الخميس، 23 أبريل 2015

وجود الوعي السياسي في الأمة يحميها من السقوط




وجود الوعي السياسي في الأمة يحميها من السقوط





لمّا كان الوعي السياسي هو النظرة إلى العالم من زاوية خاصة، كان وجوده عند الأمة يعني وجود أعظم سلاح تُحافظ به على نفسها من السقوط، لأنّ هذا الوعي يشتمل على أمرين في غاية الأهمية، وهما عالمية النظرة والزاوية الخاصة، أمّا بالنسبة إلى النظرة إلى العالم فتشمل كل الأعداء المفترضين، سواء أكانوا موجودين في  الإقليم كدولة يهود في منطقة الشرق الأوسط، أو كانوا دوليين كأمريكا وسائر الدول العظمى الاستعمارية والطامعة، أو كانوا أنظمة محلية عميلة للقوى الكبرى، فشمول هذه النظرة لكل القوى المتحركة في العالم يُكسب الأمّة معرفة ضرورية يُعينها ليس فقط في الدفاع عن نفسها وحسب، وإنّما يُعينها أيضاً في التمدد والتوسع  والانتشار في جميع أرجاء العالم، وهو ما يجعلها أمّة فاعلةٌ ومؤثرةٌ في السياسة الدولية والاقليمية والمحلية، إضافة إلى جعلها أمّة مُهابة الجانب ولها وزن وحضور دولي محترم.
 لذلك كانت النظرة المحلية أو الإقليمية من دون الناحية الدولية نظرة قاصرة لا توجِد الوعي السياسي الشامل، وكانت المجتمعات تتعرض بسببها إلى الوقوع في شباك التبعية كما هو حال البلدان الاسلامية في الوقت الراهن، وقد توصلها هذه النظرة القاصرة إلى التلاشي بعد تمزيقها وإزالتها من الوجود كما حصل مع الدولة العثمانية، لذلك كانت النظرة المحلية والاقليمية بالفعل تتسم بالتفاهة والسطحية.
هذا بالنسبة للشق الأول من الوعي السياسي وهو النظرة إلى العالم، أمّا بالنسبة للشق الثاني وهو ان تكون النظرة من زاوية خاصة فأهميتها تكمن في كونها تجعل من العقيدة الاسلامية قاعدة سياسية صلبة لا يغفل عنها المسلم في اكتسابه للمعلومات السياسية في أية لحظة، وبفضلها يتم إيجاد ثقافة سياسية متميزة تحمي صاحبها من السقوط في مصائد الحكام والعملاء وأسيادهم من الدول الكافرة المستعمرة.
والزاوية الخاصة وان كانت ثابتة في عموميتها باعتبارها حملاً للدعوة الاسلامية ونشراً لها في العالم، إلاّ أنّها خصوصية في نظرة الدولة الاسلامية إلى الأحداث والوقائع والأعمال السياسية على الأرض، فالرسول صلى الله عليه وسلم كانت زاوية العمل التي اعتمدها بُعيد قيام دولته في المدينة حصر جميع الاعمال السياسية والعسكرية العدائية بقريش، ولكن بعد اطّلاعه على معلومات تُشير إلى احتمال انضمام يهود خيبر إلى تحالف مع قريش، غيّر استراتيجيته الأولى واعتمد استراتيجية جديدة تقوم على اساس مهادنة قريش، لسحق خيبر وكسر الحلف الذي قد يتكون بينهما، وذلك لضمان تفوق القوة الاسلامية ولعدم تعرضها لخطر وجودي.
وهذا التغيير في الرؤية السياسية لزاوية العمل في الزاوية الخاصة يحدث بسبب المعلومات السياسية المتدفقة باستمرار للقيادة السياسية عن المحيط الذي يحيط بدولة الاسلام، وهذا التدفق المعلوماتي المستمر للأخبار يقتضي وجود اتصال دائمي للمسلمين بالعالم من أجل تكوين الوعي على أحواله؟، وإدراك مشاكله، والتعرف على دوافع دوله وشعوبه، وتتبع الأعمال السياسية التي تجري فيه، وملاحظة الخطط والمناورات السياسية التي يرسمها أعداء المسلمين، وكشفها، ومن ثم إحباطها، وأخذ الاحتياطات السياسية اللازمة تجاهها.
ومن هنا كان فهم السياسة الخارجية للجماعة والتكتلات والأفراد أمر جوهري لحفظ الدولة والأمة، وأمر أساسي للتحكم في حمل الدعوة الاسلامية، لذلك كان لا بد من الإحاطة بالمعلومات عن كل الدول المحيطة بدار الاسلام، والدول الكبرى والفاعلة إحاطة تامة لأنّها بحق تُعتبر الركيزة الأولى في أولويات الفهم السياسي.
والوعي السياسي ليس فقط معلومات سياسية تتعلق بالأحداث والمجريات السياسية في العالم وان كان لا بد من توفر تلك المعلومات، بل الوعي السياسي هو في الأساس أفكار سياسية تتعلق برعاية الشؤون، وتشمل العقائد والقواعد والأحكام، وبمعنى آخر فالوعي السياسي يشمل المفاهيم الاسلامية الثابتة واستخدامها في رعاية شؤون الناس من خلال تنزيلها على الوقائع الجارية.
إنّ وجود الوعي السياسي يتطلب بشكل خاص فهم الموقف الدولي والذي غالباً ما يكون في حالة تغير، لأنّ الحالة التي عليها الدولة الاولى إن لم تتغير، فإنّ الحالة التي عليها الدول المزاحمة عادة ما يطرأ عليها التغيير، وفهم الموقف الدولي وتغيراته يُساعدنا في تفسير وتحليل ما يجري في بلدان المسلمين التابعة والذليلة، وقد يُمكّننا من البحث عن نقاط الضعف في تلك البلدان التابعة من أجل النجاح في إسقاطها وتحويلها إلى دولة إسلامية.
والوعي السياسي لدى الأفراد والأحزاب يُساعد في عدم سقوطهم ضحايا للحكام العملاء وللأنظمة العميلة، وما نراه اليوم من انجرار حركات سلفية وإخوانية في شباك السعودية في عمليتها العسكرية في اليمن سببه الرئيس عدم وجود الوعي السياسي لديهم، وكذلك ما نراه من انجرار الأفراد خاصة العلماء والوجهاء الذين سقطوا في الاختبار بسبب هذه الحرب الدولية والطائفية في اليمن، ومنهم سلمان عوده ونبيل العوضي وعبد المجيد الزنداني وطارق سويدان، وكذلك العلماء المشهورون في السعودية كالعريفي والقرني وكل هؤلاء أعلنوا تأييدهم للسعودية على عدوانها في اليمن، وشكروها ومجّدوا قيادتها، وغنّوا فيها الأشعار، وما كانت هذه السقطة العميقة لتقع لو كانوا يملكون الوعي السياسي الذي يُقرّر بأنّ حكام السعودية ما هم سوى مجرد أدوات للغرب وعملاء لدوله.
فلا بد إذاً من تثقيف الامّة بالثقافة السياسية الاسلامية، وطرح الأفكار السياسية عليها، وربط كل الاحداث السياسية بالزاوية الخاصة، وتتبعها، وربطها بقواعد ربط ثابتة، من دون أن تسلط الاهواء أو الآراء المسبقة عليها، وذلك من أجل غرس المفاهيم السياسية الصحيحة في الأمة، بحيث تصبح جزءاً من حياتها اليومية، وبالتالي فلا تنخدع بالإعلام الكاذب الذي يُزين أعمال الطغاة ويُمجّدها.
لذلك كان لا بد بشكل خاص من التركيز على السياسة الدولية باعتبارها الخبز اليومي للسياسيين، وذلك من أجل إدراك تصرفات الأعداء، وما ترمي إليه تصريحاتهم وخطبهم، وعلاقاتهم الدولية ومن ثمّ معرفة نواياهم الخبيثة وكشفها للأمة.
وبالإجمال فعلى الشباب بشكل خاص أن يقودوا الامّة في مسيرة الوعي السياسي، وأن يتتبعوا الأخبار بلا كلل ولا ملل، ويجمعوا المعلومات، ويمحّصوها، ويربطوا المهم منها بقواعد الربط الموجودة عندنا والمتعلقة بالسياسة الدولية، ثمّ بعد ذلك عليهم أن لا يجرّدوها من ظروفها وملابساتها، ولا يقيسوا عليها اشباهها ونظائرها، فان اعتادوا على هذا النهج أصبحوا محللين سياسيين قادرين على قيادة الناس، فلا يملكون الوعي السياسي وحسب، بل يملكون أيضاً القدرة على التفكير السياسي، والذي هو أعلى وأصعب أنواع التفكير.

 
 




الثلاثاء، 14 أبريل 2015

نعم للاسلامية لا للوطنية




نعم للإسلامية لا للوطنية
خبر وتعليق





الخبر:

تناقلت الأنباء خبر اختلاف الثوار وحملة الدعوة في سوريا حول نوع الراية أو العلم الذي يجب رفعه في مواجهة نظام بشار والعلم السوري الرسمي الذي يعتمده، واختلفوا في أنّ العلم البديل هل يكون علم ما يُسمى بعلم الاستقلال الوطني ذو الثلاث نجمات، أم هو راية العقاب السوداء المكتوب عليها باللون الأبيض عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله )، وهي راية الرسول صلى الله عليه وسلم، وأدّى هذا الاختلاف بين المتخاصمين إلى مشاحنات واصطدامات واعتقالات كان لحزب التحرير نصيب منها.

التعليق:

كان لا بد أن يأتيَ ذلك اليوم الذي تصطدم فيه الأفكار بين دعاة التغيير من مختلف المشارب في بلاد الشام، وكان لا مناص من أن تتصارع المفاهيم بين مجاميع الثوار الذين أشعلوا الثورة ضد نظام الطغيان، فلم يعد بالإمكان بالنسبة للعاملين في طريق التغيير أن يستمروا في المزاوجة بين مشروع دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وبين مشروع الدولة المدنية، لأنّ استمرار التزاوج بينهما يعني ببساطة استمرار التعايش بين الحق والباطل، أو بين الإسلام والجاهلية، وهذا محال أصلًا كما كان محالًا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما كانت المفاصلة واضحة وصريحة وقاطعة منذ اليوم الأول للدعوة إلى الإسلام.

إنّه وإن بدأ هذا الصراع بين المشروعين مبكرًا في بداية الثورة الشامية، لكنّه لم يدخل مرحلة الحسم إلاّ في هذه الأيام، فيبدو أنّه لم يعد هناك بعد الآن مجال للتوافق والتقارب بين الطرفين المتعاركين، لأنّ كلًا منهما يحمل مشروعًا مناقضًا للآخر، ومعاديًا له، ولا مكان بعد اليوم للحلول الوسط أو لأنصاف الحلول، فإمّا أن تنحاز الثورة في سوريا إلى الإسلام فكرًا وتوجّهًا وسلوكًا، وإمّا أن تنتكس وتضمحل وتتلاشى.

فالشعارات الوطنية، والرايات الوطنية، والدعوات الوطنية ما هي سوى شعارات جوفاء، ورايات عُمّيّة، ودعوات عصبية، وهي آخر العقبات التي تقف أمام تيار الإسلام الجارف، لذلك نجد أنّها مدعومة سياسيًا وماديًا من أمريكا والغرب الصليبي، وبما أنّها خالية الوفاض، وخاوية من أية أفكار، فإنّ فيها قابليةً لأن تتلبس بمشاريع فكرية غربية مشبوهة كفكرة الدولة المدنية العلمانية.

إنّ رابطة الوطنية لا تعني شيئًا في السياسة غير تمزيق بلاد المسلمين، وتكريس الأوضاع السياسية المقيتة التي أوجدتها اتفاقيات سايكس بيكو وأخواتها، وإنّ هذه الرابطة الهابطة لم يجنِ منها المسلمون سوى الهزائم والمحن والنكبات والخيبات.

والوطنية بعكس ما يُشاع عنها فإنّها أخفقت تمامًا في حماية البلاد الإسلامية من أية أخطار، فهي شيء وحماية الأوطان شيء آخر، فالإسلام هو الذي يحفظ الأوطان من خلال حفظه لبيضة المسلمين عن طريق دولة الإسلام وجيش الأمة الإسلامية المجاهد، بينما دعاة الوطنية هم الذين فرّطوا في حماية الأوطان، وأضاعوا بلاد المسلمين، وقطّعوها أوصالًا فأضحت كشذر مذر.

ومنذ سقوط آخر دولة للمسلمين بداية القرن الماضي لم تفلح الوطنيات في أي مشروع للوحدة بين المسلمين، بل ولم تنجح في صد أي عدوان على أي بلد من بلاد المسلمين.

فقد ضاعت فلسطين وكشمير وبلاد القوقاز والتركستان وأراكان وغيرها بسبب الوطنية، وقد مّزقت بلاد المسلمين العرب منهم والعجم بسبب الوطنية، وقد استبدلت القوانين الوضعية بالأحكام الشرعية بسبب الوطنية، وقد حكَمَنا الطواغيت والرويبضات باسم الوطنية، وتحكم المستعمرون في ثرواتنا ومقدراتنا في ظل الوطنية، فسحقًا لهذه الوطنية كم جلبت على شعوب أمتنا من المآسي والمصائب والشدائد.

إنّ الأعلام الوطنية لا تعني للمسلم شيئًا ذا بال، فلو سألنا المسلم العادي في أي بلد من بلدان المسلمين عن هذه الرقاع الملونة والمزركشة التي ترفعها دولهم وتُعزف لها الموسيقى ويقف لها الناس خجلًا وخوفًا من قمع الحكام لو سألناهم عن معانيها لما استطاعوا أن يُعبّروا عن أي معنى مقنع لها، بينما لو سألتهم عن راية العقاب الراية الإسلامية لوجدتهم يتحدثون بطلاقة عن تفسيرها وشرح معنى الشهادتين الذي تتضمنه عبارة التوحيد فيها من دون أي تردد أو تعثر.

فراية العقاب ببساطة تعني تحكيم شرع الله في حياة المسلمين، بينما هذه الرايات الوطنية البهلوانية لا تعني إلا تحكيم القوانين الوضعية الباطلة، وشتان بين شرع الله وشرع الطاغوت.

فأعلنوها إسلاميةً أيها المسلمون في كل مكان، ولا تقبلوا بغير راية العقاب بديلًا، وارفعوها عاليةً خفّاقة أيها الثوار في بلاد الشام، واصدعوا بها في كل مكان، فلا راية تُرفع إلا راية رسول الله راية العقاب راية كل المسلمين، وارفعوا صوتكم عاليًا: نعم للإسلامية لا للوطنية، نعم لراية رسول الله لا لرايات الاستعمار رايات سايكس بيكو وأخواتها.

السبت، 4 أبريل 2015

تداعيات العملية العسكرية في اليمن


تداعيات العملية العسكرية في اليمن




قبل الحديث عن تداعيات العملية العسكرية في اليمن بقيادة السعودية لا بد من التأكيد على أنّ السعودية لم تقم بهذه العملية إلاّ بتوجيه أمريكي صريح، فحكام السعودية صنائع لأمريكا وبريطانيا، وهم أقل شأناً من أن يتولوا القيام بعمليات إقليمية كبيرة كهذه من دون أخذ التعليمات والتوجيهات من الأسياد، وقد أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكّد دعمه الكامل للعملية العسكرية التي تشنّها السعودية وحلفاؤها ضد اليمن، وأنّ: "أوباما وسلمان اتفقا على ضرورة تحقيق استقرار دائم في اليمن من خلال التوصل إلى حل سياسي عبر التفاوض"، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي برناديت ميهان: "إنّ الرئيس باراك أوباما سمح بتقديم مساعدة لوجستية ومخابراتية في العمليات العسكرية التي تشنّها دول مجلس التعاون الخليجي"، وأشار مسؤول أمريكي إلى أنّ مشاورات السعودية مع واشنطن بشأن العملية العسكرية في اليمن جرت على (أعلى مستوى) وأنّ الرئيس أوباما كان على علم بتلك الخطة".
ونقل المحلل العسكري الأمريكي لشبكة سي إن إن ريك فرانسونا بأنّ: "الولايات المتحدة هي التي قدّمت المعلومات للسعودية بشأن الأهداف المطلوب قصفها"، ونقلت الشبكة عن مسؤولين أمريكيين وعرب "وجود فريق أمريكي حالياً للتنسيق بشأن تلك العمليات في السعودية"، وقالت الشبكة بأنّه من المتوقع أن تطلب المملكة من الولايات المتحدة دعماً جوياً وصوراً من الأقمار الصناعية، فضلاً عن معلومات استخبارية أخرى.
وأمّا بريطانيا فإنّها هي الأخرى تدعم السعودية في هذه العملية فقد أعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند: "تقديم بلاده مساعدات لوجستية إلى السعودية في حربها ضد الحوثيين في اليمن، وذلك في إطار العلاقات العسكرية الوثيقة بين البلدين"، وقال بأنّ: "الموقف البريطاني يتطابق عموماً مع الموقف الأمريكي في تأييد العملية العسكرية".
لقد ظهر مبكراً ومنذ بدء العملية العسكرية بروز الموقفين الأمريكي والبريطاني من العملية العسكرية بروزاً واضحاً، وبدا وجود تأثيرٍ ملموس للدولتين على السعودية، وهو ما يدل على أنّ السعودية ما زالت تخضع للنفوذين معاً، فمع انطلاق العملية العسكرية طار وزير الخارجية البريطاني هاموند إلى واشنطن، والتقى يوم الجمعة 27/3 بالمسؤولين الأمريكيين، وقال البيت الأبيض بأنّ مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس ووزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند متفقان على: "أنّ التوصل لحل سياسي من خلال التفاوض هو أفضل نتيجة للأزمة في اليمن، وأنّ النهج العسكري سيؤدي فقط إلى مزيد من المعاناة وعدم استقرار المنطقة".
فأمريكا التي مكّنت الحوثيين في الأشهر الماضية من اجتياح اليمن والتمدد السريع في المحافظات اليمنية من خلال السماح لإيران بمد الحوثيين بالسلاح والعتاد، وجدتهم يتخبطون في مستنقع عميق في اليمن، فلا هم بقادرين على السيطرة المطلقة على الدولة، ولا هم بقادرين على العودة آمنين إلى مناطق نفوذهم، لذلك رأت أن تُشعل حرباً إقليمية تشنّها السعودية ودول الخليج على اليمن لتغيير الأوضاع العسكرية فيه، ومن ثم إشراك الحوثيين بجزء مضمون من كعكة الحكم في اليمن، بعد عجزهم عن التهامها بمفردهم.
وهذه الخطة الأمريكية يتطلب تنفيذها وجود تنسيق شبه كامل مع المنافس الدولي لها لإخراج الأمور بحسب ما يُراد لها بقدر الإمكان، ومن هنا كان لا بد من إشراك البريطانيين وعملائهم في دول الخليج في هذه العملية، لذلك نجد في دول التحالف هذا دولاً متعددة الولاءات كالأردن وقطر جنباً إلى جنب مع دول كمصر والسودان.
أمّا بالنسبة لردة فعل إيران فلا يُتوقع أن تكون أكثر من ردة فعل كلامية لحفظ ماء الوجه، وقد اتصل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعيد بدء العملية العسكرية تليفونياً بالرئيس الإيراني حسن روحاني وهدّده بشكل مبطن فقال له: "لا ينبغي لدول أخرى أن تدعم الميليشيات الحوثية".
وقد يجد المبرّرون لإيران عدم تدخلها لمساعدة أتباعها من الحوثيين في وضعهم العصيب هذا حجةً في المفاوضات المكثفة الجارية حول قرب التوصل إلى توقيع الاتفاق النووي مع الدول الكبرى كذريعة تمنعها من تقديم العون للحوثيين.
ومن أخطر التداعيات المترتبة على هذه العملية غير المسبوقة تبرير استخدام القوة العسكرية المحلية لضرب القوى المناوئة أو القوى الشعبية المنتفضة ضد الأنظمة العميلة.
والخلاصة أنّ هذه العملية العسكرية في اليمن تتم بإشراف أمريكا ومشاركة بريطانيا للتوصل إلى حل سياسي وسط بين القوى المتصارعة التابعة للقوتين الدوليتين الفاعلتين في المنطقة، وأنّ السعودية والدول المتشاركة معها في العملية ما هي إلا مجرد أدوات في هذا الصراع الذي تكون فيه الشعوب ضحايا لتحقيق تلك الأجندة الاستعمارية الخبيثة.