الخميس، 29 يناير 2009

المرجعية الإسلامية تعلو فوق كل المرجعيات

المرجعية الإسلامية تعلو فوق كل المرجعيات

ما إن انتهت المعارك العسكرية الرئيسية في حرب غزة، حتى اندلعت المعارك السياسية الحادة بين الفصائل الفلسطينية، وكان من أبرزها معركة المرجعية.
فسلطة عباس في رام الله ما زالت تتمسك بمرجعية منظمة التحرير الفلسطينية بالرغم من أن المنظمة قد شاخت وعجزت، وتبدل ميثاقها، ولم تعد قادرة على إقناع الفلسطينيين بمشروعيتها.
إن المكونات الرئيسية للمنظمة قد فقدت شعبيتها، فحركة فتح التي كانت تتبنى الكفاح المسلح كإستراتيجية لتحرير كل فلسطين التاريخية قد انقلبت عليها، وأصبحت تعتبر الأعمال العسكرية (عمليات حقيرة)، وتنازلت عن معظم فلسطين لليهود، وأضحت ترى في المفاوضات العقيمة مع العدو طريقا وحيدا للتحرير!!.
وأما سائر التنظيمات الأخرى كالجبهة الشعبية والديمقراطية وما شاكلها فلم يعد لها أي وزن يذكر بين الفلسطينيين،وفقدت بالتالي أي مبرر لاعتبارها ممثلة ولو جزئيا لأهل فلسطين.
فمنظمة التحرير بواقعها الجديد لم تعد واقعيا تمثل الفلسطينيين،لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون، واستمرار التشبث من قبل المنتفعين بها باعتبارها ممثلا شرعيا للفلسطينيين لا يعدو كونه محاولة يائسة للحفاظ على السلطة الزائفة التي بدأ بساطها يسحب من تحت أقدام ديناصوراتها ومومياواتها الفاقدة للإحساس وللكرامة والحياة من الذين لم يعودوا يملكون أي إسناد شعبي أو جماهيري، ولم يعد يسندهم سوى دولة يهود والأميركيين والأوروبيين، وهو بلا شك سند وهمي زائل .
وأما الطرف الثاني من المعادلة والمتمثل بحركتي حماس والجهاد الإسلامي وبعض الحركات المحسوبة على سوريا كجبهة احمد جبريل، فإنها تطالب بإعادة تشكيل منظمة التحرير على قواعد وأسس جديدة، وقد تحدث رئيس حركة حماس في آخر خطاب له عن عزمه على إيجاد مرجعية وطنية فلسطينية جديدة لأهل فلسطين في الداخل وفي الشتات، وهو ما يعني أن على منظمة التحرير بصورتها الحالية أن تتلاشى وتُخلي مكانها لأخرى حديثة تكون حركة حماس والجهاد في صدارتها، وتكون المقاومة أساسا لبنائها.
والحقيقة أن هذه المرجعية الجديدة التي تسعى إليها حركة حماس لا تختلف من ناحية سياسية وفكرية عن منظمة التحرير السابقة وان اختلفت عنها في الوجوه وفي العودة إلى فكرة المقاومة بعدما تم نبذها.
إن العودة إلى منظمة تحرير تكون المقاومة أساسها هي عودة إلى الماضي، واستنساخ لصورة منظمة التحرير الأصلية. والأصل أن تكون المرجعية الصحيحة لأي حركة إسلامية منحصرة فقط في النصوص الشرعية المأخوذة من الكتاب والسنة، لأنها هي المرجعية الشرعية الوحيدة المعترف بها، وهي مرجعية لا تتبدل ولا تتغير مع الزمن يرتضيها الله سبحانه لعباده.
وأية مرجعية أخرى لا تعتمد على الكتاب والسنة لا شك أنها مرجعية باطلة مردودة ومرفوضة، لأنها تكون دائماً عرضة للتبديل والتغيير وفقا للأمزجة والظروف والاعتبارات الإقليمية والدولية.
ثم إن ضم الفصائل الفلسطينية العلمانية إلى المنظمة الجديدة واعتبارها جزءا لا يتجزأ من المرجعية الوطنية يعني أن تلك المرجعية ستكون حلا وسطا بين آراء وأهواء الفصائل المختلفة والمتناقضة عقائدياً وسياسياً.وهي بذلك سوف لا تختلف عن وثيقة الوفاق الوطني أو وثيقة الأسرى، كما لا تختلف عن اتفاق مكة التي احتضنته السعودية، وأيدته الدول العربية. ومثل هذه الوثائق والاتفاقات التي تعترف بالقرارات الدولية فيها تفريط واضح بفلسطين المحتلة عام 48، وهي بالتالي لا تعني سوى إعادة تقاسم كعكة السلطة من جديد بين الفصائل الفلسطينية التي تغيرت أوزانها وأحجامها.
ومرجعية خرقاء كهذه تتوافق عليها التنظيمات المتناحرة المتناقضة لا ريب بأنها لن تُفلح في تحرير أرض ولا في رفع ظلم ولا في إرساء عدل.
إن مسألة المرجعية يجب أن النظر إليها من جهة أن القضية هي قضية وجود جسم غريب زُرع في قلب المنطقة الإسلامية يجب انتزاعه من فلسطين ومن المنطقة انتزاعا وجوديا، لأن المسألة لا يجوز أن تُبحث على أساس الاعتراف بهذا الجسم السرطاني بأي شكل من الأشكال، كما لا يجوز التفاهم معه على هدنة طويلة والقبول به بشكل غير مباشر، لأن في هذه الحالة تكون الهدنة الطويلة مماثلة للاعتراف.
ومن ناحية ثانية فان هذه المرجعية التي تطالب بها حماس تنادي بإقامة دولة فلسطينية وطنية، وهذا يعني تفتيت الأمة الإسلامية إلى كيانات إضافية هزيلة جديدة، مع أن المطلوب هو توحيد الأمة وكياناتها في دولة واحدة وكيان سياسي واحد.
لذلك كان حريا بالحركات الإسلامية في فلسطين إن أرادت أن تطرح مرجعية سياسة أن تطرح مرجعية إسلامية وليست وطنية، وكان عليها أن لا تقبل بأي مرجعية تُفرط بشبر واحد من فلسطين لا على سبيل الاعتراف ولا على سبيل الهدنة الدائمة.
وكذلك عليها أن لا تقبل بقرار واحد من قرارات مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، لأن القبول بها يعني القبول بشرعية العدو، وشرعية قوانين الدول الاستعمارية الكافرة على بلاد المسلمين. وهذا محرم شرعا، ولا يجوز التسليم به بحال من الأحوال ومهما كانت النتائج.
ومن هنا كان حريا بالحركات الإسلامية ولزاماً عليها أن تطرح مرجعية إسلامية شرعية فقط وأن لا تطرح سواها، وأن تعلو المرجعية الإسلامية فوق كل المرجعيات.

الثلاثاء، 27 يناير 2009

عناوين الأخبار


عناوين الأخبار

1- عاموس جلعاد يصنع الأفاعيل في مصر.
2- دولة يهود تسمح للنظام المصري بنشر المزيد من جنوده على الحدود بين سيناء وقطاع غزة.
3- الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف يعترف بأن أمريكا تعامل باكستان بطريقة غير متكافئة .


الأخبار بالتفصيل

تمكن عاموس جلعاد - وهو مجرد مستشار في حكومة العدو اليهودي - أن يفرض آليات أمنية خطيرة على مصر تنتهك كل معاني السيادة والاستقرار التي تتميز بها الدول وبكل بساطة ويسر، ودون أن يُواجه أية عقبات تُذكر. بل كان يُفترض أن تكون مثل هذه الآليات الأمنية خاصة وسرية جداً، وبعيدة كلياً عن الاختراق، وغير مكشوفة بتاتاً للأجانب لا سيما الأعداء منهم.
لقد رضخ النظام المصري لإملاءات دولة العدو اليهودي المشينة هذه عبر ذلك المبعوث اليهودي الصعلوك الذي نجح في فرض آليات أمنية جديدة مهينة على الحكومة المصرية تقوم بموجبها بأعمال منها نصب حواجز في عمق صحراء سيناء بهدف تعقب وضبط ومصادرة شاحنات تحمل تجهيزات إلى داخل قطاع غزة.
وبالرغم من أن الحكومة المصربة لم تعترف بهذه الاملاءات الاّ أنها لم تنفها، وما زال جلعاد يقوم بزيارات مكوكية لمصر. فلو لم تثمر زياراته هذه عن قبول المسؤولين المصريين لاشتراطاته تلك لما استمر في القيام بمثل تلك الزيارات.
لقد استطاع جلعاد هذا أن يصنع في مصر الأعاجيب، فقد أجبر الحكومة المصرية على الالتزام بثلاثة عناوين أمنية خطيرة وحساسة وهي:
1- التعاون الاستخباري مع الاستخبارات اليهودية.
2- وضع حواجز في سيناء على طريق القوافل والشاحنات والمركبات.
3- نشر تكنولوجيا حديثة لرصد الأنفاق على طول الحدود مع القطاع.
ولم يكتف جلعاد بأخذ التزامات شفوية مصرية لتنفيذها، بل قرَّر بنفسه متابعة التنفيذ من خلال زيارة يقوم بها مرة كل أسبوعين لمراقبة السلطات المصرية في القيام بتنفيذ تلك الالتزامات.
فإذا كان مجرد رجل أمن يهودي غير سياسي يستطيع أن يتحكم في أخطر تصرفات الدولة المصرية بهذا الشكل، ويستطيع أن يراقب بنفسه التزام السلطات المصرية بالآليات التفصيلية التي فرضها شخصياً على النظام المصري، فهل تبقى مصر بعد ذلك دولة ذات سيادة؟
وأين ما يتبجح به قادة الحزب الحاكم في مصر من أن الأمن القومي لمصر خط أحمر لا يجوز تجاوزه؟! الظاهر أن كيان يهود أصبح يتعامل مع الدولة المصرية كما يتعامل مع السلطة الفلسطينية، فيفرض عليها نوعية المهام الأمنية المطلوب القيام بها، ويتابع تنفيذها بدقة، من خلال جولات تفقدية، وزيارات دورية.
تُرى أبعد كل هذا الانبطاح الذي أبداه حكام مصر هل يبقى مجال للقول إن مصر دولة غير عميلة، أو أنها تملك قرارها بنفسها؟؟!!.


2- أذنت دولة العدو اليهودي للنظام المصري الذليل بنشر أعداد إضافية من الجنود لحراسة الحدود المصرية مع قطاع غزة. وكان النظام المصري يشكو دائماً من عدم سماح قيادة اليهود طيلة الأعوام الثمانية الماضية بنشر أعداد من الجنود تزيد عن ألـ (750) جندياً كما نصَّت على ذلك اتفاقية كامب ديفيد الخيانية الموقعة في العام 1979م بين الرئيس المصري السابق أنور السادات ورئيس وزراء العدو الأسبق مناحيم بيغن.
وتطالب الحكومة المصرية السماح لها بنشر (2250) جندياً لضمان مراقبة الحدود ليلاً ونهاراً. وذكرت وسائل الإعلام أن حكومة أولمرت قد وافقت على نشر (1500) جندياً فقط، ولم تستطع إقناع الكنيست بهذا العدد الاضافي، وأعطت موافقتها الشفوية المؤقتة دون إصدار قانون من الكنيست بذلك ريثما تتولى حكومة جديدة بعد الانتخابات تأخذ هذا الأمر على عاتقها.
هذه هي نتيجة الاتفاقيات الخيانية التي يوقعها الحكام العملاء مع العدو، فهي تقيد حركة الجنود ومعداتهم، بحيث تصبح قوة الدولة الملتزمة بها لا قيمة لها، وتفقد الدولة بسببها قدرتها على التحكم بجيشها، وتفقد معها سيادتها على أراضيها، وتصبح عُرضة للابتزاز الشديد حتى ولو كانت مهمتها القيام بدور الحراسة.


3- اعترف الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعامل بلاده بما تستحقه على الرغم من أن باكستان حليف مخلص في حرب أمريكا على ما يسمى بالإرهاب. وقال بأن أمريكا "تتعامل مع باكستان بطريقة غير متكافئة مقارنة مع غيرها من الدول وهو ما يضر بالحكومة والشعب الباكستاني". وتحدث مشرف عن الثمن الذي تلقته باكستان من إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لقاء الخدمات التي قدّمتها وهو مبلغ العشرة مليارات دولار بأنه أجر زهيد لدولة كباكستان تلعب دوراً محورياً في محاربة (الإرهاب) بالمقارنة مع مبلغ ال (143) مليار دولار التي أُنفقت في أفغانستان.
وذكَّر مشرف بأن باكستان "لعبت دوراً قيادياً في حرب تخص الأمريكيين طوال العشر سنوات ما بين عامي 1979-1989" ضد الاتحاد السوفياتي السابق.
هذا هو المصير الطبيعي الذي ينتظر العملاء من أمثال مشرف، تستخدمهم أمريكا لقضاء مصالحها وتدفع لهم ثمناً بخساً، ثم تلقي بهم في مزابل التاريخ.

الاثنين، 26 يناير 2009

إزالة الالتباس حول عمالة الحكام

إزالة الالتباس حول عمالة الحكام

لا تكتفي الدولة الأولى كأمريكا بأن تعتمد على عملاء مفضوحين كحسني مبارك ومحمود عباس، فهي لا تضع كل بيضها من العلاء في سلة واحدة، فالجانب الاستعماري لديها وقوتها الطاغية في المنطقة يجعلها تستخدم نماذج متباينة من العملاء، فلا غرابة ولا ضير لديها أن تجد بغض عملائها يشتمونها في العلن والظاهر ويوالونها في السر والباطن كحكام سوريا وإيران، فالمهم عندها أن هؤلاء الحكام عند الممارسة السياسية التطبيقية على أرض الواقع تجدهم ينسقون مع أمريكا تنسيقاً كاملاً وذلك كما هو حاصل في العراق بين الأمريكيين والإيرانيين لدرجة بات معها المواطن العراقي العادي يدرك تلك الحقيقة.
وكذلك ما هو حاصل مع سوريا التي تُصر بكل وقاحة على أن تكون أمريكا فقط هي الراعية النهائية لمفاوضاتها مع دولة العدو اليهودي.على أن هذا ليس نهجاً جديداً في المنطقة، بل هو موجود منذ أيام عبد الناصر الذي كان يشتم أمريكا في العلن ويرسل رجال مخابراته كالتهامي لينسق مع المخابرات الأمريكية في السر.ومن أحدث ما ظهر من أدلة على هذا الصعيد في سوريا على سبيل المثال هو اعتراف وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس بأن رئيس الأركان السوري السابق حكمت الشهابي كان رجل أمريكا في سوريا لمدة عشرين عاماً أيام حافظ الأسد. وكان حزب التحرير قد كشف شيئاً من ذلك قبل سنوات عندما قال بأن أمريكا فكّرت جدياً بوضع حكمت الشهابي رئيساً لسوريا في فترة من الفترات الصعبة التي مرت على عميلها.ومن الأمور التي تبدو أحياناً صعبة على الفهم الدور التي تقوم به دول محسوبة على بريطانيا كليبيا وقطر بحيث تثير الالتباس، ويزول هذا الالتباس عند التدقيق في تلك الأدوار. أما قطر فأمرائها تابعون للانجليز لأنهم هم الذين صنعوا لهم الإمارة التي لا تقوى على العيش بدون إسناد دولة كبرى لها كبريطانيا، ولا يوجد واقعياً فيها إمكانية التغيير والتبعية لأمريكا بسبب قلة عدد سكانها وصغرها، وبالتالي فهي دولة من ناحية واقعية تتبع لبريطانيا ولا يُتصور أن تتركها بريطانيا ببساطة لأمريكا. وأما علاقة قطر بأمريكا فهي آتية من كونها وجميع الدول التابعة لبريطانيا مضطرة لتقديم الخدمات لأمريكا لكي تحظى بدور إقليمي تسكت عنه أمريكا. فهي مقابل قاعدة العديد الأمريكية أقامت قاعدة الجزيرة الإعلامية. ومقابل علاقاتها التجارية مع دولة يهود أصبح لها تأثير مساو للتأثير المصري في المنطقة. وأما ليبيا فلما حاصرتها أمريكا وضيقت عليها الخناق وأضعفت دورها الإقليمي في أفريقيا تماماً في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي اضطرت بريطانيا إلى دفع ثمن إخراج ليبيا من عزلتها لتعاود ممارسة دورها الإقليمي النشط في أفريقيا فأوعزت إلى عميلها القذاقي إلى دفع المليارات لأمريكا وتسليم المعدات والخبرات التكنولوجية النووية لأمريكا حتى تقبل بإعادة تأهيله سياسياً، وهذا بالضبط ماحصل.وهكذا طريقة الانجليز في التأثير السياسي فبسبب ضعفهم الدولي يتملقون هم وعملائهم الأمريكان ليبقى لهم تأثير في العالم، فلا يفوتون فرصة إلا ويستغلونها، ولو اضطروا إلى دفع أثمان باهظة لأمريكا. .ومن هذا القبيل يمكن فهم اندساس قطر على دول محور الممانعة لكي لا تترك بريطانيا عملاء أمريكا وحدهم في الساحة، ولو اضطروا إلى دفع المليارات من الأموال، وكذلك لو أدّى بهم الأمر إلى جعل الدول المحسوبة على الانجليز تعادي بعضها البعض وتصالح الدول التابعة لأمريكا. ففي السياسة تجري أمور كثيرة معقدة لذلك ليس غريباً أن التحليل السياسي والتفكير السياسي هو الأعلى والأصعب من سائر أنواع التحليل والتفكير

الأحد، 25 يناير 2009

معايير الدولة الفاشلة

معايير الدولة الفاشلة


يتردد كثيراً في الفترة الأخيرة الكلام في وسائل الإعلام الغربية عن الدول الفاشلة، ويضع القائمون على المؤسسات المعنية بذلك لوائح ودرجات ونقاط لتحديد وضع معظم الدول من حيث الفشل والنجاح في أداء وظائفها، ويضبطون معاييرها بمؤشرات اجتماعية واقتصادية وسياسية، ويجتهدون في تحديد تعريفات منضبطة لها.
وقد صدر في العام 2005م تقرير عن صندوق دعم السلام، -وهو مؤسسة توصف بأنها مستقلة- يحوي على قائمة بأسماء الدول الأكثر فشلاً في العالم بناء على مقاييس معينة. وصدر في العام 2007م تقرير آخر عن مجلة (فورين بوليسي) فيه تصنيف لمائة وسبع وسبعين دولة يبين درجة كل منها بعدد من النقاط للدلالة على مرتبة الدولة في ضمن مقاييس الدول الفاشلة. واعتمدت هذه التقارير الأخيرة على اثني عشر مؤشراً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً تم اعتمادها لتحديد مكانة أي دولة من الدول السبع والسبعين وفقاً لهذه المؤشرات.
والمؤشرات المعتمدة هي:
1. الضغوط الديموغرافية من قبيل سوء توزيع السكان وتعدادهم والنزاعات بينهم.
2. اللاجئون والمهجرون والمشاكل الناشئة عن الهجرة واللجوء.
3. تغليب النظام السياسي لصالح أقلية معينة يوفر لها حقوق على حساب الأكثرية المحرومة.
4. هجرة العقول من أوطانهم والاغتراب داخل المجتمعات.
5. غياب التنمية الاقتصادية وعدم المساواة بين السكان في الوظائف والتعليم و المداخيل.
6. وجود تراجع اقتصادي حاد واختلال في الميزان التجاري وضعف في سعر صرف العملة المحلية وانخفاض في معدلات الاستثمار وهبوط في الدخل الإجمالي.
7. فقدان شرعية الدولة وفساد الحكام وغياب المحاسبة والشفافية وضعف الثقة بالمؤسسات.
8. تدهور حاد في تقديم الخدمات العامة للجمهور.
9. انتهاك القانون وحقوق الإنسان.
10. تشتت الأمن –دولة داخل دولة- من قبيل سيطرة نخبة عسكرية داخل الجيش أو تكون قوى أمنية خاصة واندلاع نزاعات مسلحة بين مراكز القوة المختلفة.
11. تنامي الانشقاقات داخل النخب الحاكمة نفسها وحدوث انقسامات دستورية.
12. تدخل دول أخرى في الشؤون الداخلية من خلال دعم تنظيمات عسكرية وشبه عسكرية أو من خلال الاستعانة بقوات دولية أو بقوات حفظ السلام.
هذه هي المؤشرات التي اعتمدت بشكل عام من قبل تلك المؤسسات، وبناء عليه فإن الدولة الفاشلة تُعرف عندهم بأنها:"الدولة التي لا تستطيع السيطرة على أراضيها، وتلجأ عادة إلى القوة، وتفشل حكومتها في اتخاذ قرارات مؤثرة، بالإضافة إلى عدم قدرتها على توفير الخدمات لأبناء شعبها، فضلاً عن فشلها في التعامل بفاعلية مع المجتمع الدولي، وعادة ما تشهد معدلات فساد وجريمة مرتفعة".
وبحسب اللوائح المتغيرة لأكثر الدول فشلاً في العالم وفقاً لتلك المؤشرات فقد احتلت الصومال والسودان والعراق والكونغو وسيراليون وتشاد واليمن وأفريقيا الوسطى وليبريا وساحل العاج وهاييتي المراتب العشر الأولى في تلك اللوائح. وأما مصر وبنغلادش والسعودية وغالبية الدول العربية والبلدان الإسلامية فتدخل ضمن الخمسين دولة الأولى في تحقيق أعلى مستويات فشل في العالم.
لكن المؤسسات الغربية التي وضعت معايير الدول الفاشلة تجاهلت تماماً معيار تأثير الدول الاستعمارية على تلك الدول من النواحي العسكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية، وتناست تلك المؤسسات حقيقة أن الأوضاع السياسية في الدول التي وصفتها بالفشل ما هي في الواقع سوى نتاج طبيعي للاستعمار الذي ما زال يجثم على الدول التي توصف بالفاشلة، وبمعنى آخر فإن أوضاع تلك الدول المأساوية هي من صنع أمريكا والدول الأوروبية الاستعمارية، وما حكام الدول الفاشلة إلاّ مجرد موظفين عملاء للدول الكبرى الاستعمارية، وهذا العامل الذي تم التغافل عنه بصورة متعمدة هو أهم من كل المؤشرات التي أوردوها، بل هو الأشد تأثيراً في جعل تلك الدول وتسميتها في عداد الدول الفاشلة.
أما المعايير والمقاييس الحقيقية للدول الفاشلة فهي التي اعتمدها الإسلام، وقرّرتها الأحكام الشرعية، وتعتمد هذه المعايير والمقاييس على حالة الأمراء والحكام والأنظمة، بحيث أنه كلما كانت الحالة مطابقة للأحكام الشرعية المستمدة من الكتاب والسنة كلما كانت الدول أكثر عدلاً وتقدماً ونجاحاً، وكلما ابتعدت الحالة عن الأحكام الشرعية كلما كانت الدول أكثر فشلاً وتخلفاً وتبعية للآخرين.
ومن المعايير التفصيلية للدول الفاشلة من وجهة النظر الشرعية ما يلي:

1- ظلم الأمراء وكذبهم: عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله r: "أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَمَالَأَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَا أَنَا مِنْهُ. وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُمَالِئْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ"(رواه أحمد).
وظلم الأمير أو الخليفة هو ظلم الدولة، ويعني عدم إعطاء كل ذي حق حقه بحسب أحكام الشرع، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى تمرد الرعية على الدولة، فتفشل الدولة وتضعف، ويكون السقوط لاحقاً لا محالة في انتظارها.
وأما كذب الأمراء أو كذب رئيس الدولة وأعوانه فمعناه أن الدولة تم تأسيسها على الأوهام وليس على الحقائق، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى فشلها بعد افتضاح أمرها، والفشل عادة يكون من علامات سقوط الدول عاجلاً أو آجلاً.
والظلم والكذب إذا استشريا في الدولة واجتمعا فيها فإنها يطيحان بمكانتها، ويفقدان ثقة الناس بمصداقيتها، وهو ما يؤدي بالتبع إلى انفضاض أهل القوة وأهل العلم والحكمة من حولها، وهو ما من شأنه أن يُحولها إلى دول هزيلة فاشلة تابعة تستند إلى قوة غير ذاتية من خارج أهلها، ولا يمكن لتلك القوة الأجنبية التي تسندها أن تدوم، فبقاؤها بالتالي يظل متوقفاً على قوة الإسناد الخارجية وعلى ضعف القوة المحلية الطبيعية.

2- التنازع وتفريق الجماعة: قال تعالى: )وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ (إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(الأنفال/46).
وقال: "مَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ، فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ"(رواه أحمد)، وقال r أيضاً: "مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ"(رواه ابن حبان).
وواضح أن تنازع القوى الحاكمة والخروج من بيعة الإمام الأول، أو إمام دار العدل إنما هو ترك صريح للجماعة - الإمام المبايع بيعة شرعية صحيحة من قبل المسلمين في دار الإسلام - وذلك التنازع والخروج على الجماعة يؤدي حتماً إلى فشل الدولة وتمزيقها كما هو حاصل الآن في غياب دولة الخلافة الإسلامية.

3- الدعوة إلى العصبيات القومية والوطنية والطائفية: قال: "وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ"(رواه مسلم).
فالقتال تحت لواء القومية العنصرية البغيضة، والوطنية السقيمة القاصرة، والطائفية المثيرة للصراعات الدموية، مذموم شرعاً باعتباره قتالاً من أجل العصبية الجاهلية، وليس من أجل رفع كلمة الله تعالى وجعلها العليا. وكذلك الدعوة أو الانتصار لتلك الروابط العصبية الجاهلية مذمومة شرعاً، وتنطبق على الحكام الذين يعتمدونها ما ورد في الحديث الشريف من صفة ضرب الأمة برها و فاجرها، وعدم الاستحياء من مؤمنها، وعدم الوفاء بإعطاء العهود لمستحقيها، كما هو حاصل في هذه الأيام حيث تقوم الأنظمة القومية والوطنية بضرب وسجن حملة الدعوة، كما تقوم بملاحقة المجاهدين ووصمهم بالإرهاب.
ومن أبرز مظاهر هذه الحالة وجود تباغض وتلاعن بين هؤلاء الحكام وبين الناس كما قال صلّى الله عليه وسلم:"وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ"(رواه مسلم)، كما هو حاصل في هذه الأيام.

4- عدم السماح بمحاسبة الحكام: قال: "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ"(رواه أحمد)، وقال: "مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي، ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا، ثُمَّ لَا يُغَيِّرُوا، إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ"(رواه أبو داود). وقد استشهد أبو بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم بهذا الحديث وهو على منبر الخطابة معلماً الناس ضرورة محاسبة الحكام، وسمح جميع الخلفاء الراشدين للرعية بمحاسبتهم بجميع أشكال المحاسبة حتى أصبحت محاسبة الحكام الحقيقية من الحقوق الطبيعية للمحكومين في تلك الفترة.
لذلك كان تغييب محاسبة الحكام أو إلغائها في الدولة، وعدم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، من شأنه أن يؤدي قطعاً إلى فشل الدولة، وهزالها، وبالتالي يؤدي إلى تسلط حفنة ظالمة منتفعة من الحكام ومن لف لفها من بطانات السؤ على الأكثرية المقهورة من الدهماء.
وهذه المعايير الأربعة جمعها الرسول rفي قوله: "إِنَّ أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ"(سنن الدارمي) ويتضمن هذا القول النبوي الشريف جميع صفات الحكام الذين يُحولون دولهم إلى دول فاشلة خائبة كجميع الدول القائمة في بلدان العالم الاسلامي في هذه الايام.
فالحكام المضلون إذاً هم الذين يجمعون بين الظلم والكذب والخروج على الجماعة والدعوة إلى العصبيات القومية والوطنية والجاهلية أو القتال تحت لوائها، وهم الذين يمنعون الرعية من محاسبتهم على ظلمهم وكذبهم وجاهليتهم وعمالتهم. وقد وصف الرسول r هذا النوع من الحكام بقوله: "يَكُونُ أُمَرَاءُ تَلِينُ لَهُمُ الْجُلُودُ وَتَطْمَئِنُّ إِلَيْهِمُ الْقُلُوبُ، وَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ تَشْمَئِزُّ مِنْهُمُ الْقُلُوبُ، وَتَقْشَعِرُّ مِنْهُمُ الْجُلُودُ" قَالُوا: أَفَلَا نَقْتُلُهُمْ؟ قَالَ: لَا مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ"(رواه أحمد).
وقد ربط سيدنا عمر بن الخطاب t بين حكم الأئمة المضلين وبين فساد العلماء وأهل البدع، فعن زياد بن حدير قال: قال لي عمر: "هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قال: قلت: لا، قال: يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين"(رواه الدارمي).
وفساد الحكام يعني فساد الدول وفشلها؛ لأن الدول في الحقيقة هي الحكام، والحكام هم الدول. وكان الصحابة والتابعون والعلماء يفهمون ذلك جيداً، فقد أخرج الجبرتي في عجائب الآثار قال: "وسأل معاوية الأحنف بن قيس وقال له: كيف الزمان؟ فقال: أنت الزمان إن صلحت صلح الزمان وإن فسدت فسد الزمان".
وأخرج ابن عساكر عن بكر العابد قال: [قال سفيان الثوري لأبي جعفر المنصور: "إني لأعلم رجلاً إن صلح صلحت الأمة قال ومن هو؟ قال: أنت"]. وروى البخاري عن مروان بن قيس أنه سمع ابن مسعود يقول: "لن تزالوا بخير ما صلحت أئمتكم".
هذه هي معايير الدولة الفاشلة من وجهة نظر إسلامية، وهي المعايير الحقيقية الصحيحة التي نستطيع من خلالها إصدار الحكم القطعي على الدول بمقاييس شرعية تتوافق مع فطرة البشر.
وبناء على هذه المعايير يمكننا أن نقطع بالقول إن كل الدول القائمة في العالم اليوم هي دول فاشلة لا تسعد شعوبها وان امتلكت بعض منها أسباب القوة والتقدم.
1

الخميس، 22 يناير 2009

العدوان على غزة -الدوافع والنتائج-

العدوان على غزة -الدوافع والنتائج-
في محاولتنا لفهم العدوان الوحشي الذي شنَّته قوات دولة يهود على قطاع غزة، لا بد لنا من تحليل دوافع دولة يهود والإدارة الأمريكية تحليلاً سياسياً لنتوصل من خلال فهم تلك الدوافع إلى فهم الأهداف السياسية المراد تحقيقها استناداً إلى النتائج المحسوسة التي تمخضت عن ذلك العدوان.
بدايةً لا بد لنا من تقرير حقيقة سياسية مهمة هنا مفادها أن أي عمل عسكري أو سياسي كبير تقوم به أو تحاول فرضه دولة يهود على الساحة الفلسطينية يتوجب عليها أن تأخذ عليه موافقة أمريكية كاملة أو ضوءاً أمريكياً على أقل تقدير.
فدولة يهود ملزمة - وفقاً لاتفاقيات ثنائية واضحة - على تنسيق جميع أعمالها مع الإدارة الأمريكية وذلك ليس فقط من الآن وإنما منذ حرب عام 1973م.
وبناء عليه فإن هذا العدوان الأخير على غزة شأنه شأن غيره من أعمالها العدوانية الأخرى فقد أخذت دولة يهود إذناً للقيام به من إدارة بوش. لكن ينبغي أن يلاحظ الفارق هنا وهو أن إدارة بوش لم تحرض هذه المرة قادة دولة يهود على إطالة أمد العدوان كما فعلت في حرب لبنان عام 2006م، ومن هنا كان الفرق واضحاً بين العدوانين، ففي حالة غزة كانت رغبة أمريكا بعدم التصعيد بخلاف رغبتها في حرب لبنان، وأما رغبة قادة يهود فكانت عكسية إذ كان لديهم ميل جارف للاستمرار بالعدوان لأطول مدة ممكنة. وقد أكدت ذلك استطلاعات الرأي، ومن الأدلة على ذلك أن أمريكا منعت عن جيش الاحتلال اليهودي من إيصال الذخيرة للطائرات والمعدات القتالية فادَّعت أن اليونان قد حجزت سفينة أمريكية تحمل الذخائر المطلوبة لاستمرار أمد العدوان بنفس كثافة النيران التي بدأتها، وكأن اليونان تملك قرارات أمريكا السيادي.
لقد كان بمقدور أمريكا بالطبع أن تقيم جسراً جوياً لتزويد جيش دولة يهود بالذخيرة كما فعلت في حرب تموز عام 2006م في لبنان، أو كما فعلت في حرب رمضان عام 1973م، لكنها لم ترغب بذلك، بل وأصرَّت على وقف العدوان، وسحب قوات الجيش اليهودي كاملاً من القطاع قبل تنصيب أوباما رئيساً، فامتثل أولمرت وباراك لهذه الرغبة الأمريكية من دون إبطاء.
أما دوافع دولة يهود من هذا العدوان فكانت تحقيق هدف لم يكن محدداً ولا واضحاً وهو تغيير الوضع الأمني في غزة، وهذا هدف مطاطي، ومعناه أن قادة يهود مُنحوا فرصة من قبل الإدارة الأمريكية للقيام بما يمكن أن يقوموا به من أجل تحقيق هذا الهدف (المتدرج) لكنهم فشلوا في تحقيقه، ولم تمنحهم أمريكا وقتاً إضافياً. لذلك فإن جيش الاحتلال اليهودي كان يسابق الزمن في محاولته للقضاء على البُنى العسكرية لحركة حماس، وتحويلها إلى حركة ضعيفة تقبل بإملاءات اليهود. في حين كانت دوافع الإدارة الأمريكية تتمثل في إثبات فشل العملية العسكرية اليهودية، وإخراج حركة حماس باعتبارها القوة الفلسطينية الرئيسة على الساحة الفلسطينية، وبصفتها اللاعب المستقبلي الأبرز من سائر اللاعبين الآخرين في المنطقة.
ولتكريس هذا الهدف تم ربط حماس ربطاً محكماً بمحور ما يسمى بدول الممانعة باعتباره المحور الأكثر فعالية في الضغط على الكيان اليهودي وتحجيمه. ومعلوم أن محوري ما يُسمى بدول الممانعة ودول الاعتدال المتصارعين كلاهما تابع للسياسة الأمريكية، فالمنطقة باتت تحت الهيمنة الأمريكية المطلقة ولا وجود لأي نفوذ أوروبي فاعل فيها، لأن أمريكا تسيطر على الكيان اليهودي سيطرة محكمة، ومن يسيطر على الكيان اليهودي يسيطر على المنطقة برمتها، وهذه بديهية من البديهيات السياسية المعروفة في المنطقة.
هذه هي الدوافع الحقيقية المتباينة التي حرَّكت أمريكا ودولة يهود على شن العدوان على غزة، وتلك هي أهداف كلتاهما من تحليل وفهم تلك الدوافع.
وأما النتائج التي تمخضت عن هذا العدوان فكانت فشلاً واضحاً للكيان اليهودي الذي عجز عن وقف إطلاق الصواريخ، والذي أخفق في أسر أي مقاتل من حماس أو من حركات المقاومة الأخرى. وأما قتل المدنيين، وتهديم المساكن فهذا لا يُعتبر إنجازاً بكل المقاييس العسكرية.
إن ما تحقق من نتائج قاطعة على الأرض يؤكد على ضرورة الاعتراف بحركة حماس ومنحها دوراً سياسياً مهماً في اللعبة السياسية الدولية والإقليمية، فقد سقطت مزاعم السلطة التي تعرقل عودة حماس إلى الساحة بفاعلية سياسية كالقول بضرورة رجوع حماس عن انقلابها كشرط مسبق للحوار أو المصالحة، وكذلك فقدت السلطة شعبيتها وذلك كمرحلة أولى تسبق فقدانها لدور قياداتها وكوادرها في الممارسة السياسية. لقد تأكدت فكرة أن المصالحة بين الفصائل تعني هدم مؤسسات منظمة التحرير البالية وإعادة بنائها على أسس جديدة تشارك فيها حركتي حماس والجهاد الإسلامي مشاركة سياسية فعّالة وعلى قدم المساواة مع حركة فتح.
إن هذه النتائج هي التي خطَّطت الولايات المتحدة لتحقيقها على الأرض، وهي أقرب ما تكون للأهداف الأمريكية المراد تسويقها بالمنطقة في قابل الأيام. فأمريكا تريد دولة فلسطينية في الضفة والقطاع وشرقي القدس إلى جانب دولة يهود، ولا مجال لتحقيق ذلك مع قيادة هزيلة كقيادة محمود عباس الذي أصبح أشبه ما يكون بأنطوان لحد في علاقته مع سلطات الاحتلال، حيث أنه لا يملك أية أوراق ضاغطة على دولة يهود، لذلك كان لا بد من استبداله، لأن عباس قد أدّى دوراً معيناً في توقيت زمني محدد وانتهى دوره هذا مع انتهاء مرحلته.
والمطلوب اليوم من ناحية عملية من وجهة النظر الأمريكية والدولية إيجاد قيادة فلسطينية موحدة وقوية لمواجهة الغطرسة اليهودية شريطة أن لا تخرج تلك القيادة عن السياسات الأمريكية العامة في المنطقة.
وإشراك حماس مع فتح جديدة بقيادة جديدة، وحلة جديدة ربما يعتبر الوسيلة الأفعل في إخراج مشروع الدولة الفلسطينية إلى حيز الوجود، وتحقيق الرؤية الأمريكية الرامية إلى إيجاد دولتين في فلسطين.
على أن البدء في السير بهذه الخطة يستلزم البدء أولاً بإعادة تنقية حركة فتح من رجال محمود عباس ومن بقايا رجالات أوسلو، وبقايا رجالات الحرس القديم، ثم يلي ذلك إخراج هياكل فلسطينية توافقية تشارك فيها حماس مشاركة فاعلة إن لم تكن مشاركة قيادية، وقد تستغرق هذه المرحلة عاماً أو عامين على الأكثر.

الثلاثاء، 20 يناير 2009

عناوين إخبارية


عناوين إخبارية

العناوين:
1- فشل العدوان اليهودي في تحقيق أي من أهدافه في قطاع غزة.
2- اكتمال انسحاب قوات الاحتلال الأثيوبية من الأراضي الصومالية بعد عامين من غزوها للصومال.
3- بريطانيا تنقلب على سياسات إدارة بوش بعد انتهاء ولايتها.

التفاصيل
1- فشلت قوات الاحتلال اليهودية في تحقيق أيٍ من الأهداف السياسية أو العسكرية المعلنة من عدوانها على قطاع غزة. فبعد مرور اثنين وعشرين يوماً من العدوان الذي استخدمت فيه الآلة العسكرية اليهودية كل ما في جعبتها من وسائل القتل والدمار، لم تستطع قوات العدو اليهودي من القضاء على شوكة المقاومة، ولم تفلح في اختراق التجمعات السكانية، ولا مواجهة المقاتلين في الشوارع، كما لم تتمكن من إيقاف إطلاق الصواريخ على المستوطنات اليهودية، وهذا ما اضطرها إلى الإعلان عما أسمته بوقف إطلاق النار من جانب واحد.
وتحاول قيادات دولة يهود تحقيق شيء من أهدافها من خلال الأعمال السياسية بعد الفشل العسكري الواضح وذلك بالاستعانة بأميركا والنظام المصري الموالي لها.
لكن قوات دولة يهود التي أزهقت أرواح ما يزيد عن الألف ومائتين فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ، والتي حوَّلت قطاع غزة إلى أكبر محرقة للمدنيين منذ الحرب العالمية الثانية، تجد نفسها عالقة في بقعة ضيقة من الأرض، يحيط بها المقاتلون الذين يتوقون لخوض المعارك البرية الحقيقية معها من كل جانب، فيما يختبئ الجنود اليهود داخل دباباتهم خائفين مرعوبين.
ولعل قادة دولة يهود ينتظرون مخرجاً يحفظ لهم ماء وجوههم من قبل إدارة أوباما الجديدة يخلصهم من المستنقع الذي يتخبطون فيه.

2- أكملت القوات الإثيوبية انسحابها من الأراضي الصومالية وخرجت آخر فلولها من العاصمة الصومالية مقديشو يوم السبت الفائت وذلك بعد مرور عامين على غزوها للصومال.
وترافقت هجمات المجاهدين الصوماليين ضد القوات الإثيوبية حتى آخر ساعة من مكوثها في المدن الصومالية، فيما حلَّت قوات المحاكم الإسلامية في جميع المواقع العسكرية التي أخلتها القوات الإثيوبية.
وبانسحابها من الصومال تكون إثيوبيا قد أنهت مهمة فاشلة قامت بها بتوكيل أمريكي لم تحقق فيها أيّاً من الأهداف التي تم تحديدها. وبدلاً من تحقيق هدف إنهاء وجود قوى المحاكم الإسلامية في الصومال، تكاثرت القوى الإسلامية، وأفرزت قوىً جهادية جديدة أكثر تصميماً على محاربة المخططات الأمريكية في الصومال من المحاكم الاسلامية كتنظيم الشباب المجاهدين.
ولعل فشل إثيوبيا في الصومال هو أحد أبرز إنجازات إدارة الرئيس الأمريكي بوش التي لم يتم تسليط الضوء عليها.

3- قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند:" إن الحرب على الإرهاب هو مفهوم مضلل وخاطئ" وانتقد ميليباند في مقالة نشرتها له صحيفة الغارديان الخميس الفائت سياسة الرئيس الأمريكي بوش الذي قسَّم العالم إلى متطرفين ومعتدلين وجعله معسكرين ما بين الخير والشر.
ودعا ميليباند إلى العودة إلى سياسة "التعاون الدولي" ليساهم في حل مشاكل الإرهاب على حد قوله.
إن هذه التصريحات الصريحة ضد إدارة بوش وإن جاءت في نهاية ولايتها إلا أنها من الواضح أنها تنتهز فرصة قدوم إدارة أوباما لتطرح عليها فكرة التعددية الدولية والمشاركة الدولية بدلاً من فكرة الأحادية الدولية والانفراد الأمريكي في السياسات الدولية.
وبذلك تحاول بريطانيا ومن ورائها أوروبا أن تعود بزخم جديد إلى الساحة الدولية لتزاحم احتكار النفوذ الأمريكي فيها.

الخميس، 15 يناير 2009

دول "محور الممانعة" لا تقل تخاذلاً عن دول "محور الاعتدال"

دول "محور الممانعة" لا تقل تخاذلاً عن دول "محور الاعتدال"

تقوم بعض القنوات الفضائية المحسوبة على المقاومة برسم صورة مشرقة ووضّاءة لدول ما يسمى بمحور الممانعة وعلى رأسها سوريا وإيران وتابعهما حزب الله، وتُركز هذه القنوات في بثها الدعائي التلفزيوني على مقولة أن هذه الدول هي التي تحول دون نجاح المشروع (الأمريكي الصهيوني) في المنطقة، وذلك بفضل دعمها المتواصل لحركات المقاومة، ولرفضها الانصياع للإملاءات (الصهيوأمريكية) على حد تعبيرها.
وقد لاقت هذه المقولة الخادعة الكثير من الرواج لدى الكثير من المشاهدين، وخاصة عندما تُقارن مواقف هذه الدول التي توصف بالممانعة والمواجهة بمواقف الدول الموسومة بالتواطئ والتعاون مع أمريكا ودولة يهود والتي توصف بأنها من دول محور الاعتدال وعلى رأسها مصر والسعودية والأردن وسلطة محمود عباس في رام الله.
وبالتدقيق في مواقف دول "محور الممانعة" هذه نجدها لا تقل تخاذلاً وتقاعساً عن مواقف دول "محور الاعتدال"، فمن ناحية عملية لا يوجد أي فرق بين مواقف نظامي الحكم في سوريا وإيران عن مواقف نظامي الحكم في مصر والسعودية، فكلها مواقف مخزية ومشينة وجبانة في مواجهة الكيان اليهودي بشكل عام، وفي مواجهة عدوانه الأخير على قطاع غزة بشكل خاص. ولو سألنا أنفسنا وقلنا ماذا قدّمت سوريا وإيران وتابعهما حزب الله لمنكوبي غزة غير الشعارات الطنانة والخطب الحماسية والكلام الأجوف لوجدنا أنها حقيقة لم تُقدم شيئاً.
وما الذي يمنع إيران مثلاً من إطلاق صواريخها - التي تُلوح بها دائماً ضد أعدائها- على العدو اليهودي؟. وإذا كان النظام الحاكم في ايران جادا في ضرب كيان يهود بوصفه عدواً رئيسياً لإيران وللمسلمين فماذا ينتظر؟ وأمامه الآن فرصة سانحة قد لا تتكرر للقيام بذلك، خاصة وأنّ العدو اليهودي المشغول بحرب غزة هذه الأيام ستتوزع قوته على أكثر جبهة.
في الحقيقة لا يوجد للنظام الإيراني أي عذر في عدم السماح للجيش الإيراني بخوض الحرب ضد الكيان اليهودي خاصة وأنها تدّعي أنها حليفاً أساسيا لحماس وحركات المقاومة في قطاع غزة.
أما التذرع بحجة أن مصر لا تفتح حدودها أمام المقاتلين فإنها حجة واهية ولا قيمة لها، لأن وجود المنظومة الصاروخية المتطورة لديها والتي يزيد عدد رؤوسها عن أحد عشر ألفا، يُسقط من ناحية واقعية قيمة الحدود الجغرافية.
وما يُقال عن إيران يُقال عن سوريا، والسؤال البديهي الذي يطرح هو: ما الذي يمنع النظام السوري من فتح حدوده المغلقة منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما أمام المجاهدين؟، وإذا أراد هذا النظام تحرير هضبة الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967 وهزيمة دولة يهود فتوجد أمامه فرصة ذهبية هذه الأيام للقيام بذلك، لا سيما وأن جيش يهود في أضعف حالاته خاصة في الجبهة الشمالية.
والسؤال نفسه يُطرح على حزب الله وهو: ما الذي يمنع حزب الله من إطلاق صواريخه الكثيرة التي يفتخر بحيازته لها على مدن العدو ليخفف الضغط عن حركات المقاومة في غزة، وليشتت قوة العدو إلى أكثر من جبهة، وهو ما من شأنه أن يُلحق الهزيمة المؤكدة بدولة يهود فلا تجرؤ بعدها على شن أي عدوان؟.
والجواب الحقيقي على تلك التساؤلات هو إن الذي يمنع إيران وسوريا وحزب الله من الدخول في الحرب ضد الكيان اليهودي إلى جانب المقاومة في غزة هو تلك العلاقة المشبوهة لسوريا وإيران بأمريكا وتنسيقهما لسياساتهما مع السياسات الأمريكية في المنطقة، ولا يوجد أي سبب آخر مقنع للإجابة على تلك التساؤلات غير هذا الجواب.
و بذلك تتساوى الدول المسماة بدول الممانعة مع الدول المسماة بدول الاعتدال في التخاذل والتقاعس عن نصرة أهل غزة، كما تتساوى أيضاً في تولي الأمريكان ألد أعداء الأمة.

الأربعاء، 14 يناير 2009

الهوة تتسع بين مواقف شعوب المسلمين وحكامهم

الهوة تتسع بين مواقف شعوب المسلمين وحكامهم

تتباين مواقف الشعوب الإسلامية عن مواقف حكامهم في بلدان العالم الإسلامي تبايناً تتسع معه هوة الاختلاف بين الطرفين لدرجة يصعب معها الجسر بينهما.
فبينما تشتعل الشعوب الإسلامية في حواضر تلك البلدان لما يجري من مجازر في قطاع غزة، وتخرج إلى الشوارع مطالبة بفتح باب الجهاد، وإعلان النفير العام لقتال دولة العدوان اليهودي، تتخذ حكومات البلدان الإسلامية مواقف مخزية من أحداث غزة الدامية.
فبالنسبة لحكومات جمهوريات آسيا الوسطى وهي كازاخستان وطاجيكستان وأوزبيكستان وقرغيزيا وتركمانستان فقد أصدرت بيانات (حيادية) دعت فيها الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإحلال السلام، وأشارت تلك البيانات إلى أن الحرب لا يمكن أن تكون وسيلة لتسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وكأن هذه الحكومات لا علاقة لها بالإسلام والمسلمين ولا بقضاياهم المصيرية.
وأما في أذربيجان فلما طالب بعض المتظاهرين مساندة أهل فلسطين ضد العدوان اليهودي قامت قوات الشرطة الأذرية بتفريق المتظاهرين بالقوة واعتقالهم.
وأما الرئيس الأندونيسي سوسيلو بامبانغ يودويونو الذي يقود أكبر بلد إسلامي يزيد تعداده عن المائتين وعشرين مليون نسمة فزعم أن "النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني لا يرتدي طابعاً دينياً بل هو خلاف على الأراضي". وتأتي تصريحاته المضللة هذه رداً على موجة عارمة تجتاح الإندونيسيين الذين يطالبون بإرسال المجاهدين لنصرة أهل فلسطين، حيث تدعو غالبية القوى الإسلامية في إندونيسيا إلى فتح باب التطوع لقتال دولة يهود قتالاً دينياً عقائدياً.
وأما حكام باكستان وبنغلادش وهي من أكبر بلدان العالم الإسلامي بعد إندونيسيا فيلوذون بصمت أهل القبور إزاء ما يحدث في غزة، ويشغلون أنفسهم وبلدانهم بأمور داخلية تافهة تتعلق بالأوضاع السياسية المحلية في شبه القارة الهندية.
وهكذا تتسع الهوة بين شعوب البلدان العربية وبين حكامها يوماً بعد يوم، وهو ما ينذر بوقوع تلك البلدان في أتون مخاض جماهيري عنيف يؤدي إلى اقتراب الدخول في مرحلة انهيار شامل ووشيك لأنظمة الحكم فيها.

الثلاثاء، 13 يناير 2009

غزة الذبيحة وحكام العرب يلهون

غزة الذبيحة وحكام العرب يلهون

لا يمر يوم على محرقة غزة إلا وتفتك فيه آلة القتل اليهودية الإجرامية بالنساء والأطفال والشيوخ، ويُذبح فيه عشرات المدنيين الذين يقضون تحت الأنقاض. وتزداد نكبة أهل غزة استشراءً بسبب تقطيع أوصال البلدات والتجمعات السكانية وقطع الطرق التي تمر من خلالها الإمدادات الغذائية والدوائية.
وبينما يلهو زعماء الدول العربية في بحث المبادرات العبثية في أروقة الأمم المتحدة، يستخف قادة دولة يهود بالقرار الدولي الذي يحمل رقم (1860) الصادر عن مجلس الأمن، ويدعون إلى الاستمرار في ارتكاب المجازر بحق المدنيين، وبإبادة سكان القطاع أملاً في كسر شوكة المقاومين.
ومن أبرز تلك التصريحات التي صدرت عن قادة العدو في هذا الصدد ما نقلته وسائل الإعلام عن إيلي يشاي أحد أبرز وزراء الدولة اليهودية عن حزب شاس العنصري الذي قال فيه: "يجب مسح غزة عن الأرض وعلى الجيش تخريبها وهدم آلاف المنازل فيها".
وفيما يستمر أهل غزة بالاستغاثة وطلب النجدة من الدول العربية المجاورة لكيان يهود إلا أنهم لا يلقون من الحكام العرب إلا المزيد من التآمر والتواطؤ مع زعماء يهود ومع قادة الدول الكبرى، فيحبكون المؤامرات، ويرسمون الخطط بهدف محاولة تركيع الناس وحملهم على الاستسلام والقضاء على المجاهدين بأي ثمن.
هذا وقد استفاضت صحف دولة العدو اليهودي في نقل تصريحات لمسؤولين عرب تدل على رغبتهم الجامحة في قيام قوات دولة يهود بالقضاء على المقاومين وإنهاء حركات المقاومة إنهاءً تاماً، ومن أبرز من تحدث بذلك الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي نقل كلاماً لرئيس النظام المصري حسني مبارك دعا فيه بضرورة إلحاق الهزيمة بحركة حماس في هذه الحرب.
فغزة يجري فيها مذبحة حقيقية تتطلب غوثاً سريعاً من أصحاب القوة والسلطان، ولكن الحكام الذين يملكون تلك القوة في غيهم سادرون وبالسياسة يلهون ولأعدائهم مطيعون.

سقوط خمسة قتلى أميركيين في غضون ثمان وأربعين ساعة في أفغانستان

سقوط خمسة قتلى أميركيين في غضون ثمان وأربعين ساعة في أفغانستان

تمكنت قوات حركة طالبان في أفغانستان من قتل خمسة جنود أمريكيين يومي الخميس والجمعة الفائتين، حيث قتل اثنين منهم في عملية استشهادية بسيارة مفخخة يوم الخميس غرب قندهار، وقتل الثلاثة الآخرون بتفجير مدرعة أمريكية بلغم أرضي كانوا يستقلونها وهي تسير على الطريق السريع في محافظة زابول الذي يربط ما بين قندهار في الجنوب والعاصمة كابول.
واعترف المتحدث باسم قوات الاحتلال الأمريكية الكولونيل جيري أوهارا لوكالات الأنباء بمقتل الجنود الأمريكيين، ويرتفع بذلك عدد القتلى الأمريكيين منذ مطلع هذا العام في أفغانستان إلى عشرة جنود، وهو من أعلى الأرقام التي يتم الإعلان عنها منذ غزو أفغانستان في العام 2001م.
وكان عدد قتلى جنود حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العام 2008م في أفغانستان قد بلغ 296 بزيادة قدرها أربعة وستين جندياً عن العام 2007م.
إن هذه الزيادة الملحوظة في أعداد قتلى قوات الناتو والإيساف في أفغانستان لا شك بأنها تدل على تحسن أداء قوات حركة طالبان في ميادين المعارك الأفغانية ضد قوات الغزو الأمريكية والأطلسية، وهي تشير إلى أن مهمة إدارة أوباما القادمة في حسم الحرب داخل أفغانستان ستكون عسيرة جداً، وأن الأمور تتجه لصالح المجاهدين الأفغان، ومن المرجح إذا استمرت الأمور على هذا المنوال أنها ستؤدي إلى قلب الطاولة على رؤوس الغزاة في القريب العاجل.


الجمعة، 9 يناير 2009

العالم اليوم لا يفهم إلا لغة القوة

العالم اليوم لا يفهم إلا لغة القوة

التعبير عن المصالح في العلاقات الدولية لا يتم إلا من خلال القوة, فالدول التي لا تملك أي عنصر من عناصر القوة تكون مرهونة في إرادتها وسيادتها لدول أخرى لديها من عناصر القوة ما يؤهلها للهيمنة على تلك الدول، ولإلغاء أي دور لها في العلاقات الدولية. على أن مجرد وجود القوة عند دولة من الدول لا يكفي لجعلها فاعلة في المسرح الدولي، بل لا بد من استخدام هذه القوة أو التلويح باستخدامها. وما يجري في غزة من مجازر ترتكبها قوات العدو اليهودي على سبيل المثال يؤكد على حقيقة أن العالم لا يفهم إلا لغة القوة، فدولة يهود وبما تملكه من ترسانة عسكرية ضخمة تستخدمها ضد المدنيين لخلق أمر واقع في المنطقة لا يهمها المواثيق الدولية التي تدين انتهاكاتها لحقوق الإنسان، بل هي لا تلتفت أصلاً لتلك المواثيق. فقادة كيان يهود يلوحون دائما باستخدام القوة العسكرية التي بحوزتهم، ويستخدمونها عند الحاجة، ويستفيدون من قوة أميركا و الدول الغربية التي تمنحهم الدعم والغطاء لفرض أجندتهم في المنطقة. بينما الدول العربية وإن كانت تمتلك القوة لكنها لا تلوح بها نهائيا، ولا تستخدمها عند الضرورة، وهذا ما يجعلها دولاً عاجزة لا تهدد مصالح الدول الكبرى أو الدول الفاعلة، وبالتالي فلا يلتفت إليها احد.
وأما تأمين الدول العربية لمصالح أميركا و الدول الكبرى الأخرى فلا يعني أن هذه الدول تملك أوراق قوة في علاقاتها معها، لأن الذي يؤثر في العلاقات ليس تأمين مصالح الدول الكبرى، وإنما تهديدها. فكوريا الشمالية على سبيل المثال دولة صغيرة فقيرة لا تملك أية مواد اقتصادية، ولكنها مع ذلك فإنها تشكل لأميركا و العالم عقبة كأداء. والسبب واضح و بسيط وهو أنها تملك قوة صاروخية و نووية تُلوح دائماً باستخدامها.
وكذلك إيران وبغض النظر عن تنسيق سياساتها الكلية مع السياسات الأمريكية فإنها دولة أصبح لها نفوذ إقليمي كبير وذلك لكونها دعمت حزب الله وحماس اللتان صمدتا نوعاً ما أمام الهجمة اليهودية الوحشية عليهما من ناحية، ولأنها تُلوح باستخدام القوة العسكرية ضد دولة يهود من ناحية أخرى.
و بالمقابل فان باكستان وإن امتلكت القوة النووية والصاروخية الضخمة فإنها لا زالت تُعتبر من أكثر الدول فشلا، و من أكثرها خنوعا واستسلاما ليس فقط لأميركا، وإنما لدولة إقليمية هزيلة كالهند.
وكذلك الدول العربية التي تملك جيوشا جرّارة، والتي تشتري أحدث أنواع الأسلحة بمليارات الدولارات سنويا، ولديها من النفط والموارد الأخرى ما يجعلها لو استخدمت تلك القوى التي بحوزتها، أو حتى لو لوّحت بها فقط، لما تجرأت دولة يهود على القيام بما دأبت القيام به من أعمال عربدة ضد دول المنطقة.
فالدول العربية التي لا تستخدم القوة ولا تلوح بها لا يمكن أن يكون لها أي وزن في العلاقات الدولية. ولا نُبالغ إن قلنا إن حركة حماس وحزب الله يؤثران في العلاقات الدولية أكثر مما تؤثر فيها الدول العربية مجتمعة وذلك لكون تلك الحركات تستخدم فعلياً القوة البسيطة التي تملكها، وتلوح كذلك باستخدامها. لذلك كانا حركات فاعلة و مؤثرة في الساحة الدولية. بينما الدول العربية وأمثالها وإن امتلكت من أسباب القوة الشيء الكثير إلاّ أنها غير فاعلة ولا مؤثرة لأنها لا تستخدمها ولا تلوح بها.

لا نصرة إلاّ بإسقاط العروش وتحريك الجيوش

لا نصرة إلاّ بإسقاط العروش وتحريك الجيوش

إن ما تنقله شاشات التلفزة وعلى مدار الساعة عما يجري في غزة على أيدي قوات العدو اليهودي ضد المدنيين في قطاع غزة، من صور مروّعة لمشاهد القتل الجماعي، ومن الفتك بأسر بكاملها، ومن تدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، ودفنهم تحت ركامها، وما يصاحب صور هذه المشاهد الفظيعة من تواطئ دولي محسوس وعجز عربي وإسلامي مفضوح عن نجدة هؤلاء المستضعفين، يُثير في نفوس جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، مشاعر الحزن والغضب والسخط الممزوجة بحالة من الشعور بالعجز والصدمة والإحباط الناجمة عن عدم القدرة على القيام بأي شيء فعّال يساعد في رفع هذا الظلم المرير الواقع على أهل غزة.
إن هذه المشاعر المتأججة والممتلئة بالغيظ، تدفع بأصحابها للاندفاع بدافع الرغبة الشديدة في الانتقام، للنزول إلى الشوارع، والقيام بالتظاهر والاحتجاج والهتاف بشعارات حادة ضد أعداء الأمة من يهود وأمريكيين وأوروبيين وبأعلى صوت، كما وتدفعهم لمطالبة دولهم المقصّرة بالتحرك السريع لنصرة إخوانهم المضطهدين في غزة. بيد أنهم يُصدمون ثانية عندما يدركون أنّ قادة دولهم أموات من ناحية سياسية فلا يسمعون ولا يتحركون ولا يرعوون، وينطبق عليهم وصف الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تُنادي
ومن أجل تفريغ حماستهم الملتهبة وطاقتهم الزائدة يلجأون إلى أية أعمال يبحثون فيها عمّا يطفئ غيظهم ويُهدئ من روعهم ويشفي صدورهم.
فمنهم من يقوم بجمع التبرعات وتقديم المساعدات المشكوك أصلاً في وصولها إلى المنكوبين.
ومنهم من يُشكّل وفوداً من العلماء لزيارة الحكام العاجزين المتخاذلين والمتآمرين ومطالبتهم بدعم أهل غزة.
ومنهم من يدعو الفلسطينيين العزل المكبلين الذين يقبعون تحت سلطة الاحتلال بانتفاضة سلمية ثالثة ضد الاحتلال.
ومنهم من يُعلن عن أيام الجمع أيام غضب للمسيرات والتظاهرات.
ومنهم من يدعو إلى إقامة معسكرات لتدريب المتطوعين لقتال اليهود بينما يُعفون الجيوش النظامية المدرّبة من القيام بهذا الواجب.
وهكذا يُحاولون بمثل هذه الدعاوى المضللة تفريغ شحنة الغضب المكتسبة من هذه الأحداث الدموية، وتبريد المشاعر الملتهبة بأعمال لا تُسمن ولا تُغني من جوع ولا تؤدي إلى نصرة ولا غوث ولا نجدة، متجاهلين العمل الحقيقي الجاد المنتج والمفضي إلى معالجة هذه الكارثة المأساوية علاجاً جذرياً ألا وهو تحريك الجيوش وتوجيهها إلى ميادين القتال ضد دولة العدو اليهودي للقضاء عليها، واستئصالها من جذورها، وبذلك فقط يتم خلع تلك النبتة الخبيثة التي زرعها المستعمر الغربي في جسم الأمة ليعيث فيها فساداً وخراباً، وليحول دون وحدتها ونهضتها وقوتها.
ولكي تتحرك الجيوش، وتبطش بهذا الكيان السرطاني، وتُزيله من الوجود، كان لا بد من الإطاحة بهذه العروش التي تمنع الجيوش من حرية التحرك.
فالحل الوحيد الذي يصلح لمعالجة مثل هذه الكروب والمحن والنكبات التي تكتوي الأمة بنيرانها بسبب وجود كيان يهود الملعون في قلب البلاد الإسلامية - وهو الحل الذي لا حل سواه - يتمثل في أمرين اثنين وهما: إسقاط العروش أولاً وتحريك الجيوش ثانياً، وبه فقط يمكن إنقاذ أهل غزة والانتقام ممن استحلوا دمائهم وحرماتهم، وبهذا الحل أيضاً يمكن حماية المسلمين المستضعفين- وفي أي مكان - من هجمات المعتدين المستعمرين، ومن عجز وتواطئ الحكام العملاء المتخاذلين.

الثلاثاء، 6 يناير 2009

معبر رفح من وجهة نظر قانونية

معبر رفح من وجهة نظر قانونية

تغلق سلطات النظام المصري المتواطئ مع دولة يهود معبر رفح تحت ذرائع وأسباب واهية، ولا تفتحه إلا تحت ضغوط شديدة، وغالباً ما تقوم بأعمال عرقلة متعمدة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومن تلك الأعمال على سبيل المثال لا الحصر قيامها بأعمال تفتيش يدوية وبطيئة للشاحنات والسائقين الفلسطينيين، ومنها إلغاء إدخال المساعدات غير الدوائية بحجة عدم وجود مسؤولين يتبعون للسلطة الفلسطينية في رام الله، أو بحجة عدم وجود شاحنات فلسطينية، أو بحجة القصف اليهودي على الجانب الفلسطيني للمعبر، أو بحجج كاذبة أخرى كضيق المعبر وعدم تخصيصه للمواد التموينية، وتفعل كل ذلك لتبرير إدخال المساعدات من معابر تقع تحت السيطرة اليهودية وليس عبر معبر رفح.
و الحقيقة أن ولاء النظام السياسي المصري لأمريكا وخنوعها لدولة يهود هو الدافع الوحيد لتلك المماحكات المصرية حول فتح المعبر، وقد أكد على هذه الحقيقة كثير من المراقبين المتخصصين، ومنهم أستاذ العلوم السياسية في قطر سيف عبد الفتاح الذي قال "من المنظور السياسي والإسلامي يتعين على السلطات المصرية أن تفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة". وهذا يعني أن المسألة مسألة سياسية، وأنها تتعلق بخيانة النظام المصري وتآمره مع دولة العدو اليهود، تلك الخيانة التي لا تقتصر على إغلاق معبر رفح وحسب، وإنما التخطيط المسبق معه على عملية إحكام حصار قطاع غزة لإجباره على الاستسلام والخنوع.
لكن وجود إرادة الصمود والقتال عند أهل غزة سيبطل هذه المؤامرة التي يشارك فيها النظام المصري مع دولة يهود.
وأما من ناحية قانونية بحتة فقال المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض المصرية ومقرر مؤتمر القضاة بشأن الأوضاع في فلسطين إن: "ما يقوله الرئيس مبارك كلام سياسي وليس كلاماً قانونياً تفرضه ضرورات سياسية تتمثل في عجز مصر عن اتخاذ موقف حازم في مواجهة إسرائيل لظروف سياسية واقتصادية وعسكرية ودولية وضغوط معينة"، وأضاف: "أما قانونياً فالرأي الذي أقوله ليس كلامي وحدي، فهو رأي قضاة مصر عبرّوا عنه كثيراً، وأنا أعتقد أيضاً أنه كلام الرئيس، بدليل أنني قاضٍ عامل في محكمة النقض، وأتحدث من مصر، ورددت هذا الكلام في الصحف المصرية وفي التلفزيون ولا ألقى تعقيباً، وأعتقد أن الرئيس مبارك في داخله يؤمن بما أقوله أنا لكن هي اعتبارات، هي ضغوط"، وأكد مكي أن "من واجب مصر فتح معبر رفح باعتبار أن الجانب المصري من المعبر يخضع للسيادة المصرية، ومصر ليست مقيدة أصلاً باتفاقية المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية".
وأما الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق و أستاذ القانون الدولي فقال:" إن القاهرة تنتهك اتفاقيات جنيف بإغلاقها معبر رفح الحدودي مع غزة" واعتبر أن" إغلاقه يعكس موقفاً سياسياً لا قانونياً"، وأضاف الأشعل" إن مصر انتهكت الاتفاقية ثلاث مرات، الأولى بامتناعها عن فك الحصار عن الفلسطينيين لتكون قد ساعدت طرفاً دولياً هو إسرائيل على تهديد حياة مدنيين أبرياء، بما يتناقض مع بنود الاتفاقية التي تلزمها بالتصدي لأي طرف دولي ينتهكها، وأما الانتهاك الثاني فيتمثل في تقاعس مصر عن نجدة طرف دولي وقع عليه الانتهاك، وأخيراً بالتنصل من مسؤولياتها إزاء إقليم حبيس لا يملك منفذاً غير الأراضي المصرية".
وهكذا فمن وجهة نظر قانونية فإن الموقف المصري في إقفال معبر رفح لا يتماشى مع كل القوانين والأعراف الدولية، وأما من ناحية سياسية فواضح أن انحياز النظام المصري لدولة يهود ضد سكان قطاع غزة هو الذي العامل الوحيد المعتبر الذي يحكم آليات فتح معبر رفح.

الاثنين، 5 يناير 2009

العدوان البري على غزة يسرع في البحث عن تسويات

العدوان البري على غزة يسرع في البحث عن تسويات

بعد أن شرعت قوات العدو اليهودي منذ ليلة الأحد الماضي بهجوم بري واسع على قطاع غزة لتكمل به عدوانها الجوي والبحري المتواصل منذ عشرة أيام، بدأت الحركة الدبلوماسية تنشط، وصار الحديث عن تسويات أكثر قابلية من ذي قبل، فأردوغان قال بأنه سيحمل وجهة نظر حماس إلى مجلس الأمن، والمسؤلون المصريون قالوا بأن حماس بدأت تتعقل، وأرسلوا دعوة لوفد من حماس لزيارة القاهرة، والأوروبيون تراجعوا عن تصريحات رئاسة الاتحاد الأوروبي المؤيدة للكيان اليهودي بشدة، وفتحوا قنوات اتصال غير مباشرة مع حماس، وجهزّت بريطانيا ورقة عمل قدّمتها لمجلس الأمن الدولي ليتدارسها، وأما الإدارة الأمريكية فأوعزت إلى صحفها الكبرى الواشنطن بوست النيويورك تايمز للتحدث عن ضرورة الاعتراف بثقل حماس على الأرض، بينما أمير قطر عراب الدبلوماسية العربية الجديد راح يدافع عن حماس ويتبنى موقفها في المحافل الدولية، وبذلك تكون عملية البحث عن تسويات قد خرجت من عنق الزجاجة، وانطلقت إلى ساحة المناقشات و المساومات.
لقد سرّع الهجوم البري ضد غزة الحركة الدبلوماسية وأدخل الصراع في المنطقة مرحلة جديدة، ففي الوقت الذي تتقابل فيها قوات العدو مع المقاتلين الفلسطينيين على الأرض وجهاً لوجه لأول مرة منذ بدء العدوان، ويتوعد فيه المقاتلون الفلسطينيون بأن تكون أرض غزة مقبرة للغزاة اليهود، ويتوعد قادة يهود بإنهاء الأوضاع عسكرياًُ، يتقابل السياسيون من وراء الكواليس للبحث عن مخرج للأزمة.
ولكن قبل الدخول في أية مفاوضات جدية من المرجح أن تزداد المواجهات سخونة على الأرض وتصبح الأعنف من نوعها، حيث أن الاستعدادات من قبل العدو ومن قبل المقاومة لهذه المعركة الحاسمة قد بلغت أوجها. ولعل شدة المقاومة التي تواجهها قوات العدو اليهودي المتغطرسة ستجبر الدبلوماسية اليهودية على تخفيض سقف مطالبها وعلى اختصار أهدافها ومحاولتها للتهرب من المواجهات من أجل الحصول على أفضل قرارات دولية يمكن الحصول عليها بما يتوافق مع مصالحها.
فدولة العدو بهجومها البري هذا تريد إثبات وجودها على أراضي قطاع غزة بهدف خلق واقع جديد قبل إعلان أية هدنة، وهي من المؤكد أنّها لو استمرت في الهجوم فلن تفلح في تحقيق أية إنجازات عسكرية تتعلق بالقضاء على منظومة الصواريخ الفلسطينية، ولن تنجح أيضاً في القضاء على البنى العسكرية للمقاومة، لذلك كان غزوها البري لغزة مبعثاً لها للتسريع في الدخول في مساومات سياسية تفضي إلى التوصل لاتفاق ما على غرار ما جرى في حرب لبنان مع حزب الله في صيف عام بحيث 2006 تضمن معه توقف إطلاق الصواريخ نهائياً.

الخميس، 1 يناير 2009

محرقة غزة ثمرة لتجاهل دولي وتواطئ عربي

محرقة غزة ثمرة لتجاهل دولي وتواطئ عربي

إن قيام طائرات العدو اليهودي بقصف قطاع غزة بآلاف الأطنان من المواد المتفجرة لم يسبق أن وقع له نظير منذ الحرب العالمية الثانية. فكثافة الحمم التي أسقطتها تلك الطائرات على مساحة صغيرة من الأرض لا تتجاوز مساحتها الثلاثمائة وستون كيلومتراً مربعاً تزدحم بمليون ونصف المليون نسمة وهي أعلى كثافة سكانية في العالم.
إن ذلك العدوان اليهودي الوحشي يُعتبر بكل الأعراف الدولية جريمة حرب بحق الإنسانية يُعاقب عليها القانون الدولي ومهما اختُلق لها من أعذار.
ولو كان ما يُسمى بالمجتمع الدولي يملك شيئاً من النزاهة والإنصاف لأوقف على الفور حرب الإبادة هذه، ولأحال قادة دولة العدوان اليهودي إلى محاكمات دولية بتهم جرائم الحرب، لا سيما وان من اتهموا بارتكاب مثل تلك الجرائم ضد الإنسانية من قبل ما زالوا تحت الملاحقة القانونية في مناطق مختلفة كالبوسنة والهرسك ورواندا ودارفور.
لكن المجتمع الدولي المنحاز للدول الكبرى ولربيبتها دولة يهود تتعطل قوانينه، ويُداس عليها، عندما يتعلق الأمر بتلك القوى الباغية المستكبرة.
فهذه الدول الظالمة التي تزعم تمثيل المجتمع الدولي تضع نفسها فوق القانون، فلا تطالها العدالة، وجرائمها مبررة، لا تحاسبها المحاكم الدولية على جرائمها الكثيرة والمستمرة، ليس منذ هذه الأيام وحسب، وإنما منذ إنشاء تلك المحاكم ، فالمحاسبة أو المحاكمة لا تشمل عادة الدول الكبرى إلاّ إذا كانت مهزومة، كما حصل مع ألمانيا واليابان بُعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي تشمل فقط الدول الضعيفة والتابعة كالسودان ورواندا.
هذا هو العنصر الأول الذي ساهم في وقوع هذه المحرقة وهذا هو المجتمع الدولي وتجاهله لجرائم الدولة اليهودية الباغية، وعدم محاسبتها على تلك الجرائم، وهو الأمر الذي شجّع دولة يهود للقيام بتلك المحرقة دون أن تخشى أية عواقب تجعلها تتردد في القيام بها.
وأما العنصر الثاني الذي شجّع دولة يهود على إشعالها فهو ذلك التواطؤ المفضوح للنظام العربي الرسمي الذي تآمرت دوله مع قادة يهود لإيقاعها، وخاصة النظام المصري الذي ثبت بشكل قاطع تآمره مع زعماء دولة يهود في ترتيبها و تخطيطها.
وأما سائر الدول العربية فإن وقوفها صفاً واحداً إلى جانب النظام المصري في هذه المؤامرة، وما نراه من مهازل مجالس وزراء الخارجية العرب، ورفع المشكلة إلى مجلس الأمن المعروفة مواقفه سلفاً، وإضاعة الوقت في الاجتماعات السقيمة العقيمة التي تعودنا عليها منذ أكثر من نصف قرن ولم تنتج إلاّ سراباً، إن هذه المواقف الهزيلة التي تصدر عنها مع قدرتها على اتخاذ مواقف فاعلة، يجعلنا نقطع بتواطئها وتعاملها مع الأعداء.
وما بين هذا التجاهل الدولي بما يحمل من استهتار واستخفاف بقضايا الأمة الحساسة، وما بين هذا التواطؤ العربي الذي يضع حكام العرب صفاً واحداً إلى جانب عدو الأمة الرئيسي، وما بين هذين الموقفين المدمرين تنهمر الدماء، وتُزهق الأرواح، وتتناثر الأشلاء، ولا يبقى أمام الأمة من أمل سوى الاستناد الى قوى الأمة الإسلامية العسكرية المدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التحرك السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وللتصدي الفاعل لتلك الهجمة الشرسة الغادرة.