريكية لتُبقي لها مكاناً في المشهد السوري إلى جانب أمريكا وروسيا.

أمّا هذا التدخل الروسي الكثيف لدعم الطاغية بشار الأسد فسببه استمرار انهيار دفاعات نظامه بشكل منهجي، وعدم قدرته على الصمود، وذلك بالرغم من كل ذلك الدعم الإيراني اللامحدود له، ودعم الميليشيات المتعددة التابعة لإيران له بلا حدود، وعجزها عن إيقاف هذا الانهيار.

فبالرغم من أنّ أمريكا منعت الثوار ولا تزال من امتلاك الأسلحة المضادة للطائرات، وراقبت الحدود بصرامة لمنع إدخال أية أسلحة هجومية، بحيث سُمح لطائرات النظام باستمرار ترويع الناس وقتلهم بالبراميل المتفجرة، وبالرغم من أنّها ضغطت عليهم للانشغال بقتال تنظيم الدولة الإسلامية بدلاً من قتال النظام، وبالرغم من محاولاتها عبر وكلائها وعلى رأسهم السعودية وتركيا للقيام بمحاولة اختراق الفصائل المقاتلة، والحيلولة دون وحدتها وتوحيد أهدافها في إسقاط النظام، بالرغم من ذلك كله فما زال بمقدور الثوار إلحاق أكبر الأذى بقوة النظام، وما زال بمقدورهم طرده من مواقع حسّاسة، وكان آخرها السيطرة على مطار (أبو الظهور) والاستيلاء على طائرات وأسلحة متقدمة فيه، وبالتالي تنظيف منطقة إدلب بكاملها من جميع قواعد النظام، والتقدم جنوباً نحو سهل الغاب، وإلحاق الخسائر بالنظام في مواقع حيوية أخرى في محيط مدينة حماة وفي مناطق أخرى، من مثل إلحاق خسائر باهظة بقوات النظام وحزب إيران في مدينة الزبداني وذلك بعد عجز تلك القوات عن دخولها بالرغم من استمرار الحصار المضروب عليها من مدة طويلة.

إنّ اعتماد أمريكا على دعم روسيا لنظام بشار هو نوع من القتال غير المباشر في سوريا، أو كما يُقال القتال حتى آخر جندي روسي وذلك لتثبيت عميلها بشار في الحكم ريثما تجد البديل المناسب.

وعدم ثقتها بأي بديل من عملائها في المعارضة السورية لهو دليل على فشلها وفشل استراتيجيتها في سوريا، لذلك أصبحت أمريكا تُفضّل تحريك روسيا لتُلقي بثقلها العسكري في سوريا بحجة المحافظة على قاعدتها البحرية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط، وذلك من أجل أن تحمل الثوار على القبول بدور لبشار الأسد في الحل السياسي للصراع وذلك تحت ضغط القوة العسكرية الروسية الضخمة.

لكن الثوار الحقيقيين في بلاد الشام لن يرضخوا ولن يستسلموا أمام جبروت القوة الروسية التي تتحرك بموافقة أمريكية، فسيصمدون ويتوكلون على الله ويستمرون في قتال الطاغية والعمل على إقامة دولة الإسلام - الخلافة الراشدة على منهاج النبوة - على أنقاض حكمه، ولن يقبلوا بأقل من إسقاط النظام بجميع مؤسساته ورموزه وهياكله، وفي النهاية سوف تخسر روسيا مكانتها ونفوذها في سوريا نهائياً، لأنّ النصر لا شك سيكون حليف الثوار، وحليف الإسلام، وسيُنظر إلى الروس في سوريا بوصفهم غزاة مستعمرين، وعلى العكس مما قد يُظن بأنّ روسيا ستثبت النظام، فسوف تشتعل المقاومة ضد الروس ومن شايعهم باعتبارهم كفاراً محتلين، وستتحول سوريا إلى أفغانستان جديدة تحرق الروس والإيرانيين وكل أعداء الثورة، وسيخرج هؤلاء جميعاً من بلاد الشام مدحورين مغلوبين لا يلوون على شيء.

فيا ثوار الشام: لا يغُرّنّكم قوة الروس وجمعهم ضدكم ودعم الأمريكان لهم، ولا يهولنّكم تقاطر حكام العمالة والخيانة على موسكو، ولا يضيرنّكم تراجع مواقف بعض الفصائل المتخاذلة عن القتال إلى جانبكم، فما جمع وخيانة وتخاذل هؤلاء بالتي توقف زحفكم وانتصاراتكم، وما النصر إلا من عند الله، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.