هذه مدونة سياسية خاصة غير متأثرة بأي وجهة نظر سياسية حكومية ولا محسوبة على أية جهة رسمية. والمواد السياسية المنشورة فيها متجددة متنوعة تتضمن عناوين إخبارية وتعليقات سياسية وأبحاث سياسية ومواد أخرى.أرحب بجميع المشاركات والتعقيبات والاستفسارات ذات الصلة.
السبت، 28 مارس 2015
الجمعة، 27 مارس 2015
أمريكا تعمل بجد لإزالة العراقيل وإنجاز اتفاق نووي مع إيران
أمريكا تعمل بجد لإزالة العراقيل وإنجاز
اتفاق نووي مع إيران
ليست حكومة نتنياهو هي الوحيدة التي تضع العراقيل أمام الإدارة
الأمريكية للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، وكذلك ليس الحزب الجمهوري المنافس
للإدارة الأمريكية هو الوحيد الذي يضع العراقيل أمام إبرام الاتفاق ، بل إنّ الدول
الاوروبية الثلاث المشاركة في المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني وهي فرنسا
وبريطانيا والمانيا، هي أيضاً تُحاول عرقلة حصول اتفاق، فأمريكا تتفاوض مع هذه
الدول حول تفاصيل الاتفاق النووي مع ايران أكثر ممّا تتفاوض مع الايرانيين أنفسهم،
وتظهر فرنسا كأكثر الدول المتشددة في هذا الشأن، لدرجة أنّ الادارة الأمريكية لا تتوقف
عن إجراء الاتصالات معها، والضغط عليها، لإقناعها بقبول الاتفاق.
وقد لمّح الرئيس الأمريكي باراك
أوباما إلى أولئك المعرقلين فقال: "إن الأيام والأسابيع المقبلة حاسمة،
مفاوضاتنا أظهرت تقدمًا، ولكن الفجوات لازالت موجودة. وهناك أشخاص في كلا بلدينا
وخارجها، يعارضون حلًّا دبلوماسيًّا. رسالتي لكم أيها الشعب الإيراني هي أننا
علينا التحدث معًا عن المستقبل الذي نسعى إليه".
فأمريكا جادة إذاً في إزالة هذه
العراقيل، وفي توقيع الاتفاق مع ايران في أسرع وقت، وبحسب رويترز فقد قال وزير الخارجية
الأمريكي جون كيري:" إن المحادثات مع إيران بشأن كبح جماح برنامجها النووي
حققت تقدما حقيقيا وإن الوقت حان لاتخاذ قرارات صعبة من أجل التوصل لاتفاق إطار"،
وتابع: "لم نصل بعد
لخط النهاية ولكن لدينا الفرصة لمحاولة تحقيق الأمر بشكل صحيح، إنها مسألة إرادة
سياسية واتخاذ قرار صعب، وعلينا جميعا أن نختار بتعقل في الأيام المقبلة"، وأشار إلى أنه سيلتقي بنظرائه
الأوروبيين في لندن في وقت لاحق لبحث كيفية حل القضايا العالقة مع إيران "لاتخاذ
قرار بشأن ما إذا كان التوصل لاتفاق ممكنا".
وقد تأجل التوقيع على الاتفاق عدة
مرات بسبب هذه العراقيل، لكنّ الإدارة الأمريكية كانت في كل مرة تسعى جاهدة لإزالة
تلك العراقيل، وتمديد المباحثات، وإعطاء مهل إضافية لإيران، وأخذ ضمانات جديدة
لإقناع الأوروبيين ودولة يهود والجمهوريين في الكونغرس وذلك بغية إسكاتهم وتمرير
الاتفاق.
فقد التزمت ايران في المفاوضات بأشياء
كثيرة لكسب موافقة المفاوضين الأوروبيين منها: وقف تخصيب اليورانيوم، وتفكيك
التوصيلات الفنية المتعلقة بالتخصيب، وعدم تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزية، وتحييد
وابطال مفعول المخزون السابق لإيران من اليورانيوم المخصب، وعدم تشغيل مفاعل أراك،
، وعدم تزويده بالوقود، وعدم القيام بأي إجراء فني من شأنه تشغيل أي جهاز فيه.
ومنها: السماح لمفتشي وكالة الطاقة
الذرية الدخول لمواقع ومنشآت ايران النووية وخاصة أراك ونطنز وبوردو وضمان
المراقبة الشاملة، وتقديم الايرانيين بيانات ومعلومات معينة كانت مطلوبة بموجب
البروتوكول الاضافي لاتفاقية الضمانات الايرانية مع الوكالة الدولية للطاقة.
وقد التزمت ايران لدول 5+1 بآلية
مشددة لتطبيق التزاماتها تلك من خلال تكوين لجنة مشتركة للعمل مع وكالة الطاقة
الدولية لمراقبة تنفيذ بنود الاتفاق.
فهذه الالتزامات تكفي من وجهة نظر
أمريكية لإزالة المخاوف التي يتذرع بها المعرقلون، وهي لا شك أنّها مطمئنة ومقنعة
لهؤلاء للمضي قدماً في إبرام الاتفاق.
فأمريكا تتصرف حالياً الملف النووي
الإيراني وكأنّها تُسابق الزمن من أجل توقيع الاتفاق، فهي تُريد الانتهاء من لعبة
المفاوضات التي طالت أكثر من اللازم مع ايران، وذلك لإعادة ترتيب أوراق المنطقة
بإشراك ايران كلاعب رئيسي في الأحداث، وبوصفها الوكيل الأمريكي الأول لها في
المنطقة، لأنّها باتت تُدرك أنّ ايران هي الأقدر من بين كل القوى الإقليمية التابعة
على تنفيذ الأجندة الأمريكية، والحفاظ على المصالح الأمريكية.
وقد أثبتت التجارب أنّ ايران ومنذ
ثورة الخميني قد وقفت دوماً إلى جانب أمريكا في حروبها الاستعمارية في العراق
وأفغانستان، وها هي اليوم تُحارب إلى جانب أمريكا في سوريا والعراق، فعدوهما واحد،
وطريقهما واحد، ومصالحهما واحدة، وما العداء المزعوم بينهما سوى عداء كلامي شكلي
تمويهي تتطلب وجوده المصالح، وتقتضي إبرازه الحاجات السياسية الاستهلاكية للطرفين،
فما هو سوى نوع من الديماغوجيا السياسية.
فأمريكا إذاً تُريد ايران قوية ومستقرة
ومزدهرة حتى تتمكن من القيام بدور يُشابه دور شرطي الخليج الذي يحفظ المصالح
الأمريكية، ويعفي أمريكا من تكاليف إضافية، وقد تحدث حديث أوباما بتاريخ 29ـ12ـ2014 بوضوح عن
ملامح ايران المستقبل بشكل لم يسبقه إليه أي رئيس أمريكي من قبل حين قال: "إن
بإمكان إيران أن تكون قوة إقليمية مزدهرة إذا توصلت معنا إلى اتفاق حول برنامجها
النووي". ولعل الصبر الأمريكي على طول المفاوضات مع ايران حول برنامجها
النووي، مع كثرة العراقيل التي افتعلت، والإصرار على التوصل إلى اتفاق شامل معها،
لعل ذلك هو الدليل الناصع على مدى أهمية هذا الاتفاق، لما يترتب عليه من نتائج
كبيرة، قد تتغير معه ملامح المنطقة.
الأحد، 22 مارس 2015
أوهام المشاركين من عرب 48 في انتخابات ( الكنيست الاسرائيلي)
أوهام المشاركين من عرب
48 في انتخابات ( الكنيست الاسرائيلي )
( خبر وتعليق )
الخبر
تشكلت في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 ولأول
مرة قائمة مشتركة واحدة تتشكل من أربعة أحزاب مختلفة التوجهات، وهي الجبهة
الديمقراطية للسلام والمساواة بزعامة محمد بركة ( شيوعية التوجه)، والحركة
الاسلامية بزعامة ابراهيم صرصور ( الجناح الجنوبي ) وتوصف بالإسلامية المعتدلة،
وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بزعامة جمال زحالقة وحنين زعبي ( قومية التوجه)،
والحركة العربية للتغيير بزعامة أحمد الطيبي ( ليبرالية التوجه )، وذلك لخوض
الانتخابات التشريعية للكنيست (الاسرائيلي) جنباً إلى جنب مع الأحزاب اليهودية،
وتأمل هذه القائمة العربية الموحدة بأن تحصل على أكثر من خمسة عشر مقعداً، وتصبح
بالتالي القوة الثالثة بعد القوتين الرئيسيين في الدولة، وهما حزب الليكود بزعامة
نتنياهو، والقائمة الصهيونية المشكلة من حزب العمل بزعامة هرتسوغ وحزب الحركة
بزعامة تسيفي لفني.
وهذه القائمة العربية المشتركة التي يرأسها أيمن
عودة وهو شيوعي من حزب راكح، ويشارك فيها مرشح يهودي، تدعو في برنامجها الى تحقيق
السلام بإقامة دولة فلسطينية في الضفة
والقطاع وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك عبر الشراكة الكفاحية مع القوى اليهودية
المناضلة ضد الاحتلال والعنصرية والتمييز، وتنادي أيضاً بالمساواة التامة بين جميع
المواطنين، وتناضل ضد العنصرية والفاشية، وتطالب بمنح المرأة كافة حقوقها استناداً
إلى الميثاق الدولي بشأن التمييز ضد النساء.
وتقاطع هذه الانتخابات التي ستجري في 17 /3/
2015 كل من الحركة الاسلامية ( الجناح الشمالي ) بقيادة رائد صلاح وكمال الخطيب،
وحركة أبناء البلد بقيادة رجا اغبارية، كما تقاطعها قطاعات كبيرة من عرب الداخل.
التعليق
يزعم المشاركون في القائمة العربية الموحدة أن
المشاركة في الانتخابات ( الاسرائيلية ) ستحقق للوسط العربي داخل الكيان اليهودي
المزيد من الحقوق، وأنّها ستقلّل من ممارسات دولة الاحتلال القمعية العنصرية ضد
العرب، والتي تشمل كل اشكال التنكيل والاضطهاد والتضييق في سبل العيش والقتل لأتفه
الأسباب، فضلاً عن مصادرة الاراضي، وتطويق البلدات العربية وتحجيمها، وتهويد
المزيد من المناطق لا سيما في الجليل والنقب.
لقد تناسى هؤلاء المتحمسون مجموعة من الحقائق
أهمها:
1 – إنّ الانتخابات التي يخوضونها إنّما تخضع
للقوانين والشروط ( الاسرائيلية )، ومهما تذاكى المرشحون فهم لا يملكون تغيير تلك
القوانين والشروط.
2- إنّ هذه الانتخابات تتعلق بدولة يهودية
الهوية والطابع والانتماء، والعرب فيها مجرد أقلية مهمشة معزولة ولو بلغ حجمها أكثر
من عشرين بالمائة.
3 – إنّ الفائزين فيها يمتثلون لقسم الولاء
للدولة الحاكمة ولمؤسساتها.
4 – إنّ ساسة يهود يريدون من إشراك العرب في
الانتخابات الادعاء بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وإعطاء صورة مزيفة أمام العالم،
فترسم لها صورة مشرقة تتباهى بها أمام المجتمع الدولي.
5 – تستخدم الفائزون في الانتخابات كجسر (
للسلام ) الكاذب مع خونة العرب والفلسطينيين للاستمرار في لعبة المفاوضات العبثية.
6 – إنّ فكرة القائمة العربية المشتركة - أو قل المخترقة - تجمع من المتناقضات ما يجعلها تُمثل الفشل في
أوسع معانيه، فما هو البرنامج الذي ممكن ان يجتمع عليه المؤمن والملحد والعلماني
والقومي العربي واليهودي في صعيد واحد؟!.
فحزب راكح الشيوعي مثلاً والذي يقود القائمة لا
يهتم بتاتاً بفكرة تحرير فلسطين كونه حزباً عربياً ويهودياً في آن، وقد اعترفت
دولة يهود مبكراً بوصفه حزباً ( اسرائيلياً ) محضاً.
وما معنى وجود حركة تُسمى اسلامية في القائمة
برئاسة الحزب الشيوعي، ولا يوجد في برنامج القائمة المشاركة فيها أي رائحة
للإسلام حتى ولو كانت عبارة بسم الله
الرحمن الرحيم.
أمّا حزب التجمع والحركة العربية للتغيير
فمشاركتهما في القائمة لا تعدو مشاركة شخصية لا صلة لها بأي فكر أو أيديولوجية.
7 – إنّ اعتراف أي مسلم أو عربي أو فلسطيني
بدولة الاحتلال يُعتبر تنازلاً عن أرض فلسطين لليهود، وهو خيانة ما بعدها خيانة، وواضح
أنّ الدخول في الكنيست ( الاسرائيلي ) لا شك أنّه يُمثل أكبر وأصرح اعتراف بحق
دولة يهود في فلسطين.
والحقيقة إنّ تخلي الدول العربية المتخاذلة عن
عرب فلسطين عام 48، وانقطاع زعماء هؤلاء الاحزاب عن قياداتهم الطبيعية، وامتداداتهم
مع أمتهم، هو الذي أوجد مثل هذه القوائم الحزبية البائسة.
والصواب أنّ وجود قائمة عربية مشتركة لأول مرة
في الانتخابات ( الاسرائيلية ) لا علاقة لها لا بالفكر ولا بالسياسة، وإنّما لها
علاقة بقانون رفع نسبة الانتخابات في انتخابات الكنيست ( الاسرائيلي ) من 2% إلى
3.5 %، فخوفاً من عدم اجتياز القوائم العربية الصغيرة لنسبة الحسم هذه تم التفكير
بخوض الانتخابات بقائمة واحدة كبيرة لضمان الدخول الى الكنيست، ولضمان استمرار
تمتع هؤلاء المرشحين العرب بامتيازات شخصية داخل كنيست الكيان اليهودي الغاصب.
السبت، 21 مارس 2015
الخميس، 19 مارس 2015
أبعاد رسالة الكونغرس إلى خامنئي حول الاتفاق النووي
أبعاد رسالة الكونغرس إلى خامنئي حول الاتفاق النووي
يكاد يُجمع المراقبون في الشأن الدستوري الداخلي لأمريكا على خطورة الرسالة التي أرسلها سبعة وأربعون عضواً من الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي إلى علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الاسلامية الذي يقف على قمة السلطة في ايران، حيث حذّروا فيها ايران من ان الرئيس الأمريكي أوباما ليس لديه سلطة إبرام الاتفاق معها، وانّ الكونغرس هو الذي يملك السلطة على توقيع مثل هذا الاتفاق، وهو وحده الذي يملك سلطة رفع العقوبات المفروضة على ايران، وانّه في حالة توقيع الاتفاق فسوف يتم نقضه بعد انتهاء مدة حكم أوباما.
لقد كان وقع هذه الرسالة على كثير من الأمريكيين كوقع الصاعقة، إذ انّه لم يحصل أن تم تعدي فاضح على صلاحيات الرئيس في أمريكا بشكل مباشر- ومنذ أكثر من مئتي عام - كما حصل في هذه الرسالة، فهي بالإضافة إلى كونها تحمل إهانة واضحة للرئيس، فهي كذلك تُعتبر سابقة خطيرة للتدخل بصلاحيات أي رئيس مقبل لأمريكا.
وجاء رد الفعل على هذه الرسالة غاضباً وسريعاً على المستويين الشعبي والرسمي، فعلى المستوى الشعبي وقّع أكثر من مائة وستون ألفاً من الأمريكيين على عريضة تُطالب البيت الأبيض بملاحقة أعضاء الكونغرس من الجمهوريين الموقعين على الرسالة، ومحاكمتهم، بتهمة الخيانة، واستناداً إلى القوانين الأمريكية التي تُجرم أي اتصال بالدول الأجنبية دون المرور عبر القنوات الرئاسية.
وأمّا على المستوى الرسمي فاعتبر البيت الأبيض الرسالة بأنّها عمل طائش وغير مسؤول، وانبرى عدة مسؤولون وزعماء ديمقراطيين للرد على الرسالة فقال نائب الرئيس جو بايدن :" إنّ هذه الرسالة تُهدّد بتقويض قدرة أي رئيس أمريكي مقبل سواء اكان ديمقراطياً أم جمهورياً على التفاوض مع دول أخرى باسم الولايات المتحدة، هي رسالة مضللة وخاطئة بقدر ما هي خطيرة، وهي ليست طريقة لجعل امريكا أكثر أماناً أو قوة".
وقال وزير الخارجية جون كيري:" إنّها سابقة غير صحيحة ونقض للعهد لم يحدث منذ أكثر من قرنين من الزمن، وهي دلالة تُخبر العالم بأنّه إذا أردتم ضماناً لصفقاتكم مع أمريكا فعليكم التفاوض مع 535 عضواً في الكونغرس، فالاقتراح باطل".
أمّا الرئيس أوباما فقال :" أعتقد أنّه من المثير للسخرية إلى حدٍ ما أن نرى بعض أعضاء الكونغرس يُدافعون عن قضية يشتركون فيها مع المتشددين في إيران ويُشكّلون معهم جبهة مشتركة" ، وأمّا هيلاري كلينتون المرشحة البارزة للرئاسة القادمة فاعتبرت بأنّ الرسالة ابتعدت عن التقاليد الفضلى للإدارة الأمريكية وشكّكت بهدف الرسالة وقالت :" إمّا أنّ هؤلاء الشيوخ يُحاولون مساعدة الإيرانيين، وإمّا أنّهم يحاولون الإضرار بأوباما، وفي الحالتين الأمر يضر بالموقعين أنفسهم".
إنّ هذه الرسالة تأتي ضمن صراع محموم على السلطة بين الجمهوريين والديمقراطيين، فبعد أن فاز الجمهوريون بالانتخابات النصفية في شهر تشرين أول ( أكتوبر ) الماضي، وعزّزوا مواقعهم بمجلس الشيوخ بالكونغرس الأمريكي، يُحاولون هذه الأيام الحفاظ على تقدمهم هذا، والتحضير للانتخابات القادمة بكل ما أوتوا من قوة، للعودة إلى السلطة بعد أن حُرِموا منها لمدة فترتين رئاسيتين متتاليتين على يد أوباما، خاصة بعد أن أدركوا أنّ توقيع الاتفاق النووي أصبح في حكم الجاهز مع ايران، وهو ما يُعتبر نجاحاً كبيراً للديمقراطيين، يمكن أن يمنحهم الفوز برئاسة ثالثة لأمريكا، ويحرم بالتالي الجمهوريين لثلاث فترات رئاسية متتالية.
لذلك فالجمهوريون يُحاولون بكل إمكاناتهم وقدراتهم الحيلولة دون توقيع الاتفاق، وذلك إمّا بدفع ايران للامتناع عن التوقيع من تلقاء نفسها، وهو أمر مستبعد ، أو بالضغط على إدارة أوباما لمنح الكونغرس صلاحية الإشراف على الاتفاق، وبالتالي العمل على عرقلة تمريره، وهو ما يعكف على فعله الجمهوريون.
ويبدو أنّ رسالة الجمهوريين تلك قد أحدثت ردة فعل عكسية، بحيث أنّ مؤيدي أوباما وحزبه الديمقراطي قد رجحت كفتهم، لا سيما بعد صدور تقرير لوكالة الاستخبارات الأمريكية يصف البرنامج النووي الايراني بأنّه :" لا يُشكّل خطراً في الوقت الراهن، وأنّه يُعاني من مشاكل فنية وتقنية كبيرة" ، وهو ما فاجأ أيضاً بريطانيا وأوروبا ودول الخليج، إضافة إلى كيان يهود، وهي الدول التي تعمل على تصعيد الصدام مع ايران.
ولعل استخدام الحزب الجمهوري لهذه الرسالة التي بلغ بها السجال بين الحزبين الكبيرين ذروته، بحيث اعتبرت خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لعل ذلك الاستخدام آت من تحسن أداء الرئيس أوباما الاقتصادي لا سيما في ملفي البطالة والرعاية الصحية، حيث انخفضت نسبة البطالة من 10 % عام 2009 عند استلام أوباما الحكم إلى 6.1 % حالياً، وهو بلا شك تخفيض محسوس أدّى إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية للأمريكيين، وتحسنت معها فرص تمرير مشروع الرعاية الصحية التي يتبنّاها الحزب الديمقراطي، والذي انخرط فيه ملايين الأمريكيين ، ووافق عليه رأسماليين كبار لاستفادتهم من عقود التأمين المتعلقة بالمشروع.
فكأنّ هذه الرسالة كانت الورقة الأخيرة أو الرهان الأخير الذي بجعبة الجمهوريين لتحسين فرص إعادة حزبهم إلى السلطة، لكن يبدو انّهم خسروا الرهان.
لقد كان وقع هذه الرسالة على كثير من الأمريكيين كوقع الصاعقة، إذ انّه لم يحصل أن تم تعدي فاضح على صلاحيات الرئيس في أمريكا بشكل مباشر- ومنذ أكثر من مئتي عام - كما حصل في هذه الرسالة، فهي بالإضافة إلى كونها تحمل إهانة واضحة للرئيس، فهي كذلك تُعتبر سابقة خطيرة للتدخل بصلاحيات أي رئيس مقبل لأمريكا.
وجاء رد الفعل على هذه الرسالة غاضباً وسريعاً على المستويين الشعبي والرسمي، فعلى المستوى الشعبي وقّع أكثر من مائة وستون ألفاً من الأمريكيين على عريضة تُطالب البيت الأبيض بملاحقة أعضاء الكونغرس من الجمهوريين الموقعين على الرسالة، ومحاكمتهم، بتهمة الخيانة، واستناداً إلى القوانين الأمريكية التي تُجرم أي اتصال بالدول الأجنبية دون المرور عبر القنوات الرئاسية.
وأمّا على المستوى الرسمي فاعتبر البيت الأبيض الرسالة بأنّها عمل طائش وغير مسؤول، وانبرى عدة مسؤولون وزعماء ديمقراطيين للرد على الرسالة فقال نائب الرئيس جو بايدن :" إنّ هذه الرسالة تُهدّد بتقويض قدرة أي رئيس أمريكي مقبل سواء اكان ديمقراطياً أم جمهورياً على التفاوض مع دول أخرى باسم الولايات المتحدة، هي رسالة مضللة وخاطئة بقدر ما هي خطيرة، وهي ليست طريقة لجعل امريكا أكثر أماناً أو قوة".
وقال وزير الخارجية جون كيري:" إنّها سابقة غير صحيحة ونقض للعهد لم يحدث منذ أكثر من قرنين من الزمن، وهي دلالة تُخبر العالم بأنّه إذا أردتم ضماناً لصفقاتكم مع أمريكا فعليكم التفاوض مع 535 عضواً في الكونغرس، فالاقتراح باطل".
أمّا الرئيس أوباما فقال :" أعتقد أنّه من المثير للسخرية إلى حدٍ ما أن نرى بعض أعضاء الكونغرس يُدافعون عن قضية يشتركون فيها مع المتشددين في إيران ويُشكّلون معهم جبهة مشتركة" ، وأمّا هيلاري كلينتون المرشحة البارزة للرئاسة القادمة فاعتبرت بأنّ الرسالة ابتعدت عن التقاليد الفضلى للإدارة الأمريكية وشكّكت بهدف الرسالة وقالت :" إمّا أنّ هؤلاء الشيوخ يُحاولون مساعدة الإيرانيين، وإمّا أنّهم يحاولون الإضرار بأوباما، وفي الحالتين الأمر يضر بالموقعين أنفسهم".
إنّ هذه الرسالة تأتي ضمن صراع محموم على السلطة بين الجمهوريين والديمقراطيين، فبعد أن فاز الجمهوريون بالانتخابات النصفية في شهر تشرين أول ( أكتوبر ) الماضي، وعزّزوا مواقعهم بمجلس الشيوخ بالكونغرس الأمريكي، يُحاولون هذه الأيام الحفاظ على تقدمهم هذا، والتحضير للانتخابات القادمة بكل ما أوتوا من قوة، للعودة إلى السلطة بعد أن حُرِموا منها لمدة فترتين رئاسيتين متتاليتين على يد أوباما، خاصة بعد أن أدركوا أنّ توقيع الاتفاق النووي أصبح في حكم الجاهز مع ايران، وهو ما يُعتبر نجاحاً كبيراً للديمقراطيين، يمكن أن يمنحهم الفوز برئاسة ثالثة لأمريكا، ويحرم بالتالي الجمهوريين لثلاث فترات رئاسية متتالية.
لذلك فالجمهوريون يُحاولون بكل إمكاناتهم وقدراتهم الحيلولة دون توقيع الاتفاق، وذلك إمّا بدفع ايران للامتناع عن التوقيع من تلقاء نفسها، وهو أمر مستبعد ، أو بالضغط على إدارة أوباما لمنح الكونغرس صلاحية الإشراف على الاتفاق، وبالتالي العمل على عرقلة تمريره، وهو ما يعكف على فعله الجمهوريون.
ويبدو أنّ رسالة الجمهوريين تلك قد أحدثت ردة فعل عكسية، بحيث أنّ مؤيدي أوباما وحزبه الديمقراطي قد رجحت كفتهم، لا سيما بعد صدور تقرير لوكالة الاستخبارات الأمريكية يصف البرنامج النووي الايراني بأنّه :" لا يُشكّل خطراً في الوقت الراهن، وأنّه يُعاني من مشاكل فنية وتقنية كبيرة" ، وهو ما فاجأ أيضاً بريطانيا وأوروبا ودول الخليج، إضافة إلى كيان يهود، وهي الدول التي تعمل على تصعيد الصدام مع ايران.
ولعل استخدام الحزب الجمهوري لهذه الرسالة التي بلغ بها السجال بين الحزبين الكبيرين ذروته، بحيث اعتبرت خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لعل ذلك الاستخدام آت من تحسن أداء الرئيس أوباما الاقتصادي لا سيما في ملفي البطالة والرعاية الصحية، حيث انخفضت نسبة البطالة من 10 % عام 2009 عند استلام أوباما الحكم إلى 6.1 % حالياً، وهو بلا شك تخفيض محسوس أدّى إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية للأمريكيين، وتحسنت معها فرص تمرير مشروع الرعاية الصحية التي يتبنّاها الحزب الديمقراطي، والذي انخرط فيه ملايين الأمريكيين ، ووافق عليه رأسماليين كبار لاستفادتهم من عقود التأمين المتعلقة بالمشروع.
فكأنّ هذه الرسالة كانت الورقة الأخيرة أو الرهان الأخير الذي بجعبة الجمهوريين لتحسين فرص إعادة حزبهم إلى السلطة، لكن يبدو انّهم خسروا الرهان.
خفايا العلاقات الامريكية الايرانية
خفايا العلاقات الامريكية الايرانية
لا شك أنّ ظاهر العلاقات الأمريكية الإيرانية لا يعكس طبيعة تلك العلاقات الحقيقية الخفية المبنية على مصالح
حيوية تجمع بين الدولتين، فعوام الساسة يظنون أنّ إيران دولة عدوة لأمريكا، ويتوهمون بأنّ أمريكا تُريد ضرب إيران وإضعافها بحجة دعمها للمقاومة، لكن جُلّ الحقائق السياسية والجيوسياسية تدل على متانة العلاقات بين الدولتين، كما يدل تاريخ العلاقات بينهما منذ ثورة الخميني وحتى الساعة على أنّ أمريكا وإيران تُنسقان أعمالهما الخارجية بتوافق لافت، وبتكامل عجيب.
حيوية تجمع بين الدولتين، فعوام الساسة يظنون أنّ إيران دولة عدوة لأمريكا، ويتوهمون بأنّ أمريكا تُريد ضرب إيران وإضعافها بحجة دعمها للمقاومة، لكن جُلّ الحقائق السياسية والجيوسياسية تدل على متانة العلاقات بين الدولتين، كما يدل تاريخ العلاقات بينهما منذ ثورة الخميني وحتى الساعة على أنّ أمريكا وإيران تُنسقان أعمالهما الخارجية بتوافق لافت، وبتكامل عجيب.
فما بين أمريكا وإيران الملالي من الوشائج والصلات أكبر بكثير من أن يُفسده ساسة صغار مُدللون لدى الأمريكان كنتنياهو، وحتى في أشد الحملات الأمريكية (اللفظية) ضد إيران وطئاً في العلن، كانت العلاقات الحميمية بينهما تتم بالسر من دون أية منغصات.
فمن تحييد جيش الشاه أثناء الثورة الإيرانية على يد القائد الأمريكي هويزر، والذي مكّن آية الله الخميني من السلطة، إلى قصة احتجاز الطلبة الإيرانيين للأمريكيين في السفارة الأمريكية بطهران، مروراً بتمثيلية الإنقاذ الأمريكية الفاشلة لهم، إلى صفقة الكونترا غيت (الفضيحة) التي تم بواسطتها تزويد إيران بالأسلحة، إلى غير ذلك من سيناريوهات أمريكية (هوليودية) ضد إيران ساهمت جميعها في تقوية إيران وليس بإضعافها، ومكّنتها من لعب دور إقليمي بارز في الخليج، وحوّلتها من ثمّ إلى فزّاعة ضد دول الخليج (المحميات البريطانية) لجعلها ترتمي في أحضان الحماية الأمريكية.
ومن دعابات تلك العلاقات بين أمريكا وإيران في العام 2008 أنّه وبينما كانت أمريكا تعتبر إيران مع كوريا الشمالية من الدول الحاضنة للإرهاب، وتعتبرها من دول محور الشر التي تُهدّد السلم العالمي بأسره!، كانت العلاقات الطبيعية تجري بينهما على أحسن ما يُرام، فاستوردت إيران في ذلك العام مليون طن من القمح الأمريكي، إضافة إلى استيرادها للأدوية الأمريكية، في حين كانت أمريكا تشتري من إيران السجاد الإيراني الفاخر والفستق.
فالسياسة الخارجية للدول لا تؤخذ من تصريحات الزعماء والساسة وحسب، وإنّما تؤخذ من الأعمال السياسية والمواقف السياسية إضافة إلى التصريحات، فغزو أمريكا لأفغانستان والعراق ما كان ليقع ابتداء لولا مساعدة إيران وتعاونها مع أمريكا، وقد أكّد ذلك رفسنجاني وغيره من الساسة الإيرانيين بتصريحات كثيرة موثقة.
ومن ناحية واقعية نجد على الأرض اليوم تناغماً واضحاً بين مصالح الدولتين، فالكل يُلاحظ وبوضوح تام الدعم المتواصل من قبل الأمريكيين والإيرانيين للدولة العراقية الطائفية منذ اثني عشر عاماً، وهذا وحده دليل كاف يؤكد على وحدة الأهداف والمصالح بينهما.
كما يُلاحظ الجميع مدى تكامل السياسات الأمريكية والإيرانية في سوريا وذلك من خلال دعم إيران اللامحدود للطاغية بشار الأسد، ومن خلال عدم جدية أمريكا - في زعمها - بإسقاطه، بل يُلاحظ الجميع كيف أنّ أمريكا دائماً تمنحه الشرعية القانونية من خلال المبعوثين الدوليين، فتُغطي على جرائمه، وتتستر على مجازره، ولو كانت استخداما للأسلحة الكيميائية، أو كانت إلقاءً للبراميل المتفجرة على رؤوس المدنيين الأبرياء.
وعندما سُئل وزير الدفاع الأمريكي السابق تشاك هيجل عن تقديم إدارة أوباما لتنازلات للإيرانيين أجاب: "إنّ ذلك سيُعزز الاستقرار في الشرق الأوسط ويجب أن نتعامل مع إيران كشريك في العراق وسوريا" وذلك وفقاً لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز.
وإنّه بالرغم من نفي وزارة الخارجية الأمريكية لما نقلته صحيفة التايمز البريطانية من أنّ مسؤولين إيرانيين يُجرون محادثات سرية مع مسؤولين أمريكيين بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وطهران، بالرغم من هذا النفي إلا أنّ معظم الدلائل على الأرض تُشير إلى واقعية تلك المحادثات لدرجة أنّ خامنئي نفسه يُمهد لها فهو قد صرّح أكثر من مرة بأنّه لا يُعارض إجراء محادثات مباشرة مع أمريكا ولا يُمانع في إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وعن دور قاسم سليماني في التنسيق مع الأمريكيين نقلت ال bbc في 7/3/2015 تحت عنوان (قاسم سليماني النجم الإيراني الصاعد): "قد تكون إيران والولايات المتحدة في حالة عداء مستحكمة على المستوى الأيديولوجي، لكن العمليات العسكرية الموسعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق دفعت إلى التعاون غير المباشر بين البلدين، وهو الطريق الذي سار فيه الجنرال قاسم سليماني من قبل.
ففي عام 2001، قدّمت إيران معلومات استخباراتية إلى الولايات المتحدة لدعم عملياتها للإطاحة بحركة طالبان في أفغانستان، وفي عام 2007 أرسلت واشنطن وطهران مندوبين إلى بغداد لإجراء محادثات مباشرة بشأن تدهور الوضع الأمني هناك".
وفي مقابلة مع بي بي سي فارسي منذ عامين: "دعا السفير الأمريكي لدى العراق، ريان كروكر، إلى الاستعانة مجددا بالدور غير المباشر الذي لعبه الجنرال سليماني في محادثات بغداد".
وقال كروكر: "اكتشفت أنني كلما قلت شيئا للمندوبين الإيرانيين لم يكن مشارا إليه في النقاط التي يحملها، كان عادة ما يطلب الاتصال بطهران للاستشارة. لقد كان يخضع لرقابة شديدة. وكان في الطرف الآخر من المحادثة الجنرال قاسم سليماني".
وقال لبي بي سي: "أوضح مندوبو إيران الذين اجتمعوا معي أنه مع إبلاغ وزارة الخارجية بمجريات المحادثات، يظل القرار النهائي في النهاية للجنرال سليماني".
وقالت الغارديان في 7/3/2015: "تقوم استراتيجية باراك أوباما على تجنب أي شيء يدفع الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري المباشر، وهو ما يؤدي للاعتماد الفعلي على إيران. وبدا الاعتماد واضحًا في آب/أغسطس، عندما قامت الطائرات الأمريكية بتقديم غطاء جوي لدعم قوات الحرس الثوري الإيراني، التي كانت تحاصر بلدة إيمرلي، وتقوم إيران اليوم بمساعدة الحكومة العراقية على حماية خطوط القتال، ووقف تقدم مقاتلي تنظيم الدولة، فيما يقوم المستشارون الأمريكيون بتدريب القوات العراقية".
تلكم هي العلاقات الحقيقية بين أمريكا وإيران، وهي علاقات ترمي إلى إخضاع منطقة الشرق الأوسط برمتها بشكل كامل للنفوذ الأمريكي، وما كان تزايد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن ليحصل لولا موافقة أمريكا، وما أوردناه من أمثلة وأدلة هو مجرد غيض من فيض على ذلك والمخفي أعظم.
فمن تحييد جيش الشاه أثناء الثورة الإيرانية على يد القائد الأمريكي هويزر، والذي مكّن آية الله الخميني من السلطة، إلى قصة احتجاز الطلبة الإيرانيين للأمريكيين في السفارة الأمريكية بطهران، مروراً بتمثيلية الإنقاذ الأمريكية الفاشلة لهم، إلى صفقة الكونترا غيت (الفضيحة) التي تم بواسطتها تزويد إيران بالأسلحة، إلى غير ذلك من سيناريوهات أمريكية (هوليودية) ضد إيران ساهمت جميعها في تقوية إيران وليس بإضعافها، ومكّنتها من لعب دور إقليمي بارز في الخليج، وحوّلتها من ثمّ إلى فزّاعة ضد دول الخليج (المحميات البريطانية) لجعلها ترتمي في أحضان الحماية الأمريكية.
ومن دعابات تلك العلاقات بين أمريكا وإيران في العام 2008 أنّه وبينما كانت أمريكا تعتبر إيران مع كوريا الشمالية من الدول الحاضنة للإرهاب، وتعتبرها من دول محور الشر التي تُهدّد السلم العالمي بأسره!، كانت العلاقات الطبيعية تجري بينهما على أحسن ما يُرام، فاستوردت إيران في ذلك العام مليون طن من القمح الأمريكي، إضافة إلى استيرادها للأدوية الأمريكية، في حين كانت أمريكا تشتري من إيران السجاد الإيراني الفاخر والفستق.
فالسياسة الخارجية للدول لا تؤخذ من تصريحات الزعماء والساسة وحسب، وإنّما تؤخذ من الأعمال السياسية والمواقف السياسية إضافة إلى التصريحات، فغزو أمريكا لأفغانستان والعراق ما كان ليقع ابتداء لولا مساعدة إيران وتعاونها مع أمريكا، وقد أكّد ذلك رفسنجاني وغيره من الساسة الإيرانيين بتصريحات كثيرة موثقة.
ومن ناحية واقعية نجد على الأرض اليوم تناغماً واضحاً بين مصالح الدولتين، فالكل يُلاحظ وبوضوح تام الدعم المتواصل من قبل الأمريكيين والإيرانيين للدولة العراقية الطائفية منذ اثني عشر عاماً، وهذا وحده دليل كاف يؤكد على وحدة الأهداف والمصالح بينهما.
كما يُلاحظ الجميع مدى تكامل السياسات الأمريكية والإيرانية في سوريا وذلك من خلال دعم إيران اللامحدود للطاغية بشار الأسد، ومن خلال عدم جدية أمريكا - في زعمها - بإسقاطه، بل يُلاحظ الجميع كيف أنّ أمريكا دائماً تمنحه الشرعية القانونية من خلال المبعوثين الدوليين، فتُغطي على جرائمه، وتتستر على مجازره، ولو كانت استخداما للأسلحة الكيميائية، أو كانت إلقاءً للبراميل المتفجرة على رؤوس المدنيين الأبرياء.
وعندما سُئل وزير الدفاع الأمريكي السابق تشاك هيجل عن تقديم إدارة أوباما لتنازلات للإيرانيين أجاب: "إنّ ذلك سيُعزز الاستقرار في الشرق الأوسط ويجب أن نتعامل مع إيران كشريك في العراق وسوريا" وذلك وفقاً لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز.
وإنّه بالرغم من نفي وزارة الخارجية الأمريكية لما نقلته صحيفة التايمز البريطانية من أنّ مسؤولين إيرانيين يُجرون محادثات سرية مع مسؤولين أمريكيين بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وطهران، بالرغم من هذا النفي إلا أنّ معظم الدلائل على الأرض تُشير إلى واقعية تلك المحادثات لدرجة أنّ خامنئي نفسه يُمهد لها فهو قد صرّح أكثر من مرة بأنّه لا يُعارض إجراء محادثات مباشرة مع أمريكا ولا يُمانع في إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وعن دور قاسم سليماني في التنسيق مع الأمريكيين نقلت ال bbc في 7/3/2015 تحت عنوان (قاسم سليماني النجم الإيراني الصاعد): "قد تكون إيران والولايات المتحدة في حالة عداء مستحكمة على المستوى الأيديولوجي، لكن العمليات العسكرية الموسعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق دفعت إلى التعاون غير المباشر بين البلدين، وهو الطريق الذي سار فيه الجنرال قاسم سليماني من قبل.
ففي عام 2001، قدّمت إيران معلومات استخباراتية إلى الولايات المتحدة لدعم عملياتها للإطاحة بحركة طالبان في أفغانستان، وفي عام 2007 أرسلت واشنطن وطهران مندوبين إلى بغداد لإجراء محادثات مباشرة بشأن تدهور الوضع الأمني هناك".
وفي مقابلة مع بي بي سي فارسي منذ عامين: "دعا السفير الأمريكي لدى العراق، ريان كروكر، إلى الاستعانة مجددا بالدور غير المباشر الذي لعبه الجنرال سليماني في محادثات بغداد".
وقال كروكر: "اكتشفت أنني كلما قلت شيئا للمندوبين الإيرانيين لم يكن مشارا إليه في النقاط التي يحملها، كان عادة ما يطلب الاتصال بطهران للاستشارة. لقد كان يخضع لرقابة شديدة. وكان في الطرف الآخر من المحادثة الجنرال قاسم سليماني".
وقال لبي بي سي: "أوضح مندوبو إيران الذين اجتمعوا معي أنه مع إبلاغ وزارة الخارجية بمجريات المحادثات، يظل القرار النهائي في النهاية للجنرال سليماني".
وقالت الغارديان في 7/3/2015: "تقوم استراتيجية باراك أوباما على تجنب أي شيء يدفع الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري المباشر، وهو ما يؤدي للاعتماد الفعلي على إيران. وبدا الاعتماد واضحًا في آب/أغسطس، عندما قامت الطائرات الأمريكية بتقديم غطاء جوي لدعم قوات الحرس الثوري الإيراني، التي كانت تحاصر بلدة إيمرلي، وتقوم إيران اليوم بمساعدة الحكومة العراقية على حماية خطوط القتال، ووقف تقدم مقاتلي تنظيم الدولة، فيما يقوم المستشارون الأمريكيون بتدريب القوات العراقية".
تلكم هي العلاقات الحقيقية بين أمريكا وإيران، وهي علاقات ترمي إلى إخضاع منطقة الشرق الأوسط برمتها بشكل كامل للنفوذ الأمريكي، وما كان تزايد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن ليحصل لولا موافقة أمريكا، وما أوردناه من أمثلة وأدلة هو مجرد غيض من فيض على ذلك والمخفي أعظم.
الاثنين، 9 مارس 2015
الجمعة، 6 مارس 2015
خطاب نتنياهو في واشنطن يدخل ضمن السياسة الداخلية للولايات المتحدة
الخميس، 5 مارس 2015
اتفاق بروكسل الرهان الأخير لإبقاء اليونان في منطقة اليورو
اتفاق بروكسل الرهان الأخير لإبقاء اليونان في منطقة
اليورو
إن التوصل الى اتفاق بين منطقة اليورو واليونان بشأن تمديد برنامج
التمويل الخاص جاء بعد مفاوضات مكثفة ومضنية في بروكسل، ونص البيان الختامي
للمجموعة على أنه: "ستبدأ الاجراءات بهدف التوصل الى قرار نهائي حول تمديد
خطة التمويل الحالية لفترة تصل الى اربعة اشهر". وستتم مراقبة تنفيذ شروط مجموعة اليورو، عبر المفوضية
الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وهذه المؤسسات الثلاثة
كان يطلق عليها في السابق "ترويكا" والتي تُقدم لمجموعة اليورو التقرير النهائي
الذي يُتخذ القرار بعده - إذا كان إيجابيا -بالإفراج عن أقساط القروض المستحقة
والفوائد على السندات اليونانية بقيمة 3.9 مليار يورو.
إنّ ضخامة حجم ديون اليونان والتي تناهز 320 مليار يورو
أي ما يعادل 170 في المائة من صافي الناتج المحلي لها جعل اليونان والاتحاد الأوروبي يخوضان سباقا
مع الزمن، للتوصل إلى هذا الاتفاق لتفادي خروج اليونان من منطقة اليورو.
فاليونان وبالرغم من توقيع
الاتفاق الاّ أنّها ما زالت مُهددة بالخروج من منطقة اليورو وذلك لما بلغه
اقتصادها من عجز عن سداد التزامها، وهو ما يؤدي في النهاية إلى إعلان إفلاسها.
وتدرك دول اليورو
الأوروبية خطورة وضع اليونان الاقتصادي هذا لا سيما بعد أن فشلت حُزم الانقاذ
الأولى والثانية التي قُدمت لليونان والتي بلغت مئات المليارات، فكانت الحزمة
الأولى عامي 2010 – 2011بقيمة 110مليار يورو لمدة ثلاث سنوات، وبفائدة بقيمة 5.5 %،
لكنها لم تُسعف اليونان في تمكينها من سداد ديونها في المدة المطلوبة، فتم بعد ذلك
تخفيض قيمة الفائدة لتصبح 4.2 % مع زيادة فترة السداد لمدة سبع سنوات، وتم فرض
اجراءات تقشفية صارمة على اليونان كخفض النفقات وتقليل الأجور وتقليص المكافآت.
ومُنحت بعد ذلك الحزمة الثانية من القروض بقيمة 110 مليار يورو أخرى، وفرض على اليونان
شروط اقتصادية قاسية جديدة من مثل رفع الضرائب على القيمة المضافة والسيارات
المستوردة والمحروقات وخفض رواتب القطاع العام وغيرها من الاجراءات.
ولكن مع كل هذه
الاجراءات لم تنجح اليونان في تخفيض
مديونيتها التي بلغت 320 مليار يورو أي ما يعادل 170 % من صافي الناتج المحلي لها،
ولم تستطع تقليل عجز الموازنة إلى النسبة المطلوبة داخل منطقة اليورو وهي 3 % بل
بقيت بحدود 12.7 % وهي نسبة عالية جداً وخطيرة.
إنّ تفاقم الوضع
الاقتصادي لليونان أدّى إلى ارتفاع البطالة إلى مستويات غير مسبوقة بحيث أنّ
واحداً من كل أربعة يونانيين أصبح عاطلاً عن العمل، وهو الأمر الذي أدّى إلى
ارتفاع نسبة الهجرة من اليونان إلى دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 40 % ، وهاجر إلى ألمانيا وحدها 34 ألفاً.
ونزحت كذلك الودائع المالية،
وغادرت فروع البنوك الألمانية والفرنسية والبريطانية بسبب بلوغ اليونان إلى شفير
الإفلاس، وتم تحذيرها من تصعيد مطالبها بحرمان بنوكها من التمويل ومنع إمدادها
بالأموال اللازمة لإدارة الحد الأدنى من الحياة اليومية.
وفي الانتخابات الأخيرة
سقطت الأحزاب الرأسمالية التي فشلت في تحسين الأوضاع الاقتصادية لليونانيين بعد كل
هذه المساعدات والقروض التي قُدّمت لها، وانتخب اليونانيون الحزب الاشتراكي لعلهم
يجدون فيه الترياق الشافي لوضعهم الميؤوس منه، ووعدهم الحزب بإنهاء حالة التقشف،
لكنه ما ان دخل في مفاوضات بروكسل حتى وجد نفسه في مواجهة حيتان عاتية من
الرأسماليين الأوروبيين الذين يتحكمون بكل مفاصل الاقتصاد اليوناني، والذين أوقفوا
تقديم الحزمة الثالثة من الانقاذ الا بشروطهم التعجيزية.
قال وزير المالية
الالماني وولفغانغ شويبلة : " إنّه لن تكون هناك أموال إضافية لليونان إلا
إذا التزمت بشروط الإتفاق"، وأضاف : " إنّ الحكومة اليونانية
التي يقودها الاشتراكيون سوف تشهد أوقاتاً عصيبة".
لقد دخل الاقتصاد
اليوناني إلى غرفة الإنعاش بالفعل، وليس بمقدوره التعافي والخروج منها إلا
باستمرار ضخ مليارات الدولارات في عروقه، وهذا أمر لا تقوم به الدول الرأسمالية من
دون مقابل.
إنّ ألمانيا اليوم - ومعها
ترويكا الدائنون الرئيسيون- والتي تقود دول اليورو اقتصادياً كانت قد طالبت
اليونان من قبل ببيع بعض أجمل جزرها لتسديد ديونها، وها هي تفرض عليها اليوم رفع
القيود الحكومية عن كل مؤسساتها، وخصخصتها، للسيطرة عليها، ولا تريد إعفاء اليونان
من أية ديون مستحقة عليها بحجة عدم تحميل دافعي الضرائب الألمان أعباء إعادة هيكلة
ديون اليونان.
لكنّ المعادلة الصعبة
التي تُواجه ألمانيا اليوم هي الموازنة ما بين بقاء اليونان داخل منظومة اليورو
عالة عليها، أو إخراجها منها وما يترتب على ذلك الإخراج من سابقة خطيرة لا تريد
المستشارة انجيلا ميركل أن تكون هي من يتحمل مسؤولية تفكيك المجموعة الأوروبية.
إنّ واقع المشكلة
بالنسبة لليونان بالغ الوضوح وهو يكمن في عدم تكافئها مع القوى الأخرى الاكبر والأغنى
منها في المجموعة، فهي لا تملك الموارد ولا الإمكانيات التي تجعلها في مصاف دول
مثل ألمانيا وفرنسا وهولندا وغيرها من دول مجموعة اليورو، وبالتالي فلا يمكن حل
مشكلتها الاقتصادية المستعصية الا بالخروج من هذه المجموعة أو بإلغاء استقلالها
وتحويلها إلى جزء من دولة أوروبية موحدة، كما تم إلغاء ألمانيا الشرقية ودمجها في
ألمانيا الغربية في دولة واحدة.
أمّا إلغاء وجودها
ودمجها في دولة أوروبية واحدة فهذا غير وارد بالنسبة لأوروبا لأنّ أوروبا لن تتحد
في دولة واحدة يوماً، وتلك هي مشكلتها المزمنة، وهو ما أدّى إلى تراجعها أمام
القوى الكبرى الأخرى لا سيما أمريكا.
وأمّا خروجها من مجموعة
اليورو فهو الأفضل لها بحسب ظروفها تلك، ويبدو أنّ هذا ما سيُصار إليه في المستقبل
المنظور.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)