نتائج قمة طهران تلبي المصالح الأمريكية
انعقدت قمّة طهران بين رؤساء روسيا وإيران وتركيا بُعيد انتهاء قمة جدة مباشرة، وظن كثير من المُراقبين أنها قمة موازية أو معاكسة لها، والحقيقة أنها قمة لم تخرج عن الأطر السياسية التي تضعها الإدارة الأمريكية لسياساتها الخارجية، فهي تلبي تماماً الاحتياجات الأمريكية في المنطقة.
هناك فرق كبير بين القمتين من حيث الأطراف المشاركة فيها، ومن حيث تبعية تلك الأطراف، فقمة جدة جمع فيها تسعة حكام لملاقاة الرئيس الأمريكي، وظهروا بمظهر التابعين المتلهفين للقاء سيدهم، ونيل رضاه عنهم، بينما قمة طهران هي قمة لقادة إقليميين مشاركين منذ سنوات في ترتيب أوضاع سوريا، وهم الثلاثي الضامن للحفاظ على نظام بشار الأسد من السقوط، فهم الذين جمعتهم أمريكا لتمكينه من الحكم، وإجهاضه للثورة، وتدميره لسوريا، وقتله وتهجيره لأهلها.
إن مجرد تقارب التوقيت بين القمتين، وتعاقبهما، لا يعني بالضرورة أنّ للثانية علاقة بالأولى، لأن العبرة ليست بالتوقيت، بل بالموضوعات التي تبحثها القمة، وبالنتائج التي تتمخض عنها، وقبل كل ذلك بالأطراف التي تشارك فيها.
فبايدن في قمة جدة اجتمع بعملاء له وللغرب، أي اجتمع بأتباع لا يقررون ولا يملكون من أمرهم شيئاً، بينما بوتين في قمة طهران اجتمع بنظراء له، يتعاملون معه كأنداد، وهم في الأصل لا يعملون لصالح روسيا مطلقاً، بل هم في الحقيقة يدورون في فلك أمريكا.
لقد كُلّف أردوغان في هذا المؤتمر من طرف أمريكا والغرب بمُتابعة قضية رفع موسكو الحصار عن 22 مليون طن من الحبوب الأوكرانية ليتم تصديرها من موانئ أوكرانيا المحاصرة عبر البحر الأسود، وتحدث في القمة عن رغبة تركيا باجتياح شمال سوريا، وطرد الانفصاليين الأكراد القريبين من الحدود التركية على مدى مسافة ثلاثين كيلومتراً إن لم تتم معالجة المخاوف الأمنية لتركيا، وهي المخاوف المتعلقة بما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تهيمن عليها الفصائل الكردية الانفصالية، وظهر أنّ موقف روسيا وإيران من هذه المسألة هو عينه الموقف الأمريكي الداعي إلى حل المشكلة بالطرق السلمية.
وبالتدقيق في موضوع الفصائل الكردية الانفصالية نجد أنّ أمريكا هي التي تمولها وتسلحها وتشرف عليها، وهي التي تستخدمها في السيطرة على مناطق شرق الفرات والتي تشكّل ربع مساحة سوريا، ولقد خصص لها الكونغرس عشرات الملايين من الدولارات في ميزانية الحكومة للعام المقبل 2023.
فهذه الفصائل هي مليشيات تابعة لأمريكا تمويلاً وتسليحاً وتوجيهاً، وهي في الوقت نفسه تحتمي بقوات بشار الأسد عندما تتعرض لهجوم تركي، وهذا يعني أنّ المجرم بشار الأسد الذي يحميها هو عميل لأمريكا مثلها، وبذلك يكون موقف إيران وروسيا من هذه المسألة هو تأكيد للموقف الأمريكي منها.
وأمّا إيران فلا أحد ينكر سيطرتها على العراق وحكومته ومعظم أحزابه ومليشياته، ومع ذلك نجد أنّ رئيس وزرائها الكاظمي قد شارك في مؤتمر أتباع أمريكا في جدة، وهذا يعني أنّه تابع لإيران وأمريكا في الوقت نفسه، ويفهم من ذلك أنّ رجال إيران هم أنفسهم رجال أمريكا في المنطقة.
وبالتدقيق في موضوع الفصائل الكردية الانفصالية نجد أنّ أمريكا هي التي تمولها وتسلحها وتشرف عليها، وهي التي تستخدمها في السيطرة على مناطق شرق الفرات والتي تشكّل ربع مساحة سوريا، ولقد خصص لها الكونغرس عشرات الملايين من الدولارات في ميزانية الحكومة للعام المقبل 2023.
فهذه الفصائل هي مليشيات تابعة لأمريكا تمويلاً وتسليحاً وتوجيهاً، وهي في الوقت نفسه تحتمي بقوات بشار الأسد عندما تتعرض لهجوم تركي، وهذا يعني أنّ المجرم بشار الأسد الذي يحميها هو عميل لأمريكا مثلها، وبذلك يكون موقف إيران وروسيا من هذه المسألة هو تأكيد للموقف الأمريكي منها.
وأمّا إيران فلا أحد ينكر سيطرتها على العراق وحكومته ومعظم أحزابه ومليشياته، ومع ذلك نجد أنّ رئيس وزرائها الكاظمي قد شارك في مؤتمر أتباع أمريكا في جدة، وهذا يعني أنّه تابع لإيران وأمريكا في الوقت نفسه، ويفهم من ذلك أنّ رجال إيران هم أنفسهم رجال أمريكا في المنطقة.
وقالت روسيا في القمة إنّ إيران شريك مهم لروسيا، وركزت على التمسك بصيغة أستانة واتفاق سوتشي بين روسيا وإيران وتركيا، وهي الدول الثلاث الضامنة لبقاء دولة بشار الأسد ونظام حكمه.
كما وتمّ الاتفاق في هذه القمة على تزويد إيران لروسيا بالطائرات المسيّرة لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، واتفقت معها كذلك على زيادة حجم التجارة بين الدولتين، واستخدام عملتيهما المحلية في الصفقات التجارية بينهما، ومعنى ذلك أن أمريكا تساعد روسيا عبر إيران لتخفيف وقع العقوبات عليها.
فهذه إذاً ليست قمة لبوتين مع أتباعه كما يروج لذلك بعض الإعلاميين الجاهلين، بل هي قمة له مع نظرائه من أشياع أمريكا، أي أنّها ليست قمة موازية ولا مناكفة لأمريكا، وإنّما هي قمة لبوتين مع أدوات أمريكية.
والخلاصة المستفادة من هذه القمة هي أن أمريكا لا تريد إنهاك روسيا أو إخراجها من مكانتها في الموقف الدولي لأنها تستفيد منها كثيراً، بل تريد ترويضها فقط، وحرب روسيا في أوكرانيا أنهكت أوروبا أكثر مما أنهكت روسيا، وقد بيّنت الحرب أن أوروبا مهددة بخسارة 10% من اقتصادها.
فأمريكا ما زالت تعمل مع روسيا في سوريا وليبيا ودول القارة الأفريقية، فتستفيد أمريكا من قوة روسيا في مد نفوذها، وتستفيد روسيا بالبقاء في الموقف الدولي كدولة كبرى، على أنّ أكبر تحد لأمريكا اليوم هي الصين وليست روسيا، وهذا ما تكرّر ذكره على ألسنة كبار السياسيين الأمريكيين، وما حرب أوكرانيا بالنسبة لأمريكا إلا فرصة لها لتأكيد قيادتها للعالم، ولاستمرار الضغط على الصين ومُحاصرتها، ولإخضاع أوروبا لها.