رفض عبد العزيز آل سعود طلب السلطان عبد الحميد الثاني بالانضواء تحت نفوذ الدولة العثمانية، فالقائد العسكري العثماني حسن شكري نقل إليه رسالة عبد الحميد، وحذّره فيها من الفتنة في نجد، وأخبره أنّ يداً أجنبية مُحرّكة لها، وقال له بأنّ السلطان أرسله لحقن الدماء، ومنع التدخل الأجنبي في البلاد المسلمة.
ردّ عليه عبد العزيز: "لا نقبل لكم نصيحة ولا نعترف لكم بسيادة ولا طاعة لكم علينا".
دعا وزير خارجية بريطانيا كرزون شيوخ وأمراء الخليج المُتعاونين مع الإنجليز وعلى رأسهم عبد العزيز على ظهر سفينة بريطانية، وألقى فيهم خطاباً تحت ظلال مدافع الأسطول البريطاني، وعدّد مآثر بريطانيا، وقدرتها على حفظ أمن المنطقة، ودعاهم إلى: "ضرورة التعاون من أجل تخليص المنطقة من أعداء بريطانيا وإقصائهم منها سواء أكانوا عثمانيين أو ألمان أو روساً أو فرنسيين".
وكانت السياسة البريطانية قبل عبد العزيز تتجنّب التوغل في عمق الجزيرة العربية، وتُفضّل البقاء في سواحلها من عُمان إلى الكويت، ولكن مع وجود أشخاص مثل عبد العزيز غيّرت بريطانيا سياستها، وكان "هدفها الأصلي من التحالف مع عبد العزيز هو القضاء على ابن رشيد التابع للدولة العثمانية، الذي كان يُهدّد جناح الجيش البريطاني جنوب وادي الرافدين".
في العام 1910 أرسل عبد العزيز رسالة إلى المعتمد البريطاني النقيب وليام هنري شكسبير يتقرب فيها منه، وكان شكسبير يعرف اللغة العربية، "فنشأت بينهما مودةٌ قوية وصداقة متينة منذ ذلك الوقت"، كما أرسل رسالةً إلى بيرسي كوكس وكيل بريطانيا في المنطقة قال فيها: "نُخاطب سيادتكم بالنظر إلى الصداقة القديمة بيننا وبينكم، وإلى المعاهدة الأسبق من ذلك والتي تعود إلى عهد المغفور له جدي فيصل والتي انقضت منها 55 سنة وتبقى منها 55 سنة، وإنّنا نرغب باستعادة الاتفاق بيننا"، ثمّ أضاف: "إنّ آل سعود أفضل من مبارك الصباح لأنّهم (آل سعود) لم يكن لهم فيما مضى أي تعامل مع الأتراك، ولم يرفعوا العلم التركي مثل مبارك، ولم يعترفوا بخلافة السلطان".
أرسل أمير شمّر ابن رشيد إلى عبد العزيز طالباً منه الصلح والسلام بينهما، فرفض عبد العزيز الصلح معه إلاّ بشرط خضوع آل رشيد للإنجليز، والتخلي عن الدولة العثمانية، وبعث إلى كوكس يقول: "كما تعلمون سعادتكم إنّ ابن رشيد بعث إليّ برسول مع كتاب يُعرب فيه أنّه ينوي السلم فأجبته أنّه يستطيع أنْ يُصبحَ صديقاً لنا بشرط أنْ يُظهرَ الصداقة نحو صديقتنا الحكومة البريطانية وحلفائها، وأنْ لا يقوم بأي شيء لا ترضى عنه الحكومة البريطانية، فرفض ابن رشيد"، ثمّ أكّد عبد العزيز ولاءه المُطلق للإنجليز فقال لكوكس: "إنّني لم أقبل الصلح معه لأي غرض شخصي بل من أجل مصالح الحكومة البريطانية فقط".
اشترى أحد الأثرياء 700 جمل لإرسالها إلى الأتراك دعماً لهم في حربهم ضدّ الإنجليز فهاجم عبد العزيز قافلة الجمال، واستولى عليها، وأرسلها هديةً للإنجليز في الكويت.
وفي آذار/مارس 1913 التقى عبد العزيز في الكويت بشكسبير، وأفصح له عن عزمه على "السيطرة على الإحساء والقطيف في أقرب فرصة مُستغلاً حالة الضعف والهزيمة العثمانية في البلقان".
ثمّ في الشهر التالي نيسان/أبريل 1913قام بهجوم مُباغت تمكّن فيه من فرض السيطرة على الإحساء وطرد الحامية العثمانية منها، ثمّ استولى بعد ذلك على ميناء العقير، وطرد العثمانيين منه، واحتفل مع شكسبير وتريفور الوكيل الإنجليزي في البحرين في الميناء واستقبلا استقبالاً حافلاً برقصة العرضة.
في آذار/مارس 1914 وصل شكسبير إلى الرياض، ومكث فيها 15 يوماً للتباحث مع عبد العزيز حول تواصله مع زعماء الجزيرة كالإمام يحيى ومحمد الإدريسي حاكم عسير وغيرهما من رجال بريطانيا، وكان الهدف من الاجتماع "تنسيق العمل الجماعي ضدّ العثمانيين".
في 28/11/1914 كتب عبد العزيز: "من أمير نجد والإحساء عبد العزيز: أملي قوي بالله وبالحكومة البهيّة البريطانية بأنّ الأمر سوف يُدبّر كما ينبغي... وأنْ نتفق تجاه الآخرين (العثمانيين) كما تعلمون".
في 24/11/1914 وقعت معركة جراب بين عبد العزيز وابن رشيد، وشارك فيها إلى جانب عبد العزيز شكسبير كمستشار عسكري، وتولّى قيادة المدفعية فيها، وقُتل في المعركة.
قلد كوكس ابن سعود وشاح (فارس الإمبراطورية الهندية) تقديراً للمكانة المُتميّزة له عند البريطانيين بسبب وقوفه في سنوات الحرب العالمية الأولى إلى جانبهم، ممّا ضمن لبريطانيا سلامة الإمدادات اللازمة لقواتهم المُشاركة في حملة احتلال العراق بعد ذلك.
في 26/12/1915 وقّع كوكس مع عبد العزيز مُعاهدة دارين وصادق عليها نائب ملك بريطانيا في الهند وممّا جاء فيها:
– تلتزم الحكومة البريطانية بحماية مصالح عبد العزيز ومصالح بلاده.
– يتعهد عبد العزيز بأنْ يمتنع عن كل مُخابرة أو اتفاق أو مُعاهدة مع أي حكومة أو دولة أجنبية (غير بريطانيا).
– أنْ لا يتنازل عن أراضٍ أو يؤجرها أو يرهنها أو يُقدّمها كامتياز إلى أي دولة أجنبية أخرى، أو لأي أحد من رعايا دولة أجنبية بدون مُوافقة الحكومة البريطانية.
– أنْ يتعهد كما تعهد والده من كل تجاوز وتدخل في الكويت والبحرين وقطر وعُمان وسواحلها، وكل المشايخ الموجودين تحت حماية إنجلترا والذين لهم مُعاهدات معهم.
ثمّ تعهدت بريطانيا له بدفع 5000 جنيه إسترليني كمرتب سنوياً، وألف رشّاش وبُندقية، ومائة ألف رصاصة.
في 29/12/1915 جاء في السجلات البريطانية: "كان موقف عبد العزيز الشخصي صريحاً ومُستقيماً، وإنّ انضمامه إلينا بثبات خلال الحرب يُمكّننا من الاعتماد عليه".
ولمّا خاف عبد العزيز على مكانته من حسين بن علي هدّأ كوكس من روعه وقال له: "لا تكترث فنحن ضامنون لاستقلالك، ونتعهد لك بأنْ لا يعتدي عليك الشريف ولا غيره".