الجمعة، 23 ديسمبر 2022

تكالب أمريكا وبريطانيا على افريقيا

تكالب أمريكا وبريطانيا على أفريقيا

الخبر:

تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 55 مليار دولار لأفريقيا على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مع استعداد الرئيس جو بايدن لاستضافة القمة الأمريكية الأفريقية هذا الأسبوع، وسيقيم بايدن مأدبة عشاء مساء الأربعاء لنحو 50 من الزعماء الأفارقة، ويعلن دعم الولايات المتحدة لانضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين، وسيعين أيضا ممثلا خاصا لتنفيذ الأفكار التي ستناقش خلال القمة، كما تخطط وزارة الخارجية الأمريكية لتعيين السفير جوني كارسون لهذا الدور.
وتزامنا مع هذا النشاط الأمريكي في أفريقيا أعلن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي عن سياسة بلاده الجديدة في أفريقيا ودول الجنوب والشرق وقال: "إن مركز الثقل الجيوسياسي في العالم بدأ ينتقل نحو الجنوب والشرق، وإن حصة أكبر من الاقتصاد العالمي ستتمركز بين أيدي دول في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا"، وقال بأنّ بلاده عازمة على الاستثمار في الدول التي سوف ترسم مستقبل العالم، وسوف تبدي المملكة المتحدة مثابرة استراتيجية ورغبة في الالتزام على المدى الطويل وقال: "أريد لسياستنا الخارجية أن تخطط باستمرار للمستقبل، وتبحث في الأفق، وتتطلع إلى ما بعد 10 سنوات و15 سنة و20 سنة من الآن".

التعليق:

إنّ الدول الاستعمارية لا تنفك عن العمل في البحث عن استراتيجيات جديدة تضمن لها ديمومة استمرار الهيمنة على الدول النامية للاستحواذ على مُقدّراتها وثرواتها، ولتوسيع تجارتها وامتيازاتها، ولبسط نفوذها في كل نواحي الحياة، فأمريكا تُغري هذه الدول بدفع الأموال لها بالمليارات لجذبها إلى تبعيتها، وبريطانيا تسعى مع هذه الدول ولعشرين سنة قادمة لربطها بها باتفاقات وشراكات وتحالفات.
وفيما تتكالب أمريكا وبريطانيا وفرنسا على الاستحواذ على مُقدّرات هذه الدول يغطّ حكام المسلمين في سبات عميق، ويستسلمون للهيمنة الغربية، ولا يفعلون أي شيء للانفصال عن هذه السياسات الغربية الاستعمارية المقيتة.
لقد سئمت الشعوب المُستضعفة من هذه القيادات الخانعة الذليلة التابعة للكافر المستعمر تبعيةً مُطلقة، وبدأت تتلمّس طرق النجاة للتخلص من احتكار تلك القيادات العميلة للسلطة، ولسوف تتمكّن عاجلاً أم آجلاً من الانفلات من قيود سياسات الهيمنة الدولية الجاثمة على صدرها منذ عشرات السنين، ولن يكون بعيداً ذلك اليوم الذي سوف تأخذ قرارها بأيديها، وتعتمد على قوتها الذاتية في إدارة شؤونها الدولية، ومن ثمّ تتخلص من ظلمة هذه الحقبة السوداء، ومن شرورها، تلك الحقبة التي ساد طغيانها وفجورها فشمل غالبية المسلمين، وسوف تتحرّر الشعوب الإسلامية منها بقوة المبدأ الإسلامي لا غير، وسوف تكسر أغلال الاستعمار، وتُحطّم قيوده، وتُزيل عملاءه، وتكنس نفوذه من كافة ديار الإسلام.

العملاء يتوارثون الخيانة جيلا بعد جيل

العملاء يتوارثون الخيانة جيلا بعد جيل

إنّ خونة هذه الأيام من الحكام العملاء قد ورثوا الخيانة من أسلافهم الذين سبقوهم كما يتم توريث السلطان والملك سواء بسواء، وورثوا مع رذيلة الخيانة هذه صفة انعدام الإحساس بالكرامة والهيبة، مع الخنوع والاستسلام لأعداء الدين والأمة، وعلى سبيل المثال فخيانة التطبيع مع كيان يهود جارية في هذه الأيام على قدم وساق وجار معها استمرار التبعية والخضوع لمن يتربص بالمسلمين الدوائر.
ففي البحرين على سبيل المثال يستقبل ملكها بكل وقاحة رئيس كيان يهود لا لهدف سوى الإعلان بافتخار عن تلك الوقاحات، وفي الإمارات يتسابق حكامها العملاء على توقيع الاتفاقيات الثنائية والمتعددة بكل صفاقة مع هذا الكيان الغاصب، وفي مصر لا يدع حكامها مناسبة إلا ويضغطون فيها على فصائل المقاومة في قطاع غزة بشدة لمنعها من الرد على عدوان جيش يهود المتكرر على أهل فلسطين، وكأنّه لا وظيفة لمصر في السياسة الخارجية إلا حفظ أمن كيان يهود، وفي المغرب تعقد حكومتها اتفاقاً مع شركة غاز يهودية للتنقيب عن الغاز في المياه المغربية بعد توقيع الاتفاقيات العسكرية الدفاعية مع جيش كيان يهود، وفي الأردن يوقع حكامه العملاء مع يهود على اتفاقيات الماء والكهرباء...
وفي لبنان يتفق حكامه بمن فيهم زعماء حزب إيران اللبناني على ترسيم الحدود البحرية مع كيان يهود، فيقرون ويعترفون بذلك الترسيم بأنّ فلسطين أصبحت ليهود الغاصبين، وفي سوريا يستسلم نظام الطاغية الجبان بشار الأسد الذي يستأسد على شعبه لنهج كيان يهود الذي يستمر في قصف مواقعه العسكرية من دون أي حراك، وكأنه قضاء لا رادّ له، وفي السودان يتواصل حكامه المنبطحون لأمريكا وبريطانيا بديمومة العمل السياسي والعسكري مع كيان يهود، ويتعاونون معه أمنياً لملاحقة من يسمونهم بالإرهابيين.
والحقيقة إن جريمة التطبيع المتصاعدة هذه مع كيان يهود لم تأتِ من فراغ، فهي ثمرة جهود سياسية ضخمة بدأها الحكام العملاء في الماضي مع كيان يهود بالسر، وآن الأوان لتتحول إلى العلن، وهذه العلاقات الخيانية بين حكام العرب الخونة وبين كيان يهود هي علاقات تاريخية طويلة وليست وليدة هذه الأيام، لكن ما كان يميزها من قبل هو خاصية السرية والكتمان، وأما هذه الأيام فأصبحت مكشوفةً مفضوحة.
ومن هذه الاتصالات الخيانية الخطيرة التي تمّ الكشف عنها حديثاً بعد رفع السرية عنها ما قام به فوزي قاوقجي رئيس ما يسمى بجيش الإنقاذ من إنشاء علاقات خطيرة مع زعماء العصابات الصهيونية سنة 1948 والتي تسبّبت بتدمير قوة المجاهدين في فلسطين وتسليم المناطق الفلسطينية لعصابات الهجاناة الصهيونية من دون قتال، فقد كشفت الوثائق البريطانية والصهيونية التي تم رفع الحظر عنها أن فوزي قاوقجي قد اجتمع بتاريخ 01/04/1948 في قرية عين شمس بشكل سري مع يهوشع بالمون أحد قادة الهاجاناة وأول رئيس للموساد في كيان يهود بعد تأسيسه، وزوده بجميع التفاصيل الاستخبارية عن الوضع العسكري للمقاتلين الفلسطينيين، وأمده بالمعلومات الخاصة بكل الجبهات، خاصة تلك الجبهات التي تعاني من نقص بالسلاح والعتاد، ليسهل معرفتها والقضاء عليها، وللتأكيد على صدق تلك المعلومات دعمها قاوقجي بالبرقيات التي كان يرسلها عبد القادر الحسيني له طالبا منه العتاد، ورصدت الاستخبارات الصهيونية بالفعل تلك المكالمة والبرقيات، وتأكّدت من التزام القاوقجي بالاتفاق المبرم بين الرجلين، وتأكدت أيضاً أنّ الحسيني ورجاله يعانون من مشكلة نفاد الذخائر.
كما كشف قاوقجي في ذلك الاجتماع الخطة العسكرية التي أعدّها المجاهدون لتحرير قرية القسطل ذات الموقع الاستراتيجي، والقضاء على الجيوب الصهيونية في مدينة القدس، وهو ما مكن العصابات الصهيونية من كشف مكامن ضعف المجاهدين، ومنح العصابات الصهيونية الفرصة الذهبية للإيقاع بهم في كمائن قاتلة.
ومعلوم أنه ثابت تاريخياً أنّ عبد القادر الحسيني كان قد طلب من قاوقجي أنْ يرسل له قوات مساندة وسلاحاً وعتاداً فاعتذر قاوقجي وادّعى بأنه لا يملك السلاح مع أنه كانت لديه أسلحة وذخائر مُكدّسة في المخازن.
والغريب فيما ورد في الاجتماع أنّ قاوقجي قد طلب من بالمون القضاء على الحسيني فقال له: "عليكم أن تُعلموهم درساً لا ينسونه"، ووعده بأنّه سيمنع تقديم أية مساعدة عسكرية للفلسطينيين بالرغم من وجود السلاح والعتاد الكثير في مخازنه، كما تعهد له بأنْ تنسحب قواته من بعض المواقع التي يسيطر عليها لتسليمها ليهود من دون قتال.
وتذكر الوثائق أنّ قاوقجي طلب من بالمون لقاء هذه الخدمات أنْ يمنحه نصرا تمثيلياً واحداً يستعين به لإكمال تنفيذ مخططاته، فرفض بالمون طلبه هذا وردّ عليه قائلاً: "نحن اليهود لن نعطيكم شيئاً".
وبعد ثلاثة أيام من ذلك الاجتماع الخطير شنّت القوات الصهيونية هجوماً كبيراً في 04/04/1948 فدمّرت مقر قيادة الحسيني في رام الله، ووقعت معركة القسطل، وسقط الحسيني شهيداً، ودخلت القوات الصهيونية مدينة القدس.
وقد وردت هذه المعلومات في كتاب "حرب من أجل فلسطين" صفحة 86، وهو من تأليف يوجين روجان وآفي شلايم نقلاً عن وثائق بريطانية وصهيونية نُزعت عنها السرية من جامعة كامبردج في المملكة المتحدة، كما كانت قد وردت معلومات من قبل عن لقاء قاوقجي مع بالمون هذا في كتاب آخر بعنوان "يا قدس" لدومنيك لابيد ولاري كولنز.

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2022

سر علاقة السعودية بلعبة الجولف

سر علاقة السعودية بلعبة الجولف

قامت السعودية في الآونة الأخيرة باستحداث بطولة رياضية جديدة غير معروفة على مستوى الجماهير، ولا يوجد لها أي حضور شعبي في المنطقة، ألا وهي بطولة الغولف، وقد تكفلت السعودية بدعم هذه اللعبة بكل بذخ، والتزمت بدفع مبلغ 100 مليون دولار بشكل دوري لتمويلها.

وبالتدقيق في هذا الخبر الغريب يتبيّن أنّ سر هذه العلاقة تقف وراءه أصابع رئيس أمريكا السابق دونالد ترامب الذي اعترف صراحة بحاجة منظمته للغولف لملايين الدولارات السعودية في مُقابل حاجة محمد بن سلمان لحمايته من السقوط وهذا ما دفعه لتبني هذه اللعبة المكلفة، فهو إذاً نوع جديد من الابتزاز الأمريكي لحكام آل سعود، وقد قال ترامب ذلك بوضوح: "إنّ كل الأغنياء الذين أعرفهم أموالهم محدودة، ولا يريدون أن يخسروا 100 مليون دولار لبقية حياتهم، وإنّ السعوديين على استعداد للإنفاق في هذا الشأن، ولديها جيوب غير محدودة"، وزعم أنّ: "السعودية تحب الغولف"!

فالسعودية التي استحدثت هذه البطولة التافهة ستنفق الملايين على أحداثها المغمورة التي وصلت إلى الحدث الثالث منذ تأسيسها في تموز/يوليو الماضي، وتُشكّل حلقاتها الكثيرة المُرهقة ما يُسمّى بسلسلة: "Live Golf Invitational" ويُشاركها نادي ترامب المعروف باسم بيد مينيستر
ولم تكتفِ السعودية بتمويلها لهذه البطولة وحسب، بل إنّها قامت أيضاً ومن خلال شركة دار الأركان بتوقيع صفقة مع منظمة ترامب بقيمة 1.6 مليار دولار لبناء مشروع ضخم للعبة الغولف في دولة عُمان يتكون من 3500 وحدة سكنية، وملعب غولف، وفندقين يضمان 450 غرفة، ومنتجع، وتمّ في هذه الصفقة استخدام العلامة التجارية لترامب الذي سيتم منحه أرباحاً مُقابل استخدام اسمه في المشروع.

ويأتي توقيع هذه الصفقة في التوقيت نفسه الذي أعلن فيه ترامب عن ترشحه رسمياً لمنصب الرئيس في انتخابات 2024.

إنّ هذا الإنفاق السخي من محمد بن سلمان لمنظمة ونادي ترامب ما هو في الحقيقة إلا عبارة عن تمويل قام به ابن سلمان لدعم حملة ترامب في الترشح للرئاسة بعد سنتين، إذ أصبحت السعودية بهذا المشروع من أكبر الممولين لحملة انتخابات الحزب الجمهوري، وأصبحت وكأنّها جزء من اللعبة الانتخابية الأمريكية.

وليس غريباً أنْ تقوم الحكومة الأمريكية بعد هذا الإنفاق السعودي السخي على ترامب وحزبه، وعلى الشركات الأمريكية المتعاقدة مع السعودية، ليس غريبا أن تقوم بمنح الحصانة القانونية لمحمد بن سلمان بما يضمن عدم ملاحقته ومساءلته على جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي مستقبلا.
قد يقال إنّ الرئيس الحالي بايدن والحزب الديمقراطي لا يستفيد من هذا التمويل السعودي لترامب وللحزب الجمهوري فلماذا تقبل إذاً إدارة بايدن بمنح الحصانة لابن سلمان، والجواب نجده في طبيعة الانتخابات الأمريكية التي تسمح للممولين بدفع أموالهم لصالح الحزبين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي، فالموضوع ليس ترامب وحزبه، أو بايدن وحزبه، بل الموضوع هو أمريكا بكل أحزابها، فما تدفعه السعودية من أموال ضخمة للعبة الغولف لا يستفيد منها ترامب فقط، بل تستفيد منها الشركات الأمريكية، واللاعبون الأمريكيون، والدولة الأمريكية نفسها، لذلك كانت عملية الابتزاز الأمريكي لابن سلمان تعود بإيرادات مالية ضخمة على الدولة الأمريكية لا مجال لرفضها.
وهكذا يُهدر ابن سلمان أموال المسلمين في مثل هذه الألعاب لا لشيء إلا لأجل تلبية مصالح أمريكا ولا يخدم أحداً في البلد إلا نفسه للحفاظ على منصبه، ولرفع اسمه من القائمة السوداء التي وضعتها أمريكا لملاحقة المطلوبين في ارتكاب جرائم واضحة من الصعب التكتم عليها.
فلو أنّ ابن سلمان استخدم هذه الأموال في بناء المصانع الحقيقية، وفي سد حاجات الناس الضرورية، وفي الاستثمار الجاد في البُنى والمرافق الحيوية لدولته، لو أنه فعل ذلك لتحولت السعودية إلى دولة مستقلة أو حتى دولة عظمى، أو لو أنّها أنفقت مثل هذه الأموال على فقراء المسلمين لما بقي فقير واحد في الأرض.
مّا إنفاقها على ملاعب الغولف والمنتجعات التي يتمتع بها اللاعبون الأجانب فهذا لا يخدم إلا أعداء الأمة، بل ويجعل من النظام السعودي أضحوكة أمام العالم يُضرب بها الأمثال على حجم تبذير وإضاعة الأموال على الآخرين بكل سفاهة وبلاهة.

الأربعاء، 16 نوفمبر 2022

حماس تكرر ما أعلنته عبثا عن جاهزيتها لتنفيذ اعلان الجزائر

حماس تُكرّر عبثاً ما أعلنته مراراً عن جاهزيتها لتنفيذ إعلان الجزائر!
 
الخبر:
 
أعربت حركة حماس خلال لقاء جمع وفداً منها برئاسة موسى أبو مرزوق نائب رئيس الحركة مع نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني في ييروت عن جاهزيتها لتنفيذ إعلان الجزائر للمصالحة الفلسطينية الذي سُمّي بـ"لمّ الشمل" من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، والذي وقّعت عليه الفصائل الفلسطينية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مؤكدة أن المرحلة الحالية تستوجب إنهاء كافة الخلافات.
 
التعليق:
 
ليست هذه هي المرة الأولى التي تُعرب فيها حماس عن جاهزيتها لتنفيذ إعلانات المصالحة الفلسطينية، فقبل تسع سنوات وتحديدا في عام 2013 أعربت عن جاهزيتها لتنفيذ إعلان الدوحة، وهي دائماً ما كانت تُعلن عن جهوزيتها في تنفيذ مثل تلك الإعلانات، لكنّ الطرف الرئيسي الذي تُوقّع معه إعلانات المصالحة غير جاهز للتنفيذ؛ فحركة فتح التي تُمثّل السلطة الفلسطينية لا تريد التنفيذ، فهي تُوقّع الإعلانات على الورق فقط وليس لتُنفّذها، لأنّها لا تُخالف أوامر أسيادها في واشنطن وتل أبيب الذين لا يريدون مُصالحة ولا وحدة بين الفصائل الفلسطينية، وحماس وإن كانت تعلم ذلك جيداً فإنّها مع ذلك تُعلن عن استعدادها لتنفيذ المصالحة معهم!
 
أمّا الدول العربية التي ترعى تجميع الفصائل الفلسطينية، وتخرج بإعلانات وبيانات تتحدث عن المصالحة الفلسطينية، فهدفها فقط هو إظهار نفسها أمام شعوبها على أنّها دول مهمة تقوم بأدوار سياسية كبرى، فتظن أنها تتحكم بتلك الفصائل، وتظهر وكأنّها تمتلك شعبية ومكانة لدى شعوبها.
 
والحقيقة أنّ هذه الدول والفصائل لا تملك من أمرها شيئاً، فهي تابعة ولا تخرج بوصة واحدة عن المرسوم لها، حتى هذه المُصالحة - وإن كانت شكلية - فهي مسألة لا تملك هذه الدول والفصائل إجراءها، بل أمريكا وكيان يهود هما اللذان يقرّران إنجاح المصالحة أو إفشالها.
 
فالإعلان عن الجاهزية لتنفيذ إعلان الجزائر هو عبث سياسي لا قيمة له.

الجمعة، 14 أكتوبر 2022

اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين كيان يهود وكيان لبنان طعنة غدر في ظهر القضية الفلسطينية

بسم الله الرحمن الرحيم
*#خبر_وتعليق: اتفاق ترسيم #الحدود البحرية بين #لبنان وكيان يهود طعنة غدر جديدة في ظهر #القضية_الفلسطينية*
- كتبه: الأستاذ أحمد الخطواني
__________________
https://chat.whatsapp.com/ESyMWW8BMk01ZGbt8qyncC

*#الخبر:*

أعلنت الرئاسة اللبنانية في بيان رسمي أنّ: "الصيغة النهائية لاتفاق ترسيم الحدود مُرضية للبنان، لا سيما أنّها تُلبي المطالب اللبنانية، وتُحافظ على حقوق لبنان في ثروته الطبيعية".

*#التعليق:*

هذه هي طبيعة أنظمة #سايكس_بيكو الاصطناعية المُزيّفة، فهي لا تنظر إلى أبعد من أرنبة أنفها في قضايا خطيرة مصيرية تهم الأمّة برمّتها، فهي أنظمة وظيفية قد صنعها الكافر المُستعمر لتفكر فقط في الحدود الوطنية الضيقة التي رسمها لها، والتي هي أشبه ما تكون بحظائر الحيوانات المُقفلة، فالذي بداخلها لا يعنيه ما يجري حوله من أحداث جسام ولو كان على بُعد سنتيمتر واحد من تلك الحدود.

إنّ اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين كيان يهود ولبنان والذي رعته وفرضته أمريكا على حكام لبنان وعلى حكام يهود، لا يُفيد لبنان ولا يفيد الأمة ولا يلبي مطالب اللبنانيين ولا مطالب المسلمين، إنّه يخدم أمريكا ويهود فقط، وهو يُشكّل طعنة حقيقية في قلب الأمّة الإسلامية، لأنّه يُقرّ بأنّ سواحل فلسطين وما تحويه في باطنها من ثروات هي سواحل ليهود، فهو فوق كونه اعترافاً مجّانياً بسيادة كيان يهود على المياه والأراضي الفلسطينية، وهذا بحد ذاته خيانة عظمى للأمّة، وطعنة غدرٍ في ظهرها، فهو أيضاً لا يختلف عن الاتفاقات الخيانية المعروفة مثل #كامب_ديفيد و #وادي_عربة و #أوسلو.

وهو تفريط بكل #فلسطين، واستمرار في مُخططات الكفار المستعمرين في تصفية القضية الفلسطينية وشطب فلسطين من الخريطة، وتثبيت كيان يهود وزرعه ككيان سرطاني في قلب الأمّة الإسلامية.

وهذا الاتفاق الذي فرح به حكام لبنان العملاء بسبب بعض الفتات الذي ستُلقيه لهم شركات الاستعمار المُستخرِجة للغاز، فإنه من جهةٍ أخرى تسليم كامل لثروات الأمة الثمينة لأعدائها، وحتى ذلك الفتات لن يستفيد منه سوى حيتان #الفساد الذين لا تعنيهم لا فلسطين ولا الإسلام ولا سيادة الأمّة.

لذلك كان لزاما على الأمة بجميع مكوناتها وقواها أن تقف ضد هذا الاتفاق وقفة جادة صلبة، وأن تعمل على إسقاطه، وإسقاط من يدعمه، وفضحهم وكشف خيانتهم.

وإنّ الذين دعموا هذا الاتفاق الخياني من خارج الحكومة اللبنانية بشكل مباشر أو غير مباشر، هم في الواقع جزء لا يتجزأ من منظومة الخيانة تلك، ولو تسمّوا بمسمّيات المقاومة والممانعة، وإنّ سكوت الدول أو الجماعات عن هذا الاتفاق لا يعني إلا قبوله والرضا به، وهو ما من شأنه أن يضعها جميعا في دائرة الخيانة والتآمر نفسها.

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

امريكا تشعل حرائق جانبية حول روسيا

امريكا تشعل حرائق جانبية حول روسيا

تعمل أمريكا على إحاطة روسيا بحزام من الحرائق الجانبية بغية إرهاقها وإغراقها في المزيد من المستنقعات السياسية التي تستنزف طاقاتها، وذلك من أجل تبديد قوتها، وتخفيض منزلتها، وذلك لحملها على الخضوع للمزيد من هيمنة أمريكا، ولجعلها دولة
إقليمية خادمة لمصالحها.
فأمريكا وبعد إغراق روسيا في حرب استنزاف طويلة مرهقة في أوكرانيا، أُجبرت روسيا معها على اللجوء إلى اتخاذ إجراء ممقوت جماهيرياً، وهو قرار التعبئة الجزئية لتجنيد 300 ألف جندي إضافي لمنع تدهور المنظومة العسكرية المتهالكة للجيش الروسي المنهك بسبب الحرب في أوكرانيا، فأمريكا تُريد بعد هذا الإغراق أنْ تُشغل روسيا أيضاً في معالجة حروب جانبية مفتعلة لزيادة إرهاقها، وأخذ مناطق نفوذها منها.
فأذربيجان وبدعم تركي وغطاء أمريكي أشعلت فتيل حرب جديدة مع أرمينيا بعد احتواء روسيا لها العام الماضي، وجاءت نانسي بيلوسي أواسط شهر أيلول الجاري إلى يريفان العاصمة الأرمينية لتحرض الأرمن على الأذريين، ولتطلق من هناك تصريحات استفزازية ضد الأتراك بسبب مذابح الأرمن المزعومة قبل أكثر من مائة عام.
فأمريكا من جهة وتركيا من جهة أخرى تقومان بدقّ طبول الحرب بين الدولتين، وتثيران غبارها كلما انطفأت، وتلقيان على روسيا مهمة رجل الإطفاء الشاقة.
وتحرج أرمينيا روسيا بطلبها الدفاع عنها أمام ما تسميه بالعدوان الأذري عليها وفقاً لاتفاقية الدفاع المشترك بينهما، فترفض روسيا الطلب وتكتفي بالتأكيد على تثبيت وقف الهدنة الهش السابق بين البلدين بالطرق السلمية، بينما ترفض التدخل العسكري للدفاع عن أرمينيا لعجزها في هذه الظروف الحالكة عن
القيام بذلك.
ثمّ يقوم وزير خارجية أمريكا بلينكن بجمع وزيري خارجيتي أرمينيا وأذربيجان على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، ويقوم بتمثيل دور المصلح بين الطرفين، بينما هو في الواقع يصب الزيت على النار، ويشعل أوار الحرب بينهما.
وثمة حريق آخر تم إشعاله حول روسيا في آسيا الوسطى وهو وقوع اشتباكات عنيفة بين قرغيزيا وطاجيكستان بسبب خلافات حدودية قديمة ومعروفة في وادي فرغانة لم تتمكّن روسيا من حلّها حلاً جذرياً وسقط فيها عشرات القتلى من الطرفين.
ولا شك أنّ لأمريكا أصابع في هذه الاشتباكات المفاجئة في هذا التوقيت بالذات، فهي لا تفتأ تتصل بقيادتي الدولتين من وراء ظهر روسيا، وتطلب منهما بإلحاح بناء قواعد عسكرية أمريكية على أراضيهما بعد خروجها من أفغانستان.
وعجزت قمّة شنغهاي التي تقودها روسيا والصين والتي عُقدت في مدينة سمرقند في أوزبيكستان عن وضع أي تصور لحل أية مشكلة حقيقية، وكانت فقط منبراً للخطابات الجوفاء عن التعددية القطبية، بينما أخفقت في الاتفاق على أي حل عملي يتعلق بالنزاعات المستجدة.
وهكذا تعبث أمريكا بالدول التي تتعاون مع روسيا ومعها، ولا تلقي بالاً إلا لمصالحها، ولن تجد من يردعها في هذا العالم، ويقطع أطرافها، إلا دولة الإسلام القائمة قريبا بإذن الله والتي ستضع حداً لعنجهيتها وعبثيتها.

الجمعة، 16 سبتمبر 2022

التمسك بالثوابت السياسية قوة وتقديم التنازلات ضعف

التمسك بالثوابت السياسية قوة وتقديم التنازلات ضعف

الإسلام كله ثوابت، سواء العقائد أو الأحكام، الفكرة أو الطريقة، فكل شيء في الإسلام ثوابت، ومن الثوابت المعروفة رفض القواسم المشتركة بين الإسلام وغيره، ومن الثوابت أيضاً عدم القبول بما يسمى بالالتقاء مع الكفار في منتصف الطريق.
ويتميز المسلم الحقيقي دائماً بتمسكه بالثوابت، وهذا يكسبه صفة القوة في شخصيته، وفي أدائه وسلوكه، والرسول ﷺ قد علّمنا كيفية التمسك بالثوابت لدرجة العض عليها بالنواجذ، فعندما قال له عمه أبو طالب: "إِنَّ بَنِي عَمِّكَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تُؤْذِيهِمْ فِي نَادِيهِمْ وَمَسْجِدِهِمْ فَانْتَهِ عَنْ ذَلِكَ" قَالَ: فَحَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «مَا أَنَا بِأَقْدَرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَسْتَشْعِلُوا لِي مِنْهَا شُعْلَةً»، ومعلومٌ أنّ الرسول ﷺ قد رفض عرض قريش له في الزعامة والجاه والمال والزواج بأجمل النساء، ورفض كذلك مُشاركة قريش في العبادة، فعندما جاءه الوليد بن المغيرة والأسود بن المطلب والعاص بن وائل وقالوا له: "يا محمد هلمّ فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد ونُشركك في أمرنا كله"، فقال: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ...﴾، وبعد وفاة عمّه أبي طالب عرض عليه عمه أبو لهب الحماية مُقابل التوقف عن تسفيه آلهة قريش وأحلامهم فسأله: "يَا مُحَمَّدُ أَيَدْخُلُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ النَّارَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَمَنْ مَاتَ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ النَّارَ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ لَعَنَهُ اللَّهُ: "وَاللَّهِ لَا بَرِحْتُ لَكَ إِلَّا عَدُوّاً أَبَداً".
 والإسلاميين، ففرّطوا بهم وطردوهم وعاملوهم بعنصرية، وقالوا نحن لا نتعامل مع الأنظمة الدكتاتورية المستبدة غير المنتخبة، فأغلقوا ملف الصحفي جمال خاشقجي وسلّموه للسعودية، وتعاملوا وطبّعوا مع أعتى الدكتاتوريات كالسعودية ومصر والإمارات، وقالوا بأنّهم لا يطبعون مع كيان يهود قاتل المدنيين الفلسطينيين، فطبّعوا معه، ووسّعوا علاقاتهم الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية معه إلى أقصى حد...!!
 ومن أمثلة التفريط السياسي والتنازل عن الثوابت أيضاً ما تقوم به حركة حماس وهي تُمثّل السلطة الحاكمة في قطاع غزة حيث تخلت عن حركة الجهاد، وقبلت بالتنسيق الدائم مع المخابرات المصرية المجرمة، ووافقت على مبدأ التفاوض مع كيان يهود عبر السلطة الفلسطينية، وقال يحيى السنوار رئيس حركة حماس في القطاع: "سنواصل مسار المُقاومة الشعبية السلمية في مُواجهة آلة البطش التي يمتلكها الاحتلال"، فبماذا تختلف حماس عن محمود عباس إذاً؟!
وأمّا القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق فمهّد للتنازل عن القتال ضد كيان يهود فقال: "لا غُبار على مُفاوضات الاحتلال، فكما نفاوضه بالسلاح نفاوضه بالكلام"!
فالإصغاء للكفار والالتزام بتعليماتهم لا يتوقف عند حد، وقال أحد المسؤولين في حركة طالبان: "لقد طلبوا مني إلغاء تطبيق الحدود الشرعية مقابل الاعتراف بأفغانستان في الأمم المُتحدة".
فالسماع من الكفار وتلبية مطالبهم لا تنتهي إلا بترك أحكام الإسلام تماماً، وحتى إن تمّ ذلك فالكفار لا يتوقفون حتى المطالبة بالمزيد من التنازلات، ثمّ بعد ذلك ربما لا يعجبهم هذا الذي تنازل لأي سبب من الأسباب فيعملون مع أتباع آخرين لهم على الإطاحة به، ويأتون بمن يقدم لهم التنازلات من نوع آخر كما فعلوا مع عمر البشير في السودان ومحمد مرسي رحمه الله في مصر بالرغم من تنازلهما للكفار عن كل شيء يتعلق بتطبيق الشريعة.
فالمطلوب الشرعي إذاً هو الذي يوجب على السياسيين التمسك بالثوابت الشرعية ورفض فكرة القبول بالتدرج في العمل السياسي لأنّ هذا القبول فوق كونه فكرة مخالفة للشرع فهو أيضاً فكرة قاتلة مُدمّرة.

الأربعاء، 14 سبتمبر 2022

الحوار بين السعودية وإيران يؤكد على ولائهم لأمريكا

بسم الله الرحمن الرحيم
*#خبر_وتعليق: #الحوار بين #السعودية و #إيران يؤكّد على ولائهما لأمريكا*
- كتبه: الأستاذ أحمد الخطواني
------------------
https://chat.whatsapp.com/ESyMWW8BMk01ZGbt8qyncC

*#الخبر:*

نقلت سي إن إن عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الاثنين 2022/09/12 قوله عن محادثات بلاده مع السعودية إنّ "إيران دخلت في الحوار انطلاقاً من مبدأ استخدام القدرات الإقليمية"، وأضاف أن "الحوار استمر على 5 مراحل، وتم التوصل خلالها إلى اتفاقات".

وذكر كنعاني في #مؤتمر_صحفي: "تركيزنا ينصب على اتخاذ نهج بنّاء"، وتابع أن "إيران سترد بشكل مناسب على أي عمل وخطوة بنّاءة"، وأکّد أنّ المضي في المفاوضات مع السعودية "يتوقف على تنفيذ التفاهمات السابقة، ونرحب بأي خطوة إيجابية"، وذلك وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية (إرنا).

وبشأن #الأزمة_اليمنية، قال: "لطالما أكّدت إيران على حل الأزمة اليمنية بالطرق الدبلوماسية، وشددت على ضرورة استمرار وتعزيز عملية وقف إطلاق النار فيه لكن ما يمكن أن يسهم في توطيد عملية وقف إطلاق النار هو رفع الحصار عن #اليمن وتلبية احتياجات الشعب اليمني المحاصر".

*#التعليق:*

إنّ كلام المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية يؤكّد على علاقات توافقية بين إيران والسعودية منذ وقت طويل، فهو يقول إنّ "الحوار استمر على 5 مراحل، وتم التوصل خلالها إلى اتفاقات"، وهذا يعني أنّ الحوار مُستمر بين الدولتين مُنذ فترة طويلة، وأنّه يُفضي إلى اتفاقيات، وأنّ الطرفين مُتفقان على مسائل الحوار بينهما كالعلاقات الثنائية والنزاع اليمني.

وبما أنّ السعودية تُعلن دائماً عن وجود شراكة استراتيجية دائمة مع أمريكا، وعن تنسيق كامل بينهما في اليمن وفي غير اليمن، فهذا يعني أنّ أمريكا مُوافقة على هذا الحوار تحديداً، بل وتُشجّعه، وإنّ الإعلان عن وجود اتفاقيات بين إيران والسعودية يعني أنّ الصراع في اليمن ليس بين إيران والسعودية قطعاً، بل الصراع هو بين السعودية وإيران من جهة وبين أطراف أخرى تُشارك في هذا الصراع من جهة أخرى، وبما أنّ دولة الإمارات مُنخرطة في الحرب اليمنية فإنّها هي الطرف الذي يخوض الصراع ضد السعودية في اليمن.

والإمارات ليست دولة كبرى ولا يمكن أن تنخرط في الصراع بدون دعم دولي، وبما أنّ بريطانيا هي المستعمر الأصلي للإمارات، وعلاقاتها بها سياسيا علاقات وطيدة، فالمرجح أنّ بريطانيا والإمارات هما طرف الصراع في اليمن ضد السعودية وإيران.

ومن هنا فهمنا أنّ تصريح المسؤول الإيراني هذا قد كشف زيف لعبة وجود صراع بين إيران والسعودية، وأكّد أنّ الدولتين مُتفاهمتان ومُتوافقتان في السياسة الخارجية، وأنّ سياستهما تخدم حقيقةً المصالح الأمريكية في المنطقة.

وأمّا الجعجعات الإعلامية ضد بعضهما بعضاً، فهي لذر الرماد في العيون.

الاثنين، 12 سبتمبر 2022

الريسوني يبرر للجماعات الإسلامية جريمة التصالح مع الحكام

بسم الله الرحمن الرحيم
 #الريسوني  يُبرّر للجماعات الإسلامية جريمة #التصالح  مع #الحكام !
- بقلم: الأستاذ أبو حمزة الخطواني
- لقراءة المقال على موقع #جريدة_الراية :  https://bit.ly/3KPgfvW 
_________________
 ظهرت تنازلات جديدة خطيرة لبعض الجماعات الإسلامية في الفترة الأخيرة خاصة الحركات التابعة لتيارات جماعة #الإخوان  المسلمين وأهمها:
 1-  ما ذكره إبراهيم منير نائب المرشد العام للجماعة حيث قال: "لن نخوض صراعاً جديداً على #السلطة  بعد الإطاحة بها من الحكم"، وهذا يعني ترك مكافحة الحكام ومنهم #السيسي ، والقبول بحكمهم، والخضوع لهم، ومن ثمّ الاعتراف بالهزيمة أمامهم، والاستسلام لهم.
 2-  ما ذكره نور الدين البُحيري نائب #راشد_الغنوشي  رئيس #حركة_النهضة  في #تونس  حيث قال: "نحن مستعدون للانسحاب وتقديم التنازلات ولو تطلّب الأمر الانسحاب من مواقع المسؤولية، فنحن مستعدون للموت في سبيل تونس، وليس الانسحاب فقط"!
فالانسحاب من مواقع المسؤولية يعني ترك السلطة للطواغيت، والقبول بحكمهم الطاغوتي، وأمّا الاستعداد للموت من أجل تونس فهذا ليس من الإسلام في شيء، فالمسلم يستعد للموت في سبيل الله وليس في سبيل تونس، وكأنّ البحيري يريد أن يقول نحن مستعدون لترك السلطة كما نستعد للموت ولا نبالي، ولكنّه تناسى أنّه يترك السلطة لمن لا يستحقها، ولمن يحارب الإسلام، ولمن يوالي الكفار!
التقط أحمد الريسوني رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (أتباع الإخوان المسلمين) هذه التصريحات وراح يضع لها الفتاوى والمبررات، فقال: "نبارك المصالحات بين الأنظمة والنخب المثقفة السياسية (المعارضة)، ونحن مع المصالحات والتفاهمات، والمصالحة يجب أن تكون بين الجميع بلا استثناء ونبارك هذه المصالحات"، واعتمد في فتواه هذه على قاعدة "ما لا يُدرك كله لا يُترك جُلّه"، مع أنّ هذه القاعدة ولو سلمنا بها جدلاً فإنّها لا تفيد هذا المعنى بتاتاً، لأنّهم بالمصالحات هذه لم يحصلوا على أي شيء، وتنازلوا عن كل شيء، فتركوا كل ما يُدرك، بل لم يحصلوا على أي شيء مما قد يُدرك، لأنّهم انسحبوا وسلمّوا جميع مواقعهم لعدوهم، فلم يتقاسموا معه تلك المواقع، بل تركوها كلها له على طبق من ذهب.
ولم يكتفِ الريسوني بهذه الفتوى المخذّلة للإخوان في مصر وللنهضة في تونس، بل سوّغ أيضاً لحركة حماس أن تتصالح مع نظام الطاغية القاتل بشار فقال: "إذا قررت حماس أنْ تعيد مكاتبها ووجودها بشكل ما داخل سوريا فإنّ لذلك ما يُحتّمه ويُسوّغه، وهذا الأمر يخصّهم"!
فكأنّ عمل الريسوني في ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أصبح بمثابة إعطاء صكوك تبرير للجماعات الإسلامية للاستسلام والخنوع للأنظمة الخائنة العميلة!
والحقيقة أنّ ما يصدر عن الريسوني من تصريحات وفتاوى لا علاقة لها بالأحكام الشرعية لا من قريب ولا من بعيد، فهو لا يرجع في أقواله هذه إلى الأدلة الشرعية، ولا يستخدمها في الاستدلال، ودليله الوحيد هو عقله القاصر، وأهواء الحكام الذين يتبعهم، وتصريحاته عن الصحراء المغربية نابعة من رؤية نظام الحكم الملكي في المغرب لها، وليست نابعة من الشرع، فبدلا من أن يدعو الناس للرجوع إلى الإسلام في النظرة إليها، دعا بشكل عجيب ومتعصب إلى اعتبارها أراضيَ مغربية بما فيها منطقة تندوف في الجزائر، وحث المغاربة على الزحف إليها والقتال من أجلها، وهذا يعني أنّه يريد إشعال حرب حدود مصطنعة في الرمال بين الجزائر والمغرب بدلاً من القيام بالإصلاح والوحدة بين المسلمين في البلاد الواحدة أصلاً!
ولا ننسى كذلك تصريحه المشهور المشؤوم عن الخلافة والذي قال فيه: "لو اختفى لفظ الخلافة والخليفة من حياة المسلمين إلى الأبد ما نقص ذلك من دينهم مثقال ذرة ولا أصغر منها"!
والله لقد عجز الكفار أنْ يقولوا مثل هذا الكلام الحاقد على الخلافة، فكيف يستسيغ علماء من المسلمين أنْ يُنصّبوا عليهم رئيساً كالريسوني هذا، الذي لا ينطق بلفظ إلا وتشتم منه رائحة أفكار الكفر، بل إنّه دعا مؤخراً وبشكل واضح إلى الترويج لأفكار الكفر وحضارته علانيةً عندما قال: "على الإسلاميين العمل لنشر الديمقراطية والحرية" وذلك بدلاً من دعوتهم لنشر الإسلام ومفاهيمه ومقاييسه!
هذه هي حقيقة الريسوني الذي يُبرّر للجماعات الإسلامية جريمة التصالح مع الحكام الطواغيت، ويُشجعهم على الارتماء في أحضان الأنظمة العميلة.

الثلاثاء، 16 أغسطس 2022

برلمان ليبيا التابع لحفتر يندد بتدخل بريطانيا في الشؤون الليبية

برلمان ليبيا التابع لحفتر يُندّد بتدخّل بريطانيا في الشؤون الليبية

 
الخبر:
 
ندّد 53 نائباً ليبياً يوم الجمعة 2022/08/12 بسفيرة بريطانيا لدى ليبيا كارولين هولندال بما أسموه "التدخل السافر في الشأن الليبي الخاص متناسية أن ليبيا دولة مستقلة وليست تابعة للمملكة المتحدة أو غيرها"، وأصدر النواب الـ53 بأسمائهم بياناً أشاروا فيه إلى متابعتهم إعلان السفيرة عن استمرار عملها مع حكومة الدبيبة بزعم أنّها "أتت في سياق توافقي".
 
وقال النواب في بيانهم إنّ "السفيرة تناست أيضاً أن السياق التوافقي الذي تتحدث عنه لم تكن له شرعية إلا باعتماد مجلس النواب الذي ترفض اليوم قراراته، وأن ذلك الإطار التوافقي الذي ورد بالاتفاق السياسي المعترف به محلياً ودولياً هو الذي تم من خلاله استبدال حكومة بأخرى يرأسها فتحي باشاغا، ولا شرعية لحكومة أخرى غيرها"
وفي إشارة إلى رئيس الحكومة في العاصمة طرابلس الغرب عبد الحميد الدبيبة اعتبر النواب أن مثل هذا الإعلان من السفيرة باستمرار العمل مع حكومته "يعبّر عن انحيازها لطرف يحاول فرض أمر واقع بالقوة، وعن رفضها احترام قرارات الشرعية الوطنية، وأنّه يأتي ضمن إطار تدخلها المتزايد في الشأن المحلي".
 
وساق بيان النواب بعض الأمثلة لأعمال السفيرة المرفوضة منها: "التواصل والاجتماعات غير القانونية التي تجريها مع أطراف محلية لم تأخذ الإذن بشأنها، ومحاولات التدخل في المسار الأمني، ومحاولة التشويش على عمل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 وجهود توحيد المؤسسة العسكرية، والمحاولة بالتنسيق مع أطراف دولية أخرى للسيطرة على الأموال الليبية عبر تشكيل لجنة تحت رعايتهم للتصرف بها في نموذج مشابه لنموذج النفط مقابل الغذاء".
 
كما وأعلن الأعضاء رفضهم بشكل قاطع لما وصفوه بـ"الدور السلبي والتدخل المتزايد لسفيرة بريطانيا وبعض السفراء الآخرين، ومنهم سفير دولة الإمارات العربية المتحدة"، محذرين من أن استمرار السفيرة في عدم احترام السيادة الليبية سيدفع للإعلان عن كونها شخصية غير مرغوب بها في ليبيا، وملوّحين باتخاذ خطوات تصعيدية ضد كل من يتجاوز حدود مهامه الدبلوماسية من السفراء والمبعوثين 
وهذه هي المرة الثانية التي يتخذ فيها مجلس النواب موقفا من السفيرة البريطانية، إذ سبق أن صوّت المجلس في 27 كانون الأول/ديسمبر الماضي باعتبار السفيرة البريطانية "شخصية غير مرغوب فيها" في البلاد، بعد إعلانها التمسك باستمرار العمل مع حكومة الدبيبة في 24 كانون الأول/ديسمبر، وهو ما اعتبر تدخلاً سافراً في الشأن الليبي.
 
التعليق:
 
من المعلوم أنّه يدور في ليبيا منذ آذار/مارس الماضي صراع محموم على السلطة بين حكومة عبد الحميد الدبيبة الموجودة في العاصمة طرابلس الغرب، وبين الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي برئاسة فتحي باشاغا الموجودة في مدينة بني غازي والمسيطرة على الشرق الليبي، حيث يطالب باشاغا بدخول طرابلس وتمكينه من استلام مهام حكومته بدلاً من الدبيبة، إلاّ أنّ الأخير يُصرّ على عدم تسليم السلطة إلا لجهة جديدة منتخبة.
 
وكانت السفيرة البريطانية في ليبيا كارولين هورندال قد دعت في 26 تموز/يوليو الماضي إلى ضرورة العمل على إنجاز القاعدة القانونية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت ممكن في البلاد، وهو الموقف نفسه الذي يتبنّاه الدبيبة.
وجرت مفاوضات في حزيران/يونيو الماضي بين عقيلة صالح رئيس مجلس النواب في الشرق الليبي التابع لحفتر وبين رئيس المجلس الأعلى للدولة الداعم للدبيبة للاتفاق على أسس الانتخابات وتقاسم السلطة بين الطرفين برعاية من الأمم المتحدة لكنّها فشلت في حسم الخلاف بين الطرفين.

والخلاصة أنّ بريطانيا وتُساندها دولة الإمارات التابعة لها تدعم الدبيبة والمجموعات المساندة له في طرابلس العاصمة باعتبار أنّ نفوذها ما زال قوياً فيها، والدليل على قوة نفوذها هو اتهامها بـ"التواصل والاجتماعات غير القانونية التي تجريها مع أطراف محلية لم تأخذ الإذن بشأنها، ومحاولات التدخل في المسار الأمني، ومحاولة التشويش على عمل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 وجهود توحيد المؤسسة العسكرية، والمحاولة بالتنسيق مع أطراف دولية أخرى للسيطرة على الأموال الليبية عبر تشكيل لجنة تحت رعايتهم للتصرف بها في نموذج مشابه لنموذج النفط مقابل الغذاء"، فهذه الاتهامات تدل على قوة نفوذ بريطانيا في ليبيا.
بينما تدعم أمريكا خليفة حفتر وجماعته في بني غازي، وفي الوقت نفسه تُحاول أمريكا أخذ الدبيبة ومؤيديه من بريطانيا.

وأمّا فرنسا وإيطاليا فهما تتخبطان في دعمهما للطرفين وفقاً لمصالحهما النفطية، وأمّا روسيا فتدعم عميل أمريكا في ليبيا خليفة حفتر قولاً واحداً.
 
وأمّا تركيا فإنّها تدعم الدبيبة بهدف إدخال النفوذ الأمريكي من خلاله إلى طرابلس، وشق صفوف المجموعات المحسوبة على بريطانيا، لكن يبدو أنّ النفوذ البريطاني في ليبيا لقوته هو الذي يحيّد الدبيبة، ويُجبره على السير مع مراكز النفوذ البريطانية في العاصمة، وهو ما يمنع حتى الآن التوافق على فتحي باشاغا مرشح أمريكا وعميلها حفتر لرئاسة الحكومة بدلاً من الدبيبة.

السبت، 13 أغسطس 2022

عودة العلاقات بين حماس ونظام بشار خطيئة سياسية كبرى

تتواتر الأنباء عن عودة العلاقات بين حركة حماس ونظام الطاغية بشار الأسد، ففي حزيران الماضي أكّد خليل الحيّة القيادي في حماس صحة الأنباء التي تتداولها وسائل الإعلام عن صدور قرار للحركة سعيها لاستعادة العلاقات مع النظام السوري، ونقلت هذا الخبر صحيفة الأخبار اللبنانية التي أجرت حواراً مع خليل الحيّة ورد فيه هذا التصريح.
وكانت العلاقات بين الطرفين قد قطعها النظام في العام 2012 إثر التزام حماس بما أسمته الحياد بين النظام والثورة، ونتيجة لذلك فقد تمّ التنكيل بأفراد الحركة، فقُتل بعضهم، واعتُقل آخرون، وطُرد جميع مسؤوليها من سوريا.
وكان رئيس حركة حماس إسماعيل هنية قد نفى في العام 2018 قطع العلاقات مع النظام السوري وقال: "إنّ الحركة لم تقطع علاقاتها مع دمشق، وإنّ ما جرى قد تجاوز الفتنة، وإنّ شعب سوريا وحكومتها وقفا دوماً إلى جانب الحق الفلسطيني".
والظاهر أنّه بعد ضغط إيراني شديد على حركة حماس، وبعد وساطة من حزب إيران اللبناني قرّرت الحركة استئناف علاقاتها مع هذا النظام الإجرامي، وتمّ اتخاذ قرار بالإجماع من طرف قيادة حماس بعودة العلاقات.
وأصبحت حماس بعد هذا القرار تُداهن نظام بشار كما تُداهن النظام الإيراني في كل مناسبة، فعلى سبيل المثال رحب عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق بتفاهمات إيران وروسيا وتركيا التي تمخّضت عن مؤتمر طهران ودعت إلى وحدة الأراضي السورية، وإدانة عدوان كيان يهود، مُعتبراً ذلك مكسباً لأمن واستقرار المنطقة، وبالتالي تعزيزاً لقضية فلسطين، ولحقوق الشعب الفلسطيني.
وقد انتقد حماس على قرارها هذا بإعادة العلاقات مع النظام السوري كثيرون، منهم الشيخ وجدي غنيم القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، والمجلس الإسلامي السوري الذي قال بأنّ قرار حماس هذا هو قرار خطير، وأنّ حماس بهذا القرار تكون قد فضّلت المصالح على المبادئ.
إنّ تبريرات أنصار حماس باتخاذها هذا القرار هي تبريرات متهافتة وغير مستساغة وغير مقبولة، فالقول بغياب البدائل وأنّه هو الذي دفع حماس لاتخاذ هذا القرار، أو القول بأنّ سبب اتخاذ قرارها هذا كونها لم يعد لديها منفذ للحفاظ على قوتها سوى التقارب مع نظام بشار... مثل هذه الأقوال لا تستند إلى أية حجّة أو دليل وذلك للأسباب التالية:
1- إنّ لجوء حماس إلى التحالف مع نظام يحارب الإسلام علانيةً، ويحارب حركة الإخوان المسلمين بشكل خاص يتناقض مع مرجعية حماس الإسلامية، وبالذات مع اعتبارها جزءاً من الإخوان المسلمين، فشيء غير منطقي ما تقوم به حماس من التحالف مع عدو استراتيجي للحركة وللأمّة.
2- إنّ نظام بشار هو نظام ضعيف وهش، وثبت بالتجربة المقطوع بها أنه نظام عاجز لا يستطيع الدفاع عن نفسه أمام الضربات التي يتلقاها ليل نهار من كيان يهود، فهو لن ينفعها ولن يساعدها إن تحالفت معه، ففاقد الشيء لا يعطيه، فكيف ستستفيد حماس من تحالفها مع هذا النظام العاجز؟! أما كان الأولى لها وللأمّة أنْ تعمل على إضعافه وإسقاطه، بدلاً من أنْ تعمل على تقويته وتلميعه؟!
3- كشفت الوثائق العديدة أنّ هذا النظام في زمن المقبور حافظ الأسد قد باع هضبة الجولان ليهود، وأعلن عن سقوطها في حرب عام 1967 قبل أنْ تسقط، فكيف تثق حماس بنظامٍ خائن فرّط في أرض المسلمين ليهود؟!
- إنّ هذا النظام في سنوات الثورة قد قتل وهجّر الملايين من شعبه، وتآمر مع المتآمرين على ثورتهم، ولم يتورّع عن تعذيب وقتل معارضيه، ليس من السوريين وحسب، بل وحتى من الفلسطينيين، فكيف لحركة فلسطينية ترضى بأنْ تتعاون مع هذا النظام القاتل اللئيم الذي ارتكب مجازر ضد أهلها وشعبها؟!
5- إنّ هذا النظام هو نظام عميل لأمريكا منذ العام 1971، فهو يقوم بتنفيذ الأجندة الأمريكية في المنطقة، وللحفاظ عليه وكّلت أمريكا روسيا بالدفاع عنه منذ العام 2015، وذلك بعد أن فشلت إيران في حمايته من الثورة قبل ذلك، فكيف تتعاون حماس مع نظام عميل لأمريكا؟!
إن الأصل في حركة حماس أن تبتعد عن هذا النظام الخائن المجرم القاتل لشعبه، وعليها أنْ تقف مع الثورة ضده، وأن تدرك أن تحالف النظام مع روسيا وتركيا ما هو إلا عبارة عن تحالف تآمري ضد الأمة وشعوبها، لا لشيء إلا لإحباط ثورتها، وإبقاء بشار المجرم في السلطة، ولا علاقة له بقضية فلسطين من قريب ولا من بعيد

الخميس، 28 يوليو 2022

نتائج قمة طهران تلبي الاحتياجات الامريكية

نتائج قمة طهران تلبي المصالح الأمريكية

انعقدت قمّة طهران بين رؤساء روسيا وإيران وتركيا بُعيد انتهاء قمة جدة مباشرة، وظن كثير من المُراقبين أنها قمة موازية أو معاكسة لها، والحقيقة أنها قمة لم تخرج عن الأطر السياسية التي تضعها الإدارة الأمريكية لسياساتها الخارجية، فهي تلبي تماماً الاحتياجات الأمريكية في المنطقة.

هناك فرق كبير بين القمتين من حيث الأطراف المشاركة فيها، ومن حيث تبعية تلك الأطراف، فقمة جدة جمع فيها تسعة حكام لملاقاة الرئيس الأمريكي، وظهروا بمظهر التابعين المتلهفين للقاء سيدهم، ونيل رضاه عنهم، بينما قمة طهران هي قمة لقادة إقليميين مشاركين منذ سنوات في ترتيب أوضاع سوريا، وهم الثلاثي الضامن للحفاظ على نظام بشار الأسد من السقوط، فهم الذين جمعتهم أمريكا لتمكينه من الحكم، وإجهاضه للثورة، وتدميره لسوريا، وقتله وتهجيره لأهلها.

إن مجرد تقارب التوقيت بين القمتين، وتعاقبهما، لا يعني بالضرورة أنّ للثانية علاقة بالأولى، لأن العبرة ليست بالتوقيت، بل بالموضوعات التي تبحثها القمة، وبالنتائج التي تتمخض عنها، وقبل كل ذلك بالأطراف التي تشارك فيها.

فبايدن في قمة جدة اجتمع بعملاء له وللغرب، أي اجتمع بأتباع لا يقررون ولا يملكون من أمرهم شيئاً، بينما بوتين في قمة طهران اجتمع بنظراء له، يتعاملون معه كأنداد، وهم في الأصل لا يعملون لصالح روسيا مطلقاً، بل هم في الحقيقة يدورون في فلك أمريكا.
لقد كُلّف أردوغان في هذا المؤتمر من طرف أمريكا والغرب بمُتابعة قضية رفع موسكو الحصار عن 22 مليون طن من الحبوب الأوكرانية ليتم تصديرها من موانئ أوكرانيا المحاصرة عبر البحر الأسود، وتحدث في القمة عن رغبة تركيا باجتياح شمال سوريا، وطرد الانفصاليين الأكراد القريبين من الحدود التركية على مدى مسافة ثلاثين كيلومتراً إن لم تتم معالجة المخاوف الأمنية لتركيا، وهي المخاوف المتعلقة بما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تهيمن عليها الفصائل الكردية الانفصالية، وظهر أنّ موقف روسيا وإيران من هذه المسألة هو عينه الموقف الأمريكي الداعي إلى حل المشكلة بالطرق السلمية.

وبالتدقيق في موضوع الفصائل الكردية الانفصالية نجد أنّ أمريكا هي التي تمولها وتسلحها وتشرف عليها، وهي التي تستخدمها في السيطرة على مناطق شرق الفرات والتي تشكّل ربع مساحة سوريا، ولقد خصص لها الكونغرس عشرات الملايين من الدولارات في ميزانية الحكومة للعام المقبل 2023.

فهذه الفصائل هي مليشيات تابعة لأمريكا تمويلاً وتسليحاً وتوجيهاً، وهي في الوقت نفسه تحتمي بقوات بشار الأسد عندما تتعرض لهجوم تركي، وهذا يعني أنّ المجرم بشار الأسد الذي يحميها هو عميل لأمريكا مثلها، وبذلك يكون موقف إيران وروسيا من هذه المسألة هو تأكيد للموقف الأمريكي منها.

وأمّا إيران فلا أحد ينكر سيطرتها على العراق وحكومته ومعظم أحزابه ومليشياته، ومع ذلك نجد أنّ رئيس وزرائها الكاظمي قد شارك في مؤتمر أتباع أمريكا في جدة، وهذا يعني أنّه تابع لإيران وأمريكا في الوقت نفسه، ويفهم من ذلك أنّ رجال إيران هم أنفسهم رجال أمريكا في المنطقة.
وبالتدقيق في موضوع الفصائل الكردية الانفصالية نجد أنّ أمريكا هي التي تمولها وتسلحها وتشرف عليها، وهي التي تستخدمها في السيطرة على مناطق شرق الفرات والتي تشكّل ربع مساحة سوريا، ولقد خصص لها الكونغرس عشرات الملايين من الدولارات في ميزانية الحكومة للعام المقبل 2023.
فهذه الفصائل هي مليشيات تابعة لأمريكا تمويلاً وتسليحاً وتوجيهاً، وهي في الوقت نفسه تحتمي بقوات بشار الأسد عندما تتعرض لهجوم تركي، وهذا يعني أنّ المجرم بشار الأسد الذي يحميها هو عميل لأمريكا مثلها، وبذلك يكون موقف إيران وروسيا من هذه المسألة هو تأكيد للموقف الأمريكي منها.
وأمّا إيران فلا أحد ينكر سيطرتها على العراق وحكومته ومعظم أحزابه ومليشياته، ومع ذلك نجد أنّ رئيس وزرائها الكاظمي قد شارك في مؤتمر أتباع أمريكا في جدة، وهذا يعني أنّه تابع لإيران وأمريكا في الوقت نفسه، ويفهم من ذلك أنّ رجال إيران هم أنفسهم رجال أمريكا في المنطقة.
وقالت روسيا في القمة إنّ إيران شريك مهم لروسيا، وركزت على التمسك بصيغة أستانة واتفاق سوتشي بين روسيا وإيران وتركيا، وهي الدول الثلاث الضامنة لبقاء دولة بشار الأسد ونظام حكمه.
كما وتمّ الاتفاق في هذه القمة على تزويد إيران لروسيا بالطائرات المسيّرة لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، واتفقت معها كذلك على زيادة حجم التجارة بين الدولتين، واستخدام عملتيهما المحلية في الصفقات التجارية بينهما، ومعنى ذلك أن أمريكا تساعد روسيا عبر إيران لتخفيف وقع العقوبات عليها.
فهذه إذاً ليست قمة لبوتين مع أتباعه كما يروج لذلك بعض الإعلاميين الجاهلين، بل هي قمة له مع نظرائه من أشياع أمريكا، أي أنّها ليست قمة موازية ولا مناكفة لأمريكا، وإنّما هي قمة لبوتين مع أدوات أمريكية.
والخلاصة المستفادة من هذه القمة هي أن أمريكا لا تريد إنهاك روسيا أو إخراجها من مكانتها في الموقف الدولي لأنها تستفيد منها كثيراً، بل تريد ترويضها فقط، وحرب روسيا في أوكرانيا أنهكت أوروبا أكثر مما أنهكت روسيا، وقد بيّنت الحرب أن أوروبا مهددة بخسارة 10% من اقتصادها.
فأمريكا ما زالت تعمل مع روسيا في سوريا وليبيا ودول القارة الأفريقية، فتستفيد أمريكا من قوة روسيا في مد نفوذها، وتستفيد روسيا بالبقاء في الموقف الدولي كدولة كبرى، على أنّ أكبر تحد لأمريكا اليوم هي الصين وليست روسيا، وهذا ما تكرّر ذكره على ألسنة كبار السياسيين الأمريكيين، وما حرب أوكرانيا بالنسبة لأمريكا إلا فرصة لها لتأكيد قيادتها للعالم، ولاستمرار الضغط على الصين ومُحاصرتها، ولإخضاع أوروبا لها.

الجمعة، 15 يوليو 2022

I2U2 تكتل رباعي مشبوه

بسم الله الرحمن الرحيم
*#خبر_وتعليق: I2U2 تكتل رباعي مشبوه*
- كتبه: الأستاذ أحمد الخطواني
_____________
https://chat.whatsapp.com/CIGVEJcDzMb1LABl816Wzm


*#الخبر:* 

أعلنت وزارة الشؤون الخارجية الهندية في بيانٍ لها أنّ قادة الولايات المتحدة وكيان يهود والهند والإمارات سيعقدون خلال تمّوز/يوليو الجاري القمّة الأولى لتكتل دولهم المعروف باسم I2U2.

وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء بأنّ القمة ستُعقد افتراضياً يوم الخميس 2022/07/14 بِمشاركة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس وزراء يهود يائير لابيد ورئيس الإمارات محمد بن زايد والرئيس الأمريكي #جو_بايدن.

وكان تمّ وضع التصوّر الأول للتكتل خلال اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربع في تشرين أول/أكتوبر من العام الماضي.

والهدف المُعلن لهذا التكتل هو تشجيع الاستثمارات المُشتركة في مجالات مثل المياه و #الطاقة والنقل والفضاء و #الصحة و #الأمن_الغذائي.

*#التعليق:* 

هذا التكتل الدولي الجديد المُسمّى I2U2 ليس هدفه تشجيع #الاستثمارات المُشتركة بين الدول الأربع كما تمّ الإعلان عنه، بل هدفه أبعد من ذلك بكثير، فأمريكا تُريد جذب الهند كحليفٍ قوي إلى جانبها لتكون خصماً قويّاً في مواجهة الصين، وهذا التكتل بين أمريكا والهند هو الثاني في غضون أقل من عام بعد تكتل كواد الأمني الذي جمع بينهما بالإضافة إلى اليابان وأستراليا.

فالهند دولة كبيرة ومُهمّة بالنسبة لأمريكا في آسيا، ولا غنى عنها في النواحي الاستراتيجية الأمنية والاقتصادية، لذلك كان لا بُدّ من ربطها بأمريكا ربطاً مُؤسّساتياً محكماً عبر مثل تلك التكتلات.

وأمّا وجود كيان يهود في التحالف فهو لوجود عناصر شبه بين #الهند والكيان من جهة كون كل منهما يحتل بلداً اسلامياً، فكيان يهود يحتل فلسطين والهند تحتل كشمير، وكلا الاحتلالين مُخالف للقوانين الدولية، وأمريكا بإدخال كيان يهود في التحالف تُساعد الهند للاستفادة منه في كيفية تكثيف الاستيطان الهندوسي في إقليم كشمير وقمع المسلمين فيه كما يفعل كيان يهود في #فلسطين، بينما يستفيد هو من وجوده في هذا التكتل من خلال إنشاء علاقات تحالف قوية مع قوة إقليمية كبرى كالهند.

وأمّا دور #الإمارات في هذا التحالف فهو بذريعة أنّها دولة راعية لما يُسمّى بالتحالف الإبراهيمي الجديد لمحاربة الإسلام، ومُحاولة ضربه باستخدام الهندوسية، كما حاولت ضربه من قبل باستخدام اليهودية والنصرانية.

فوظيفة محمد بن زايد فضلا عن كونه عميلاً لبريطانيا وعيناً لها في التكتلات الأمريكية فهو أيضاً يُستخدم كرأس حربة لتوجيه الطعنات المُتتالية ضدّ المُسلمين والتحالف مع كل أعداء الإسلام.

الخميس، 30 يونيو 2022

دولتا الهند ونيجيريا نتاج استعماري إقصائي للمسلمين

احمد الخطواني 
إنّ ممّا خلّفته بريطانيا في استعمارها لبعض بلاد المسلمين أوضاعا سياسية شاذة خبيثة، أنتجت فيها حالة من التهميش ما زالت تعاني منها بلدان إسلامية كبيرة إلى وقتنا هذا، فحولت بريطانيا بموجبها الأكثرية الإسلامية الطبيعية في بلدان إسلامية عريقة إلى دول غير مركزية، وإلى مجاميع بشرية مشتتة تفتقر إلى القدرة على التحكم في بلدانها.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما فعلته بريطانيا في الهند ونيجيريا اللتين كانتا تمتازان بتركز ديموغرافي إسلامي طبيعي كبير فيهما؛ ففي الهند قامت بريطانيا بفصل الكثير من المسلمين عن الهندوس، وأقامت لهم دولاً هامشية في الأطراف، مُفتقدةً للثقل الديموغرافي، ومحرومةً من السيطرة الجيوسياسية على الأرض، فقسمت البلاد ومزقتها، وركزت الهندوس في قلب البلاد، ومنحتهم دولة مركزية متنفذة ضمت إليها مساحات واسعة من شبه القارة الهندية، ومن ضمنها مساحات كبيرة تقطنها مجموعة إسلامية كبيرة لم تلحقها بريطانيا بامتدادها الديموغرافي الطبيعي في باكستان، وما نشهده اليوم من تسلط الهندوس على المسلمين وقتلهم وهدم بيوتهم واضطهادهم، ما هو إلا نتيجة طبيعية لهذا النتاج الاستعماري البريطاني.
وأما في نيجيريا فقامت بريطانيا بالعكس، فبدلا من تقسيم المناطق بحسب سكانها الطبيعيين، قامت بضم إثنية وثنية ونصرانية من الجنوب إلى الأكثرية المسلمة في الشمال، فدمجتهما في دولة واحدة نتج عنها إضعاف الأكثرية لميزتها الطبيعية، ففقدت التركيز الإسلامي في البلاد، وخسرت ثقلها، وتلاشت سيطرتها الديموغرافية على صنع القرار الاستراتيجي، وأصبح النصارى التابعون للغرب في نيجيريا هم حكام البلاد الحقيقيين.
لقد احتلت بريطانيا الهند لمائة عام، وهي لم تسرق ثرواتها وتستنزف مواردها وحسب، بل قامت بإثارة الفتن والعداوات بين أصحاب المذاهب الوثنية والمسلمين، وألّبت الهندوس بشكل خاص على المسلمين، بعد أن كانوا يعيشون في ظل الحكم الإسلامي وتحت سلطان الدولة الإسلامية لمئات السنين، وعندما حان موعد الاستقلال افتعلت بريطانيا حرباً أهلية في العام 1946 بين الطرفين، طرف بقيادة حزب المؤتمر الهندي برئاسة نهرو، وطرف آخر بقيادة محمد علي جناح الذي انشق عن حزب المؤتمر وشكل حزب العصبة الإسلامية الذي طالب بقوة وحماسة غير طبيعية بفصل المسلمين عن الهند بعد أن كان من المدافعين الشرسين عن وحدة البلاد، لكنها توجيهات أسياده البريطانيين، فكانت النتيجة منح الاستقلال لدولتي الهند وباكستان في العام 1947، وقامت بريطانيا برسم الحدود الصناعية بين الدولتين الجديدتين خلال خمسة أسابيع، ووافق عليها مجلس العموم البريطاني، ورعى المندوب السامي البريطاني اللورد ماوتن مفاوضات التقسيم والاستقلال، وكان هذا التقسيم محابياً للهندوس بالطبع، فمنحهم هذا التقسيم معظم الأراضي في شبه القارة الهندية، بالإضافة إلى معظم كشمير، كما وجعل ملايين المسلمين تحت حكم الهندوس، الذي بلغ عددهم اليوم أكثر من 200 مليون يخضعون لبطش الهندوس وحقدهم، وجعل دولة باكستان مقسمة إلى شطرين؛ شرقي وغربي يفصل بينهما 2000 كيلومتر من الأراضي الهندية، وسهل ذلك الوضع على الهند في العام 1971 فصل باكستان الشرقية تحت اسم بنغلادش عن باكستان الغربية فزاد هذا الفصل المسلمين ضعفاً على ضعف، وتفرقّوا شذر مذر
هذا هو الإرث البريطاني الاستعماري في الهند وهو ما يعاني منه المسلمون اليوم، ويعانون من نتاجه الإقصائي الظالم بسبب هذا التقسيم الجائر الذي فعلته بريطانيا في بلاد الهند الإسلامية.
وأما النموذج الاستعماري الآخر فهو ما فعلته بريطانيا في نيجيريا، وهو كان من حيث الشكل يعتبر عكس النموذج الأول، إذ هو نموذج اندماجي وليس تقسيمياً، فالأراضي المسماة نيجيريا اليوم حكمتها بريطانيا لأكثر من قرن ونصف، وهي مؤلفة من منطقتين مختلفتين في الدين والعرق والثقافة واللغة والتضاريس، بل وفي كل شيء تقريباً، فلا علاقة لإحداهما بالأخرى، ففي الشمال مسلمون ملتزمون بالشريعة الإسلامية، وفي الجنوب وثنيون ومتنصرون، ومع ذلك قامت بريطانيا بتوحيدهما في دولة واحدة، جعلت مركز القرار فيها لأهل الجنوب الذين قامت بتنصير غالبيتهم، كما وجعلت العاصمة سايغون في الجنوب لا لشيء إلا لتقضي على التركيز الديموغرافي الإسلامي في الشمال.
فمنذ العام 1914 قامت بريطانيا بتوحيد الهياكل الإدارية والسياسية في المنطقتين تمهيداً لإخراج دولة نيجيريا الاتحادية الحالية الهزيلة التي يسيطر عليها النصارى والعلمانيون المسلمون التابعون لبريطانيا، فيما همشت المناطق الشمالية لقبيلتي الهاوسا والفولاني اللتين ما زالتا تتمسكان بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في المحاكم رغماً عن بريطانيا ورغماً عن عملائها.
وحتى اسم نيجيريا فقد اخترعته زوجة حاكم بريطانيا في البلاد آنذاك لورا شو، فهو ليس أصلياً، ولو مُنحت المناطق الإسلامية الشمالية الاستقلال لوحدها بدون الارتباط بالجنوب لربما شُكّلت دولة إسلامية قوية بالاشتراك مع امتدادها الإسلامي الطبيعي في مالي وتشاد والنيجر والتي كانت يوما دولة إسلامية عظمى.

لكن الخبث الإنجليزي فصل المسلمين في شمال نيجيريا عن إخوانهم في جوار الدول المغاربية، وربطهم بالوثنيين والنصارى في الجنوب الذين لا علاقة لهم بهم.

ونيجيريا اليوم هي كيان عملاق في أفريقيا بعدد سكان يزيد عن المائتي مليون، أكثر من نصفهم من المسلمين، لكن تأثيرها في الوضع الدولي يكاد يكون صفراً!

هذه هي الموروثات الاستعمارية الإقصائية لبريطانيا، وهذا هو نتاج سياستها الاستعمارية المدمرة على الإسلام والمسلمين في هذه الأيام

الخميس، 23 يونيو 2022

الخمس اللاتي استعاذ منهن رسول الله صلى الله عليه وسلم

#وقفة_تأمل في حديث 
الخمس اللاتي استعاذ منهنّ رسول الله ﷺ 

روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنّا عند رسول الله ﷺ فقال: «كَيْفَ أَنْتُمْ إذَا وَقَعَ فِيكُمْ خَمْسٌ؟ وَأَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ تَكُونَ فِيكُمْ أَوْ تُدْرِكُوهُمْ: مَا ظَهَرَتْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ يُعْمَلُ بِهَا فِيهِمْ عَلَانِيَةً إلَّا ظَهَرَ فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلَافِهِمْ، وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَمَا بَخَسَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ، وَلَا حَكَمَ أُمَرَاؤُهُمْ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَاسْتَنْفَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا عَطَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ ﷺ إلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» أخرجه ابن ماجه والطبراني.

هذه أحوال خمسة استشرفها رسولنا ﷺ، فاستعاذ منها، وحذّرنا من مظنة الوقوع فيها لما يترتب عليها من آثار مُدمّرة تطال بُنية المجتمع وأساساته.

أمّا الأولى فتتعلق بالنظام الاجتماعي، وأمّا الثانية والثالثة فتتعلقان بالنظام الاقتصادي، وأمّا الرابعة والخامسة فتتعلقان بنظام #الحكم.

الأولى: «مَا ظَهَرَتْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ يُعْمَلُ بِهَا فِيهِمْ عَلَانِيَةً إلَّا ظَهَرَ فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلَافِهِمْ».

 فظهور الفاحشة والإعلان عنها والتفاخر بها بات طاغيا في دول #الغرب وليس في بلادنا، وإن كانت أبواق الإعلام في بلادنا تُروّج للفاحشة لكن ظهورها عندنا لم يتقبله المسلمون ورفضوه، ولم يستجيبوا للإعلام الحكومي الساقط، لذلك نجد تفشي الأمراض والأوجاع المتجدّدة في دول الغرب التي تُعلن الفاحشة وتعتبرها حرية رأي لا تنقطع، فكانت الأمراض بالفعل تتجدّد في كل جيل كالزهري والسيلان والتيفوئيد والإيدز وأخيراً جدري القرود، وكلها كانت ناشئة عن تلك الحرية البهيمية المزعومة.

وهذه الآفة الاجتماعية القاتلة، عافى الله سبحانه المسلمين منها، بالرغم من حملات الغرب الشرسة لإفساد المرأة المسلمة وترويج القيم الإباحية المنحلة في بلاد المسلمين عن طريق الأنظمة الفاسدة في دولهم، غير أنّ المسلمين كجماعات وأفراد لم يتأثروا بحملات الغرب الإباحية إلا قليلاً، فعافاهم الله من شرورها بفضل تجذر #القيم الاجتماعية الإسلامية في نفوس أبناء المسلمين، وبقيت #الأسرة_المسلمة متعافية من تأثيرات الحملات الإعلامية التي تقودها سيداو لتخريب المجتمعات في البلاد الإسلامية ولإفساد #المرأة المسلمة وتدمير الأسرة كما دمّروا أسرهم، وبقيت الأسرة المسلمة هي الحصن الأخير الصامد أمام حملات الغرب العاتية المروّجة لقيم الحرية الجنسية الحيوانية.

الثانية: «وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا».

الزكاة من أهم أركان الإسلام، فهي عبادة مالية مهمة، وهي العمود الفقري للاقتصاد الإسلامي، ومصارفها الثمانية هي من أهم أسس الحياة الاقتصادية في الإسلام، وتعطيلها أو منعها فوق كونه تعطيلاً لركن مهم من أركان الإسلام، وهدماً صريحاً لبنيان الإسلام الاقتصادي، فهو أيضاً حرمان لقطاعات عريضة من المسلمين من الوصول إلى حقوقها المالية، فبالزكاة يتم تمويل الجها.د في سبيل الله الذي يأتي بمردودات مالية ضخمة لبيت المال كالجزية والخراج والغنائم والأنفال والعشور، ومنع #الزكاة وعدم فرضها وتحصيلها فإنه بالإضافة إلى كونه خروجاً عن الإسلام فهو أيضاً يتسبّب في فقدان مصادر مالية ضخمة لبيت #المال.

والنتيجة أنّ منع الزكاة يمنع القطر من السماء حقيقة، وما نراه من غيث ينزل على الناس إنّما هو ببركة البهائم، وهذا من أشد أنواع الذم والسخط الذي يلحق بمانعي الزكاة، الذين تعلّق رزقهم برزق البهائم!

الثالثة: «وَمَا بَخَسَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ».

بخس المكيال والميزان يأخذ أشكالاً كثيرة منها البخس المعروف وهو التطفيف في الكيل والميزان الذي يقوم به بعض التجار الأفراد، ومنها بخس الدولة لجهود العمال والفلاحين والموظفين. وبخس الدولة أعظم ضرراً من بخس الأفراد، فنجد الكثير من أبناء المسلمين يعملون ويجهدون ويكدّون في إنتاج السلع والخدمات المتنوّعة فتبخسهم الدولة والشركات التابعة لها، فتأخذ منتجاتهم بأثمان بخسة، وتفرض عليهم الضرائب الباهظة، وتضارب عليهم بالبضائع المستوردة الرخيصة، فيظلون في حكم الفقراء بالرغم من بذلهم الجهود الجبّارة في الإنتاج والعمل، فيجور عليهم الحكام الظلمة، ويصاب المجتمع بسبب ذلك بالقحط والجدب والفساد.

الرابعة: «وَلَا حَكَمَ أُمَرَاؤُهُمْ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَاسْتَنْفَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ».

وهذه المسألة تظهر جليّاً لدى ثلاثة أصناف تحديداً وهم: 1- المتأولون، 2- الذين يداهنون الكفار من ضعاف المسلمين، 3- والمنافقون؛ فالمتأولون يروجون للحكم بغير ما أنزل الله بادعاءات زائفة بالديمقراطية زاعمين أنها من الإسلام، والذين يداهنون الحكام يبررون لهم تطبيق أحكام الكفر بحجج واهية لنيل مرضاتهم، والمنافقون يزعمون أنّ أحكام الكفر هي من الإسلام، وهؤلاء الأصناف الثلاثة يعملون تحت مظلة أن الدستور ينص على أن دين الدولة هو الإسلام، وأنّ الناس مسلمون، ويزعمون أنّه لا ضير من تغير الأحكام مع تغير الأزمان.

والنتيجة لهذا الحكم بغير ما أنزل الله تسلط الكفار الأعداء على المسلمين وانتزاع الكثير من بلدانهم من أيديهم كفلسطين وكشمير والشيشان وتركستان الشرقية وميانمار وقبرص... وغيرها، ونهب الكثير من ثرواتهم بحيث تصبح بلاد المسلمين في حكم البلاد المستعمرة.

الخامسة: «وَمَا عَطَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ ﷺ إلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُم».

تعطيل كتاب الله وسنة نبيه ﷺ مسألة تختلف عن الحكم بغير ما أنزل الله، فالتعطيل هو إلغاء صريح لأحكام الشريعة وتطبيق واضح لأحكام الكفر الوضعية، بينما الحكم بغير ما أنزل الله فيه تأوّل وتأويل وزعم بأنّ من فعل ذلك لم يخالف الحكم بما أنزل الله، عبر حجج واهية، منها أنّ الدستور ينص على أنّ دين الدولة الإسلام، وأنّ الإسلام أحد مرجعيات القوانين في الدولة.

فالتعطيل تبديل وتغيير مباشر للإسلام، ورفض تحكيمه في الحياة علانية وبشكل رسمي، بينما الحكم بغير ما أنزل الله فيه اعتراف ولو شكلي بدور للإسلام في التشريع.

ونتيجة التعطيل الطبيعية تكون بنشوب الحروب الأهلية، واندلاع الاقتتال لأتفه الأسباب، ومن ثمّ تحوّل جيوش البلاد الإسلامية إلى مليشيات وعصابات تتناحر فيما بينها!

للأستاذ: احمد الخطواني حفظه الله

الثلاثاء، 14 يونيو 2022

تنسيق كيان يهود مع روسيا في قصف مطار دمشق

بسم الله الرحمن الرحيم
*#خبر_وتعليق: تنسيق كيان يهود مع #روسيا في قصف #مطار_دمشق*
- كتبه: الأستاذ أحمد الخطواني
_____________
https://chat.whatsapp.com/CIGVEJcDzMb1LABl816Wzm


*#الخبر:*
ذكرت القناة 12 العبرية أنّ: "تل أبيب نسّقت مع موسكو قبل استهداف مطار دمشق"، وكانت وزارة النقل السورية قد أعلنت خروج مطار دمشق الدولي عن الخدمة حتى إشعار آخر بسبب عدوان يهود الذي استهدف البنية التحتية للمطار، وهو ما تسبّب بخروج المهابط عن الخدمة، وقالت شركة الطيران السورية إنّها غيّرت مسار جميع رحلاتها إلى مطار حلب الدولي.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الانسان: "إنّ القصف (الإسرائيلي) ألحق أضراراً بالمدرج بعد استهداف مستودعات لفصائل إيرانية قرب المطار".

*#التعليق:* 

لقد باتت الأمور واضحة بشكلٍ يصعب إنكاره لمن يملك ذرة من وعي سياسي، فالتنسيق الجوي الدائم في سماء سوريا بين كيان يهود وبين روسيا بات واقعاً ملموساً ومسألة بديهية لا يختلف فيها مُنصفان، وحتى لو لم تعترف روسيا علناً بهذا التنسيق، فإنّ ما يجري على أرض الواقع يؤكّد حقيقة معرفة روسيا ورضاها بتحليق طيران كيان يهود فوق #سوريا، وقصفه المُتواصل للمواقع السورية.

والعجيب أنّ هذا التنسيق الروسي اليهودي في سوريا يتواصل بالرغم من وجود حالة من التوتر بينهما بسبب المسألة الأوكرانية، لكن يبدو أنّ الاتفاق على قتل المسلمين وانتهاك حرماتهم وتدمير بلادهم لا يتأثّر بسبب اختلاف المواقف السياسية في #أوكرانيا.

فهل تبقّى لنظام الطاغية بشار الأسد أية حجة في استمرار التحالف مع روسيا؟

لو كان لدى هذا #النظام ذرة من كرامة لما رضي بهذا الذل والانتقاص من كرامته على يد الروس الأعداء المُتحالفين مع إخوانهم اليهود في تدمير سوريا وانتهاك سيادتها، لكنّه نظام جبان بالرغم من إجرامه ووحشيته ضد المدنيين، فهو لا يُظهر سطوته إلا على الأبرياء العزّل، وهو لا يأبه لإذلاله على يد الروس أو الأمريكيين أو اليهود، إنّه لا يفكّر قط إلا في استمرار بقائه في الحكم، فمفردات الكرامة والعزة والسيادة لا مكان لها في قاموسه، إنّه لا يهتم لشيء سوى المكوث في السلطة، ولو كان على حساب أشلاء أهل الشام وسفك دمائهم وتشريدهم وتجويعهم وتدمير بيوتهم وممتلكاتهم وبلادهم.

الاثنين، 6 يونيو 2022

تحالف كواد يعادي الصين ويحاصرها

بسم الله الرحمن الرحيم
*#تحالف_كواد يُعادي #الصين ويُحاصرها*
- بقلم: الأستاذ أبو حمزة الخطواني
- لقراءة المقال على موقع #جريدة_الراية: 
=========
https://chat.whatsapp.com/CIGVEJcDzMb1LABl816Wzm

يُعرّف كواد بأنّه تحالف للحوار الاستراتيجي الأمني والاقتصادي، وتتشارك فيه أربع دول كبيرة هي: #الولايات_المتحدة و #اليابان و #الهند و #أستراليا، ويُطلق عليه أيضاً (الرباعية)، ومن أسباب انضمام هذه الدول الأربع بالذات لهذا التحالف ما أسموه بالقيم #الديمقراطية المشتركة التي تحملها هذه الدول.

تأسّس كواد في العام 2004 بوصفه مجموعة إقليمية هامشية تقوم بالمساعدة في جهود الإغاثة على إثر الزلزال المدمّر وتسونامي الذي ضرب منطقة المحيط الهندي، وعُقد أول اجتماع للمجموعة في العام 2007، وفي هذا العام طوّرت اليابان أهداف المجموعة، وعبّر رئيس وزراء اليابان آنذاك شينزو آبي عن رؤيته المتمثّلة بـ: "آسيا الأوسع نطاقاً، وأنّها ستكون شبكة هائلة تمتد عبر المحيط الهادئ بأكمله، لتضم الولايات المتحدة وأستراليا التي تحمل قيم الحرية والديمقراطية ضمن استراتيجية مشتركة"، ففكرة المجموعة هي في الأصل فكرة يابانية وليست أمريكية، لكن انهارت هذه الرؤية في العام 2008 تحت ضغط كثيف من الصين التي هددت بالانتقام الاقتصادي إن استمرت هذه المجموعة بالتشكّل، ولم تكن أمريكا متحمسة للفكرة، فماتت المجموعة وتلاشت بعد عام 2008 إلى أنْ أحيتها #أمريكا عام 2017 لمواجهة الصعود الصيني، واجتمع قادة المجموعة أربع مرات منذ ذلك التاريخ وحتى هذه الأيام، وأهم اجتماع لها كان في #واشنطن العام الماضي وكان على مستوى حكام الدول، والذي منحها زخماً قوياً، ثم ترسخت في طوكيو الثلاثاء الماضي 24/05/2022 عندما جاء الرئيس الأمريكي بايدن لقيادة المجموعة في آسيا.

ويتم في اجتماعات المجموعة عادة تبادل المعلومات الأمنية والاقتصادية وغيرها بهدف موازنة النفوذ الصيني المتنامي في المنطقة، ومحاصرته وتحجيمه.

يبدو أنّ أمريكا باتت تُعوّل على هذا التحالف في محاصرة الصين بوصفه تحالفاً فعّالاً أفضل من غيره، فمثلاً انسحبت أمريكا أيام #ترامب في العام 2017 من اتفاقية التبادل الحر عبر المحيط الهادي لعدم فعاليته، وقامت في العام نفسه بتفعيل تحالف كواد، فدول أربع كبيرة فعّالة إلى جانب أمريكا كاليابان والهند وأستراليا أفضل من مجموعة كبيرة من الدول الصغيرة غير الفعّالة.

كما أنّ لهذه الدول الأربع أهدافاً مشتركة وعداوة للصين استفادت أمريكا من تلك العداوة فنظمتها في تحالف قادته لتحقق أهدافها الاستراتيجية.

وكشف الرئيس الأمريكي جو #بايدن يوم الإثنين 23/05/2022 قبل انعقاد المؤتمر بيوم واحد عن اتفاقية إطار اقتصادي لمنطقة المحيطين الهادي والهندي لتحقيق: "الازدهار وتعزيز النمو الإقليمي ليشمل 13 دولة أغلبها آسيوية، وأنّ هذه الاتفاقية ستضع معايير في مجالات التجارة وسلاسل التوريد والطاقة النظيفة والبنية التحتية و #الضرائب ومكافحة الفساد، وتمّ تخصيص 50 مليار كمساعدات لتلك الدول لتطوير البنى التحتية فيها وضخ استثمارات فيها في السنوات الخمس القادمة"، وبذلك تصبح هذه الاتفاقية الجديدة بمثابة إطار وثيق يربط الدول الثلاث عشرة الضعيفة بأمريكا وحليفاتها الثلاث ربطا محكما، ويبعدها عن الصين بشكل نهائي.

فتحالف كواد إذاً يراد له أن يكون تحالفاً شاملاً للدول الأربع الرئيسية والدول الثلاث عشرة الملحقة بها لمُواجهة الصين ومحاصرتها، وهو يكمل تحالف الأوكوس الأمني الذي تأسس قبل أشهر من أمريكا و #بريطانيا وأستراليا.

وفي القمة الأخيرة يوم الثلاثاء 24/05/2022 حذّر القادة الأربعة، الصين بشكل غير مباشر إلى محاولة تغيير الوضع الراهن القائم بالقوة، إشارة إلى ما تلوّح به الصين ضد تايوان وما تقوم به من تصرفات انفرادية في بعض مناطق بحر الصين الجنوبي.

وقال بايدن في القمة: "إنّ الصين تلعب بالنار بشأن تايوان" وتعهد بـ: "التدخل العسكري لحماية #تايوان إذا تعرضت لهجوم من #بكين"، كما تعهد: "بالعمل مع الحلفاء لقيادة رد فعل عالمي، والالتزام بالدفاع عن النظام والسيادة الدوليين بغض النظر عن انتهاكاتهما في العالم - روسيا والصين - والبقاء كشريك قوي ودائم في منطقة المحيطين".

وبخصوص #روسيا قال بايدن: "إنّ هجوم روسيا على أوكرانيا يزيد فقط من أهمية ضمان حرية وانفتاح المحيطين"، وقال رئيس الوزراء الياباني فوميوكيشيدا: "إنّ غزواً مشابها لا ينبغي أنْ يحدث في آسيا".

وتزامنت قمة طوكيو لقادة كواد مع قيام مناورات مشتركة روسية صينية بحرية وجوية في منطقة شرق كوريا على مقربة من اليابان.

إنّ هذا التصعيد الأمريكي قرب الصين من الواضح أنه يدل على أن أمريكا وبالرغم من حرب روسيا في #أوكرانيا، فإنها ترى في التعامل مع الصين كأولوية لها، ولذلك فهي تتخذ خطوات استراتيجية كبيرة لمحاصرة الصين، وتستخدم تحالفات جديدة مثل كواد و #أوكوس لتحقيق هذا الهدف، فالتوجه نحو آسيا أصبح من أهم أهدافها بسبب تعاظم قوة الصين، وتلحق بأمريكا بريطانيا التي دائما ما تستشعر أين تتجه البوصلة العالمية، لذلك فبريكست بالنسبة لها كان هدفه الأول الانفكاك من الارتباط الأوروبي الجامد لمسايرة أمريكا حيث تكون، وذلك لأنّ صناعة الأحداث العالمية تكون غالباً حيث تكون الدولة الأولى.

https://bit.ly/3zhzeLE

الأربعاء، 18 مايو 2022

حمل الدعوة سياج حامي للمسلمين

حمل الدعوة سياج حامي للمسلمين

حمل الدعوة هو من أجلّ الأعمال وأعظمها، وهو فرض على كل مسلم، وبه تقام الدولة الإسلامية وتصان وتحفظ، وهي عمل يقوم به الفرد والحزب والدولة، لذلك كان لزاماً على المسلمين أنْ يجعلوا الدعوة مركزاً تدور حوله مصالحهم، وأن يجعلوها هدفاً دائماً، وغايةً مستدامة تلازمهم طوال حياتهم، فلا يكلوا ولا يملوا ولا يتكاسلوا في تحمل أعبائها وتبعاتها.

أخرج الترمذي والطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنّه قال: «نَضَّرَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا وَأَدَّاهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ»، فالله سبحانه يلقي النضارة والإشراق على وجه المسلم الذي يسمع الوحي من كتاب وسنة فيحفظه ويعيه ويبلغه إلى الناس، فالتبليغ وحمل الإسلام هو ثمرة التلقي والوعي، فلا تبقى المعلومات الشرعية التي يتلقاها المسلم حبيسة بداخله، بل الواجب عليه نقلها ونشرها بين الناس، وهذا هو معنى حمل الدعوة وإيصالها للناس.

ويكمل الرسول ﷺ هذا الحديث الذي خطب به الناس في مسجد الخيف بمنى فيقول: «ثَلاثٌ لَا يُغِلُّ (من الخيانة) - أو يَغِلُّ (من الحقد) - عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ: إِخْلاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، والنَّصِيحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ»، وروى أنس هذا الحديث بصيغة «وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ»، ورواه جابر بصيغة: «وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ»، ورواه أبو سعيد الخدري بصيغة: «وَالْمُنَاصَحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ».

ويؤكد معنى المناصحة الحديث الذي رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة وغيره أنّ الرسول ﷺ قال: «إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ». قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ».

فالحديث النبوي الشريف: «ثَلاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» يُحدّد ثلاث صفات يجب أنْ يتصف بها المسلم في مضمار الدعوة، فإنْ وُجدت عنده فهي مدعاة لنفي الخيانة والحقد وكل مشتقاتهما من قلبه، فلا تجتمع هذه الصفات مع الخيانة والغش والحقد.

فالأولى: وهي إخلاص العمل لله شرط للثانية والثالثة.

والثانية: هي محاسبة الحكام بأمرهم ونهيهم ونصيحتهم وكفاحهم إن ضلوا، ويُفهم من ذلك أنّ حمل الدعوة يجب أن يشمل الحكام، بمعنى أن يأخذ الشكل السياسي.

والثالثة: لزوم جماعة المسلمين، وتعني الدولة الإسلامية، فجماعة المسلمين هي المسلمون الذين بايعوا إماماً بيعةً صحيحة، أي هي مؤلفة من ثلاثة أركان: مسلمون وبيعة وإمام.

فلزوم الجماعة بهذا المعنى هو لزوم الدولة الإسلامية (الخلافة)، وهذا اللزوم من أهم فروض الإسلام وأعظمها، هذا إن كانت موجودة، وأمّا إن كانت غير موجودة، فيجب العمل لإيجادها من أجل لزومها وذلك من باب القاعدة الشرعية (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).

واعتبر الرسول ﷺ في آخر الحديث أنّ دعوة المسلمين حكاماً ومحكومين ومناصحتهم ومحاسبتهم ولزوم جماعتهم ودولتهم تحيط من ورائهم كما يحيط السياج الحامي بهم ليحميهم ويمنعهم.

ويُفهم من هذا الحديث الشريف أنّ حمل الدعوة يجب أن يشمل الحكام كما يشمل المحكومين، فإن اقتصر حملة الدعوة على الناس العاديين فقط فلا تتصف الدعوة عندها بالإحاطة من ورائهم، وكذلك إذا خلت الدعوة من ذكر جماعة المسلمين ودولتهم، ولزومها إن كانت موجودة، والعمل على إيجادها إن كانت غير موجودة، فإن خلت الدعوة من هذه الصفة فلا تتصف أيضا بالإحاطة.

ومن هنا كان من الضروري تذكير جميع العاملين في حقل الدعوة أنّ عملهم يكون ناقصاً إنْ هو خلا من ذكر الدولة ولزومها، أو من ذكر الإمام ومبايعته.

فإن قام البعض بالدعوة من دون التعرض للحكام ومن دون محاسبتهم، فليعلموا أنّ عملهم هذا مخالف للشروط الشرعية، وكذلك إنْ لم يذكروا في دعوتهم لزوم الجماعة، وإبراء #البيعة التي في أعناقهم لإمام، فعملهم أيضاً يكون مخالفا للشروط.

وفي هذا الزمان الذي نعيش، وفي ظل غياب #الخلافة، فإن الدعوة يجب أنْ تتركّز على العمل لاستئناف الحياة الإسلامية وذلك بإقامة الخلافة الإسلامية لتطبيق أحكام الشرع تطبيقا كاملا على الناس، وحمل دعوة الإسلام إلى العالم.

السبت، 14 مايو 2022

سلطة التنسيق الأمني الفلسطينية شريكة مع الاحتلال في كل جرائمه

بسم الله الرحمن الرحيم
*#خبر_وتعليق: سلطة #التنسيق_الأمني الفلسطينية شريكة مع #الاحتلال في كل جرائمه*
- كتبه: الأستاذ أحمد الخطواني
______________
https://chat.whatsapp.com/EtsVpqL3t7b7yAm8uJMUvC

*#الخبر:* 

قال رئيس سلطة #أوسلو في رام الله: "نرفض التحقيق المشترك مع السلطات (الإسرائيلية) لأنها هي من قتل شيرين" وأضاف: "يجب ألا تمر جريمة قتل #شيرين_أبو_عاقلة من دون عقاب، وإنها قد ضحت بحياتها دفاعا عن وطنها وشعبها، وسنذهب بقضية أبو عاقلة إلى محكمة الجنايات الدولية".

*#التعليق:* 

نقل موقع عرب 48 عن مصادر عبرية أنّه خلال اجتماع رئيس السلطة #محمود_عباس مع وزير حرب كيان يهود بيني غانتس في منزله برأس العين قال محمود عباس: "إنّه يدرك أنّه خلال ولاية نفتالي بينيت لن يكون هناك اختراق سياسي"، وأعرب عن تفهمه: "للوضع السياسي المعقد في (إسرائيل)" واكتفى بطلب: "إجراءات لبناء الثقة حالياً"، وقال: "حتى لو ألصقوا مسدساً برأسي فلن أغيّر موقفي الرافض للإرهاب و #العنف والمؤيد لاستمرار التنسيق الأمني".

ولمحمود عباس سوابق كثيرة في إهدار فرص مُحاكمة كيان يهود على جرائمه، فقد سحبت سلطته مرات عديدة الدعاوى المقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مقابل قيام كيان يهود بتقديم بوادر سياسية جدية كما سمّاها، وسحب قبل ذلك الدعوى المشهورة لمحاكمة دولة يهود بسبب بنائها لجدار الفصل العنصري، فعباس هذا متخصص في تضييع فرص محاكمة دولة يهود على جرائمها زاعماً أنّه يفعل ذلك مقابل وعود من كيان يهود لتحسين شروط التفاوض مع سلطته.

والحقيقة أنّ عباس لا يستطيع تقديم أي دعاوى جرائم ترتكبها دولة يهود في المحاكم الدولية لأنّه شريك لها في تلك الجرائم، وذلك من خلال التعاون الأمني التام معها فيها، فالذي ينسق أمنيا، ويبلغ عن المطلوبين، هو شريك في جريمة قتلهم، فلا يُتوقع أن يشكو عليهم، لأنّه إنْ فعل ذلك فيكون كمن يشكو على نفسه.

واليهود يعرفون ذلك جيداً، لذلك نراهم لا يلقون بالاً لتهديدات السلطة الجوفاء بتقديم الشكاوى ضدهم في المحاكم الدولية، يقول المحلل اليهودي روني شكيد: "سلطة عباس أضعف من أن ترفع قضية مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة أمام #المحاكم الدولية، لأنّ التنسيق الأمني يجعل السلطة شريكة في كافة الأعمال العسكرية التي يقوم بها الجيش في كافة المناطق الفلسطينية، حتى في اجتياح جنين الذي قتلت فيه أبو عاقلة كان بالتنسيق ومساعدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية"، فكل جريمة ترتكبها قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، فإن #السلطة_الفلسطينية عملياً هي شريكة معها فيها.

الجمعة، 6 مايو 2022

الذين خلطوا الدين بالعلم لا هم أخذوا بالدين ولا أخذوا بالعلم

الذين خلطوا الدين بالعلم لا هم أخذوا بالدين ولا أخذوا بالعلم

برزت مسألة خلط الدين بالعلم في هذه الأيام في موضوع اثبات بداية شهر رمضان وبداية شهر شوال بروزاً واضحاً، وما أكسب هذا البروز هو تلك الأهمّية التي يترتب عليها ثبوت أحكام الصوم والفطر وتأثير هذه الأحكام على عامة المسلمين.
 وشمّر بعض الشيوخ الحاقدين على حزب التحرير عن سواعدهم، وراحوا ينفثون سمومهم اتجاه الحزب مُحاولين تخطئته في آرائه الواضحة بخصوص الموضوع، بقصد النيل منه والتشويش عليه، وشاركهم في عداوتهم للحزب بعض الشيوخ الجهلة الذين يُردّدون كلام معلميهم الحاقدين لظنّهم أنّهم علماء مُقتدرين، وتبعهم في ذلك بعض العامة من أنصاف المُثقفين والمُتعلمين المُتفيقهين الذين يخوضون في ما لا يعرفون، ويحشرون أنوفهم فيما لا يعلمون، ويتبعون كل ناعق يهرف بما لا يعرف، ويهذي بما لا يعني، يفعلون ذلك كله لا لشيء إلا ليحجزوا لهم مكاناً قذراً في قائمة أذناب الحكام العملاء بقصد الشهرة والتصدر والرياء.
وقبل الخوض في موضوع الخلط بين الدين والعلم في هذه المسألة، لا بُد من معرفة أنّ العلم المقصود به هنا هو علم الفلك وحساباته وعلم الفيزياء، وليس العلم الشرعي.
لنأخذ أولاً الأحاديث النبوية الشريفة الخاصة بهذا الموضوع ونفهمها فهماً تشريعياً صحيحاً:
- قال صلى الله عليه وسلم قال: " لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن أغمي عليكم فاقدروا له " .  (مسلم)
-  قال :" إنّما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه فإن غُمّ عليكم فاقدروا له " . (مسلم)
- قال صلى الله عليه وسلم : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين" . ( مسلم )
- قال صللا الله عليه وسلم : " 
-  " إنّا أمّة أمّيّة لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا - يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين - " ( البخاري )
هذه أبرز الأحاديث التي تناولت مسألة علامات الصوم والفطر، فلاحظوا أنّها ركّزت فقط على الرؤية الحقيقية بالعين، فالألفاظ التي استخدمت فيها: تروا الهلال، تروه، لرؤيته، وكلها تُشير إلى الرؤية البصرية، ولا يوجد فيها أي إشارة لا من قريب ولا من بعيد تدل على جواز استخدام الوسائل العلمية في الرؤية، كما لا يوجد فيها ما يدل على استخدام الحساب الفلكي في معرفة دخول شهر رمضان وشهر شوال.
بل إنّ حديث " إنّا أمّة أمّيّة لا نكتب ولا نحسب " تأكيد على عدم استخدام الحساب الفلكي في هذا الموضوع والاكتفاء فقط بالرؤية البصرية.
فمن أين يأتي الشيوخ ومن يُسمون بالعلماء المتطورين بموضوع الحسابات الفلكية؟ فالأحاديث لا يوجد فيها أي دليل يدل على اقحام الفلك بالموضوع، بل هي أصلاً تمنع استخدامه وذلك من خلال التأكيد على فكرة " إنّا أمّة أمّيّة لا نكتب ولا نحسب ".
وكل العلماء المُعتبرين، وأصحاب المذاهب الأربعة لم يأتوا على ذكر الحساب الفلكي في شرحهم للأحاديث وفي استنباطهم الأحكام منها، فحشر علم الفلك بالرؤية هو أمرٌ مُحدثٌ مُبتدع ٌ لا أصل له.
ثمّ إنّ أهم ما في هذه الأحاديث هو خطاب الوضع، وهو الذي يجعل الخطاب التكليفي في وضع مُعيّن، وبالذات في وضع السبب، فالله سبحانه جعل الرؤية سبباً في إثبات الحكم، أي في وجوده، أي جعلها علامة عليه، أو مُعرّفاً له، فإذا عدم السبب عدم الحكم واذا وجد السبب وجد الحكم، ومعنى ذلك أنّ وجود الرؤية تدل على وجود الحكم وانعدامها يدل على انعدام الحكم.
فلو شرح شيوخ السلاطين للناس مفهوم الرؤية بهذه الطريقة البسيطة لقطعوا الطريق على المُشوّشين، وعلى الذين يخلطون الأحكام بعلم الفلك والحسابات غير المطلوبة.
فالرسول صلى الله عليه وسلم سهّل لنا الموضوع، وبسّطه، ورفع عنّا مشقة التعمق بعلوم الفلك والفيزياء، وطلب منّا فقط الرؤية، وجعلها وحدها المُعرّف لوجود الحكم، لكنّ هؤلاء يأبون إلا أن يُعقّدوا لنا ديننا، ويشقّوا علينا أحكام الشرع علينا مع أنّها بسيطة وسهلة وواضحة.
لقد تحوّل الكثير من المفتين في وزارات الأوقاف في بلاد المسلمين إلى علماء فلك، أو إلى شركاء لعلماء الفلك، فصاروا يستدلون بنتائج مراصد الفلك أكثر ممّا يستدلون بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهناك شيوخ آخرون عقّدوا الموضوع أكثر وطالبوا بدرج الموضوع ضمن دائرة القضاء، فهذا شيخ سلفي يريد مجلس افتاء وقاضي شرعي وكأنّ المسألة مسألة خصومة واجتهاد، ولا يكلّف نفسه عناء قراءة شرح الأحاديث وبيانها للناس، وبيان مفهوم السبب وخطاب الوضع منها.
وهذا شيخ آخر لا يثق بالشهود من الأقطار الاسلامية البعيدة تنطعاً ومن دون سبب وجيه، ويدّعي أنّ كل شعب مُضطر للأخذ بدار الفتوى في بلده حتى ولو أنّه لا يثق بحكومة بلده.
فانظروا إلى هذا المنطق الأعوج، يدَعون الأخذ بالشهود المسلمين العدول، ويأخذون بدار الفتوى التابعة للحكام الجواسيس.
وامّا أنصاف المُثقفين والمُتفيهقين فيدلون بدلوهم الفارغ ويقولون بأنّهم لا يرضون بأنْ يُسلّموا عقولهم إلا لأهل العلم والاختصاص، ظانّين – جهلاً وحمقاً – أنّ علماء الفلك هم الذين يحسمون مثل هذه المسائل، علماً بأنّ هؤلاء الفلكيين غالباً ما يُصدرون أحكاماً تتصادم مع الرؤية الصريحة والواضحة، وفي دراسة سعودية شاملة لستين عاما على رصد الأهلة أكّدت أنّ حوالي ثلثي حالات الرصد الفلكي كانت تقول باستحالة الرؤية بينما الشهود يرون بأمّ أعينهم الأهلة، فيؤخذ برؤية الشهود ويُهمل الفلك.
فأي علمٍ وأي فلكٍ هذا الذي ينفي ما هو مُشاهد عياناً؟ فبئس هذا العلم وبئست تلك المعرفة.
ثمّ ما قيمة أنْ نثق بنتائج المراصد الفلكية ونترك أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإنْ فعلنا ذلك نكون قد تركنا أحاديث نبيّنا وأخذنا بظنون الفلكيين المضطربة.
على أنّ هؤلاء المُتشدّقين بالفلك هم في الواقع جبناء لا يأخذون إلا برأي حكوماتهم الباطلة، فما تقوله مجالس افتاءات حكوماتهم ووزارات أوقافهم يلتزمون بها من دون اي اعتراض، فهم جبناء جهلاء لا يخرجون عن سياط جلاديهم وبساطيرحكامهم .
إنّ أمثال هؤلاء الشيوخ وهؤلاء المُهرطقون من أذناب الحكام العملاء لم يأخذوا بالأحكام الشرعية، ولم يأخذوا بما يسمّونه علماً، فهم استسلموا لتعليمات حكوماتهم الساقطة التي تُصدر أحكاماً متناقضة تختلف مع بعضها البعض، لا لشيء إلا لإضعاف هيبة رمضان الكريم، ولمنع توحيد المسلمين حتى في العبادات.
احمد الخطواني 04 – 05 - 2022

السبت، 16 أبريل 2022

السعودية تتنصل من ارثها الوهابي

السعودية تتنصل من إرثها الوهابي
 
تقوم السعودية بالتنصّل من إرثها الوهابي بخطوات مُمنهجة ومُتسارعة كان آخرها إعلان الملك سلمان عن يوم 22 شباط – فبراير – من كل سنة يوماً لتأسيس الدولة السعودية، واعتباره إجازة رسمية تحتفل الدولة فيه بذكرى تأسيسها سنوياً، وذلك باعتبار انّ محمد بن سعود قد أعلن عن تأسيس الدولة السعودية بتاريخ 22 – 02 – 1727 ميلادي.
وكانت السعودية في السابق لا تعتبر هذا التاريخ هو تاريخ التأسيس، بل كانت تعتبر تاريخ تأسيسها الحقيقي يعود إلى العام 1745 وليس إلى العام 1727، ففي العام 1745  تمّ الاتفاق التاريخي بين الأمير محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب على تأسيس الدولة، والفرق بين التاريخ الاول والثاني ثمانية عشر عاماً.
ففي العام 1727 كانت إمارة آل سعود صغيرة وضعيفة وغير قادرة على البقاء، وظلّت كذلك إلى أنْ  انضم محمد عبد الوهاب إلى محمد بن سعود في العام 1745 فأعطاها الزخم، وتوسّعت الدولة، وتمدّدت وترسّخت، وتمّ إرساء قواعدها المبنيّة على أساس المذهب الوهابي، فنالت بذلك ثقة المُستعمر الانجليزي الذي دعمها بقوة ضدّ الخلافة الاسلامية العثمانية، ووضع كل ثقله خلفها لتكون هذه الدولة السعودية الوليدة – فيما بعد – هي قاعدة السياسة البريطانية في المنطقة، ولتتحوّل إلى خنجر مسموم تستخدمه بريطانيا لتطعن به قلب الأمّة الاسلامية، ولتقود أكبر عملية انفصالية عن الدولة العثمانية.
هكذا إذاً تمّت ولادة الدولة السعودية الاولى وذلك بتقاسم السلطة بين الأمير والشيخ، فالحكم والسياسة والحرب للأمير، والدين والفتوى والعبادة للشيخ، فالأول ولي الأمر والثاني يمنحه الشرعية والطاعة الواجبة مُقابل احتكار المنصب الديني، وبذلك أصبح أبناء آل سعود هم الحكام، وأصبح أبناء آل الشيخ هم المشرعنون، وتأسّست الدولة على هذا الأساس، واستمرت كذلك لأكثر من قرنين من الزمان، وامتدت على هذا المنوال حتى هذه الأيام.
لكنّ السعودية اليوم بدأت تتجاهل هذا الاتفاق وتتنصل منه، وأصبحت تُغيّر الاسس التي بُنيت عليها الدولة منذ اكثر من مائتي سنة، فتتجاهل الاتفاق التاريخي بين ابن سعود وابن عبد الوهاب، وأصبحت تفصل الصفة الوهابية عن الدولة، وتُقدّم نفسها على أنّها دولة علمانية بستار وذريعة الدولة المدنية، وهذا هو السبب الراجح في اختيار تاريخ 1727 كذكرى تأسيس، والتخلي عن تاريخ 1745 والذي هو الذكرى الحقيقية له.
 يقول تركي الحمد أحد أبواق النظام:" إنّ تحديد يوم 22 شباط من كل عام لذكرى تأسيس الدولة باسم يوم التأسيس بدلاً من يوم الاتفاق التاريخي بين الأمير والشيخ إنّما هو للتأكيد على مدنية الدولة في جذورها الأولى، إذ قد جاء الشيخ إلى الدرعية مستنصرا وليس داعما أو مؤسّساً" ، وهذا الكلام الذي يتفوه به أبواق النظام فيه تزوير واضح للتاريخ لأنّ ابن عبد الوهاب لم يكن مستنصرا بل كان مؤسّساً وشريكاً لابن سعود.
ويُشبّه تركي الحمد الحركة الوهابية بالحركة المسيحية التاريخية فيقول: " كانت حركة عبد الوهاب التطّهرية الوهّابية أيديولوجية دينية ساعدت الدولة السعودية الاولى في التوسع بلا شك، وبعد ذلك انتهت مُهمّتها التاريخية مثل ما انتهت التطّهريّة المسيحية في بريطانيا وأمريكا حين التأسيس، واليوم انتهت هذه الضرورة وأصبحت جزءاً من التاريخ".
وكلام تركي الحمد هذا يدل بشكل قاطع على تنكر السعودية لدور ابن عبد الوهاب في تأسيس الدولة، ويدل على تعمّد  تحجيم دور الوهابية في بناء الدولة، ويدل كذلك على مُحاولة تفكيك الإرث التاريخي الذي يجمع بين مملكة آل سعود وبين الوهابية.
ومن الخطوات المُتسارعة الاخرى التي تخطوها السعودية في هذا الاتجاه التحضير لتغيير العلم السعودي وإزالة عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله من صفحته، والاستبدال بها عبارة المملكة العربية السعودية، إلا أنّ حكام السعودية عندما وجدوا استنكاراً شعبياً كبيراً ضد هذه الخطوة التي طرحها ما يُسمّى بمجلس الشورى السعودي، تراجعوا مؤقتاً عنها، وتراجعت حكومتهم عن هذه الخطوة مؤقتاً ريثما تتهيّأ الأجواء.
إنّ هذه المناسبات السعودية المخترعة مثل يوم التأسيس الذي شُرع حديثاً، واليوم الوطني الذي شُرّع من قبل، تُساهم في فضح الدور السعودي المُتآمر على الأمّة، ويكشف مدى عداء السعودية للاسلام، ويُشعل في نفوس أبناء نجد والحجاز الثورة ضد حكام آل سعود الذين تورّطوا حتى النخاع في الخيانة.

الغزو الروسي لاوكرانيا وموقف أمريكا منه

الغزو الروسي لأوكرانيا وموقف أمريكا 


ترى القيادة الروسية أنّ الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا هو ضرورة جيوسياسية مُلحّة لم تستطع روسيا تحقيقها بالوسائل السلمية والدبلوماسية، لذلك اضطرت إلى اللجوء للخيار العسكري لتأمين احتياجاتها الأمنية التي تعرضّت للتخلخل من جهة أوكرانيا.

ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع في أوكرانيا بأنّه بات يُشكّل تهديداً وجودياً على روسيا نفسها، وأنّه لا بُدّ من اتخاذ إجراء الحياة أو الموت للحفاظ على مصالح روسيا الحيوية في المنطقة، ووصفت وسائل الإعلام الروسية حكام أوكرانيا الحاليين بأنهم من الموالين لأمريكا والغرب، وبأنهم نازيون جدد يسعون لامتلاك الأسلحة النووية، ويُريدون نشر الصواريخ الأمريكية الباليستية في أوكرانيا، وتهديد الأراضي الروسية والمدن الروسية ومنها موسكو، واعتبر بوتين أن روسيا إن لم تَغزُ أوكرانيا الآن فإنها ستُدَمّر في المستقبل، وأنّ عبث أوكرانيا بأمن روسيا هو خط أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه.

إنّ أوكرانيا في الواقع هي لصيقة بروسيا جغرافياً وديموغرافياً، وهي حاجز فاصل بين روسيا والدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو، وإنّ سقوط أوكرانيا بيد الحلف معناه سقوط آخر خط دفاع روسي ضد أمريكا والغرب، فأوكرانيا تختلف عن غيرها من الجمهوريات السوفيتية السابقة كجورجيا وأوزبيكستان مثلا، لأنّ الأخيرتين لا تقعان على خطوط التماس مع الغرب، فلا خطورة من قِبَلهما على روسيا كما هو الحال بالنسبة لأوكرانيا، لذلك اتخذت روسيا إجراءً حاسماً ورادعاً مع أوكرانيا مُختلفاً تماماً عمّا فعلته في مناطق أخرى، ولم تأبه روسيا للعقوبات الغربية، لأنّها تعتبر أنّ خسارتها لأوكرانيا أكبر بكثير من خسائرها نتيجة العقوبات.

أمّا أمريكا فتُدرك أهمية أوكرانيا بالنسبة لروسيا، لذلك فهي تضغط على روسيا من خلال استخدام هذه الورقة الأوكرانية، وهي تحاول أخذها منها من خلال حكامها الموالين لها، ولا مانع لدى أمريكا لو تقاسمتها مع روسيا، فتأخذ روسيا المقاطعات الشرقية من أوكرانيا وتأخذ أمريكا الباقي.

أمّا الكلام عن أنّ روسيا تُريد تغيير موازين القوى العالمية وفرض نظام دولي جديد لصالحها، وإزاحة أمريكا عن زعامة العالم، وأنّ غزوها لأوكرانيا سيتسبّب باندلاع حرب عالمية ثالثة، وأنّ الصين ستدخل الحرب لاحتلال تايوان مستغلة الأزمة الأوكرانية، فكل ذلك تخمينات وأخاليط سياسية لا قيمة لها، ولا أساس لها من الصحة، فروسيا تُدرك حجمها وقوتها، ولا تُطالب بأكثر من تأمين مصالحها الحيوية في الدول الملاصقة لها، وهي تعلم أنّ أمريكا تغض الطرف عن غزوها لأوكرانيا، وما تقوله وسائل الإعلام الروسية والعربية المؤيدة لروسيا والتي تُضخّم من قوة روسيا فهو لا يزيد عن كونه تهويلاً إعلامياً وجعجعة كلامية.

وبالرغم من دخول القوات الروسية بزخم كبير للأراضي الأوكرانية لكنّها حتى الآن لم تحقّق نتائج تُذكر على الأرض، بل ومُنيت بخسائر فادحة، وأمّا ما تُشيعه وسائل الإعلام من كلام عن استسلام أوكرانيا وهزيمتها، ومنح أمريكا وبريطانيا حق اللجوء السياسي للرئيس الأوكراني فهذا يدخل ضمن باب خداع روسيا لتشجيعها في الدخول أكثر في المستنقع الأوكراني.

وأمّا العقوبات المالية والاقتصادية ضد روسيا فهي عقوبات خفيفة أو مُتوسّطة يمكن تحمّلها، وأمّا العقوبات الثقيلة التي تقصم الظهر فامتنعت أمريكا عن إيقاعها ضد روسيا، لأنّها لا تُريد إيذاءها كثيراً، لأنّ لأمريكا مصلحة في إبقاء روسيا لاعبا دوليا مُهمّا تستخدمها ضد أوروبا والصين، وتستخدمها في الشرق الأوسط وأفريقيا ضد خصومها من الأوروبيين والصينيين، فالعقوبات القاسية جدا مثل عقوبة طرد روسيا من نظام سويفت المالي العالمي فلا توقعها عليها، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس 24/02/2022: "إن حظر روسيا من نظام سويفت ليس مطروحاً على الطاولة في الوقت الحالي وإنه يفضل عقوبات أخرى".

والذي يدعو لإيقاعها هي بريطانيا وليس أمريكا، فبريطانيا هي التي تدعو لوقف عمل نظام سويفت في روسيا، وتؤيدها فقط دول البلطيق الثلاث؛ إستونيا وليتوانيا ولاتفيا، أمّا ألمانيا فتعارض بشدة حظر روسيا من النظام، بينما تقول فرنسا وهولندا إن خيار حظر روسيا من سويفت سيتم اللجوء إليه فقط في حالة الضرورة القصوى.

ومعلوم أنّ نظام سويفت هو شريان مالي عالمي يسمح بانتقال سلس وسريع للمال عبر الحدود وهو جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، ويربط هذا النظام 11 ألف بنك ومؤسسة في أكثر من 200 دولة، ويرسل أكثر من 40 مليون رسالة يومية، ويتم عبره تداول تريليونات الدولارات بين الشركات والحكومات، ويساعد هذا النظام في جعل التجارة الدولية الآمنة ممكنة وسلسة لأعضائها.

وسيؤدي حظر روسيا من التعامل عبر نظام سويفت لو حصل إلى التأثير على شبكة البنوك الروسية وقدرة روسيا على الوصول للمال، وستفقد الشركات الروسية في حال حظرها إمكانية الدخول إلى المعاملات السلسة واللحظية التي يوفرها نظام سويفت، وستتأثر المدفوعات الخاصة بمنتجات روسيا المهمة في قطاع الطاقة والزراعة سلبيا بدرجة كبيرة للغاية، وهو ما من شأنه أنْ يضر أيضاً بالشركات الأوروبية التي تزود روسيا بالسلع وتشتري منها، ولا سيما الشركات الألمانية، فروسيا تُعتبر المزوّد الرئيسي للنفط والغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي، ولن يكون العثور على إمدادات بديلة أمراً سهلاً.

إنّ نوعية العقوبات التي تفرضها أمريكا على روسيا لا ترهقها، وتهدف أمريكا إلى جعل روسيا تغرق في أوحال أوكرانيا لكي تبقى محتاجة لها على الدوام، ولكي تستخدمها في إبقاء أوروبا جزءا من المظلة الأمنية الأمريكية.

أمّا ما هو المتوقع من هذه الحرب فإنّه تقسيم أوكرانيا لمنطقتين مُتعاديتين إحداهما في الشرق موالية لروسيا والثانية في الغرب موالية لأمريكا، ويكرّس هذا العداء الذي ينشب بين الطرفين نار الحقد والحسد والبغضاء بينهما أمدا بعيدا.

 احمد الخطواني

سرطان التطبيع نتاج طبيعي لاتفاقيات السلام الخيانية

جريدة الراية: سرطان التطبيع نتاج طبيعي
لاتفاقيات السلام الخيانية
 
 
يجري التطبيع في هذه الأيام بين الدول العربية وكيان يهود بخطوات سريعة وقفزات واسعة بلغت من الخيانة والوقاحة ما لم يكن يخطر على بال أي حاكم خائن من قبل، فهذا محمد بن سلمان يقول لوكالة الأنباء السعودية الرسمية: "إننا لا ننظر إلى (إسرائيل) كعدو، بل ننظر إليها كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها"، وهذا وزير خارجيته يقول: "إنّ اندماج (إسرائيل) في المنطقة سيكون مفيداً"، وأمّا وزير خارجية البحرين عبد الله بن خليفة فقد بلغت به السفاهة أن يقول: "الموساد موجود في البحرين وحاضر في المنطقة لتوفير مزيد من الأمن والاستقرار والحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء"، ويقول الرئيس السوداني بإسفاف يصل حد التندر بأنّ: "العلاقات الأمنية مع كيان يهود قد ساهمت في كشف مجموعات إرهابية"، وأمّا تركيا التي نددت في البداية باتفاقيات التطبيع بين الدول العربية وكيان يهود فإنّها اليوم عادت وطبعت علاقاتها مع المطبعين ومع كيان يهود فزار رئيسها أردوغان الإمارات (أمّ المُطبّعين) لقاء دفع الإمارات لتركيا عشرة مليارات دولار، وقال بعد عودته بأنّ "المحادثات كانت مثمرة للغاية بين تركيا والإمارات، وأنها فتحت آفاقا جديدة وبزخمٍ قوي، وأننا مُصممون على مواصلة الجهود من أجل مصالحنا المشتركة"، فكلام الليل عند أردوغان يمسحه النهار.
وقامت الحكومة التركية بتحضيرات محمومة لاستقبال رئيس كيان يهود إسحاق هيرتسوغ، الذي زار تركيا مطلع هذا الشهر آذار/مارس ومن هذه التحضيرات:
1- إرسال إبراهيم كالين كبير مستشاري أردوغان وسادات أونال مساعد وزير الخارجية التركي لمدة يومين لكيان يهود تمهيداً للزيارة.
2- ضبط خلية إيرانية في تركيا كانت تستهدف مصالح وشخصيات لكيان يهود ومن بينها اغتيال رجل أعمال رداً على اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زاده.
3- تعاون الموساد مع السلطات التركية في إحباط 12 مخططا لشن هجمات ضد مصالح كيان يهود في تركيا.
4- تعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية بين الدولتين.
5- بلغت تركيا قادة حركة حماس بطرد عناصر الجناح المسلح للحركة من أراضيها بعد طلب قدمه لها كيان يهود.
6- أعلنت تركيا بأنها لن تقدم أية مساعدات عسكرية لحماس.
7 - أرسلت تركيا وفداً دبلوماسياً إلى الأراضي الفلسطينية مهمته بحث إمكانية إعادة بناء جسور الثقة بين محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية ونفتالي بينت رئيس حكومة كيان يهود.
وبعد كل هذه الخطوات التركية التطبيعية المفضوحة يطلع علينا مولود جاويش أوغلو وزير خارجيتها زاعماً بأنّ: "تطبيع العلاقات التركية مع (إسرائيل) لن تكون على حساب الفلسطينيين، وأنّه قد يساهم في تعزيز دور تركيا في التوصل لحل الدولتين"!
والحقيقة أنّ هذا التقارب بين الدولتين سببه إدارة بايدن التي أسقطت اتفاقية الطاقة والغاز بين كيان يهود واليونان وقبرص المعروفة باسم (إيست ميد) والتي تمّ توقيعها أيام ترامب لمصالح شخصية، وألغاها بايدن بجرة قلم ووصفها بأنّها غير ذات جدوى.
وهدف أمريكا من إسقاط تلك الاتفاقية إدخال تركيا في نظرتها المستقبلية البديلة عنها، لذلك نجد أنّ كل هذه الأعمال التطبيعية بين الدولتين الهدف منها تعزيز العلاقات بينهما من أجل التوصل إلى اتفاقيات غاز جديدة لشرق المتوسط تكون تركيا مُشاركة فيها.
فهذا التطبيع السرطاني مع كيان يهود الذي تقوم به تركيا والدول الخليجية والمغرب والسودان في الواقع لا يزيد الأمة الإسلامية إلا ضعفاً، بل هو يُمزّق شملها، ويقتطع من أراضيها، ويقوي شوكة دولة يهود فيها، ويجعلها - وهي الجسم الغريب المنبوذ في المنطقة - جزءاً طبيعياً مقبولاً وقوياً بين ظهرانيها، بالإضافة إلى كونه يُضاعف المصالح الأمريكية والأوروبية في بلاد المسلمين، ويزيد من نفوذ الكفار بكل أشكاله الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية فيها.
وما كان هذا التطبيع السرطاني ليحدث لولا إبرام اتفاقيات (السلام الخيانية) التي جعلت الدول الموقعة عليها تعترف بكيان يهود، وبحقه بالوجود في فلسطين قلب المنطقة العربية والإسلامية.
فالاعتراف بكيان يهود والصلح معه هو أصل الداء وأس البلاء، ولولاه لما وجد التطبيع ولا المطبعون، فالتطبيع كحالة هو بالفعل نتاج طبيعي لتلك الاتفاقيات الخيانية.
وعلى الشعوب رفض اتفاقيات الصلح مع كيان يهود وليس فقط رفض التطبيع معه، لأنّ اتفاقيات الصلح هي الأصل الفاسد الذي انبنت عليه أعمال التطبيع السرطانية، وإذا أردنا استئصال تلك الأعمال فعلينا أن نستأصل أصلها أولاً.
ومن هنا كان لا فرق في النظر بين من طبّع وبين من اعترف فكلاهما خيانة، فالعرب في مؤتمر الخرطوم الذي انعقد عام 1967 سايروا شعوبهم نفاقاً وكذباً، ورفعوا الشعارات الثلاثة بوصفها ثوابت سياسية حقيقية في التعامل مع المغتصب، وهي اللاءات الثلاث المشهورة: لا للصلح لا للاعتراف لا للمفاوضات، ثمّ بعد امتصاص غضب الشعوب إثر هزيمة 1967 انقلبوا على هذه الثوابت، وتفاوضوا مع قادة دولة يهود، ووقعوا معها اتفاقيات صلح واعتراف خيانية أنتجت فيما بعد ما نراه من علاقات التطبيع المقيت.
لذلك فعلى الواعين سياسياً أن يُبينوا للناس أنّ جريمة التطبيع ما هي إلا نتاج طبيعي لاتفاقيات الصلح الخيانية، فلا يقبل من أحد رفضه للتطبيع وقبوله بالاعتراف بحجة أنّه قرار دولي، ولا يُقبل تبرير أي مُسوّغ لقبول الاعتراف بحجة رفض التطبيع، فلا فصل بين الاعتراف والتطبيع فكلاهما جريمة، فالرفض يكون للأصل والفرع وليس للفرع دون الأصل.

محمد بن زايد يقود المنطقة نحو الهاوية

احمد الخطواني

محمد بن زايد يقود المنطقة نحو الهاوية
تسود منطقة الشرق الأوسط في هذه الأيام حالة غير طبيعية من الاستقطاب السياسي الحاد، تتقاطع فيها السياسات المتناقضة، وتتقارب فيها ما يسمّونها بتيارات اليسار واليمين، بحيث لم يعد المتابع المتخصص يستطيع تمييزها عن بعضها بعضا، فتظهر الصورة السياسية العامة للمنطقة بسبب ذلك التداخل والتشابك فيها الكثير من الضبابية والتشويش، وينتج عنها تحالفات سياسية غير منسجمة مع نفسها لا يجمعها أي رابط، ولا تضبطها أية قاعدة من قواعد الربط السياسية المعروفة سوى جعل زمام القيادة لشخص رويبضة يتحكم بالآخرين خدمة لمصالح الدول الاستعمارية.
والذي يقف خلف كل هذه التناقضات السياسية والمخرجات السياسية المشوهة والمشبوهة شخص واحد حاقد ومخبول، ألا وهو الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد ربيب بريطانيا وعميلها المخلص.
ينطلق محمد بن زايد هذا في نشاطه السياسي الهدّام من ثلاثة مرتكزات وهي:
1- كراهيته للإسلام، فلا يدع عدواً للمسلمين إلا ويتحالف معه، فهو حبيب الهندوس والبوذيين واليهود والصليبيين، وهو بيدق بيد الكفار، ومعول هدم يستخدمونه في تأسيس ما يُسمّى بالديانة الإبراهيمية الجامعة للأديان بهدف هدم الإسلام من خلالها.
2- كراهيته (للديمقراطية) والانتخابات، فلا يدع ديكتاتوراً في الشرق ولا في الغرب إلا ويدعمه بالمال والإعلام، من مثل سيسي مصر وخليفة حفتر في ليبيا وغيرهما، وهو يعادي الديمقراطية ليس لأنّها نظام كفر، بل لأنّه يخشى السقوط بسببها، وما يترتب عليها من تداول للسلطة.
3- ولاؤه لبريطانيا واسترضاؤه لأمريكا، فهو يسير وفقاً لمخططات أسياده البريطانيين وتعزيز نفوذهم في المنطقة، والتشويش على السياسات الأمريكية بقدر الإمكان، مع استمراره في محاولات استرضاء الإدارات الأمريكية المتعاقبة وذلك بدفع الأثمان الثقيلة لأمريكا لضمان سكوتها عنه.
ولنأخذ حدثين سياسيين وقعا في أسبوع واحد كان محمد بن زايد عرّابهما وهما:
1- زيارة طاغية سوريا بشار الأسد للإمارات في 08/03/2022م واستقبال ابن زايد له استقبالاً مهيباً، أعيد بها تأهيله عربياً بعد أن طرد من الجامعة العربية بسبب جرائمه في سوريا وقتله وتشريده للملايين في العقد الأخير، فلم يجرؤ أي حاكم عربي على القيام بمثل هذه الخطوة الوقحة من دون إجماع عربي.
وغني عن القول إنّ بشار محسوب ظاهرياً على روسيا ومدعوم من إيران، وتؤيده تيارات اليسار لظنها أنّه معادٍ لأمريكا مع أنّه عميل أمريكي عريق، وجنّدت أمريكا إيران وجلبت روسيا لحمايته من السقوط، وتعمل على إفشال الثورة من أجله.
2- عقد قمّة ثلاثية جمعت محمد بن زايد مع كل من رئيس حكومة كيان يهود نفتالي بينيت والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شرم الشيخ في 21/03/2022م.
فابن زايد يتآمر ضد إيران مع كيان يهود في الوقت الذي يستقبل فيه حليف إيران بشار، فقد علم أنّ كيان يهود مستاء جداً من قرب توقيع أمريكا اتفاقاً نووياً مع إيران ورفع العقوبات عنها، ومنح أمريكا إيران صلاحيات واسعة في المنطقة، فدعا إلى قمة شرم الشيخ لدعم كيان يهود ضد إيران، وجرّ معه السيسي الأبله في المؤتمر، وبعث إلى ابن سلمان رسالة مفادها أنّه لا بد للسعودية من التطبيع الفوري مع كيان يهود لأنّ الوقت لا يحتمل الانتظار، وأنّه لا بد من الوقوف ضد إيران وقفة جدية.
فهو يُشكّل مع كيان يهود نواة تشويش للسياسات الأمريكية، ويسعى لعزل إيران، وتأجيل توقيع الاتفاق النووي مستغلاً تورط روسيا في حرب أوكرانيا، والعقوبات المفروضة عليها، ومحاولا استمالة ابن سلمان لتكتله.
وبريطانيا هي التي تدفع ابن زايد للقيام بهذه المناورات السياسية، ومنها التأثير على محمد بن سلمان للابتعاد عن أمريكا التي تتصرف ببرود معه، خاصة وأنّ إدارة بايدن لا تتعامل رسمياً مع ابن سلمان بسبب حادثة خاشقجي، بينما يأتي رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون ويكسر الحظر الأمريكي المفروض على ابن سلمان فيزور السعودية، ويجتمع به علناً، بحجة البحث في توفير كميات نفط إضافية لتعويض النقص الناجم عن الإمدادات الروسية للنفط.
فالدعم البريطاني لتحركات ابن زايد واضحة من خلال تزامن زيارة جونسون للسعودية، ودفع ابن سلمان للابتعاد عن أمريكا، والتنسيق مع ابن زايد لتشكيل ثنائي سياسي فاعل بدعم من كيان يهود.
ولإضعاف الموقف الإيراني يصطف ابن زايد مع بشار ليضعف جبهة إيران سوريا الأمريكية، ويشوش على سياسات أمريكا في توقيت حساس تنشغل فيه أمريكا بقضايا أهم كالمسألة الأوكرانية وتحييد الصين.
وهكذا يبدو ابن زايد وكأنّه زعيم لا غنى عنه في المنطقة، ويؤثّر فيها تأثيراً بالغاً، فيشتري أردوغان بعشرة مليارات دولار، ويشتري السيسي بالمال وبعقد المؤتمر في شرم الشيخ المصرية، ويبعد بشار الأسد عن إيران بالقدر الذي يمكنه من إقامة تكتل مع كيان يهود ضد إيران للتشغيب على الخطط الأمريكية، وبذلك يخلط الأوراق السياسية من خلال قيامه بعملية تجميع المصالح المتباينة للتشويش على السياسات الأمريكية ولو قليلاً، والأهم من ذلك كله فرض نفسه كقائد لا غنى عنه في إدارة دفة السياسات الشرق أوسطية، فتضطر أمريكا للتعامل معه وعدم تجاهله.
لقد وصلنا إلى عهد من الانحطاط السياسي يكون فيه أمثال محمد بن زايد وتميم بن حمد آل ثاني وأضرابهما من الذين لا يحكمون سوى إمارات صغيرة لا يزيد تعداد سكانها عن عدد سكان حي شبرة في القاهرة، فيكونون فيه من أهم قادة الشرق الأوسط، فيصولون ويجولون ويتآمرون، بينما حكام الدول العربية الكبيرة كمصر والسودان والعراق والجزائر والمغرب الذين يحكمون عشرات الملايين من البشر باتوا لا وزن لهم ولا نكاد نسمع لهم همساً!

أمريكا وبريطانيا تجهزان لحرب طويلة في أوكرانيا

أمريكا وبريطانيا تُجهّزان لحرب طويلة في أوكرانيا
 
 
 
الخبر:
 
أعلنت الحكومة البريطانية أنّ رئيس وزرائها بوريس جونسون بحث مع الرئيس الأمريكي جو بايدن الحاجة لتسريع المساعدات العسكرية والاقتصادية إلى أوكرانيا.
 
واستضافت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أكبر ثماني شركات دفاعية رائدة في الولايات المتحدة لبحث تلبية احتياجات أوكرانيا من الأسلحة والذخيرة على المدى القصير والطويل، وسترعى نائبة وزير الدفاع كاثلين هيكس الاجتماع مع مُمثلي عمالقة شركات الأسلحة مثل رايثيون ولوكهيد مارتن وبوينغ وونورثروب غرومان، وسيتباحث المُتفاوضون في تلبية تلك الاحتياجات، وتنسيق العمل مع الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح والذخيرة من مخزوناتها الخاصة.
 
التعليق:
 
إنّ هذه المُباحثات والاجتماعات المُنسقة تكشف حقيقة نوايا أمريكا وبريطانيا في إطالة زمن الحرب في أوكرانيا، وما فشل المُفاوضات بين روسيا وأوكرانيا على وقف الحرب إلا بسبب رغبة الأمريكان والإنجليز في إطالة أمد الحرب لأطول مدة زمنية يتم فيها استنزاف روسيا وإضعافها، وإشغالها في أوكرانيا وفي جوارها، من أجل إبعادها عن القضايا الدولية، وتخفيض مكانتها كدولة كبرى رئيسية في العالم، والتفرغ للصين لاحتوائها.
 
كما تهدف هذه الحرب إلى إضعاف الاتحاد الأوروبي وبالذات فرنسا وألمانيا وجعل أوروبا مربوطة بشكل دائم ووثيق بأمريكا عسكرياً وسياسياً.
 
ولعلّ تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي تحدّث فيها عن تراجع القيادة الأوكرانية عن توافقات إسطنبول لتدل على استمرار الحرب.
 
وإنّ قيام رئيس وزراء بريطانيا بزيارة للعاصمة الأوكرانية كييف، وعرضه على الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أسلحة جديدة ومنها صواريخ مُضادة للسفن تصب في الهدف نفسه.
 
والأمر ليس غريباً على أمريكا وبريطانيا توجيه دفة الحرب في أوكرانيا لخدمة مصالحهما، فهما مُتخصّصتان في إشعال فتيل الحروب، وفي الزجّ بالشعوب في أتونها لتحقيق أهداف سياسية عديدة ومنها استمرار تحكمهما في الموقف الدولي وإيجاد أسواق جديدة لمبيعات السلاح.

الأحد، 13 فبراير 2022

علماء الحرفة وحمل الدعوة

جريدة الراية: علماء الحرفة وحمل الدعوة

 

 

يمتاز العلماء المُتخصّصون بأداء أدوار عظيمة في خدمة الأمّة، سواء أكان هؤلاء العلماء فقهاء أو مفسرين أو أهل حديث أو أهل لغة أو مؤرخين أو غير ذلك، فالله سبحانه قد ميّزهم بقوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ فيبيّنون أحكام الإسلام التي يحتاج إليها الناس، وينفون عنه تأويل المُبطلين، ويتصدّون للمستشرقين فيسردون حوادث التاريخ، ويُحلّلون وقائعه من منظار إسلامي صحيح.

 

والمقصود بالعلماء هنا هم علماء الحرفة المُختصون المؤهلون لا عُلماء السلاطين المأجورين، ولا علماء الأهواء المنحرفين.

 

وبالرغم من عظم دور العلماء وأهميته إلا أنّ دور حملة الدعوة أعظم وأهم، فحمل الدعوة واجب عيني دائم لا ينقطع، وهو يشمل جميع المكلفين سواء أكانوا علماء أم عامّة، قال تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ أي ولأنذر من بلغه، فالإنذار لكم أيّها الناس ولمن تقومون بتبليغه إيّاه، أي هو دعوة لهم أنْ يبلغوه عن الرسول ﷺ الذي قال: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ»، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ أي إلى الإسلام، وقوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ أي إلى دينه، فحمل الدعوة واجب يتعلق بالأفراد والجماعات والأحزاب والدولة التي تقوم بواجبها في حمل الدعوة عن طريق الجهاد لقوله عليه الصلاة والسلام: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، فحمل الدعوة عمل عظيم لا ينقطع، يغفل عنه كثيرون، وبه تحيا الأمّة بالإسلام، ومن خلاله تنهض.

 

والصحابة الذين حملوا الإسلام وطبّقوه لم يكونوا في جملتهم من العلماء، بل كان جلهم من حملة الدعوة، فالموضوع ليس متعلقاً بالعلماء المتخصصين أو ما يسمى بعلماء الحرفة، بل هو متعلق بحملة الدعوة، سواء أكانوا علماء أو غير ذلك، ونهضة الأمّة لا تتوقف على وجود العلماء أو العسكريين أو الإداريين، بل تتوقف على حملة الدعوة المُتكتلين الذين تحتضنهم الأمة.

 

فاستئناف الحياة الإسلامية والحكم بما أنزل الله والجهاد في سبيل الله أعمال تحتاج إلى حملة الدعوة قبل وأثناء وبعد الاحتياج إلى العلماء المُتخصّصين، أو المُقاتلين المُدرّبين، أو الإداريين من ذوي الكفايات العالية.

 

إنّ حملة الدعوة هم سياسيون جادون يتبعون قيادةً مخلصة واعية يعملون في الأمة ومعها، ويحملون همّها وحاضرها ومُستقبلها، ويعملون على رعاية كل شؤونها بمبدأ الإسلام العظيم بشموليته وربانيته، وبوصفه عقيدةً ونظام حياة، وفكرةً وطريقة، ولا يتمّ ذلك إلا بإقامة دولة الإسلام دولة الخلافة.

 

فالعبرة تكون بحمل دعوة الإسلام والتلبس بها سواء أكانوا من العلماء أم من غيرهم، أمّا العلماء فإن كانوا من حملة الدعوة فلا يُخشى عليهم من الانزلاق والزلل، فيستطيعون تمييز الأمور، والإصابة فيها، وأمّا إنْ لم يكونوا من حملة الدعوة، ولا مُتلبسين بها، فربما يكونون عرضة للزلل والوقوع بالأخطاء الفادحة، وإطلاق الأحكام المجانبة للصواب، ولنأخذ مثالاً واحداً يوضح هذه الفكرة ويتعلق بعالم تاريخ معاصر هو راغب السرجاني في تفسيره للواقعة التاريخية المتعلقة بالصدام السياسي والعسكري بين الدولة العثمانية والدولة المملوكية، وهزيمة الأخيرة وسقوطها، فيصف السرجاني الدولة العثمانية بأنها المعتدية، وأنّ حربها على المماليك كانت انحرافاً كبيراً، فيقول: كان على العثمانيين بقيادة السلطان سليم الأول في ذلك الوقت أنْ يختاروا واحداً من أربعة اختيارات، الأول: حسم مسألة الدولة الصفوية، والثاني: الاستعداد لمواجهة القوى الكبرى التي برزت في غرب أوروبا كإسبانيا والبرتغال والنمسا، والثالث: ردع فرسان القديس يوحنّا، والرابع: الاهتمام بالأوضاع الداخلية للدولة، ويُضيف: "كان من المُتوقّع لسليم الأول أنْ يختار واحداً من هذه الاختيارات أو بعضها، ولكنّه أعرض عنها كلها واختار دون مُبرّر عقلي أو شرعي أنْ يجتاح دولة المماليك المُسلمة ليضمّها إلى أملاكه. إنّ هذا انحرافٌ كبير وشنيع في فكر الدولة العثمانية... وتخبّطٌ في الرؤية، فهو يُريد زعامة ومكانة بالسيطرة على مكة والمدينة والقدس، ولو على أشلاء المسلمين من الطرفين".

إنّ عدم تلبس راغب السرجاني بحمل الدعوة، وعدم إدراكه لمفهوم وحدة الأمة حول قيادة واحدة وخليفة واحد، وتأثّره بمفهوم الدولة القومية جعله ينحاز في تفسيره للتاريخ بعيداً عن الصواب واتباعاً للهوى، والرد الصحيح على كلامه من مُنطلق الفكر الإسلامي الصحيح، ومن زاوية حمل الدعوة وإيصال الإسلام إلى الحكم، ووضعه موضع التطبيق والتنفيذ يُمكن بلورته في النقاط التالية:

 

1- إنّ ما قام به سليمان الأول من توحيد مصر وبلاد الشام والأناضول وتراقيا في دولةٍ واحدة هو عمل عظيم واختيار أهم من الاختيارات الأربعة التي ذكرها السرجاني، لأنّه أمر يتعلق بوجوب وحدة المسلمين في كيان واحد قوي وليس إبقاءهم في كيانات ضعيفة متفرقة.

 

2- إنّ تحوّل هذه البلاد الإسلامية الواسعة إلى دولة خلافة واحدة، ونقل الخليفة العباسي الشكلي من القاهرة إلى إسطنبول، ومبايعته لسليم الأول بوصفه خليفة المسلمين هو عمل شرعي عظيم، أعاد به عصر الخلافة الحقيقية الذي كان يحكم الخليفة فيه بنفسه بعد أنْ كان مُجرد ألعوبة بيد المماليك.

 

3- أمّا الاختيارات التي ذكرها السرجاني وقال بأنّ سليم الأول لم يخترها فهذا غير صحيح، لأنّه ثبت أنّ سليم الأول قد هزم الدولة الصفوية واحتل عاصمتها، وهذا ما لم تفعله دولة المماليك، وقد غزا المناطق الشرقية لأوروبا، ومهّد الطريق لابنه سليمان لغزو وسط أوروبا ومحاصرة فينّا عاصمة النمسا، وواجه هو وابنه من بعده الأساطيل الإسبانية والبرتغالية، وهذا أيضاً لم يفعله المماليك، وحارب القراصنة الصليبيين هو وابنه من بعده، ونظّفوا البحر المتوسط من سيطرتهم، ولا أدل على ذلك من غزوات برباروسا البحرية المشهورة للجزر والموانئ التابعة للدول الأوروبية، وهذا أيضاً لم يفعله المماليك، وأمّا الاختيار الرابع فإنّ سليم قد قام بضبط أعمال الدولة وإيجاد الاستقرار فيها بقدر الإمكان، ومهّد لابنه سليمان القانوني الذي قام بأعظم الإصلاحات في الدولة العثمانية، وسمّي بالقانوني لأنّه أكثر من سن القوانين الشرعية لإصلاح الدولة، وهذا ما لم يفعله المماليك.

 

فلماذا إذاً هذا التحامل غير اللائق على رجل عظيم كسليم الأول قام بأعمال عظيمة في توحيد المسلمين وحماية بيضتهم، ولماذا وصَفَ أعماله بالانحراف الشنيع والتخبط في الرؤية، وأنه يريد الزعامة والمكانة ولو على أشلاء المسلمين؟!

 

إنّ كلام السرجاني هذا واتهاماته الباطلة لسليم الأول بهذه الألفاظ لا يدل على موضوعية في تفسير التاريخ، بل يدل على تحامل وحقد بدوافع أشبه ما تكون بدوافع المستشرقين.

ما كان السرجاني وهو الباحث العميق المتخصص بالتاريخ أنْ يقع في مثل هذه الزلات الخطيرة لو كان حاملاً للدعوة، لأنّ حمل الدعوة يضبط علم العالم، ويحرسه من السقوط في مستنقع الأهواء.