الجمعة، 24 يناير 2020

الأربعاء، 15 يناير 2020

الفرق بين ضربة السيد وضربة العبد

الفرق بين ضربة السيد وضربة العبد

قامت أمريكا الأسبوع الماضي بضرب مليشيات إيران في العراق ضربات غادرة موجعة قتلت فيها العشرات من الجنود والعناصر التابعة لكتائب الحشد الشعبي التابع لإيران، واستهدفت بالقتل بشكلٍ خاص قاسم سليماني رئيس ما يُسمّى بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وقتلت أيضاً نائبه العراقي في الحشد الشعبي عبد الغني المهندس.
وردت إيران بقصف قاعدتي عين الأسد في الأنبار وأربيل شمالي العراق بعدة صواريخ سقطت في أراضٍ فارغة لم تُحدث أي ضرر، فلم تُصب أي جندي أمريكي، ولم تُعطب أياً من المعدات الأمريكية.
واعتبرت إيران أنّ هذا الرد على العدوان الأمريكي كاف، وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعد هذا الرد إنّ الموضوع قد انتهى عند هذا الحد ما لم تُصعّد أمريكا، وأعلن ترامب أنّ أياً من الجنود الأمريكيين لم يُصب بأذى من القصف الإيراني، وقال بأنّ أمريكا عاقبت إيران بقتل سليماني بسبب وجود نوايا لديه لمهاجمة السفارات الأمريكية. فأمريكا من فرط عنجهيتها أصبحت تُحاسب وتقتل على مجرد النوايا وليس على الأفعال.
ولو قارنّا بين ضربة أمريكا لإيران وضربة إيران لأمريكا لوجدنا أنّ ضربة أمريكا هي ضربة السيد، بينما ضربة إيران هي ضربة العبد، ويتجسد هذا الفرق في النقاط التالية:
1- أمريكا هي التي بدأت بعملية الضرب، فقرّرت القيام بالفعل بمفردها، واختارت الأهداف في المكان والزمان المناسبين لها، ولم تستشر أحداً في عمليتها تلك، حتى أقرب حلفائها في حلف الناتو بريطانيا لم تقم بإبلاغها بالضربة.
2- في المقابل قامت إيران بضربتها الانتقامية كردة فعل، وأبلغت أمريكا بقرارها هذا عبر وسطاء قبل الضربة لكي تتخذ احتياطاتها، فكان يعلم بالضربة قبل وقوعها رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي الذي صرّح بذلك، كما علم بذلك السويسريون الذين يُمثلون المصالح الأمريكية في طهران، وكذلك ذكرت مصادر في الجيش الأمريكي بأنّها أبلغت بالضربة الإيرانية قبل وقوعها، ولم تنفِ المصادر الإيرانية ذلك، بل قال بعض المسؤولين الإيرانيين إنّهم قصدوا إبلاغ الأمريكيين بذلك، وإنّهم لا يريدون قتل أو إصابة جنود أمريكيين.
3- من ناحية إعلامية أرسلت أمريكا رسائل واضحة إلى عملائها في إيران وفي المنطقة مفادها أنّ أي خروج لأي عميل لها عن خطوطها الحمراء كسليماني فإنّ مصيره القتل بلا رحمة، وبدمٍ بارد، ومهما كانت رتبته، وأنّ هؤلاء العملاء هم مجرد أدوات تستخدمها أمريكا عند الحاجة، وتستغني عنها في أية لحظة، وتستبدل بها غيرها، فهي رسائل وعيد وتهديد وتأديب.
4- أمّا رسائل إيران الإعلامية المصاحبة للضربة فهي مُزدوجة:
ا- للرأي العام الداخلي:
كانت رسائل صاخبة ذات جعجعة إعلامية هادرة تدّعي الانتصار على أمريكا والاستمرار في قيادة ما يُسمّى بمحور المقاومة والممانعة، واستخدام عبارات جوفاء فارغة تتعلق بسحق وتدمير أمريكا وكيان يهود والإمارات والسعودية.
ب- لأمريكا والغرب:
كانت رسائل خانعة ذليلة فيها كل معاني الخضوع والاستسلام، وإظهار عدم نية إيران مُجدداً إلحاق الأذى بأيٍ من المصالح الأمريكية في المنطقة ولو بخطأ شخصي كما صدر عن قاسم سليماني، فأعربت عن قبولها برسائل التأديب الأمريكية على قساوتها، وأكدت على استمرارها إلى جانب أمريكا في مُحاربة الفصائل والتنظيمات الإسلامية المسماة بــ(الإرهابية).
هذه هي ضربة السيد الأمريكي وهذه هي ضربة العبد الإيراني؛ فالأولى جاءت بفعل قرار سيادي حر، والثانية جاءت برد فعل هو تصرف يقوم به العبد امتثالاً لأوامر سيده.
وهكذا تكشف هذه الحوادث عن فقاعة ما يُسمّى بمحور المقاومة والممانعة، فإذا كانت إيران قائدة هذا المحور ذليلة جبانة لدرجة أنْ تتلقى الصفعات الأمريكية الموجعة بكل خنوع واستسلام، وبكل رحابة صدر، وإذا كانت لا تقوى على الرد حتى لو قُتل كبار قادتها فكيف هو حال من يسير في ركابها؟!
إنّ القيادة الإيرانية أثبتت أنّها ليست عاجزة عن الرد وحسب، بل أكدت على أنّها أيضاً مُستمرة في التآمر ضد ثورات المسلمين في سوريا والعراق تحقيقاً للأجندة الأمريكية.
فعلى الذين ما زالوا يُراهنون على قدرة إيران في أنْ تُساعدهم على قتال كيان يهود أنْ يُدركوا حقيقة أنّ الاعتماد على إيران في تحقيق هذا الهدف هو مُجرد خرافة ووهم، وأنّ إيران تُنسّق كل خطواتها السياسية مع أمريكا، وفي العقود الأربعة الماضية لنا عبرة، فقد كانت إيران أكثر دولة وفيّة لأمريكا في العراق وأفغانستان، وإنّ مُهمّتها الخبيثة اليوم تتمثل في وأد ثورات المسلمين، ودعم الطواغيت من مثل بشار المجرم.
وعلى الجميع أنْ يُدركوا أنّه لن تقوم للأمة الإسلامية قائمة إلا بقيام دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة، فليعمل لها كل من يسعى لنصرة الإسلام والمسلمين، فهي وحدها التي بمقدورها التصدي لأمريكا ودول الكفر الأخرى، وهي وحدها القادرة على تحرير فلسطين، وكل بقاع المسلمين المغتصبة والمنكوبة، وهي التي بشّرنا الرسول e بعودتها بعد انتهاء هذا الحكم الجبري الحالي عندما قال: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

الثلاثاء، 14 يناير 2020

بريطانيا تراجع استراتيجيتها العسكرية

بريطانيا تُراجع استراتيجيتها العسكرية

 


الخبر:


تحدث وزير الدفاع البريطاني بين واليس عن رؤية بريطانيا الدفاعية المستقبلية فقال: "إن احتمال انسحاب الولايات المتحدة من موقعها القيادي في العالم في ظل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يسبب له الأرق". وأشار إلى أن هذا الأمر قد يضطر بريطانيا لإعادة التفكير في افتراضاتها بشأن استراتيجيات الدفاع.


وجاءت تعليقات وزير الدفاع بينما تستعد بريطانيا لـ"أعمق مراجعة" منذ نهاية الحرب الباردة لشؤون الدفاع والأمن والسياسة الخارجية.


وفي تصريحات لصحيفة "صنداي تايمز"، قال واليس "ما يقلقني هو احتمال تراجع الولايات المتحدة عن قيادتها حول العالم"، مضيفا أن "هذا سيكون سيئا للعالم وسيئا لنا. نخطط للأسوأ ونأمل حدوث الأفضل". وشدّد على أن مراجعة شؤون الدفاع يجب استغلالها لجعل بريطانيا أقل اعتمادا على الولايات المتحدة في أي نزاعات في المستقبل.


وقال واليس "خلال العام الماضي، كان هناك انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، وتصريح ترامب بشأن العراق حين قال إن على (حلف شمال الأطلسي) الناتو تولي المسؤولية وفعل المزيد في الشرق الأوسط". وأضاف الوزير أن الافتراضات التي كانت سائدة في عام 2010 بأن بريطانيا ستظل دائما جزءا من تحالف للولايات المتحدة لم تعد قائمة. (بي بي سي عربي)


التعليق:


يبدو أنّ بريطانيا بدأت تتلمس خذلان أمريكا لها في المسائل الدفاعية الخارجية فأصبحت تبحث في إمكانية اعتمادها على نفسها في هذا الموضوع، لأنّها تريد الاستمرار في قيامها بدورها العالمي الذي طالما مارسته إلى جانب أمريكا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن.


فما عاد الاتحاد الأوروبي ينفعها في هذا المجال لأنها تتهيأ للخروج منه قريبا، ولم تعد الولايات المتحدة موثوقة لكي تستمر بريطانيا في الاعتماد عليها في الشؤون الدفاعية الاستراتيجية، لذلك وجدت نفسها بحاجة إلى الاعتماد على قدراتها الذاتية للحفاظ على مكانتها الدولية.


ومن هذا المنطلق جاءت تصريحات الوزير البريطاني تظهر خيبة أمل الإنجليز من الموقف الأمريكي المتراجع في الحفاظ على التحالف الأنجلو أمريكي الراسخ في الشؤون الدفاعية.


وعلى أية حال فإنّ هذا التفكك للتحالف الغربي بين أهم أقطابه إنّما يبشر بالخير للأمة الإسلامية التي تتهيأ لإقامة دولة الإسلام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في ظروف دولية مساعدة تضعف فيها التكتلات الدولية الكبرى المعادية.